خبيرة بالشئون الإفريقية: الخلاف السياسي وليس الفني حكم الموقف الإثيوبي في أزمة السد
أكدت
الدكتورة أماني الطويل مدير البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية
والاستراتيجية، أن السبب الحقيقي وراء الموقف الإثيوبي المتعنت في أزمة سد النهضة
سياسي وليس فنيًا.
وأوضحت
مدير البرنامج الإفريقي- في تصريح خاص لـ"الهلال اليوم" أن إثيوبيا تفعل
الورقة المائية بشكل سياسي لدعم دورها الإقليمي والتفاعلات السياسية في حوض النيل؛ لافتة إلى أن إثيوبيا تحاول أن تصل
إلى الانتهاء من مراحل ملء السد دون التوصل إلى اتفاق؛ بحيث تتمكن معه من فرض سياسة
الأمر الواقع وهو ما ترفضه مصر، لافتة إلى أن إثيوبيا خالفت اتفاق المبادئ الذي
تم توقيعه في مارس 2015، واتفاق واشنطن، وتعمدت الغياب عن المفاوضات.
وتابعت
الطويل، أن مصر اعتمدت على الأطر الرسمية، وآليات اللجان الوطنية، والمكاتب الاستشارية، واللجان
العلمية فقط خلال مفاوضات سد النهضة، ولم تعتمد ما يعرف في الدبلوماسية بالمسار
الثاني الذي يعتمد على المثقفين والباحثين.
وأكدت
الطويل، أن مصر حرصت مرارًا على احتواء الموقف الإثيوبي؛ وإعادة الرف الإثيوبي لطاولة التفاوض، لتدشين
أطر تعاونية بديلًا عن أطر صراعية تضر بمصالح الدولتين.
وكانت
مصر أعلنت، أمس الجمعة 19 يونيو 2020 أنها تقدمت بطلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة
حول سد النهضة الإثيوبي تدعو فيه المجلس إلى التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول
الثلاث مصر، وإثيوبيا، والسودان التفاوض بحسن نية؛ تنفيذًاً لالتزاماتها وفق قواعد
القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم
اتخاذ أية إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق.
واستند
خطاب مصر إلى مجلس الأمن إلى المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز للدول الأعضاء
أن تنبه المجلس إلى أي أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.
واتخذت
جمهورية مصر العربية هذا القرار على ضوء تعثر المفاوضات التي جرت مؤخرًا حول سد النهضة
نتيجة للمواقف الإثيوبية غير الإيجابية، التي تأتى في إطار النهج المستمر في هذا الصدد
على مدار عقد من المفاوضات المضنية، مرورًا بالعديد من جولات التفاوض الثلاثية، وكذلك
المفاوضات التي عقدت في واشنطن برعاية الولايات المتحدة، ومشاركة البنك الدولي، التي
أسفرت عن التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث، الذي قوبل بالرفض من إثيوبيا،
ووصولًا إلى جولة المفاوضات الأخيرة التي دعا إليها مشكورًا السودان الشقيق، وبذل خلالها
جهودًا مقدرة من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يراعي مصالح كافة الأطراف، إلا
أن كافة تلك الجهود قد تعثرت بسبب عدم توفر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا، وإصرارها
على المضي في ملء سد النهضة بشكل أحادي بالمخالفة لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين
الدول الثلاث في 23 مارس 2015، الذي ينص على ضرورة اتفاق الدول الثلاث حول قواعد ملء
وتشغيل سد النهضة، ويلزم إثيوبيا بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب.
وتؤكد
مصر مجددًا على حرصها على التوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الدول الثلاث، ولا يفتئت على
أي منها، وهو ما دعا مصر للانخراط في جولات المفاوضات المتعاقبة بحسن نية وبإرادة سياسية
مخلصة.
ومن
هذا المنطلق، ونظرًا لما تمثله مياه النيل من قضية وجودية لشعب مصر، فقد طالبت مصر
مجلس الأمن بالتدخل وتحمل مسئولياته لتجنب أي شكل من أشكال التوتر وحفظ السلم والأمن
الدوليين.