إثيوبيا تواصل المراوغة بأزمة سد النهضة.. دبلوماسيون: القيادة المصرية تتفهم ما يحاك بالملف.. و"أديس أبابا" تبني خطة تحركها على أرضية من الرفض
أكد دبلوماسيون مصريون عدم استطاعة أثيوبيا
ملء سد النهضة قبل إقرار اتفاق ثلاثي يجمعها مع مصر والسودان، مشيرين إلى أن أديس أبابا
تقوم بالمماطلة في المفاوضات المستمرة منذ 9 سنوات حتي الآن، لكسب مزيد من الوقت
لصالحها.
وكانت وزارة الري أصدرت بيانا أمس، حول
الاجتماع الثالث لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وهي المشاورات التي كانت
قد بدأت منتصف الأسبوع الجاري بمبادرة مقدّرة من جمهورية السودان الشقيق، حيث تم
مناقشة ورقة تقدمت بها إثيوبيا تتضمن رؤيتها حول أسلوب ملء وتشغيل سد النهضة.
وقد أعربت مصر، وكذلك السودان، عن تحفظها
على الورقة الأثيوبية لكونها تمثل تراجعاً كاملاً عن المبادئ والقواعد التي سبق
وأن توافقت عليها الدول الثلاث في المفاوضات التي جرت بمشاركة ورعاية الولايات
المتحدة والبنك الدولي، بل وإهداراً لكافة التفاهمات الفنية التي تم التوصل إليها
في جولات المفاوضات السابقة.
الاستعانة بخطة الرفض:
ومن جانبه، أكد السفير على الحفني مدير مركز
مصر/ أفريقيا بالجامعة البريطانية في مصر أنه على مدار قرابة عقد من الزمان كشفت
إثيوبيا عن كل ألوان المناورة والمماطلة والمراوغة وكسب الوقت والسعي لفرض الأمر
الواقع وإملاء شروطها وفرض مواقفها واللجوء لكل ما من شأنه استفزاز الأطراف الأخرى.
وأوضح الحفني في تصريحات خاصة لـ"الهلال
اليوم" أن إثيوبيا بنت خطة تحركها على أرضية من الرفض فهي ترفض الإخطار
والتشاور مع دول المصب بشأن بناء السد وترفض الاتفاقيات الدولية التي هي أحد
أطرافها والتزمت بموجبها بعدم إقامة أي مشروعات مائية على النيل الأزرق، مشيرا إلى
أن ذلك يمثل ضررا لدول المصب، كما رفضت الاعتراف بحصص مصر والسودان من مياه نهر
النيل ورفضت الالتزامات التي يتعين عليها مراعاتها بموجب القانون الدولي
والاتفاقات التي تنظم استخدامات المياه على الأنهار الدولية ومن ثم فهي ترفض كل شئ
وأي شيء.
وأضاف الحفني إن إثيوبيا لا تكتفي بذلك
وإنما تلجأ إلى الادعاءات والاكاذيب وتشويه الحقائق بشأن الموارد المائية في دول
المصب لتبرير مواقفها المتعنتة وعدم تعاملها بنوايا حسنة مفترض توفرها وتصوير أنها
ضحية النزاع حول سد النهضة، مشيرا إلى أنها تضرب بكل تبجح حقوق دول المصب عرض الحائط
وترفض توفير البيانات الخاصة بهذا المشروع وترفض عمل الدراسات التي طالبتها بها
اللجان المشكلة باتفاق الدول الثلاثة لإبداء الرأي بشأن مختلف الجوانب الفنية ذات
الصلة بالمشروع بل لم تسمح للمكاتب الإستشارية التى تراضت الدول الثلاث على
الاستعانة بها بالاستمرار في عملها.
وتابع: ناهينا عن التعامل الاثيوبي مع بعض
الجوانب الفنية إنشائيا والتي تمثل خطورة محتملة بل ومرجحة بسوء نية واستخفاف،
مشيرا إلى أن انسحابها من جولة المفاوضات الأخيرة والحاسمة بواشنطن في فبراير
الماضي هو بمثابة الفضيحة إذ يعكس حالة اللامبالاة وعدم الاحترام وفقدان حس
الالتزام كدولة مسئولة.
ولفت الحفني إلى أنه أصبح واضحا تحدي هذه الدولة لكافة الأطراف المعنية
والمراقبين والمنظمات الدولية والقانون الدولي وعزمها على المضي في إجراءاتها
الأحادية وفرض الأمر الواقع تحت دعاوى واهية ومبررات غير منطقية وغير مسئولة وغير
مقبولة ، مؤكدا أنها سوف تتحمل بمفردها التداعيات التي سوف تنجم عن دفع الأمور
لحافة الهاوية والصدام دونما اعتبار لأهمية علاقات الدولتين والشعبين المستقبلية
بل وعدم الاكتراث لفرص التعاون والتكامل الإقليمي الواعد والتي لا شك سوف تحقق إذا
ما تمت منافع عدة لشعوبنا ولمنطقتنا وقارتنا.
تاريخ لا يبشر بالخير:
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن تاريخ
إثيوبيا في بناء السدود لا يبشر بالخير إطلاقا لمستقبل سد النهضة، معربا عن قلقه
شخصيا من احتمالات انهيار السد بعد فترة زمنية ما ويعلم الإثيوبيون هذه الحقيقة،
حيث أعلن مدير عام مشروع السد العام الماضي أن أحد مسببات تأخر تنفيذ المشروع يعود
لبعض المشكلات الخاصة بأساسات السد ما يثير تساؤلات مشروعة عديدة حول درجة الأمان
للسد.
وأوضح أنه في حالة حدوث انهيار فإن الأمم
المتحدة وخاصة مجلس الأمن وبصفة خاصة الدول دائمة العضوية سوف تتحمل المسئواية
أمام العالم إزاء عدم اضطلاعها بمسؤلياتها حيال هذا الأمر، مشيرا إلى أن درجة أمان
السد لا تمثل أولوية للسودان فقط فما يمس السودان يمسنا في مصر والضرر في حالة
الانهيار سوف يكون مشتركا بين السودان ومصر.
وكشف الحنفي أن القارة الأفريقية سبق وأن
عاصرت أحداثا مأساوية راحت ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء في رواندا ولا نرغب
كشعوب أفريقية في تكرار هذا المشهد ولكن هذه المرة في السودان.
فهم وإدراك لحقيقة السد:
وفي السياق ذاته، أكد السفير صلاح حليمة مساعد وزير الخارجية السابق،
أن التراجع الإثيوبي عما تم الاتفاق عليه في فبراير الماضي، يمثل حلقة جديدة من
خروج أديس أبابا على الاتفاقات السابقة والمضي قدمًا في قرارت أحادية الجانب .
وأوضح حليمة في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم" أن هذا
النهج مخالف للقانون الدولي وأعلان المبادئ، ومن ثمّ يدعو مصر والسودان إلى التقدم
بمذكرة لمجلس الأمن مرة أخرى ، نظرًا للتعنت الإثيوبي الذي تجاوز حدود التنمية،
وذلك لإجبارها على عدم ملء السد وتشغيله حتي الانتهاء من الاتفاق، مشيرًا إلى أن
استمرار التعنت يؤدي بالبلدين للدفاع عن حقوقهما بكل الطرق وذلك لتهديد أمنهما
القومي.
وأشار حليمة إلى أن هناك خطورة كبيرة في معامل الأمان وسلامة السد
وخاصة مع وجود تقارير تهدد بانهياره والإضرار بالبيئة في مصر والسودان، مشددا على
أنه لا يجب ملء السد إلا بعد وجود الدراسة وتلافي العيوب الفنية والانتهاء باتفاق
ثلاثي قبل بدأ تشيغله.
ولفت حليمة أن مصر تسير عبر الطرق القانونية والمفاوضات حتى الرمق
الأخير، ولا تعلق على التصريحات الإثيوبية، مضيفًا: "القيادة السياسية في مصر
تتفهم ما يحاك في هذا الملف".
وشدد مساعد وزير الخارجية السابق، على أن مصر لم تفرط في حقوقها
المائية، ولا تلتفت لهذه التعليقات، مؤكدًا أن الدبلومسية المصرية مارست ضغوطًا
عديدة على أديس أبابا.