في عيد الإذاعة.. كمال الطويل: عبدالحليم حافظ كان "مياس قوي"
من المؤكد أن الإذاعة هي وسيلة
الخيال، فمع برامجها الشيقة وصورها الغنائية تطلق لخيالك العنان وترسم صورة بديعة،
ومن المعروف أن أجيال كثيرة هامت على أثير الراديو وما يبثه من أغان وتمثيليات
إذاعية وبرامج ثقافية وفكاهية، وغالبا ما ينتمي لهذا الإذاعة العريقة التي انطلق
بثها لأول مرة في 31 مايو 1934 رجال يقدرون كنوزها، فقد كانت الإذاعة بمثابة جامعة
للوثائق الصوتية من خلال ما سجلته في العصر الذهبي للفنون والثقافة في مصر.
دأب الإذاعي القدير إبراهيم حفني على
التنقيب عن كنوز الإذاعة وطرحها في عدة برامج من تقديمه، فقد حمل على عاتقه حفظ
التراث الإذاعي من التلف والاندثار، ومن برامجه "منتهى الطرب"
و"أغنية مشهورة" و"حكاية غنوة"، وفي هذا البرنامج الأخير
اجتهد حفني ليوثق العديد من الأغاني، من خلال ذكر التاريخ الذي سجلت فيه وأيضا
حكاية الأغنية وكيف خرجت للنور، وبحث في التسجيلات الإذاعية ليجمع من كل منها ما
يحقق هدف برنامجه البديع الذي أسعد السميعة والباحثين والنقاد.
انتقينا من برنامج "حكاية
غنوة" أغنية باسم "دعاء" من نظم الشاعر زكي الطويل والد الموسيقار
كمال الطويل، وقد سجلت للإذاعة عام 1951 ، وفي التسجيل المرفق يحكي كمال الطويل
كيفية ميلاد الأغنية، فقد قام بتلحينها وهو طالب في معهد الموسيقى، ولم يكن الطويل
في ذلك الوقت على اتصال بشعراء الأغنية، فبحث في أوراق والده وهو مهندس ينظم الشعر،
ووجد تلك القصيدة وكانت أول لحن يقوم به الطويل.
تزامل كمال الطويل مع الفنان عبد
الحليم حافظ في معهد الموسيقى وكانا في بداية مشوارهما الفني، وأعجب حليم بلحن
قصيدة "دعاء" وحفظه، وأكد كمال الطويل أن حليم أخذ اللحن وكلما ذهب إلى
معهد الموسيقى وهو ملتقى كبار الموسيقيين ادعى أن اللحن من تلحين الموسيقار محمد
عبد الوهاب، ويستمر حليم في التباهي بأنه تعرف على عبد الوهاب وسمع آخر ألحانه
ويعرض على رواد المعهد لحن الدعاء مؤكدا أنه حفظه من صديقه عبد الوهاب، ويعلق كمال
على أفعال حليم ضاحكاً : "كن مياس قوي".
عند تقدمه إلى الإذاعة كانت قصيدة
"دعاء" هي جواز المرور لكمال الطويل، فقد سأله أعضاء اللجنة : هل لك
ألحان؟ فأجاب بأنه لحن تلك الأغنية، فطلبوا منه تسجيلها إذاعيا واختار الطويل
زميلته في المعهد المطربة القديرة فايدة كامل لتخلد تلك القصيدة بصوتها .. من
الطريف أن والد كمال الطويل لم يعرف شيئا عن تلحين قصيدته، حتى تفاجأ ذات يوم
بسماعها عبر أثير الإذاعة ويؤكد المذيع أن الأغنية من ألحان كمال الطويل وكلمات
زكي الطويل.