رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في افتتاحيتها لليوم الجمعة، أن السياسة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الصين، والتي وصفتها بـ"المضطربة" أنما تقوض في حقيقة الأمر الوحدة الغربية .
وقالت الصحيفة (في افتتاحيتها المنشورة على موقعها الالكتروني) إن ثمة حقيقة أخرى لا تقل حزنا وكآبة عن الحقيقة سالفة الذكر، وهي أن حلفاء واشنطن في أوروبا وآسيا غاضبون أيضا من سلوك بكين تجاه الغرب. كما أنهم ببساطة لا يثقون في قيادة إدارة ترامب في مواجهة سلوك الصين .
وأضافت الصحيفة:"أن هناك صعوبة في إدارة أزمة أوسع نطاقا تتمثل في أن حلفاء أمريكا يخشون من أن هدف إدارة ترامب ربما يكون بعيد عن إجبار الصين على اتباع القواعد الدولية - وهو هدف سوف يدعمونه بكل تأكيد- بل ربما يسعى إلى تدمير هذه القواعد. فيعلم الحلفاء أن البيت الأبيض قد انسحب من اتفاقية باريس بشأن المناخ والاتفاق النووي الإيراني والشراكة عبر المحيط الهادئ، ويعرقل عن عمد كل من منظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية. كما يتذكرون أن ترامب هدد بفرض رسوم جمركية على ألمانيا واليابان - فضلا عن تشككاته بشأن الناتو والعداء تجاه الاتحاد الأوروبي. كما يعرفون أن ترامب سيخضع لإعادة انتخابه في نوفمبر المقبل، لذلك يتشككون في دوافعه في ملاحقة الصين الآن " .
وتابعت الصحيفة تقول: "حتى قبل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ، كانت هناك قضايا شائكة تقف أمام إعادة تعزيز علاقات الغرب مع الصين. منها على سبيل المثال معاملة الصين لطوائف الأويجور، والحكم الذاتي لهونج كونج والعلاقات مع تايوان- حيث تحتاج الديمقراطيات في العالم إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة وأكثر تنسيقاً تجاه سلوكيات الصين. كما تحتاج حكومة الرئيس الصيني شي جين بينج إلقاء نظرة جديدة على طبيعة استثمارات الصين في الصناعات الاستراتيجية في الغرب " .
وأكدت الصحيفة حسبما قالت : " إنه لسوء الحظ، فإن نهج الرئيس دونالد ترامب تجاه الصين غير منتظم لدرجة أنه من المرجح أن يزعج حلفاء الولايات المتحدة أكثر من توحيدهم. وبدون استجابة غربية موحدة ومتماسكة، سوف تنخفض فرص تعديل السلوك الصيني بشكل كبير ".
وحتى الآن ، ظل ترامب أقوى في خطاباته الساخن حول دور الصين في التعامل مع وباء كورونا أكثر من اتخاذ الأفعال. لكن يُعتقد بأن مسؤولي البيت الأبيض يتطلعون إلى تسهيل مقاضاة الحكومة الصينية للحصول على تعويضات عبر المحاكم الأمريكية. غير أن مثل هذا الإجراء سيكون مشكوك فيه بموجب القانون الدولي- ومن شبه المؤكد بأنه سيدفع بكين إلى الانتقام. وربما يؤدي ذلك إلى عواقب غير محمودة على التجارة والعلاقات الدولية.
وتابعت "فاينانشيال تايمز" تقول:" بينما كانت استجابة واشنطن لبكين بشأن الفيروس متقلبة، بدت بروكسل أكثر ضعفا وقلة حيلة. ومن المؤسف أن الاتحاد الأوروبي سمح للصين بفرض رقابة على خطاب الصداقة المشترك، لاستبعاد أي إشارة تجاه معرفة الجذور الصينية للفيروس. مثل هذا الضعف لا بد أن ينتهي!".
وأخيرا، رأت الصحيفة البريطانية أن تردد الأوروبيين في اتباع قيادة واشنطن بشأن الصين لا يرجع في المقام الأول إلى التخوف من عواقب ذلك. ولكن هناك قضيتين أعمق من ذلك، أولهما، أن هناك نقص في الثقة في الرئيس الأمريكي نفسه. ثانيهما، أن هناك تخوفا من أن تكون سياسات إدارة ترامب تجاه الصين جزءًا من هجوم أوسع على النظام الدولي القائم على القواعد، والذي يظل حلفاء أمريكا في أوروبا وآسيا مرتبطين به.