رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


اكتشاف حجرة دفن جديدة بمنطقة آثار سقارة

3-5-2020 | 15:21


 كشفت بعثة جامعة توبنجن الألمانية، برئاسة الدكتور رمضان بدري حسين، عن حجرة دفن جديدة، أثناء استئناف أعمال الحفائر الخاصة بها، بورشة التحنيط والآبار الملحقة بها من الأسرة السادسة والعشرين (664- 525 ق.م)، بمنطقة آثار سقارة.

ونجحت البعثة في كشف النقاب عن النتائج الأولية للدراسات والتحاليل الكيميائية لزيوت ومواد التحنيط المكتشفة بالورشة.

وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور مصطفى وزيري - في تصريح اليوم الأحد - إن حجرة الدفن المكتشفة حديثًا وجدت بإحدى هذه الآبار التي تقع على عُمق 30 مترًا، وكانت مجاورة لخمس حجرات دفن أخرى تم الكشف عنها في عام 2018.

ومن جانبه، أشار رئيس البعثة الدكتور رمضان بدري حسين إلى أنه أثناء أعمال تنظيف وتسجيل الحجرات الخمس، عثرت البعثة على جدار حجري أخفى خلفه حجرة دفن سادسة عُثر بها على أربعة توابيت خشبية في حالة سيئة من الحفظ، أهمها تابوت لامرأة تدعى (ديدي باستت)، دُفنت ومعها ستة أواني كانوبية من الألبستر، على عكس عادة المصريين القدماء الذي كانوا يقومون بتحنيط الرئتين والمعدة (أو الطحال) والأمعاء والكبد ويحفظونها في أربعة أواني كانوبية يحميها أربعة آلهة يُعرفون باسم (أبناء حورس الأربعة).

وأوضح حسين أن الأواني الكانوبية الستة الخاصة بـ(ديدي باستت)" تعد كشفا فريدا من نوعه، حيث كشفت القراءات الأولية لصور الأشعة المقطعية (CT Scan) التي أجرتها البعثة على الإناءين الإضافيين عن احتوائهما على أنسجة بشرية، والتي توضح أنه من المرجح أن يكون جثمان (ديدي باستت) أُجريت له عملية تحنيط خاصة تم خلالها الاحتفاظ بأحشائه في ستة أواني على غير عادة المصريين القدماء.

وقال رئيس بعثة جامعة توبنجن الألمانية إن دراسة نصوص التوابيت الحجرية والخشبية بحجرات الدفن الستة أسفرت عن نتائج مهمة، منها أن غالبية التوابيت لكهنة وكاهنات إلهة على هيئة الثعبان تُدعى (نيوت شاس)، والتي كانت من الآلهات الثانوية خلال عصر الدولة الحديثة، إلا أن هذه النصوص تشير إلى ارتقاء مكانتها وانتشار عبادتها في الأسرة السادسة والعشرين، وربما كان لها معبدًا في منطقة منف عاصمة مصر الإدارية وجبانتها سقارة.

وأضاف انه من بين كهنة (نيوت شاس)، توجد كاهنة تُدعى (إيبوت) وكاهن يُدعى (تشانيميت)، تم دفنهما في نفس الحجرة، ويبدو أنهما من المهاجرين المتمصرين، حيث إن اسمهما يعتبران من الأسماء الخاصة بمجتمع الليبيين المهاجرين الذين نزحوا إلى مصر وكونوا الأسرة الثانية والعشرين (943- 716 ق. م).

وتابع حسين أن أجيال المهاجرين الليبيين تمثل عنصرا من عناصر المجتمع المصري الذي تميز بتنوعه الثقافي، فكانت مصر بلدا مفتوحة للمهاجرين، من بينهم اليونانيين والليبيين والفينيقيين وغيرهم من الأعراق الأخرى.

من ناحية أخرى، أعلنت البعثة نتائج دراسة نقاء مادة الفضة المصنوع منها القناع الفضي المذهب الذي اكتشف في عام 2018 وصنفته مجلة (Archaeology Magazine) الأمريكية كأحد أهم عشرة اكتشافات أثرية لذات العام.

وأشار الدكتور رمضان بدري حسين إلى أن الدراسات أكدت أن نقاء مادة الفضة به يبلغ 99.7%، وهي درجة نقاء عالية جدا تنم عن ثراء صاحبة القناع التي شغلت وظيفة كاهنة الإلهة (نيوت شاس)، موضحا أن هذا القناع من المكتشفات النادرة، فهو الثالث من نوعه، حيث عثر على قناعين آخرين في عامي 1902 و1939.

وأوضح أن النتائج الأولية للتحاليل الكيميائية التي أُجريت لبقايا مواد التحنيط العالقة بالأواني الفخارية المكتشفة بورشة التحنيط على يد فريق دولي من الأثريين والكيميائيين من جامعة توبنجن وجامعة ميونخ الألمانيتين والمركز القومي للبحوث بالقاهرة، أشارت إلى قائمة من الزيوت والأصماغ النباتية ومواد أخرى، منها مادة القطران وزيت وصمغ خشب الأرز وصمغ شجرة الفستق وشمع وعسل النحل ودهون حيوانية وزيت الزيتون وزيت العرعر ونباتات أخرى، مؤكدا أن الفريق البحثي يعكف على كتابة التقرير النهائي تمهيدا لنشره علميا.

ووصف رئيس البعثة كشف ورشة التحنيط والمقابر الملحقة بها بأنه يلقي الضوء على جانب مهم من عملية التحنيط، وهو بُعده الاقتصادي، فالتحنيط في جوهره معاملة تجارية بين شخص ما ومحنط، فالمحنط في الأساس هو مهني وكاهن ورجل أعمال.

وقال حسين: "إننا نعلم من خلال برديات عدة أن المجتمع المصري كان به فئة من الكهنة والمحنطين الذين أبرموا عقودا مع أفراد، تلقوا من خلالها مبالغ مالية وعينية مقابل الإشراف على ترتيبات الجنازة، ومنها القيام بعملية التحنيط وشراء مستلزماته وكذلك تدبير المقبرة والتابوت وكافة الأدوات الجنزية، مشيرا إلى أن بعثة جامعة توبنجن ستستأنف أعمالها في سقارة في شتاء العام الجاري.

جدير بالذكر أنه في شهر يوليو عام 2018، أعلن وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني - في مؤتمر صحفي عالمي - الكشف عن ورشة التحنيط والآبار الملحقة بها وما احتوته من 54 مومياء وخمسة توابيت حجرية وعدة توابيت خشبية وأواني كانوبية من الألبستر وأواني فخارية والمئات من تماثيل الأوشابتي الصغيرة والقناع الفضي المذهب.