مبادرات البنك المركزي طوق نجاة للاقتصاد المصري في مواجهة «كورونا».. خبراء: خلقت حراكا في السوق وساهمت في تحقيق معدل نمو إيجابي
في دلالة واضحة على صمود الاقتصاد المصري
أمام الأزمات والمتغيرات الطارئة، تشير التوقعات والتقديرات الدولية لعام 2020 إلى
قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق أعلى معدلات نمو في المنطقة وتماسكه أمام تداعيات أزمة
فيروس كورونا، التي أثرت سلباً على الاقتصاد العالمي، وذلك بفضل سياسات الإصلاح الاقتصادي
التي تبنتها الدولة على مدار السنوات الأربع الماضية، فضلاً عن الإجراءات والتدابير
الاستثنائية المتخذة لمواجهة لتلك الأزمة.
ويشير البنك الدولي إلى أن مصر تعد الأفضل
أداءً في مؤشر القدرات الإحصائية بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا علمًا بأن
هذا المؤشر يصدر عن البنك الدولي ويقيس جودة البيانات وإمكانية الوصول إليها، كما أشار
البنك نفسه إلى أن مصر الدولة الوحيدة التي من المتوقع أن تحقق معدلات نمو موجبة في
نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بين اقتصادات المنطقة.
وتوقع البنك الدولى تصدر الاقتصاد المصري
معدلات نمو اقتصادات المنطقة وذلك خلال عام 2020 بالرغم من الأزمة، حيث من المتوقع
أن يصل معدل النمو إلى 3.7%، وذلك خلال أزمة كورونا- وتستهدف الحكومة معدل نمو
4.2% بعدما كانت التوقعات وفقاً للبنك تشير إلى أنه سيصل إلى 5.8% قبل الأزمة.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد اطلع على جهود البنك المركزي في إطار منظومة العمل المصرفي لاحتواء التداعيات الاقتصادية لفيروس
كورونا، خلال اجتماعه مؤخرا مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وطارق عامر
محافظ البنك المركزي.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية
بأن الاجتماع تناول استعراض جهود البنك المركزي في إطار منظومة العمل المصرفي والنقدي.
وقد وجه الرئيس بمواصلة اتخاذ كافة الإجراءات
التي من شأنها تحسين المؤشرات الاقتصادية والتنسيق بين كافة أجهزة الدولة المعنية لمواصلة
جهود احتواء التداعيات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا المستجد.
تحقيق معدل
نمو إيجابي
أكد محمد بدره الخبير المصرفي، أن أغلب
الشركات استفادت من مبادرات البنك المركزي بطريقة أو أخرى، لافتا إلى أن المبادرات
خلقت نوعًا من الحراك في السوق في وقت بدأ معدل الناتج القومي ينخفض قليلا؛ نتيجة توقف
بعض الأنشطة الاقتصادية مثل نشاط السياحة وانخفاض بعض الموارد المالية مثل تحويلات
المصريين بالخارج وقناة السويس.
وأضاف بدره أنه كان على البنك المركزي خلق نوع من الحراك للسوق لتنشيط عجلة الاقتصاد،
وهذا ما لعبته مبادرات البنك المركزي، ابتداء من مبادرة التسويات مع البنوك لإعادة
تشغيل المصانع، والتي استفاد منها عدد كبير من العملاء، فالمبادرة لم تقم بعمل تسويات
فقط بل ساهمت في رفع العديد من العملاء من القائمة السلبية، بالإضافة إلى ضخ تسهيلات
جديدة لهذه المصانع بالإضافة إلى المبادرات
الأخرى التي قدمت إلى القطاعات التي تأثرت بانتشار فيروس كورونا مثل قطاع السياحة.
وأوضح بدره أن المبادرات بدأت بدعم أنشطة
الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وبمرور الوقت شملت الشركات الكبيرة، موضحا أن أغلب الشركات
العاملة في السوق، قد استفادت من مبادرات البنك المركزي سواء بطريق مباشر أو عن طريق
التسهيلات والتيسيرات التي قدمت لسلاسل إمداد هذه الشركات.
وأشار إلى الدور الذى لعبته مبادرة تأجيل
الأقساط التي تمت بالنسبة لبعض القروض الخاصة بالنسبة للأفراد، مما عاد بالفائدة على
عدد كبير من الأفراد فى مواجهة تسارع أحداث أزمة كورونا، مما أحدث حراكا اقتصاديا ساهم
بنسبة معقولة في النمو المتوقع للناتج القومي "2.6%" المتوقع، والتي أشادت
به وكالات التصنيف العالمية.
حزم تحفيزية
أكد محمد عبد العال الخبير المصرفي أن الحزم
التحفيزية والمبادرات التي قام بها البنك المركزي، كانت ضرورية جدا لتحفيز الاقتصاد
ودعمه لاستيعاب صدمة كورونا عالميا، والتي أثرت في اقتصاديات العالم كله.
وأضاف أنه كان من الطبيعي أن يقوم البنك
المركزي بعد حركة الإصلاح المالي والاقتصادي والنقدي -والتي بدأها بتعويم الجنيه في
نوفمبر 2016- أن يبدأ في سياسة تقشفية لكبح جماح التضخم والذى وصل لحوالي 30% فكانت
سياسة البنك المركزي سياسة تقييدية، وعندما انخفضت مستويات التضخم إلى المستويات المتوقعة 9% + أو – 3% في نهاية 2020 بدأ يستخدم سياسة تحفيزية
لخفض سعر الفائدة؛ ليشجع الشركات والممولين على الاقتراض بأسعار فائدة معقولة والاقتصاد
ينشط حتى يحقق معدل النمو المطلوب والمستهدف 6%، حتى واجهنا صدمة كورونا والتي أدت إلى وقف حركة التجارة العالمية، ووقف السفر وتقلص الأنشطة التجارية الدولية، وتوقف
السياحة الأمر الذى أدى إلى توقف عدد كبير من المصانع، توقف التصدير والاستيراد.
وأوضح أن الاقتصاد المصري كان أمام طريقين، إما أن يموت أو أن نبدأ في عمل مجموعة من الحزم والمبادرات التمويلية الإضافية، والتي بدأها المركزي المصري بتأجيل فوائد وأقساط
القروض لبعض الشركات والمصانع لدعم المتعثرين وإتاحة فرصة للخروج من القوائم السلبية
للبنوك، ثم بدأ البنك المركزي في مضاعفة المبالغ التمويلية بأسعار فائدة متدنية تصل
لـ 8% لقطاعات متأثرة مثل القطاع السياحي والتمويل
العقاري، لافتا إلى أن البنك المركزي في آخر
مبادرة الأسبوع الماضي، أضاف ضمن المبادرات
الممنوحة إمكانية سداد أجور ومرتبات العاملين.
وأشار إلى أن كل البنوك المركزية في العالم
بدأت فى اتباع هذا الأسلوب بضخ سيولة لدفع اقتصادها، مشددا على أن أهمية مبادرات البنك التي كانت ضرورية، وحتمية لتنشيط الاقتصاد
قبل كورونا وبعد كورونا، لافتا إلى أننا لا
نستطيع أن نحدد نسبة نجاح تلك المبادرات لسببين مهمين أولهما أن خطة عودة الاقتصاد
بالتدريج، بدأت فقط منذ أيام قليلة مع أخذ الاجراءات الاحترازية، ثانيا أن تتحرك حركة
التجارة العالمية ويبدأ السفر وتفتح الحدود بين الدول حتى تستطيع، أن تؤدى الحزم التحفيزية
دورها على الوجه الأشمل.
سياسات الإصلاح الاقتصادي
أكدت الدكتورة ماجدة شلبي أستاذ الاقتصاد
بجامعة القاهرة، أهمية سياسات الإصلاح الاقتصادي، التي تبنتها الدولة على مدار السنوات
الأربع الماضية، بالإضافة إلى الإجراءات والتدابير التي اتخذها البنك المركزي، خاصة تلك التي اتخذها منذ بداية انتشار فيروس كورونا، والتي مكنت الاقتصاد من تحقيق أعلى معدلات نمو
في ظل الأزمة.
وأضافت شلبي، أن مبادرات البنك المركزي، شكلت مصدر
قوة أمام الاقتصاد في مواجهة أزمة انتشار فيروس كورونا، والتي تعانى منها دول العالم
حاليا لافتة إلى أن تلك المبادرات ستساعدنا على تجاوز الأزمة الحالية، وهو ما تؤكد عليه
التقارير الدولية.