في ذكرى ميلاده.. مناوشات السفير عبد الحليم حافظ مع مندوب إسرائيل في استكهولم
يعتبر انتقاء نجوم الفن والطرب كسفراء
للنوايا الحسنة ومندوبين في مؤتمرات السلام هو أول ابتكار استحدثته مصر، نظرا
لاعترافها بقيمة الفن كقوة ناعمة يمكنها التأثير في الشعوب وتوحيدها وخدمة قضايا
السلام، ففي أوائل عام 1958 عقد المؤتمر الأول لتضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية
بالقاهرة، ومثل الفن فيه السيدة أم كلثوم وفاتن حمامة وصلاح أبو سيف وأحمد علام.
وكان الخامس عشر من يوليو 1958 هو موعد
انعقاد المؤتمر الثاني للسلام بين الشعوب في استكهولم، وكان على الحكومة المصرية
أن تنتقى رموزا فنية وأدبية لتمثيل مصر كمندوبين للسلام، فوقع الاختيار على الفنان
عبد الحليم حافظ الذي تحل اليوم الذكرى 91 لميلاده، ومعه الموسيقار كمال الطويل
والأديب إحسان عبد القدوس، وفي ذكرى حليم تسعى بوابة الهلال دائما لطرح النوادر
والجوانب الخفية في حياته، لذا نطرح لكم الكثير من أحداث رحلته ورفاقه كسفراء
للسلام في استكهولم من خلال ما نشر بمجلة الكواكب في عددين متتاليين في نهاية
أغسطس وأول سبتمبر 1958.
إحسان يحاول استعارة دراجة
في 13 يوليو ركب حليم الطائرة المتجهة
إلى استكهولم مع وفد مصر وتشبث كمال الطويل بذراعه طالبا منه قراءة آيات من القرآن
الكريم وهما على سلم الطائرة، وحاول حليم تهدئة أعصاب الطويل، وفي الطائرة جلس
إحسان عبد القدوس بجانب كمال الطويل، وحاول إحسان إشاعة البهجة ليسري عن الطويل
الذي ازداد خوفه بعد اقلاع الطائرة، وبعد ساعات وصلت الطائرة إلى هولندا، وكان
أمام فريقنا أكثر من ساعة ليستريحوا فيها ويعاودوا السفر بعدها إلى استكهولم،
انتهز حليم والطويل وإحسان الفرصة للتجول في أحد شوارع امستردام، وقد وجد إحسان إحدى
الدراجات مرتكزة على سور أحد المنازل ففكر في أخذها ليركبوها بدلا من إجهاد أرجلهم
في السير، وشجعه الطويل على تنفيذ فكرته، وما أن أخذها إحسان عبدالقدوس وركبها
حتى أبت الدارجة أن تتحرك وكاد أن يسقط من فوقها على الأرض، فقد كانت الدراجة مغلقة، والتقط حليم صورة له ثتبث هذا الموقف الطريف.
ثورة العراق
في الطائرة
في السادسة
مساء 14 يوليو أقلعت الطائرة في طريقها إلى ألمانيا ومنها إلى استكهولم، وبعد عدة
ساعات أعلن قائد الطائرة قيام الثورة في العراق، وحسب ما أكد حليم أن الفرحة سرت
في أرجاء الطائرة وقام الجميع من مقاعدهم لتبادل التهاني، وفي اليوم الأول للمؤتمر
باستكهولم، طلب خالد محيي الدين الكلمة ودعا فيها الحضور للاعتراف بثورة العراق
ودعم الوضع الجديد به وأجمع الحضور على ذلك.. وهنا طلب مندوب إسرائيل الكلمة
فتجاهله رئيس المؤتمر ولم يعره التفاتا فسكت ولم يتفوه بكلمة واحدة.. وفي نهاية
اليوم الأول شعر حليم بدوار فطلب من إحسان والطويل نقله إلى الفندق، وبعد استدعاء
الطبيب أوصاه بأن يستريح كي تزول أعراض الإجهاد، ولم يحضر حليم اليومين الثاني
والثالث للمؤتمر.
مندوب
إسرائيل يعترض
في اليوم
الرابع للمؤتمر جاءت كلمة حليم عن دور الفن في دعم السلام بين الشعوب، فقال إن
الفن لايمكن أن يعيش في أرض قلقة تهددها الحروب، فالفن يزدهر كلما ظفرت الشعوب
بالحرية والأمن والسلام، وأكد في كلمته أن موسيقانا وأغانينا استطاعت أن تساهم
بدور كبير في السلام عند قيام العدوان الثلاثي على مصر، وأسمعهم حليم عدة أناشيد
حماسية لنجوم الغناء المصري عند وقوع العدوان.. وهب مندوب إسرائيل واقفا ليعترض
على كلام حليم قائلا: إن هذه أغنيات وأناشيد حرب، فكلماتها تدعو إلى الثورة والدم
والانتقام والقتال.. واستطاع حليم وآخرون إقناعه أن هذه الأناشيد الحماسية كانت
سببا في زيادة حماسة الشعب العربي لطرد المستعمر المعتدي الذي أراد الحرب وهدد
السلام، وفي نهاية كلمته طالب حليم بتوجيه نداء إلى الفنانين في دول العالم لدعم
السلام بفنهم، ووافقت لجنة المؤتمر على اقتراح حليم وتوجيه ندائه.