كثرت الأحداث والظواهر الغريبة خلال الفترة الماضية في عدد من القرى المصرية، ورغم تكرر الأحداث المؤسفة مازال البعض مستعدا للتخلي عن سلامته وسلامة أسرته، سعيا وراء حلم الثراء حتى ولو بفتح أبواب حرم الله ولوجها، ومن أبرز هذه التجاوزات استخدام الطلاسم المشفرة والاستعانة بالجن لكشف وفتح أثارنا المدفونة، التي لم نكتشف بعد إلا نذر يسير منها، فيقع البعض ضحية التعامل مع كائنات لا يعلم مدى خطورتها إلا الله، أو فريسة لعدد من النصابين والدجالين.
قرية الجمايلة التابعة لمركز ساحل سليم بأسيوط هي آخر القرى المصرية التي عانت من حرائق مستمرة غير معلومة الأسباب، ولفترة تزيد عن عشرة أيام، فتارة تنهض النار متأججة فوق سطح أحد المنازل، وتارة أخرى تندلع من الحائط وتخبو وحدها دون قيد أو شرط، الهلال اليوم تدخل قرية جمايلة العفادرة وتنخرط وسط أهلها بحثا عن الحقيقة المجردة، تاركة الحكم للقارئ إذا كان الأمر عملية نصب محبكة، أم أمر خارق مرتبط بالماورائيات.
"قرية صغيرة ثرية"
قرية جمايلة العفاردة قرية صغيرة تضم ما يقرب من 25 منزلا، معروف عن أهلها أنهم يعملون بالتجارة، خاصة تجارة الفواكه، كثير من أبناء القرية يعملون فى الخارج بدول مثل إيطاليا واليونان وهولندا ويعيشون مثل كل القرى فى حياة طبيعية، مع نوع من الرغد النسبي في العيش والملبس.
"شهود عيان ونيران لا تتوقف"
لم يكن هناك شيء ما يعكر صفو القرية حتى يوم الخميس 13/4/2017 حين اشتعلت النيران ببيت عاطف إبراهيم عبدالكريم أحد أبناء القرية واعتبر وقتها حادثا عاديا ولم يهتم أحد به، ثم بدأت بعد ذلك الأحداث تتوالى وتتكرر الحرائق في منزل تلو الآخر، ويقول جمال عبدالناصر عليوة طالب بالصف الثالث الثاني: نعيش حياة طبيعية ولا يوجد أى شيء بالقرية يدل على حدوث مواقف غير طبيعية إلى أن جاء يوم الخميس 13/4 واشتعلت النيران فى أحد البيوت على مدخل القرية واعتبرناه حادثا عرضيا، إلا أن الأمر تكرر يوم الجمعة 15/4/2017 اشتعلت النيران أعلى بيت نجاح عبدالحفيظ ولم تسفر عن خسائر كبيرة، ثم يوم السبت اشتعلت النيران فى بيت عمر محمود على ثم الأحد عادت لتشتعل فى المنزل الذي اشتعلت فيه أول يوم، ولكن مع اشتعال المنازل المحيطة به ثم بدأت تنتقل من منزل إلى آخر فى القرية.
وإحدى الحرائق فى بيت محمود على اشتعلت النار داخل دولاب الملابس وهذا هو الغريب أننا نفتح الدولاب نجد النار مشتعلة بالملابس داخل الدولاب فقط.
بينما يقول أحمد علام حاصل على دبلوم زراعة ويعمل تاجر فواكه: الحرائق بدأت يوم الخميس والناس قالت دا ماس كهربائي وعدت على كل الناس واعتبروه ماس كهربائي، لكن الموضوع غريب ففى يوم الإثنين 17 4 اشتعلت النيران فى بيت محمود عبدالرحيم حمدان وفى شجرة عنب خضراء وبعض الأشجار الخضراء وهذا غريب، كذلك عندما اشتعلت فى منزل أبو ناصر وأخرجت 2 جركن بنزين ممتلئين بالبنزين من المنزل والغريب أن الجراكن البلاستيك بها آثار النار ولكن البنزين لم يشتعل، وأخرجت زجاجة سولار من إحدى الأشجار أمام كل الناس لأننا نضع السولار فى الاشجار بالقرب من ماكينات الري ومواتير الرش، والنار لم تمس الزجاجة رغم اشتعال الشجرة.
ويضيف علام: عندما اشتعلت النار فى جزء من شقتي سقطت النار على لحاف فايبر داخل حقيبته البلاستيكية ولم تشتعل الحقيبة ولا اللحاف.
واستطرد علام قائلا جاء إلى القرية أكثر من 100 شخص ممن يقال لهم مشايخ الرقية الشرعية وغيرهم ومن دجالين ومن قساوسة ومشايخ، واختلفت آراءهم عن سبب الحرائق فمنهم من يقول احتمال تنقيب عن آثار وآخر يقول احتمال أحد أفراد القرية فتح كتاب وهو ليس على دراية بالتعامل مع هذا الكتاب ، ولكن الراي المجمع عليه هو أن أحد أفراد قبيلة من الجن قتل عن طريق أحد أفراد القرية بقصد أو بدون قصد.
ويقول عم مختار أحد أفراد القرية: يوم الخميس 20 4 2017 خرجت قطيع الغنم الخاص بي خارج المنزل فى الزراعات المحيطة وبعد عدة ساعات وجدوا كلاب تآكل النعاج، ويؤكد عم مختار أنه لا يستطيع تحديد إذا كانت مجرد كلاب ضالة أو شيء آخر كما تقول الناس " أي تابع للجن " ولكن كل ما استطاع قوله أنها أول مرة تشهد القرية مثل هذا الحدث.
ويقول إدريس حسن إدريس ممرض بالوحدة الصحية بالجمايلة إن الحرائق لها عشرة أيام تشتعل يوميا بالقرية ولكن دون خسائر بشرية، ويأتي إلى الوحدة الصحية حالات اختناق خفيفة نعطيها أكسجين وتعود الحالات إلى طبيعتها، ويضيف قائلا "ليا 10 سنين فى الجمايلة لم أرى فى القرية مثل هذا ولم أرى أي شيء غريب ملفت للنظر.
ويقول عم علم أحد حكماء القرية "موضوع الحرائق دا سبب ذعر ورعب بين أفراد القرية لدرجة أن مجموعة من أبناء القرية اضطروا للهرب والانتقال من القرية للإقامة فى مكان آخر، أو بالبلدى لموا عزالهم ومشوا"، وأضاف علم "نحن لا نجد سببا ظاهرا وحقيقيا لهذه الحرائق لذا نحن مقتنعين أن هذه الحرائق بفعل الجن".
"تدخل حكومي"
المهندس بدر محمد بدر رئيس مجلس مدينة ساحل سليم يقول إنه منذ يوم الخميس 13 4 جاء إلى مجلس المدينة حوالى 8 بلاغات وأنه ذهب برفقة المطافئ إلى القرية، ولم يجد أى إصابات والحمد لله، ولكن لاحظ وجود فرش محروق أو دولاب ملابس أو المراتب الخاصة بغرفة النوم دون انتشار النار بالأثاث المحيط، وأكد تواجده بصفة دائمة فى القرية مع وحدة مطافئ ساحل سليم، قائلا "بينما نحن جالسين فى القرية قرب الترعة سمعنا صراخا أن منزل فلان به حريق فقمنا نجرى إلى المنزل ولم نجد سوى دخان يخرج من المنزل، لكن هذا الموضوع تسبب فى ذعر ورعب للأهالي"، وأضاف المهندس بدر: سمعت أن سبب هذه الحرائق التنقيب عن الآثار فاستدعيت مركز الشرطة ووحدة المباحث وقاموا بتفتيش المنازل بالكامل ولم يجدوا أثرا للتنقيب عن الآثار مما يزيد الموضوع غموضا، وأكد المهندس بدر أن الحرائق اشتعلت فى حوالى 12 منزلا من القرية.
“الرقية الشرعية هي الحل"
ويقول أحد شيوخ الرقية الشرعية فى لقائنا معه إن سبب هذه الحرائق هو قيام بعض الأشخاص من أبناء القرية بإيذاء أحد أفراد الجن بدون قصد، مما ترتب عليه أن الجان قرر الانتقام من أهالى القرية عشوائيا، وقد تم حل الموضوع عن طريق الرقية الشرعية والقرآن، بعد أن وجد الرقاة بعض الصعوبة بسبب تواجد الدجالين وطالبي الأموال لحل الموضوع.
"رأي الدين"
الأستاذ الدكتور عبدالله عزب وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر وأستاذ العقيدة والفلسفة يفسر الأمر قائلا " ما حدث في قرية الجمايلة يدخل ضمن باب السحر والشعوذة، حيث يستخدم الساحر الجن عند بدء التنقيب عن الآثار، فتظهر النيران وتصاحبها حوادث غريبة أخرى، والسحر ثابت في القرآن بدليل الآية رقم 102 من سورة البقرة والتي تقول "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَالنَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَاشَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" .
ويضيف د. عبدالله عزب: إن السحر يعتمد عادة على الوهم والتخيل، فيجعل العين ترى أمورا غير حقيقية، والسحر غالبا لا يظهر إلا في الأماكن التي بها نسبة أمية عالية، ولا يتأثر به إلا ضعاف الإيمان بدليل قوله تعالى "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله"، ولو كان السحر نافعا لأحد لكان الساحر نفسه أولى بهذه المنفعة، فالسحرة هم أفقر الناس.