رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


خبير: التحريض "التركي- القطري" وراء تعنت إثيوبيا بمفاوضات سد النهضة

25-7-2020 | 23:54


أكد الدكتور أيمن شبانة مدير مركز البحوث الأفريقية بجامعة القاهرة، أن مطلب إثيوبيا الأخير باتفاق قواعد استرشادية يمكن مراجعتها في وقت، كشف النقاب عن وجهها الحقيقي الذي يريد الاستئثار بمياه النيل، والتحكم في تدفقات المياه التي ترد إلى مصر والسودان، وتحويل القوة المائية إلى قوة سياسية تتحكم في التفاعلات السياسية في حوض النيل والقرن الأفريقي، لافتًا إلى تحريض تركيا وقطر للمفاوض الإثيوبي على التشدد والتعنت في مفاوضات سد النهضة.

 

وأضاف الخبير في الشئون الأفريقية- في تصريح خاص لـ"الهلال اليوم"- أنه في ظل العداء التركي المعلـن للدولة المصرية، فقـد تبنت أنقرة مخطط إثيوبيا لإنشاء سد النهضة، بغية الضغط على الدولة المصرية، وتحجيم قدراتها، وتعزيز النفوذ التركى بالشرق الأوسط والقارة الأفريقية، ويرتكز الدعم التركي في تزويد إثيوبيا بالخبرات التقنية والتفاوضية، وتحريضها على التشدد خلال مفاوضاتها مع مصر، وذلك باستنساخ تجربة سد أتاتورك، الذي استدعى تشـييده خوض تركيا لمفاوضات ماراثونية مع العراق وسوريا، استمرت منـذ ١٩٨٣ حتى اكتمال البناء عـام  ١٩٩٠ ليتم فـرض الأمـر الواقـع علـى الـدولتين، حيـث تتمسـك تركيـا بنظريـة هـارمون. وتصـر علـى اسـتخدام مصـطلح النهـر "العـابر للحـدود" ولـيس النهـر الـدولي، وكـأن نهـر النيـل هـو نهـر إثيـوبي خالص، ثم عبر حدود إثيوبيا، متجها صوب السودان ومصر.

 

وأوضح الخبير في الشئون الأفريقية، أن قطر، تدعم أديس أبابا، عبـر ضخ الاسـتثمارات فـي قطـاعى الزراعـة والـري، بالإضافة للدعم السياسي، والذى تجلى بمساندتها لإثيوبيا فى الحصول على مقعد غير دائم بمجلس الأمن الدولى عام ٢٠١٧، حيث سعت قطر لاسـتئناف علاقاتهـا الدبلوماسـية بإثيوبيا عام ٢٠١٢ رغم أن الأخيرة هي التي بادرت بقطعها عام ٢٠٠٨، احتجاجًا على تأييـد قطـر للمعارضة الصومالية المتشددة، حيث يتيح ذلك لقطر الضـغط علـى النظـام المصري مـن خـلال ورقـة المياه.

 

 

 

وتابع: أن الولايات المتحدة الأمريكية على رأس القوى الدولية التي تفاعلت مع الأزمة؛ حيث رعت واشـنطن المسار التفاوضي الذي انطلـق في ٦ نــوفمبر٢٠١٩ حتى نهايــة فبرايــر٢٠٢٠، وذلــك بالتنسيق مع البنك الدولى. وبالرغم من ذلـك فقـد كـان التوجه الأمريكي أقـرب إلـى مسـاندة إثيوبيـا؛ حتى ظلت واشنطن تحجب المعلومات المتعلقة بالسد عن مصر والسودان، رغم أن مكتـب استصـلاح الأراضي الأمريكي كــان صــاحب دراســات الجدوى الأولى الخاصة بالمشـروع فـي سـتينيات القـرن المنصرم.

 

وأشار إلى أن أن الاتحاد الأوروبى، تعامل مـع الأزمـة علـى اسـتحياء مكتفيا بالتحذير مـن مغبـة مـلء السـد بـدون الوصـول إلـى اتفـاق بـين أطـراالأزمـة، لافتًا إلى أن موقف الصين كان أقـرب إلـى الموقـف الإثيـوبى، حيـث إن بنـوك الصـين الخاصـة تشـارك فـى تمويـل السـد. كمـا سـتتولى إحـدى الشـركات الصينية مهمة توزيع الكهرباء التي سوف ينتجها السد، بالمشاركة مع إحـدى الشـركات الإسـرائيلية.

 

وتابع: إن الأمم المتحدة فلم تتعامل مـع الأزمـة إلا مـع مطلـع مـايو٢٠٢٠، عنـدما لجـأت مصـر إلـى تـدويل الأزمة، عبر منبر مجلس الأمن الدولي

 

وأشار إلى أن التشدد الإثيوبى يعود لرغبة أديس أبابا فى استثمار أزمة السد فى التغطية على المشكلات الاقصادية والتوترات الإثنية التى تعانيها البلاد حالياً، وفقاً لنظرية "الهروب إلى الأمام"، والتى تقوم على افتعال مشكلات خارجية للتغطية على مشكلات داخلية". وأنها سوف تضطر فى النهاية للاتفاق مع مصر والسودان، خاصة أن الملء الأول للسد فى حال حدوثه بالفعل فهو لن يتجاوز4.9 مليار. وبالتالى تبدو الفرصة قائمة لإنقاذ المسار التفاوضى، وذلك استنادا إلى انكشاف الموقف السياسى الإثيوبى بعد رفض السودان التوقيع على اتفاق ثنائي مع إثيوبيا، واستبعاد مصر، وهو ما يمثل ضغطاً إضافياً على المفاوض الإثيوبى، وأن رعاية الاتحاد الأفريقى للمفاوضات لا ينفى أن مجلس الأمن يظل هو صاحب الاختصاص الأصيل في إدارة الأزمة، وتكييفها على أنها تمثل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، وهنا يمكن للمجلس نقل تعامله مع الأزمة من الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة إلى الفصل السابع، ليطالب إثيوبيا بوقف استكمال ملء السد حتى يتم توقيع اتفاق ملزم.

 

 

وشددت الحكومة الإثيوبية، الجمعة، على أن إتمام المرحلة الأولى من عملية ملء سد النهضة يمثل نصرًا دبلوماسيًا بالنسبة لها، مؤكدة أنها لا تريد إبرام اتفاق بشأن السد مع مصر والسودان.

 

وزعم المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتى، أثناء مؤتمر صحفي عقده الجمعة – نقلته روسيا اليوم - بأن الإتمام الناجح للمرحلة الأولى من ملء السد عزز مصداقية أديس أبابا على الصعيد الدولي.

 

وذكر أن مصر والسودان وإثيوبيا توصلوا إلى "تفاهم مشترك"، مضيفًا أن القمة الإفريقية الافتراضية المصغرة التي جمعت الثلاثاء الماضي رئيس الوزراء الإثيوبي آبى أحمد، ونظيره السوداني، عبد الله حمدوك، والرئيس عبد الفتاح السيسى "بمشاركة نظيره الجنوبي الإفريقي، سيريل رامافوزا" انتهت بنجاح ما يمثل انتصارًا للدول الثلاث".

 

وأقر المتحدث الإثيوبى بأن المفاوضات الأخيرة شهدت تقاربًا كبيرًا بين الأطراف الثلاث حول القضايا الفنية، مشيرًا إلى أنه لا تزال هناك بعض الخلافات القانونية التي تتطلب مزيدًا من التشاور.

 

وفى إطار المراوغة التي تمارسها إثيوبيا خلال الفترة الأخيرة، شدد الدبلوماسي الإثيوبي على أن الحكومة الإثيوبية لا تبحث عن اتفاق ملزم بشأن سد النهضة سيكبلها وسيقيدها، بل فقط إلى اتفاق استرشادي يمكن مراجعته في أي وقت، على حد تعبيره.

 

وأشار المتحدث إلى أن أديس أبابا تستطيع إتمام ملء السد في غضون ثلاثة أعوام، لكنها تفضل تمديد هذه الفترة إلى سبعة سنوات، حرصًا على تجاوز مخاوف القاهرة، والخرطوم، والتوصل إلى اتفاق يصب في مصلحة الدول الثلاث.