تقرير: أميرة صلاح - محمد رأفت
صباح كل يوم، يستيقظ المصريون على زيادة جديدة فى الأسعار.. وتأتى الدواجن فى مقدمة المنتجات التى تطرأ عليها زيادات بشكل مُخيف، رغم اعتماد مُعظم الأسر عليها بعد ارتفاع أسعار اللحوم مؤخراً، وعلى الرغم من هذا الارتفاع الكبير فى سعر كيلو الدواجن؛ إلا أنه لا يوجد حتى الآن مبرر حقيقى يقنع المواطن البسيط بهذه الزيادات، ويرجع البعض سبب الأزمة لارتفاع أسعار الأدوية، فيما يقول آخرون إن السبب الحقيقى هو ارتفاع سعر الأعلاف والكهرباء، وأيضًا أجور العاملين فى المزارع، فكل يوم يوجد سعر جديد أعلى من سابقه.
«المصور» تجولت فى أغلب الأسواق لترصد أسعار الدواجن ومحاولة الكشف عن السبب الحقيقى وراء هذه الأزمة، فكانت بداية جولتنا فى أسواق منطقة مدينة السلام وعلى الرغم من أنها تعد من المناطق العشوائية؛ إلا أنها لم تسلم من موجة الغلاء.
«ربنا يكون فى عوننا وعون الناس» .. هكذا يعرب محمود عبدالمنعم صاحب محل دواجن، عن استيائه من ارتفاع الأسعار، قائلا: «لما الفراخ البيضاء تنزل للتاجر بـ٢٧ جنيها الزبون هيشتريها بكام.. أضطر أبيعها بـ٢٩ جنيها.. علشان أقدر أجيب مكسبي، لكن الحال واقف ومفيش بيع».
يتابع: “كيلو الفراخ البلدى بـ٣٥ جنيها والتاجر بينزلها بـ٣١.. وبرضو مفيش بيع واللى بيشترى بيبقى مجبور يعنى ممكن يكون مرة فى الأسبوع.. والبانيه بـ٦٠ جنيهًا وفى تجار يبيعونه بـ٦٦ جنيهًا، والمشترى عندما يسمع السعر يتركنا ويمشى.
وتوقع عبد المنعم وصول سعر الدواجن البيضاء لـ٤٠جنيهاً بحلول شهر رمضان والبانيه بـ٧٠. ويضيف: أن ارتفاع سعر الأدوية والعلف والمركزات وراء ارتفاع سعر الدواجن، لأن كلها مستوردة ومرتبطة بسعر الدولار”.
أما فى منطقة السيدة زينب يقول أحمد مسعد صاحب محل دواجن : «الفراخ البيضاء كل يوم بسعر، والبانيه سعره ٦٣ جنيها والأوراك بـ٣٠ والكبد والقوانص بـ٣٥ والبط بـ٤٠ جنيها و٤٢ جنيها، والفراخ الحمراء بـ٣٦ جنيها والفراخ البلدى بـ٣٧ جنيها».
مضيفا: «كنا نبيع الطلبية كلها فى يوم واحد، الآن تظل باليومين والثلاثة مما يكلفنا خسارة كبيرة”، مؤكدًا أن “سبب هذا الغلاء هو ارتفاع سعر العلف الذى أصبح بـ٦.٥ و٧ جنيها جملة بعد أن كان بـ٣ جنيهات، فأصبحت التربية مكلفة على المزارع نفسه تكلفه حوالى فرخة ٢ كيلو تعمل فى المزرعة ٥٥ جنيهًا تربية بس يعنى الكيلو الواحد واقف بـ٢٧.٥، وكل الغلاء يرجع على المربى والتاجر وصاحب المحلات ولا يحقق ربحاً لأنه يضطر يحد من مكسبه حتى يتمكن من البيع».
فيما يتساءل حمدان محمد صاحب محل دواجن، عن دور الحكومة فى مواجهة ارتفاع الأسعار، قائلا: يجب أن يكون هناك حملات تفتيش على المحلات والمزارع للرقابة على الأسعار، أنا أبيع كيلو الفراخ البيضا بـ٣١ جنيهًا، وكنت أبيعه بـ٣٢ وأخسر فيه، لأنه لا يوجد بيع ولا شراء الشغل كان يظل فى المحل باليومين والثلاثة وهذا يكلفنى كثيرا، لأن الفراخ عندما تظل فى المحل «تخس وتنزل فى الميزان».
ويطالب «محمد» الحكومة بسرعة التحرك لضبط الأسعار فى السوق، لأنها هى الوحيدة القادرة على إحكام جشع التجار، مشيرا إلى أن تكلفة الفرخة تبدأ بشراء الكتكوت الذى وصل سعره لـ١٠ جنيهات، و٤ كيلو علف، وجبة الفرخة خلال دورتها ٤٥ يومًا بـ١٨ جنيهًا للوصول لحجم ٢ كيلو و ٢ جنيه تدفئة، و٢ جنيه أدوية و٥ جنيهات عمالة يصبح الناتج ثمن فرخة ٢ كيلو بـ٣٧ بمعنى أن الكيلو الواحد ١٨.٥ جينه، لكن اليوم الكيلو ٢٨ و٢٩ جنيها من التاجر، لماذا؟.
الارتفاع الرهيب فى الأسعار جعل عددا من المواطنين يعبرون عن غضبهم واستيائهم من غياب دور الحكومة فى الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار، وتقول سيدة محمد ربة منزل، «جوعتونا، مش عارفين ناكل كل حاجة ارتفعت علشان أشترى وجبة «غدا» تكفى أسرتى تكلفنى ١٣٢ جنيهًا، فالفرخة بـ٦٠ جنيها و٢ كيلو طماطم بـ٢٠ جنيها و٢ كيلو بطاطس ١٤ جنيها وكيلو الرز بـ١٠ جنيهات وزجاجة الزيت بـ٢٠ جنيها وكيلو بصل بـ٨ جنيهات، واسمها فى الآخر وجبة ويمكن كمان تخلص و «ما يفضلش لبكرة حاجة.. وأضطر أنزل أجيب حاجة ثانية».
مع أزمة ارتفاع أسعار الفراخ، اضطر بعض المصريين للتخلى على الدجاجة الكاملة والاكتفاء بالهياكل «عفشة الفراخ»، لتكون البديل البروتينى فى وجبات الغذاء، فبعض المواطنين غير قادرين على شراء دجاجة تكلفة ٥٠ و٦٠ جنيها بخلاف ارتفاع سعر الطماطم والخضراوات أيضا، فأصبحت وجبة الغذاء لأسرة مصرية بسيطة تكلف حوالى ١٥٠ جنيها، لهذا اكتفت الأم بدسم الشوربة عن اللحم الطازج.
من جانبه، يقول على صاحب محل دواجن: «الناس أصبحت تشترى أى حاجة وخلاص عشان لقمة الغدا.. واللى كان يقدر يشترى فرخة مبقاش يعرف.. ودلوقتى الناس بقت تشترى الهياكل أكثر من الأول بكثير».
أما سيد زينهم صاحب محل دواجن، فيبين أن “العفشة كانت بـ٥ و٦ جنيهات، وصل سعرها لـ١٢ وفى مناطق بتبعها بـ١٥ جنيها، والمشترى يأتى يسأل على الأسعار يلاقى الأوراك بـ٣٠ والكبد والقوانص بـ٣٥، فيطلب هيكل أوفر. الناس بقلها فترة لا تشرى غير الهياكل» هكذا قال سيد صاحب محل دواجن، مؤكدا «الحال واقف وربة المنزل كانت تشترى ٥ دجاجات فى الأسبوع، الآن تشترى واحدة، والباقى هياكل.
عم زينهم، قال «المواطن لجأ للعفشة كبديل للفراخ واللحمة والسمك، مضيفا: «الناس الأول عندما ترتفع اللحمة تذهب للفراخ، وعندما ترتفع الفراخ تذهب للسمك.. الآن كل حاجة ارتفعت ولم يعد أمامنا سوى «العفشة» يعنى «نعمل حبة شوربة حلوين».
وفي الوقت الذي يقف فيه المواطنون عاجزين أمام ارتفاع الأسعار وجشع التجار تقف الحكومة عاجزة عن تشغيل بورصة الدواجن التي تعتبر رمانة الميزان في ملف أسعار الدواجن .
حيث يقول عبد الله على خليل أحد كبار المربين للدواجن بالقليوبية: إن إغلاق بورصة الدواجن الرئيسية هى السبب الرئيسى فى ارتفاع الأسعار؛ حيث أصبح التداول يتم على المقاهى وفى البيوت دون ضوابط تحكم السوق، وكانت بورصة بنها تحكم هذه العلاقات بين المربين وتجار التجزئة، مطالباً الحكومة أن تُعيد النظر فى إعادة تشغيل البورصة مرة أخرى، وفرض غرامات كبيرة على أى سيارة لا تملك إفراجا من البورصة حتى تنتهى فوضى هذه الصناعة التى أوشكت على الانقراض.
مضيفا: ينبغى للحكومة أيضاً أن تحاول السيطرة على التربية العشوائية وغلق المزارع غير المرخصة والتى تسببت فى عشوائية الأسعار وعدم استقرارها، فقبل غلق البورصة كانت الأسعار تزيد بمقدار ٥ قروش وعشرة قروش، أما الأسعار الآن تزيد بالجنيه.
فى غضون ذلك، أكد المهندس مصطفى عباس سكرتير عام محافظة القليوبية، أن أسعار الدواجن تأثرت بالفعل بغلق فرع بورصة الدواجن بالقليوبية، مضيفاً: أن هناك عوامل أخرى تضاف إلى غلق البورصة، منها تحرير سعر الصرف وزيادة أسعار الأعلاف وسياسة العرض والطلب، لافتاً إلى أن البورصة فى طريقها للتشغيل مرة أخرى، وأن اللواء محمود العشماوى محافظ القليوبية، قد التقى وزير الزراعة ومسئولى الثروة الداجنة بالوزارة الأسبوع الماضى لعودة البورصة من جديد، لتنظيم وضبط الأسعار فى السوق، موضحاً أن قرارات البورصة ملزمة لتجار محافظة القليوبية والمحافظات المجاورة لها، وأنه جارٍ الآن تشكيل مجلس الإدارة والهيئة الإدارية والتنفيذية لفرع البورصة بالقليوبية.
ويقول أحد العاملين فى بورصة الدواجن، فضل عدم ذكر اسمه: إن هذا المكان قبل عام ٢٠١١ كانت تصل عدد السيارات إلى ١٠٠ سيارة يومياً، وأحيانا كان يصل الإيراد اليومى إلى ٤ آلاف جنيه حصيلة دخول السيارات والغرامات، التى يتم تحصيلها من السيارات التى تحمل الدواجن من دون تصريح الطب البيطرى والبورصة.. أما الآن فالحال «لا يسر عدواً ولا حبيباً» والإيراد فى بعض الأيام لا يصل إلى ٧٠ جنيهاً.
ويضيف: هذا المكان الذى يكلف الدولة شهريا مرتبات موظفين واستهلاكات كهرباء ومياهاً وحراسة وغيرها فى سبيل انتظار الفرج والعودة إلى ما كانت عليه قبل عام ٢٠١١، مشيرا إلى أن إهمال المسئولين وعدم الاهتمام بالتطوير أو القيام بحملات من الجهات كافة على مزارع الدواجن والتى تتجاوز الـ ٤٥٠٠ مزرعة على مستوى المحافظة وعلى السيارات المحملة بالدواجن وتطبيق غرامات كبيرة كما كان من قبل، جعل التجار يلجأون إلى مكاتب السماسرة وعددهم بالمئات دون رقيب، لتوصيلهم مباشرة إلى أصحاب المزارع والتعامل معهم طالما لم يجد السماسرة فائدة أو ميزة من التعامل مع البورصة.