رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وزير خارجية الصين: الحوار هو المسار الصحيح لمعالجة الخلافات مع الولايات المتحدة

9-7-2020 | 08:43


 أكد عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" أن بلاده لا يمكنها أن تصبح الولايات المتحدة الأخرى، وأنها لا تنوي أبدا تحديها أو استبدالها، داعيا في الوقت نفسه إلى طرح جميع القضايا الخلافية بين الجانبين على الطاولة، حيث إن الحوار هو المسار الصحيح لمعالجة هذه الخلافات.

وقال وانغ - في كلمة اليوم /الخميس/ أمام المنتدى الصيني - الأمريكي لمراكز الفكر ووسائل الإعلام الذي عقد عبر تقنية (الفيديو) - "بينما نتحدث، فإن وباء كوفيد-19 مستعر في جميع أنحاء العالم، وحياة الناس تحت تهديد خطير، وإن الاقتصاد العالمي في حالة ركود عميق، وإن التيار المعارض للتعاون الدولي يكتسب زخما، وتحاول الأحادية والتنمر فرض مسارهما على العالم، حيث أصبح الاضطراب الدولي حاليا أكثر من أي وقت مضى".

وأضاف "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن العلاقات الصينية الأمريكية، وهي واحدة من أكثر العلاقات الثنائية أهمية في العالم، تواجه أشد التحديات منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، إن البعض في الولايات المتحدة ممن يعانون من التحيز الإيديولوجي يلجأون إلى كل الوسائل الممكنة لتصوير الصين باعتبارها خصما، بل وعدوا، ويسعون بلا هوادة إلى إحباط واحتواء التنمية في الصين، وإلى عرقلة التفاعلات بين الصين والولايات المتحدة".

وتابع وانغ أنه لوضع الأمور في مسارها الصحيح وإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى مسارها نحو تنمية طويلة الأجل وسليمة ومطردة، فهناك ثلاث ملاحظات يجب تداركها، وهي: أولا، يجب آلا يسعى الجانبان لتغيير بعضهما البعض، بل اكتشاف سبل تعايش سلمي بين الأنظمة والحضارات المختلفة، حيث إن طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية يتفق مع ظروف الصين وهو خيار الشعب نفسه، وأن الحكم على صحة النظام والطريق من حق الشعب فقط.

وأشار إلى أن العالم لا يجب أن يكون "أبيض أو أسود" ولا ينبغي أن تؤدي الاختلافات في النظم إلى محصلة صفرية، والصين لا يمكنها أن تصبح الولايات المتحدة الأخرى، وأن الادعاء بأن نجاح طريق الصين سوف يسبب صدمات وتهديدات للدول الغربية غير صحيح، حيث إن الصين تعلمت منذ بدء سياسة الإصلاح والانفتاح (في السبعينات) العديد من التجارب المفيدة من الدول المتقدمة، وبالمثل، ألهمت بعض الممارسات الناجحة في الصين العديد من البلدان لحل مشاكلها، وأنه في هذا العالم، يمكن لبكين وواشنطن التعايش بسلام رغم اختلاف الأنظمة الاجتماعية.

وشدد وزير خارجية الصين على أن العدوان والتوسع لا يوجدان أبدا في جينات الأمة الصينية طوال 5 آلاف سنة من تاريخها، ولا تكرر الصين أي نموذج من الدول الأخرى، كما أنها لا تصدر نموذجها الخاص إلى بلدان أخرى، ولا تطلب من البلدان الأخرى نسخ ما تقوم به.

ولفت إلى أن الملاحظة الثانية تتمثل في أن سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة لم تغيير، وأن بكين مازالت على استعداد لتنمية العلاقات الثنائية بحسن نية وإخلاص، منوها إلى أن "بعض الأصدقاء في الولايات المتحدة ربما أصبحوا مرتابين أو حتى حذرين من الصين المتنامية. وأود أن أؤكد هنا مرة أخرى أن الصين لا تنوي أبدا تحدي أو استبدال الولايات المتحدة، أو الدخول في مواجهة شاملة معها. ما يهمنا أكثر هو تحسين معيشة شعبنا، وما نعتبره أهم هو تحقيق التجديد الوطني للأمة الصينية، وأكثر ما نأمله هو الحفاظ على السلام والاستقرار في العالم. وتحقيقا لهذه الغاية، حافظت الصين على سياسة مستقرة ومتسقة للغاية تجاه الولايات المتحدة، وإن الصين مستعدة لتطوير علاقات صينية أمريكية لا يوجد فيها صراع أو مواجهة وقائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين".

ودعا وانغ الصين والولايات المتحدة العمل في نفس الاتجاه لتحقيق هذا الهدف، واحترام القانون الدولي والقواعد الدولية، والانخراط في حوار ومشاورات متكافئة، مؤكدا أن الصين، بوصفها بلدا مستقلا ذا سيادة، لها كل الحق في التمسك بسيادتها وأمنها ومصالحها الإنمائية، وحماية الإنجازات التي حققها الشعب الصيني من خلال العمل الشاق، ورفض أي تسلط وظلم مفروض عليه.

وحول الملاحظة الثالثة، اعتبر وانغ أنه من المهم أن تكون هناك رؤية صحيحة للتجربة التاريخية للعلاقات الصينية الأمريكية، وأن نبقى على مسار الحوار والتعاون، موضحا أن البعض في الولايات المتحدة زعم أن سياسة المشاركة على مدى العقود الماضية كانت فاشلة، وأن الولايات المتحدة تضررت بشدة جراء تعاونها مع الصين، وأن هذه المزاعم لا تحترم التاريخ، حيث إنه خلال السنوات الأربعين الماضية، ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، استخدمت الصين والولايات المتحدة التكامل على أفضل نحو، وأصبحت مصالحهما متكاملة إلى حد كبير، كما أن التنمية في الصين وفرت للولايات المتحدة قوة دفع للنمو المستدام وسوق ضخم، إلى جانب أن تعاونهما في الملفات الساخنة مثل مكافحة الإرهاب ومنع الانتشار النووي، والأزمة المالية العالمية والوقاية من الأمراض ومكافحتها، حقق العديد من الأشياء العظيمة لصالح البلدين والعالم أيضا.

واقترح وزير الخارجية الصيني ثلاثة مقترحات لإخراج العلاقات الصينية الأمريكية من الصعوبات وإعادتها إلى المسار الصحيح، وتتمثل في: فتح جميع قنوات الحوار، والتوصل إلى قائمة بقضايا التعاون والحوار وتلك التي تتطلب من الجانبين التحكم في الخلافات بشأنها، وأخيرا تسليط الضوء على التعاون الثنائي في مكافحة كوفيد-19.

وقال وانغ إن "المقترح الأول (فتح جميع قنوات الحوار) من شأنه تبديد جميع الأكاذيب وسوء التقدير، حيث إن السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة حاليا تجاه الصين تستند إلى سوء تقدير استراتيجي غير مستنير، وهي محفوفة بالعواطف والأهواء والتعصب المكارثي، ووصلت الشكوك التي لا داعي لها على الإطلاق بشأن الصين إلى نقطة جنون العظمة، إذ يبدو كما لو أن كل استثمار صيني تحركه دوافع سياسية، وكل طالب صيني جاسوس، وكل مبادرة تعاون هي مخطط ذو أجندة خفية. وإذا كانت الولايات المتحدة تفتقر إلى الثقة والانفتاح والشمولية إلى هذا الحد، واختارت أن تستحضر "تهديدات الصين" من مختلف الأنواع، فقد يتحول هذا الخوف المرضي (بارانويا) إلى نبوءات ذاتية التحقيق في نهاية المطاف".

وأضاف وانغ أن "الباب أمام الحوار ما يزال مفتوحا. وطالما كانت الولايات المتحدة مستعدة، يمكن استعادة آليات الحوار وإعادة تشغيلها على جميع المستويات وفي جميع المجالات، ويمكن طرح جميع القضايا على الطاولة، ومعالجة جميع الخلافات على النحو الصحيح من خلال الحوار، وفي غضون ذلك، وطالما لا تفرض الولايات المتحدة قيودا، فإننا مستعدون أيضا لتعزيز التبادلات والتفاعلات بين الإدارات الحكومية والمحلية والقطاعات الاجتماعية، من أجل تمكين الشعبين من معرفة وفهم أفضل لبعضهما البعض".

وبالنسبة للمقترح الثاني المتمثل في التوصل إلى قائمة بقضايا التعاون والحوار وتلك التي تتطلب من الجانبين التحكم في الخلافات بشأنها، أشار وانغ إلى ضرورة أن يضع الجانبان قائمة بمجالات التعاون الثنائية والعالمية، وأن يكون التعاون في هذه القائمة بمنأى عن تأثير القضايا الأخرى، وأن يتم أيضا تصنيف المسائل المتعلقة بالخلافات التي يمكن حلها من خلال الحوار، وتخصيص آليات للحوار في أقرب وقت ممكن، مع تحديد القضايا الصعبة التي لا تتمتع الدولتان بفرصة الاتفاق عليها في المستقبل القريب حتى يتمكن الجانبان من إدارتها بشكل جيد بروح البحث عن أرضية مشتركة مع تنحية الخلافات جانبا من أجل تقليل تأثيرها على العلاقات الصينية الأمريكية الشاملة أو الإضرار بها.

وحول المقترح الثالث (تسليط الضوء على التعاون الثنائي في مكافحة كوفيد-19).. قال وانغ "إن التعاون في مواجهة الفيروس ينبغي أن يكون أولوية قصوى، وإن الصين مستعدة لأن تتقاسم مع الولايات المتحدة المعلومات المتعلقة بالوقاية والاحتواء وتجربتها في الاستجابة إلى جانب تبادل أوثق مع الولايات المتحدة حول التشخيص والعلاج، واللقاحات، والانتعاش الاقتصادي".

وشدد وانغ على أنه ينبغي على الولايات المتحدة من جانبها أن توقف فورا أعمال التسييس والوصم، وأن تعمل مع الصين لتعزيز الاستجابة العالمية لإنقاذ المزيد من الأرواح والارتقاء إلى مستوى مسؤولية الجانبين الدولية كدولتين رئيسيتين.. معربا عن أمله أن تكون هناك رسائل أكثر إيجابية وطاقة من العلاقات الثنائية، وأن تنتهج الولايات المتحدة سياسة أكثر عقلانية وعملية تجاه الصين، خاصة وأن ذلك سيصب في صالح الشعبين، وهو أيضا ما يتوقعه العالم من البلدين.