رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


خبراء يكشفون أسرار تمسك المسيحيين بـ «وشم الصليب»

18-4-2017 | 17:21


باحث قبطي: عادة قديمة اعتقد البسطاء أنها ضمن أسرار الكنيسة

القمص روفائيل: حرية شخصية ولا نفرض على أبناءنا وضعه

منير مجاهد: الدولة لا تفرض على الأقباط وشم الصليب

 

لا يوجد مؤشر واضح حول بداية استخدام الأقباط لعادة وشم الصليب، ولكن المتداول أنه ارتبط بعصر الاستشهاد، وعادة ما يتم "دق" الصليب في معصم اليد اليمني ويكون باللون الأخضر، وكان قديماً تستخدم الإبرة العادية في الوشم، ومؤخراً تستخدم آلة خاصة ويرش بنج موضعي، كما يفضل الأقباط أن يوشم الأطفال في سن صغيرة، وعادة ما يتوافر الوشم بكثرة في الأديرة خاصة في احتفالات الموالد الخاصة بالقديسين، ولكن عادة وشم الصليب لا ترتبط بجموع المسيحيين في مصر فهناك طوائف لا تفضلها مثل البروتستانت.

 

ولكن يبقى التساؤل الأكثر إلحاحاً في هذا الشأن: هل يعتبر وشم الأقباط للصليب نوعا من التمييز الديني، خاصة في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات التي تنادي بمدنية الدولة بأن تحذف خانة الديانة من الأوراق الرسمية، والبطاقات الشخصية، فهل وضع علامة دينية على جسد المواطنين تعتبر ضمن التمييز الديني أم أنها خارج هذا التصنيف؟

بدأت من القدس

يقول الدكتور سينيوت شنودة الباحث القبطي، إن وشم الصليب عادة قديمة، بدأت مع زيارات القدس في القرنين الثاني والثالث الميلاديين، حيث يوشم الحجاج علامة على زيارتهم للقبر المقدس، فقد اعتادوا وقتها على جلب الشموع والأحجار من محيط القبر، والزيوت المصلي عليها للبركة، وظل الصليب الموشوم على معصم اليد اليمني علامة وذكري روحية، بالإضافة إلى وشم صور للمسيح وأمه على الصدر والظهر، ويضيف "مع القرن الرابع الميلادي بدأت الزيارات للقدس في الانتظام حيث انتشر معها "دق" الصليب.

 

وأكد : هي بالطبع لا تمثل العقيدة، ولا تشير للإيمان من عدمه، بينما يعتقد العامة، خطأ أن وشم الصليب جزء من طقس أو أسرار الكنيسة، كما أنه نوع من مظاهر الحرية الشخصية، ولا نري أنه تمثيل للتمييز الديني، خاصة أن الكنيسة لا تفرضه على شعبها، وهو محبب لدى المصريين عموماً حيث نجدهم خلال موالد القديسين يقبلون على وشم صور للقديسة مريم، ومارجرجس على الكتف، فهو نوع من الفلكلور المصري وغير مرتبط بديانة معينة.

 

من جانبه أكد القمص روفائيل سامي أستاذ تاريخ الكنيسة بالكلية الأكليريكية، أن دق الصليب تقليد متوارث، وغير مرتبط بالأسرار الكنيسة، كما يعتقد العامة، وعن عدم وشم الصليب، يؤكد أنها حرية شخصية من يريد وضعه فهو حر، لأنها مسألة لا تنقص، ولا تزيد من إيمان الشخص.

 

المقريزي والصليب

 

كثيرون يعتقدون أن وشم الصليب عادة دينية مرتبطة بالعقيدة، وهو مفهوم خاطئ تأصل نتيجة شيوع العادة ومع مرور الزمن، وكما يشير المقريزي في كتابه "القول الإبريزي" 695م:

واشتد أسامة بن زيد التنوخي على النصارى ووشم أيدي الرهبان بحلقه حديد فيها اسم الراهب، وديره، وتاريخه، وكل من وجده بغير الوشم قطع يده. وأيضاً حنظلة بن صفوان أمير مصر في ولايته الثانية تشدد على النصارى، وزاد في الخراج، وأحصى الناس، والبهائم وجعل على كل نصراني وشما صورة أسد وتتبعهم فمن وجده يغير الوشم قطع يده”.

ويصف الدكتور منير مجاهد منسق جماعة مصريون ضد التمييز الديني، بأن التمييز هو انتقاص حقوق الفرد بناء على انتمائه الديني، مشيراً إلى أن وشم علامة الصليب لا تعد ضمن علامات التمييز الديني، لانه خيار شخصي ولا تفرضه الدولة على المواطنين.

 

من جانبه يقول الدكتور حسن الخولي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: المسيحيون لا يعانون بشكل عام من تمييز ديني، خاصة من قبل الدولة ولكن لاننكر أن هناك جماعات متطرفة لها توجهات وآراء تعمل على التمييز بين نسيجي الأمة، وهي غالباً سبب كل ما يعانيه المصريون جميعاً . وأشار إلى أن وشم علامة الصليب من قبل الأقباط مرتبط بالثقافة الاجتماعة، وليس ناتجا عن أسباب تتعلق بالاضطهاد خاصة أن المسلمين يعلقون شعارات دينية سواء في سياراتهم، كالمصحف أو السبحة، كذلك المسيحي يحمل قلادات بصور القديسين ، والأمر هنا متعلق بثقافة المجتمع التي ترحب وتفضل إبراز الهوية الدينية مثل "زبيبة" الصلاة لدي المسلمين.

ويضيف الخولي ، فكرة التمركز حول الهوية الدينية التي تغلب على المجتمع هي مؤشر سلبي يعني حالة من التعصب الديني حيث يظهر التدين في التصرفات بشكل سطحي، كنوع من التباهي، بينما السلوك وروح الدين الحقيقية قد لانجدها، مما يعني أننا بصدد حالة تدين شكلي.