إثيوبيا تستغل الظروف الإقليمية والدولية للمماطلة بأزمة سد النهضة.. خبراء: عقد اتفاقية جديدة على غرار "عنتيبي" بين الحلول.. فشل المفاوضات سيضع أديس أبابا في مأزق دولي
يرى خبراء وسياسيون أن بيان مصر حول
الاجتماع الثالث للاتفاق على أسس ملء وتشغيل سد النهضة، جاء قويا للرد على تجاوزات
ومراوغات الجانب الإثيوبي تجاه المفاوضات ، محذرين من استمرار أديس أبابا بالسير
على نفس الخطى مما يعرقل وصول اتفاق بين الدول الثلاث.
وكانت وزارة الري أصدرت بيانا أمس، حول
الاجتماع الثالث لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وهي المشاورات التي كانت
قد بدأت منتصف الأسبوع الجاري بمبادرة مقدّرة من جمهورية السودان الشقيق، حيث تم
مناقشة ورقة تقدمت بها إثيوبيا تتضمن رؤيتها حول أسلوب ملء وتشغيل سد النهضة.
وقد أعربت مصر، وكذلك السودان، عن تحفظها
على الورقة الأثيوبية لكونها تمثل تراجعاً كاملاً عن المبادئ والقواعد التي سبق
وأن توافقت عليها الدول الثلاث في المفاوضات التي جرت بمشاركة ورعاية الولايات
المتحدة والبنك الدولي، بل وإهداراً لكافة التفاهمات الفنية التي تم التوصل إليها
في جولات المفاوضات السابقة.
سوء النية "مبيت":
قال الدكتور
رمضان قرني، خبير الشئون الأفريقية بالهيئة العامة للاستعلامات- تعليقا على بيان
مصر والسودان بشأن أزمة سد النهضة- إن أي مفاوضات سياسية وقانونية يجب فيها
الالتزام بحسن النية واحترام القانون الدولي.
وأضاف
"قرني" في تصريح خاص لــ"الهلال اليوم" أنه رغم استمرار
المفاوضات 9 سنوات إلا أن إثيوبيا تقوم بحالة مماطلة ومراوغة واستغلال للظروف
الإقليمية بالمنطقة والدولية، مشيرًا إلى أن أثيوبيا استغلت عام 2011 وما حدث في
مصر للإعلان عن بناء السد والبدء بإنشاءه.
وتابع: وبعدها
استغلت إثيوبيا ما حدث في السودان وإسقاط حكم عمر البشير لإيقاف المفاوضات والعمل
على تسريع خطوات بناء السد، مشيرًا إلى أنها تابعت بعد ذلك واستغلت انشغال مصر
والعالم والأفريقي بشكل خاص بجائحة كورونا وأعلنت البدء في الملء.
ولفت
"قرني" إلى أن كل ذلك يوضح لنا أننا أمام حالة من البراجماتية السياسية
واستغلال الظروف السياسية والدولية والتخلي على كافة مراحل الالتزامات ومنها تقرير
اللجنة الفنية وغيرها وهو ما يثبت عدم وجود مبدأ حسن النية لدى الدولة الاثيوبية.
وأوضح الخبير
بالشئون الأفريقية إلى أن المفاوضات الأخيرة أثبتت حسن النوايا من قبل مصر
والسودان، مشيرًا إلى أنهم اتفقوا على ضرورة تفعيل اتفاق فبراير 2020 الذي وُصف
بأنه منصف للجميع.
وأكد قرني، أن
استئناف المفاوضات الجديدة في الشهر الجاري كشف حالة من التوافق المصري السوداني
علي رفض أحادية قرار ملء وتشغيل سد النهضة، مشيرا إلى أن هناك إصرار مصري على
تنفيذ اتفاق فبراير 2020 .
وقال قرني إن
هناك من يحاول تجميل الصورة الإثيوبية حول العالم بما هو مخالف لما تفعله في
المفاوضات، مشيرًا إلى أن هذه المفاوضات لو استمرت بتلك الحالة ستفشل وستضع إثيوبيا
نفسها في مأزق أمام المجتمع الدولي.
وشدد خبير
الشئون الأفريقية أن قضية المياه هي وجود وحضارة وحياة لمصر والسودان، مشيرًا إلى
أن وجود أطراف دولية ستجعلهم شاهدين على موقف مصر المسالم والمحاول لحل الأزمة.
اتفاقية مماثلة لـ"عنتيبي":
وفي سياق آخر، قالت الدكتورة هبة البشبيشي الباحثة في
الشئون الأفريقية إن مصر قدمت بادرة بناء الثقة موجهة تجاه الطرف الإثيوبي، مشيرا
إلى أنه بناء عليه ووفقا للاحتكام إلى اتفاقية الإطار لابد أن تنتبه إثيوبيا إلى
السند القانوني الذي تفرضه الاتفاقية حيث تقر اتفاقية الإطار إلى ضرورة الالتزام
بتعويضات مالية حال تعرض أي من دول المصب لأي أزمة حتى لو محتملة.
وتصورت البشبيشي
في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم" أن إثيوبيا بعيدة عن المجازفة في هذا
الطريق، مشيرة إلى أن مسار البنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية يمكن
لإثيوبيا أن تضيف عليه بعض الفقرات التي تتوافق مع احتياجاتها.
وأكدت الباحثة
أنه يمكن لمصر أيضا أن تدعو لعقد اتفاقية جديدة لمياه النيل على غرار اتفاقية
عنتيبي وتضمن من خلالها الاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل.
وكشفت البشبيشي
أنه يمكن أيضا لمصر أن تقترح دخول وسيط دولي آخر مثل فرنسا وذلك لإدارتها للعديد
من ملفات المياه خصوصا في التسعينات حيث أدارت ملف المياه في الأمم المتحدة، مشيرة
إلى أن فرنسا هي الدولة التي أرسلت المكتبين الفنيين القائمين على دراسة سد النهضة.
وأكدت البشبيشي
على أن وجود فرنسا في الفترة المقبلة أصبح
ضرورة ملحة لاستكمال المفاوضات.