رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«كبار العلماء»: الحملة على الأزهر تجاوزت كل الخطوط الحمراء

18-4-2017 | 21:16


"هيئة كبار العلماء" لـ"الهلال اليوم": الحملة على الأزهر تجاوزت كل الخطوط الحمراء

"بباوي": لا يجوز هدم الأزهر.. و"أبو حامد": تحديد ولاية شيخ الأزهر بداية التطوير

كتب- علي عقيلي

 

"تعبتنا يا فضيلة الإمام" لم تكن سوى عتابًا رقيقًا رفيقًا من الرئيس السيسي، لفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، على إثر رأي الأزهر الشرعي فيما يتعلق بقضية الطلاق الشفهي، التي أشار لها الرئيس في خطابه الشهير؛ نتيجة ارتفاع نسبة الطلاق.

 اعتبر جوقة من حملة المباخر رسالة العتاب بمثابة ساعة الصفر، وبدأت شرارة المعركة للإطاحة بالأزهر، ومذهبه الرصين، وشيخه الجليل، وانبرى كل راغب في ازدياد أن يكتب ما يرى أن يقفز به إلى حيث مبتغاه، لا ما يقدم حقيقة، ويطرح حلًّا، ويعالج خللا قد يكون موجودًا، ويقوّم اعوجاجًا يقوم على نقد بنّاء يقيم أعمدة المصلحة العامة، لا أن يهدم المعبد على من فيه حرصًا على مصلحته الخاصة.

 أبرز ما وجه للأزهر من سهام، كان ذلك الخنجر المسموم الذي طُعن به في خاصرته؛ جرّاء اللوم الشديد الذي وصل إلى حد التحريض على الأزهر وشيخه، إثر تفجير كنيستي؛ طنطا والإسكندرية، وكأنه المسئول المباشر عن أحداث الإرهاب الجبانة التي وقعت للكنيستين، وتحويل أجساد الأبرياء إلى أشلاء.

أيضًا مسألة إسناد تجديد الخطاب الديني إلى المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، وتحميل الأزهر الشريف مسئولية فشلها، وتنامي أعداد الإرهابين، وتفشي الظاهرة بشكل غير مسبوق، كان أيضًا فوق طاقة الأزهر ، وشيخه المغبون. 

فالأزهر ليس مسئولاً عن المساجد بشكل مباشر، ولا عن تقصيرها فيما يقدم للمصلين من وعظ وإرشاد، ولا عن قصور دور أئمة المساجد في احتواء الشباب الشارد، وتكوين عقله الجمعي بشكل سليم، وتصحيح مفاهيمه الخاطئة، ونزع فتيل الأفكار المتطرفة؛ فالمساجد وما يدور فيها هي مسئولية وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، بالدرجة الأولى، وليست مسئولية شيخ الأزهر لا من قريب ولا من بعيد.

 لم يكن أزهريًا يومًا ما ضالعًا في عمليات إرهابية، هذا لم يثبت على الإطلاق؛ فأسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة، تخرج في كلية السياسة والاقتصاد، جامعة الملك عبد العزيز، وخلفه الظواهري، تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة، أيضًا لم يكن تنظيم داعش مختلفًا في سياسته عن تنظيم القاعدة؛ بل كان امتدادًا له في استقطاب وتجنيد العقليات العلمية؛ فـ"أبو القيعان" طبيب فلسطيني، و"أبومالك" الذي قتل في إحدى غارات التحالف الجوية كان مهندسًا عمل في السلاح الكيماوي في الجيش العراقي، وكذلك ولاية سيناء التي أعلنت تبنيها للعديد من العمليات الإرهابية التي وقعت بعد الثلاثين من يوليو، بعد مبايعتها لداعش، وآخرها تفجير كنيستي؛ طنطا والإسكندرية؛ تضم العديد من خريجي المؤهلات العليا وعلى رأسها الحقوق والهندسة بين قياداتها، ومنهم ما يكنى بـ"أبو بلال" وهو مبرمج كمبيوتر.

الشاب القناوي الذي قام بعملية انتحارية فجّر خلالها كنيسة؛ طنطا، الذي كشفت عن هويته وزارة الداخلية مؤخرًا، لم يكن أيضًا أزهريًا، ولم يكن أيضًا من رواد المساجد – طبقًا لتصريحات زوجته لوسائل الإعلام – فلم يكن يصلي سوى الجمعة في المسجد.

هناك خطورة أيضًا في تحميل الأزهر مسئولية الإرهاب، من حيث إنها تؤجج لفتنة طائفية، فحينما يسدد إعلاميون وصحفيون نيرانهم إلى مرمى الأزهر وكأنه حاضنة الإرهاب، فماذا عسى المسيحيون أن يفعلوا للدفاع عن أنفسهم وكنائسهم في مواجهة الأزهر، وانعكاس ذلك على الوحدة الوطنية، والحفاظ على تماسك الدولة.

البرلمان أيضًا تلقف إشارة الرئيس بدوره في تجديد الخطاب الديني، بإصدار قانون يمكن من الإطاحة بشيخ الأزهر، وتحديد مدة معينة لمنصب شيخ الزهر الشريف.

 

تحديد ولاية شيخ الأزهر

فعليًا تقدم النائب محمد أبو حامد بمشروع قانون لتطوير الأزهر الشريف، وهيئاته يعتبر تطويرا للقانون 103 لسنة 61 ، البرلمان له دور تشريعي رئيس في المساعدة على تطوير المؤسسات القائمة على الخطاب الديني وإصلاحه، تطوير قانون الأزهر الصادر سنة 36، والتعديل يشمل هيئات الأزهر ومؤسساته ،  بما يؤدى إلى تطوير مؤسساته بالحوكمة، وتحديد اختصاصات واضحة فيما يخص القضايا التقليدية لدور الأزهر، واختصاصات تجديد الخطاب الديني، ومراجعة المناهج، والمقررات الدراسية، البرلمان له أن يطور التشريعات المرتبطة بالمؤسسات الدينية؛ بما يؤدي في النهاية إلى تطويرها، لأن نقطة البداية بتطوير الخطاب المؤسسات القائمة على الخطاب الديني، وطبيعة وطريقة العمل فيها بما يؤدي إلى حكومة الهيئات الكبرى، مثل هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث،  بما فيها من تنوع فكري، مهام واضحة لكل هيئة، وآليات متعددة للمحاسبة، لن تسمح لأحد بأن يخرج عن الأهداف المنوط بالمؤسسة تحقيقها.

 

ويؤكد أبو حامد أن الحوكمة قادرة على ضبط طريقة تكوين المؤسسات من البداية، بما يضمن تنوعها، وتحقق ضمانة تجرد القيادات من الأغراض السياسية، وتعمل من أجل المصلحة الوطنية العامة، فالقيادات الحالية لن تمكن الأزهر الشريف من تطوير الخطاب الديني، فمنذ عامين والرئيس يدعو إلى تجديد الخطاب، ولم يحدث شيء؛ لأنهم لا يروون عطب في الخطاب الديني بسبب انتماء بعض قياداته السياسية.  

ويرى أبو حامد ضرورة تحديد ولاية شيخ الأزهر بست  سنوات، تجدد لمرة واحدة؛ بعد إعادة انتخابه طبقًا للإجراءات القانونية، موضحًا أن الدستور نص على عدم عزل شيخ الأزهر أثناء ولايته، لكنها ليست أبدية؛ وتحديد المدة لولاية شيخ الأزهر لمناسبة ذلك مع دور الأزهر الدولي التي تحتاج مراجعة الكفاءة الصحية؛ حتى نضمن قدرته الصحية على متابعة هيئات ومؤسسات الأزهر، المحلية والدولية، وقدرته على السفر والمتابعة والعطاء.  

 

الدكتور نبيل لوقا بباوي المفكر القبطي، أكد أن الأزهر أحد معالم الإسلام في مصر وتاريخه يزيد على الألف عام، كذلك التشكيك في رموزه دون سند لا يجوز أيضًا.

وأوضح بباوي أن الأزهر وشيخه لا يملكان حل القضية المثارة وهي تجديد الخطاب الديني، أو التغيير في ثوابت القرآن والسنة، وإنما المطلوب هو إعادة تفسير النصوص من حيث المواءمة مع الظروف الحالية داخل مصر لمواجهة الإرهاب، وأفكاره الطائشة، دون تغيير حرف واحد من الثوابت، وإنما فقط التفسير العصري المواكب للمتغيرات العالمية، خاصة أن الدين الإسلامي ينص على أن هناك مجددًا على رأس كمل مائة عام، بما يتناسب مع متغيرات العصر التي وصلت للذرة، وخلق وحدة نواة الإنسان في اليابان.

وشدد بباوي على أن دور الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء التصدي للرد على دعاوى الإفك التي يطلقها أعضاء الجماعات المتطرفة، لافتًا إلى أن معالجة الإرهاب لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، وإنما جزء كبير من القضاء عليها يعتمد على تصحيح المفاهيم الخاطئة، دون تدخل الجهات الأمنية؛ حتى يقابل الرأي بالرأي.

وأكد بباوي أن الغرب يكيل بمكيالين؛ فكما أن هناك إرهابًا إسلاميًا، والإسلام منه براء، فهناك إرهاب مسيحي؛ فمنفذوا واقعة أوكلاهوما مسيحيون متطرفون وهم الذين فجروا مبنى فيدارلي تابع للأمم المتحدة، وهناك إرهاب بوذي؛ فما قامت به مجموعة الحقيقة المطلقة في اليابان من تسميم لمترو الأنفاق وقت الذروة، لافتًا إلى أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا دين لها، وما فعله اليهود في قانا، وصبرا وشتيلا، وكذلك مذبحة الخليل، لم يقل إرهاب يهودي ولم يقل أحد إنه إرهاب، فالإسلام حجة على تابعيه، وليست تصرفات المسلمين حجة

على الإسلام. 

 

 

هجمة شرسة

 

الدكتور حسن الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية، عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، قال: هذه حملة ممنهجة، ومرتبة بدأت منذ شهور على الأزهر الشريف، تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وتناولت ليس فقط شخص فضيلة الإمام الأكبر وهو رجل ذو علم وخلق ودين عاقل رصين يقوم على مهمته التي أسندت إليه، وليس العاملين بالأزهر فقط، وإنما تناولت جوهر الأزهر، ومناهجه وأساليبه التربوية، بل ونالت من طبيعة الشريعة الإسلامية نفسها.

واستنكر عضو هيئة كبار العلماء حملة التشويه ضد رموز الهيئات والشخصيات الكبرى، على نحو لا يمكن أن يحدث في أي هيئة أخرى؛ لدرجة وصلت إلى استعداء السلطة على من يصفونهم بأنهم "حراس الدين" متسائلًا: كيف نكون حراسًا للدين، ويطالبون بمعاقبتنا. 

وأوضح الشافعي أن من يتحدثون عنهم لم ينتم واحد منهم إلى الأزهر الشريف، وإنما هم غرس أيادٍ أخرى، وأن هذه المناهج التي تزيد على الألف عام هي التي خرجت شلتوت والشعراوي والغزالي، وغيرهم الكثير، موضحًا أنه إذا كان بها كلمة أو اثنتين لا تتناسب مع روح العصر؛ فلا يستدعي ذلك أن نعبث بالتراث، ويمكن شرح ذلك بشكل متوازن ومعتدل، مستدلًا بما يطالب به الكتاب الغربيون؛ الفرنسيون والإنجليز، بأن يكون القائمون على أمور الجماعات الإسلامية في بلادهم يكونون من خريجي الأزهر.