جائزة تحمل اسمه .. رحيل سمير فريد عميد النقاد العرب
كتب : طاهر البهى
رحل عميد النقاد السينمائيين العرب سمير فريد 73 عاما، 1« ديسمبر 1943 - 4 أبريل »2017 وهو ناقد سينمائى يعد النموذج والقدوة والمثل الأعلى لكل من يريد أن يمتهن هذه المهنة؛ فهو الناقد المحترم صاحب السيرة العطرة النظيفة، الذي كسر القالب الكريه للمحرر الفني في السينما، فهو ليس بالآكل على الموائد، ولا المتسكع الذي يفرض نفسه على موائد الفنانين، وهو ليس بالساذج الجاهل الذي يمسك الورقة والقلم ويسأل الأسئلة التافهة التي تكشف عن سطحية المحرر، بل إن أكثر ما يميز أستاذنا الراحل أنه كان أكثر ثقافة ووعيا ودراية من أكبر نجم انتقده أو حلل أعماله، وهو بحق مؤرخ السينما المصرية، المولود فى القاهرة سنة 1943 .
تخرج فى قسم النقد بالمعهد العالى للفنون المسرحية 1965 . وعمل صحفيا وناقدا سينمائيا فى جريدة الجمهورية 1964 ، وكان يتابعه قراؤه في مقال يومى فى صحيفة «المصرى اليوم » تحت عنوان «صوت وصورة » وقد انتبهت الدولة إلى قيمته فحصل على جائزة الدولة للتفوق فى الفنون من المجلس الأعلى للثقافة سنة 2002 ، وكانت له مكانة دولية نظرا لرؤيته العميقة وفهمه الواعي لآفاق السينما العالمية، وهو أحد الذين أسهموا في تكوين رأي عام للسينما العالمية من خلال مشاركاته الفعالة في المهرجانات الدولية، ولذلك لم يكن غريبا ولا مفاجئا أن يحصل سمير فريد على التقدير الدولي من أكبر المهرجانات السينمائية العالمية، فحصل أيضا على ميدالية مهرجان «كان » الذهبية فى الدورة الأخيرة فى القرن العشرين، وسوف يذكر له الفن السابع والمكتبة السينمائية العربية أنه شارك فى إصدار ثلات مجلات سينمائية، كما صدر له نحو 50 كتابا لا تخلو مكتبة دارس أو متذوق أو فنان من بعضها على الأقل و تم تكريمه فى الدورة الأخيرة لمهرجان برلين السينمائى الدولى، وكرم فى مهرجانات عالمية، أبرزها «كان » و «فينيسيا .»
وما من شك أن رحيل «فريد » هو خسارة فادحة للنقد السينمائي ولفن السينما بصفة عامة، فهو أحد أهم أعلام النقد السينمائى العربى وصاحب الإسهامات فى مسيرة النقد فى العالم العربى، وبصمته لا تخطئها العين على المهرجانات المصرية حيث ترأس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2014 دورة عام وكان مديرا فنيا للمهرجان عام 1985 وأيضا هناك العديد من المهرجانات السينمائية العربية التي كرمته ومن أهمها مهرجان دبي السينمائي، وهو صاحب فكرة إنشاء المهرجان القومى للسينما، كما كان مديراً لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة عام 1995 ، ومديراً لمهرجان القاهرة الدولى لسينما الطفل فى دورة عام 1998 .
وكان لقب سمير فريد في الوسط الفني هو «الموسوعة » نظرا لاخضاع كل
ما يتعلق بالسينما إلى الدراسة العميقة، التي صاحبها إلمام شديد بكل نواحي
العلوم والمعارف.
وفي أول رد فعل لتكريم اسم الراحل قال الناقد أمير أباظة رئيس مهرجان الأسكندرية السينمائي، أن مجلس إدارة جمعية نقاد السينما المصرين قرر بالإجماع إطلاق اسم «سمير فريد ،» أحد مؤسسي الجمعية، على جائزتها التي تمنحها جميع لجان تحكيمها في المهرجانات المصرية، وذلك تكريما لدوره التاريخي في إثراء الثقافة السينمائية في مصر والعالم العربي.
قامة دولية
فى تصريح خاص لـ «حواء » قالت الناقدة الكبيرة ماجدة موريس بوصفها واحدة من أهم من اقتربوا من الراحل سمير فريد، والتي تعاونت معه: أن الراحل يتميز بقيم ومزايا كثيرة أهمها إلمامه الواسع بالحركة السينمائية، وقد ساعده في ذلك اتقانه للغات أجنبية، وأيضا جديته الشديدة في عمله، ويعرف كل من يعمل بهذه المهنة أنه فتح أعيننا على المهرجانات العالمية وحرص منذ بداياته على المشاركة فيها، وكان من حظه أن فتحي غانم وهو قيمة فنية وأدبية أتاح له هذه الفرصة، وكانت الرحلة في ذلك الوقت تتكلف آلاف الجنيهات ولا يستطيع صحفي ولا ناقد في عمره توفيرها.
كانت هذه هي الفرصة الأولى، ولكن لأن الموهبة كالجريمة لابد أن تنكشف، فقد طغت موهبة الراحل، وأبهر الجميع خلال المهرجان بثقافته الموسوعية، وظهر هذا في كتاباته المتعمقة، حتى أصبح واحدا من القلائل الذين يتلقون دعوات لحضور المهرجانات على نفقة إداراته، تكريما له كقامة دولية تخطت الحدود، في وقت كان بعض الصحفين من المنطقة يقضون الوقت في الكافيهات، كان سمير فريد يشاهد كل العروض ويكتب عنها!
وتكمل ماجدة موريس تحليلها لشخصية الراحل بقولها: لا تنسى أيضا أنه ابن الستينيات ذات الانتعاشة الثقافية، فعلى مقربة من صحيفة الجمهورية كان يوجد نادي سينما القاهرة، والذي تخرج فيه أيضا أحمد الحضري بعد دراسته السينما في انجلترا، وفي وسط القاهرة كانت توجد جمعية الفيلم وجمعية النقاد المصرين، وسمير فريد كان مشاركا في كل هذه النشاطات، وكان هناك مشروع رائد لتنوير الرأي العام، ودور طليعي وتثقيفي، استفاد منه وكان جزءا لا يتجزأ من هذا العالم.
الراحل أيضا كان أول من قدم جريدة عن السينما بعنوان «السينما والفنون » من دار التحرير، ولكى تدرك مدى احتضانه زملاءه، اذكر لك أنه شاهدني لمرة واحدة، كنت أناقش فيلما في ندوة، ومرت شهور ثم فوجئت به يطلب انضمامي إلى جريدته لأكتب بابا ثابتا عن التليفزيون، لم يكن أنانيا ينفرد بالنجاح، بل كان مسئولا ثقافيا كبيرا، وقد اختلفت معه أحيانا وهذا طبيعي، فلم يغضب لأن الاحترام بيننا دائما كان موجودا.
النقطة المهمة في حياته أنه لم يكن شتاما، بل صاحب قلم نظيف ولسان طاهر، ومثالا يحتذى، وفرحت له عندما حصد جوائزه الأخيرة ومنها جائزة دبي للرواد، وستظل كتبه أكاديميات مفتوحة للدارسين.