بالصور .. عباس شومان: لا نقبل المزايدة على دور الأزهر .. ولا نتربط بـ "حاكم"
قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف إن الأزهر منارةٌ للعلم وقِبلةُ طالبيه من شتى بقاع المعمورة، وهو قلعة المعرفة الوسطية المعتدلة التي لا تعرف الغلو ولا الشطط، ولا تتلون بألوان الطيف السياسي ، ومنهجه الوسطية والاعتدال، والفهم الصحيح لنصوص الكتاب والسنة، والمحافظة على الهوية، وعدم التفريط في الثوابت المتفق عليها.
وأضاف خلال مشاركته فى مؤتمر نظمته دار الفتوى بلبنان : "منهج الأزهر واضح وثابت لم - ولن - يرتبط بحاكم أو شيخ معين، فديدن الأزهر الشريف على مدار العصور الجهر بما ينفع الناس في شئون دينهم ودنياهم، مشددًا على أن يبقى عالِمُ الدين بعيدًا عن المعترك السياسي بمعناه الحزبي الضيق، وأن يضطلع فقط بدوره في توعية الناس وتنويرهم، وبيانِ ما تستقيم به حياتُهم، وتقويمِ المعوج منها، وتصحيح ما فُهم على غير وجهه من التشريعات الإلهية السمحة، ولا يعني ذلك فصلًا للدين عن السياسة بالمعنى الذي تسعى إليه وتبتغيه بعض التيارات الفكرية، فالدين منهجُ حياة".
وأوضح أن دور الأزهر الشريف لا يقتصر على التعليم والدعوة فحسب، وإنما له أدوار حيوية على المستوى الثقافى والاجتماعى والوطنى والإنسانى وأن المستجدات اقتضت أن يشهد الأزهر الشريف طفرةً غيرَ مسبوقة في هيكله الإداري، ووثبةً كبرى في برامجه الإصلاحية الموجهة، وذلك من خلال عمليات التطوير المستمرة لهيئاته التقليدية المعروفة، واستحداث أدواتٍ وآلياتِ عملٍ جديدة من شأنها مواكبةُ المستجدات؛ وذلك في إطار الدور الذي يضطلع به الأزهر الشريف كمرجعية إسلامية عالمية منوطٍ بها نشر القيم والتعاليم الإسلامية السمحة، وتصحيح الصورة المغلوطة التي عَلِقَتْ في أذهان غير المسلمين والمسلمين على حد سواء، خاصة في ظل حملات التشويه التي تحاول النيل من الإسلام والمسلمين، وظهور جماعات تنتسب إلى الإسلام لكنه من أقوالها وأفعالها براء، وفي ضوء رسالة الأزهر السامية التي تتمثل في ترسيخ قيم الوسطية والأخلاق الإسلامية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتقوية نسيج المجتمع والمحافظة على استقراره، والتصدي لتيارات العنف الفكري والتشدُّد والغُلُو في فهم النصوص وتأويلها.
وأضاف : "إن ما يواجهه العالم اليوم من تحديات، وما يوصم به الإسلام من تهم وافتراءات نتيجة ما يرتكبه بعض المنتمين إليه من جرائم لا يقرها دينٌ صحيح، ولا يقبلها عقلٌ سليم جعل حديث الناس اليوم لا ينفك حول دور الأزهر الشريف في تجديد الخطاب الدينى دون إدراك لماهية التجديد ووسائله، ودون وعي بأدوات المجدد ومؤهلاته، ودون معرفة بالثابت الذي لا يقبل التجديد والمتغير الذي هو محل التجديد ومحوره، وهو كثير جدًّا إذا ما قورن بالثابت الذى لا يقبل التجديد في شريعتنا الإسلامية. ويظن أكثر الناس أن أمر تجديد الخطاب الديني هذا يمكن أن يتم بين عشية وضحاها، أو بضغطة زِر، وكأن الأزهر الشريف يملك عصا سحرية لتغيير ما عَلِقَ في أذهان الناس وتراكم في عقولهم على مدار عقود من الزمان أريدَ للأزهر فيها أن يتقوقع، وسُمح لغيره من المتشددين وأصحاب المصالح الحزبية الضيقة ممن نجني أشواك ما غرسوه في عقول الناس اليوم، أن يشاركوه المنابر وساحات الدعوة، بل أُفسح لهم المجال إفساحًا لمصالح محدودة أو اعتبارات وقتية ، والحقيقة التي لا مراء فيها أن الأزهر الشريف يؤمن إيمانًا لا لبس فيه ولا غموض بمسألة التجديد في الفكر الإسلامى مراعاةً للزمان والمكان وأحوال الناس وما يستجد في حياتهم ، وتجديد الخطاب الديني، وتوضيح المفاهيم وتفنيد الشبهات، وترسيخ القيم الإسلامية السمحة، وإرساء دعائم المواطنة، والعيش المشترك، والتعددية الفكرية، وقبول الآخر، ونبذ العنف والغلو في الدين، وغيرها من القيم والمبادئ التي تقوي النسيج الوطني وتعزز السلام الاجتماعي؛ لم تعد مجرد شعارات جوفاء، بل تحولت إلى عمل مؤسسي فى الأزهر سيجني الناس ثماره يومًا ما".