في ذكرى رحيلها.. فوزي يقتل شبح طلاق مديحة يسري بباقات الورود
دأبت الفنانة القديرة مديحة يسرى طوال
62 عاما وهي سنوات مسيرتها الفنية التي بدأتها عام 1942 من خلال مشاركتها مع
الموسيقار محمد عبدالوهاب في فيلم "ممنوع الحب"، على انتقاء أدوارها
بعناية، لذا اتسمت بالوقار والحشمة وظلت لفترة طويلة رمزا للفتاة
الرومانسية الوفية، ومع تقدمها في العمر بدأت تنتقى الأعمال التي تؤدي فيها دور
الأم ومنها "الخطايا" مع عبد الحليم حافظ وعماد حمدي عام 1962، مع أنها قامت
في نفس العام بدور المحبوبة في فيلمين وهما "سلاسل من حرير" و"وفاء
للأبد".
والمتتبع لمؤشر أعمالها يجد أنها كانت
في سنوات الذروة تمثل ثلاثة أفلام أو أربعة على الأكثر في العام الواحد، باستثناء
عام 1950 الذي مثلت فيه سبعة أفلام، أما عام 1958 الذي هاجم فيه شبح الطلاق قصرها
هي والموسيقار الفنان محمد فوزي، فقد قامت في ذلك العام بتمثيل ثلاثة أفلام وهي
"مهرجان الحب" و"عواطف" و"خالد بن الوليد"، والفيلم
الأخير مع الفنان حسين صدقي، ما جعل زوجها محمد فوزي يفتقدها نظرا لانخراطه هو أيضا
في أعماله الفنية ويطالبها بترك الفن والتفرغ للحياة الزوجية وشئون بيتها.
ودب الخصام بين فوزي ومديحة بسبب طلبه
الغريب، فهو يعرف رأيها وأنها لن توافق أبدا على ترك الفن، ودام الخصام أربعة
أيام، كانت مديحة في نهايتها تحزم أمتعتها، وهنا تعجب فوزي وسألها إلى أين؟ فأجابت
بأنها تنوي السفر إلى الاتحاد السوفيتي للمشاركة في مهرجان سينمائي هناك بفيلم خالد
بن الوليد، فتبسم فوزي بسخرية وقال لها: لن أعطيك موافقتي على السفر للخارج، وفي
تلك الفترة كان على الفنانة أن تحصل على تصريح الزوج أو ولي الأمر لتقدمه إلى
السلطات عن السفر للخارج، لكن مديحة فاجأته بأنها طلبت من الوزير عبد القادر حاتم
استخراج ما يلزم لسفرها، وبالفعل أعد لها كل الأوراق المطلوبة.
استشاط فوزي غضبا وانصرف دون أن يرد
بأي كلمة، وكان رد فعله الوحيد بأن رفض الذهاب معها إلى المطار لوداعها، وكانت تلك
هي المرة الأولى التي لا يودعها فيها، ومن هنا انطلقت الشائعات في الصحف والمجلات
بأن شبح الطلاق يحوم حول قصر محمد فوزي ومديحة يسري في المريوطية بعد زواج دام 8
سنوات، وأن سبب الطلاق عدم تحمل فوزي مصروفات بيته بسبب الأزمات المالية التي وضع
نفسه فيها.. وفوجئ فوزي بتلك الشائعات السخيفة، فالرجل كان يمتلك أول مصنع لإنتاج
الأسطوانات علاوة على دخله الوفير من شركته للإنتاج السينمائي، غير أنه "ابن
بلد" ولا يقبل أبدا أن تنفق زوجته على بيته.
وجن جنون فوزي من تلك الشائعات التي
تنوي تدمير حياته الزوجية وخشي أن يكون خبر طلاقه لمديحة يسري قد وصل إليها في
الخارج، لذا بمرحه المعهود وخفة دمه، ذهب إلى المطار هو وشقيقته يوم وصول مديحة
إلى مصر، وبالقرب من سلم الطائرة كان قد وضع عدة باقات ورد كبيرة ووقف مع شقيقته
ينتظر هبوطها من الطائرة، وبعد العناق والسلامات تعجبت مديحة من تلك الحفاوة في
الإستقبال من فوزي، فهمست شقيقته بما سرى من شائعات في مصر، وأكدت لها أن فوزي فعل
ذلك حتى يظهر موقفه وأنه لا ينوي على طلاقها.
كانت مجلة الكواكب قد نشرت خبر قرب
انفصال فوزي ومديحة في عدد 21 أكتوبر 1958، وفور عودة مديحة من الخارج سارعت
الكواكب بالذهاب إلى قصرهما للوقوف على آخر الأخبار، إلا أنها وجدت شبح الطلاق قد اختقى بباقات ورد محمد فوزي، الذي أكد للكواكب في عدد 28 أكتوبر أنه مستاء من
تدخل الصحف في الحياة الشخصية لنجوم الفن، وأيضا عدم التحقق من الأخبار قبل نشرها،
وأكد أنه رجل شرقي يفى بكل التزاماته نحو بيته وأنه يتمنى أن يجد مديحة دائما في
البيت، لأنه يفتقدها بسبب كثرة أعمالها وسفرياتها، وتدخلت مديحة قائلة بأن ما أشيع
غير صحيح، وفوزي يقدس حياته الزوجية ويؤدي كل التزاماته، وهو فنان كبير ومشهور
ولديه الكثير من المشاريع الفنية والتجارية التي تجعلنا في رغد من العيش ولا يقصر
نحو بيته، أما رأي فوزي في مديحة يسري فقال أنها زوجة فاضلة وفنانة مثالية، وكل ما
يتمناه أن تعتزل الفن وتتفرغ لبيتها.
بقي أن نشير إلى أن قصر محمد فوزي
ومديحة يسري أو فيللتهما المقامة على مساحة فدانين بالمريوطية بالهرم قد تم
تأميمها مع ممتلكات فوزي ومديحة بكامل الأثاث والتحف، ولم يبق لمديحة غير الشقة
التي كانت تعتبرها مكتبا تدير منه شركة انتاجها، ف لكنها أزاحت منها مكاتب العمل وأعدتها
لتسكن فيها بعد تبدل الأحوال.