في ذكرى رحيلها.. هدى سلطان تعلمت الغناء في الموالد!
لم يكن فقط الموسيقار محمد
فوزي هو الوحيد الذي بدأ حياته الفنية بالغناء في الموالد، بل كانت شقيقته الفنانة
هدى سلطان هي أيضا من مرت على هذا العالم الساحر الذي يشمل معظم ألوان الفنون، فقد
عثرنا على وثيقة صحفية كتبتها بنفسها لمجلة الكواكب عدد 24 مايو 1960 تؤكد فيها
أنها تعلمت الغناء في الموالد.
روت هدى سلطان أنها كانت ابنة الرابعة
عشرة من عمرها، زهرة متفتحة تجد في الغناء الواحة التي تأوي إليها لتسعد بجمال
الحياة، ودفعها حبها للغناء إلى ساحة مولد السيد البدوي، لتستمع إلى مطربات الريف
من المداحات اللاتي يلتف حولهن المعجبون، وساقتها قدماها إلى سرادق مداحة كانت
تعشق صوتها، وجلست مشدودة لجمال صوتها، وكانت المداحة تشدو بقصيدة "أراك عصي
الدمع" لأم كلثوم، حتى وجدت هدى في آداء المداحة وصوتها شيئا جديدا جعلها تتابعها
بكل خلجة في نفسها.
ثم انطلقت تردد وارء
المداحة بصوتٍ عالٍ.. وفجأة توقفت السيدةة عن الغناء فظهر صوت هدى عاليا وتركتها
المداحة تكمل القصيدة وحدها فتعالت أصوات المعجبين تطلب منها الاعادة، ومنذ ذلك
الوقت بدأت رحلة هدى الفنية حيث انطلقت تعتلي مسارح الموالد في قرى محافظة الغربية
باسم "بهيجة عبد العال الحو".
اكتسبت هدى على مر الأيام شهرة كبيرة
كان سببها إجادتها قصائد أم كلثوم وأغانيها، ومن الطريف أنها لاحظت متابعة شاب
لها ذي لحية صغيرة، وكان الشاب يأتي كل ليلة إلى السرادق حاملا أدوات الرسم ويتابع
كل حركاتها ويستغرق في النظر إليها طويلا، ولم يكن لها ردة فعل تجاه الشاب الذي
فاجأها بعشرات الصور التي رسمها لها في أوضاع مختلفة في المولد، وعرض الشاب عليها
أن تأخذ ما تشاء من صورها، لكنها اعتقدت أنه يريد أن يبيعها لها، فعزفت عن اقتناء
أي منها، وأكدت أنه كان من حقها في ذلك الوقت أن تحصل على جميع الصور، واكتشفت أن ذلك
الشاب يتخذها موديلا ليرسمها ضمن اللوحات الشعبية التي تلقى قبولا عند الجماهير.
اختفى الشاب الرسام من حياة هدى ليحل
مكانه أحد أثرياء الريف، الذي أحبها من بعيد دون أن تدري، وأرسل إليها ذات ليلة
عدة هدايا مع أحد أتباعه ولكن هدى رفضتها، فلم تكن معتادة على قبول هدايا من
المعجبين، وما أن وصل للثري رفضها حتى انطلق صوت الرصاص يملأ الملهى وانتشر الذعر
بين الحضور، وأمام ذلك اضطرت هدى أن تقبل هدايا الثري وقامت بتوزيعها بعد ذلك على
أفراد الفرقة، لكن ما لم تقبله هو دعوة الثري للزواج منها، وهنا فرت هدى واختفت
تماما من عالم الموالد لتظهر بعد ذلك على مسارح القاهرة، ثم تنتقل إلى مرحلة
السينما .