أمرت النيابة العامة بحبس المتهمة/ آية، وشهرتها «منة عبد العزيز» وستة
آخرين أربعة أيام على ذمة التحقيقات، وانتدبت الطبيب الشرعي للكشف على
المتهمة المذكورة بيانًا لكيفية حدوث إصاباتها ومدى وقوع تعدٍ جنسيٍّ
عليها.
وقد آثرت النيابة العامة عدم الإفصاح عن تفصيلات الوقائع التي أقر بها
المتهمون في التحقيقات؛ لما فيها من واقع أليم رأت تقديم ستره على الإعلان
عنه، إلا أنها توضح أن إقراراتهم قد تواترت لتؤكد أن المتهمة المذكورة وإن
ارتكبت جرائم -أقرت ببعضها- تستأهل عقابها، إلا أنها على حداثة عمرها وعدم
بلوغ رشدها قد دفعتها ظروف اجتماعية قاسية تعرضت لها -من فقد المأوى
والأهل، والسعي لتوفير سبل المعيشة- إلى الوقوع في فخاخ ارتكاب تلك
الجرائم، وإلى حياة بالغة الخطورة جمعتها بباقي المتهمين الذين جنوا عليها،
فمنهم من واقعها كرهًا عنها -وهي لم تبلغ سِنُّها ثماني عشرة سنة- ومنهم
من هتك عرضها بالقوة والتهديد، وسرقها بالإكراه، وضربها وأحدث إصاباتها،
وأنها لم تكن لتُعلن عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن صُلحها مع أحد الجانين
عليها والسكوت عن الآخرين على استياء منها، إلا تحت تأثير ضغط مارسه ذوي
هذا الجاني عليها وإغرائها بهدايا على حداثة عمرها لاسترضائها ودفعها
للإعلان عن هذا الصلح على خلاف رغبتها.
وتؤكد النيابة العامة أن التحقيقات في تلك الواقعة وغيرها من الوقائع
التي باشرتها خلال الفترة الأخيرة، قد تبين منها أن ناقوس مخاطر محدقة
بشباب هذه الأمة قد دقَّ لإنذار المجتمع كله، تلك المخاطر التي تسللت إليهم
عبر منافذ إلكترونية وحدود سيبرانية لا تحظى بأيِّ نوع من الرقابة تحت
شعارات مزيفة نادت -كذبًا وزورًا- بحرية التعبير والإبداع، فخلقت فتنة صورت
الباطل حقًّا في أعينهم، وطمَّعتهم في شهرة زائفة ونجاح لا فلاح فيه،
ودفعتهم -أطفالًا وشبابًا- إلى الانخراط في حياة غارقة في الإباحية
الجنسية، وتعاطي المخدرات والإدمان عليها، والسعي غير المشروع لكسب المال،
بل وسرقته واختلاسه.
وعلى ذلك فإن النيابة العامة تهيب -بأشد عبارات التحذير والإنذار- بكل
ولي أمر ومسؤول إلى عدم السكوت وغضِّ الطرف عن أمور تسللت إلى شبابنا رغبةً
في إشاعة الفاحشة فيهم تحت دعاوى تحرر يائس لا يحمل أيَّ معنى للحرية، بل
هو عين العبودية وبيع الأعراض والتفريط في الدنيا والدين، مؤكدة على أن
مفهوم تلك الرقابة الاجتماعية والتربية السوية غير قاصر على أولياء الأمور
من الآباء أو من يقوم مقامهم في غيابهم، بل هي مسؤولية مشتركة بين الأهل
والمجتمع والمؤسسات دون المساس بالحريات.
كما تؤكد النيابة العامة أن الأديان السماوية وسائر القوانين، بل
الثقافة والحضارة المصرية في مختلف عصورها، ما كانت لتفرض رقابة اجتماعية
على الناس ومستحدثات الأمور التي تطرأ عليهم تقييدًا لحرياتهم أو تضييقًا
عليهم، بل وضعتها ضابطًا لها وسبيلًا لتعليم النشء وتذكير البالغين بكيفية
ممارستها دون استغلالها لاستعبادهم بها تحت سلطان الشهوات.
حافظوا على شباب هم أمل اليوم والغد، فلا تسلموهم لمستحدثات أمور تبطش
بهم، ولا تقيدوهم بأغلال يفروا منها إلى هلاكهم، وتذكروا أن الحق دومًا بين
باطلَيْن.