صرح الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بأننا نتعلم من الهجرة دروسًا عظيمة كل عام بما يناسب الحال والزمان، وإذا كانت الهجرة الحقيقية هي ترك ما نهى الله عنه , وأنه لا هجرة دينية من مكان إلى آخر بعد فتح مكة "فلا هجرة بعد الفتح " , "إنما المهاجر مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ" , فإن الأولوية في عصرنا الراهن هي في الفكاك والفرار من أسر جماعات الفتنة والضلال , وهجر الجماعات الإرهابية وأفكارها الظلامية المتطرفة , وتحرير العقل من الأفكار الهدامة .

وواجب العلماء هو البيان , ودحر الأفكار السامة لهذه الجماعات , وتفنيدها , وبيان زيفها وزيغها , وانحرافها عن جادة الصواب , فحيث وجدت هذه الجماعات وتلك الميليشيات المأجورة التي تتناحر تناحر الجاهلية الأولى , وترفع شعار : انصر أخاك ظالما أو مظلوما , وتزيد عليه حتى لو كان فاجرًا أو كاذبًا أو قاتلاً .

ويتطلب المفهوم الصحيح للهجرة الهجرة من براثن الجماعة إلى رحابة الدولة , وتقوية مؤسساتها على نحو ما صنع نبينا (صلى الله عليه وسلم) في إقامة وبناء الدولة بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم .

كما تقتضي الهجرة التحول من الكذب إلى الصدق , ومن الشح إلى الكرم وإلى مكارم الأخلاق , وتقتضي كذلك التحول إلى الجد والعمل والإتقان , والتحول من الأثرة والأنانية إلى التراحم والتكافل , ومن السلبية إلى الإيجابية في جميع جوانب ومناحي حياتنا .