رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ماذا حدث بعد ٥ أشهر على تعويم الجنيه..؟

19-4-2017 | 13:53


بقلم –  محمد حبيب

أكثر من ٥ أشهر مرت على قرار محافظ البنك المركزى، طارق عامر، بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وذلك فى ٣ نوفمبر الماضى، وهو القرار الذى سوقت له الحكومة والبنك المركزى باعتباره الحل الوحيد للقضاء على السوق السوداء للدولار، ومواجهة تراجع موارد النقد الأجنبى، وأنه السبيل لزيادة معدلات السياحة والاستثمارات الأجنبية والتصدير.. فهل تحققت هذه الوعود؟

بعد مرور أكثر من ١٥٠ يومًا على قرار التعويم، شهد الاحتياطى النقدى ارتفاعًا فى الفترة الأخيرة، ووصل إلى ٢٨.٥ مليار دولار فى نهاية مارس الماضى، وخلال الفترة التى تلت قرار التعويم حقق احتياطى النقد الأجنبى زيادة بنحو ٩.٤ مليار دولار.

ولكن معظم الزيادة التى شهدها احتياطى النقد الأجنبى على مدار الشهور التى تلت تعويم الجنيه، جاءت من قروض حصلت عليها مصر من المؤسسات الدولية، بجانب استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية.

ونجحت خطوة تعويم الجنيه أيضًا فى القضاء على السوق السوداء للعملة بعد أن ظلت تؤرق الحكومة والبنك المركزى لسنوات طويلة، وعاد تدفق الدولار على البنوك مرة أخرى بعد أن ظلت خزائنها من العملات الصعبة خاوية لمدد طويلة.

وبحسب البنك المركزى، فإن البنوك المصرية جذبت نحو ١٧ مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف، من موارد متنوعة من الأفراد وتحويلات المصريين من الخارج.

وعلى الرغم من هذه الإيجابيات لم تستفد السياحة ولا الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل كبير من قرار التعويم، كما لم تحقق معدلات التصدير الزيادة المأمولة من وراء القرار.

فالسياحة المصرية تعتمد بشكل أساسى على السوقين الروسى والبريطانى، والدولتين تمنعان الطيران إلى مصر، وفشلت كل المحاولات المصرية لإقناع الدولتين بإعادة الطيران إلى مصر رغم أن مصر قدمت تنازلات بخصوص تأمين المطارات حتى ترضى موسكو ولندن وتسمح لمواطنيهما بالسفر إلى مصر ولكن من دون فائدة، والنتيجة هى استمرار تراجع عائدات السياحة بعد التعويم.

كما أن نتائج التعويم لم تظهر على الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى الآن، على الرغم من النغمة العالية، التى كانت سائدة قبل تعويم الجنيه بأن عدم وجود سعر ثابت للصرف هو السبب الرئيسى لهروب الاستثمارات، ولكن بعد التعويم لم تدخل استثمارات جديدة لمصر فى ظل البيروقراطية والترهل الإدارى، وتنازع أكثر من جهة على ملف الاستثمار، فضلا عن مشكلة التراخيص اللازمة للمشروعات، التى يستغرق إصدار ٩ منها حوالى ٣ سنوات، ناهيك عن المعاناة فى سبيل الحصول على الأراضى الصناعية المرفقة وارتفاع أسعارها، فلا تزال البيروقراطية تطفش المستثمرين فى الوقت الذى تسهل الدول الأخرى إجراءات الاستثمار، فمثلا فى سنغافورة يحصل المستثمر على التراخيص، ويبدأ العمل فى مشروعه، خلال ١٢ ساعة فقط، وليس سنوات تضيع هباء فى التراخيص ليبدأ بعدها ماراثون الحصول على الأراضى لإقامة المشروع، فضلا عن مشكلات التمويل والقروض وإنفاذ العقود.. فمصر بيئة طاردة للاستثمارات ولم يفلح تحرير سعر الصرف فى جذب استثمارات أجنبية جديدة فى شرايين الاقتصاد.

ما ينطبق على ضعف الاستثمارات الأجنبية ينطبق أيضا على التصدير، فلا تزال الصادرات المصرية تشكل نحو ٢٠٪ من قيمة الواردات.

ناهيك عن أن قرار تعويم الجنيه تسبب فى زيادات كبيرة لأسعار معظم السلع، لا سيما الغذائية، كما تسبب فى تفاقم النقص الحاد ببعض السلع وعلى رأسها الأدوية.

أسعار السلع تضاعفت فى مصر نتيجة تعويم الجنيه، الذى تسبب فى ارتفاع الدولار الجمركى أيضًا، ووصلت معدلات التضخم إلى ٣٢.٥٪ فى مارس الماضى، وهى النسبة الأعلى خلال ٣٠ عامًا الماضية، تأثرا بتحرير سعر صرف الجنيه.

وتأتى زيادة نسبة التضخم بعدما ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه بنسبة تزيد على ١٠٠٪، إذ أصبح يباع فى البنوك المصرية بأكثر من ١٨ جنيها مقارنة مع ٨.٨ جنيه قبل التعويم.