كيف تحافظ الحكومة على استمرار تحسين المؤشرات الاقتصادية؟.. خبراء: زيادة الإنتاج والاستثمارات خطوات ضرورية.. ونحتاج لتوسيع آفاق الاستثمار والمشروعات الإنتاجية لتوفير مصادر جديدة للدخل
نجح
الاقتصاد المصري في مواجهة واحتواء تداعيات كورونا والصمود أمامها بفضل ما اتخذته
الدولة من إجراءات استباقية في بداية الأزمة ومن قبلها نجاح برنامج الإصلاح
الاقتصادي، حسبما أكد خبراء اقتصاديون، موضحين أن استمرار تحسن المؤشرات
الاقتصادية والمالية الفترة المقبلة يتطلب زيادة الإنتاج والاستثمارات وكذلك تذليل
العقبات، حيث يسير الاقتصاد المصري بخطى متوازية في كل القطاعات لتحسين المؤشرات.
كان الرئيس
عبد الفتاح السيسى، قد وجه بانتهاج الدولة لمسارات تعامل تتسم بالمرونة على قدر المستطاع
لتحقيق التوازن بين الإجراءات التي فرضتها جائحة كورونا وثبات وتماسك الاقتصاد مع الضمان
الكامل لصحة وسلامة المواطنين، موجها بالاستمرار في العمل على التحسين المتواصل للمؤشرات
الاقتصادية والمالية، خاصةً معدلات التضخم والتشغيل، فضلاً عن زيادة معدلات نمو الناتج
المحلي الإجمالي، على نحو يمكن الدولة من توفير موارد إضافية للمساهمة في رفع مستوى
معيشة المواطنين، وكذا تخفيف الأعباء على الفئات الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية
في المجتمع.
جاء ذلك خلال
اجتماعه أمس مع المجموعة الوزارية الاقتصادية بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس
الوزراء، وطارق عامر محافظ البنك المركزي، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية
الاقتصادية، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، والدكتور محمد معيط وزير
المالية، وهشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، ونيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة.
خطى متوازية في كل القطاعات
وفي هذا السياق، قال الدكتور صلاح الدين
فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن الاقتصاد المصري يسير بخطى متوازية في جميع
القطاعات فالدولة تنفذ مشروعات التعدين والطاقة والصناعة والزراعة والسياحة، مؤكدا
أن الدولة أيضا لم تركز على النواحي الاقتصادية فقط بل راعت الجوانب الاجتماعية أيضا
من خلال دعم العمالة غير المنتظمة.
وأكد في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن هذه الخطوات دعمت الاقتصاد المصري وجعلته يصمد في وجه جائحة كورونا، مضيفا إن البداية
السليمة في التعامل مع الأزمة أدت لاستمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية رغم الجائحة،
مستندة إلى نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ 2016 وكذلك الدفعة القوية التي شملت
كافة قطاعات الدولة.
وأضاف إن معدل النمو في فبراير الماضي
كان 5.3% وكان المأمول تحقيق 5.5% أو 6% بنهاية 2020، لكن بعد وقوع الجائحة حدث تراجع
فتوقفت السياحة وتراجعت الصادرات وتوقفت تحويلات المصريين بالخارج بعد عودة قطاع كبير
منهم، وهذا أدى إلى تراجع معدل النمو وزيادة معدل البطالة.
وأشار إلى أنه رغم ذلك لا يزال الاقتصاد
المصري متماسكا وصامدا، فأثر الجائحة على كافة القطاعات بدأ يتلاشى بتدخل الدولة لكن
الأزمة الآن في معدل البطالة، حيث زاد إلى ما يقترب من 10%، وهو ما تستهدف الدولة التعامل
معه في القريب العاجل، مؤكدا أن الاقتصاد المصري بالإصلاح الاقتصادي والتعامل الجيد
مع جائحة كورونا في بدايتها استطاع الصمود أمام تداعيات هذه الجائحة بشهادة كل المؤسسات
الدولية.
وأوضح أن الاهتمام بالمشروعات التنموية
في كافة القطاعات لزيادة معدل النمو هو الأمر الذي سيؤدي لاستمرار تحسين المؤشرات المالية
والاقتصادية خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن الدولة لم تتوقف أو تؤجل مشروعاتها التنموية
في أي من المجالات، بل أثبتت هذه المشروعات أهميتها خلال تلك الجائحة حيث نجح قطاع
الاتصالات ومنظومة التعليم الجديدة في إثبات كفاءة خلال الجائحة وإجراء الامتحانات
عن بعد عبر المنصات الإلكترونية.
ولفت إلى أن الاهتمام بتنمية كل القطاعات
الزراعة والسياحة والتجارة والصناعة بالإضافة إلى القطاعات الرئيسية وهي التعليم والصحة
هي الأساس الذي سيمكن الدولة من الصمود في مواجهة أية أزمة وليست كورونا فقط، مؤكدا
أن مصر أجلت فقط بعض المشروعات وافتتاح العاصمة الإدارية الجديدة والمتحف المصري الكبير
لكنها لا تزال تعمل على الانتهاء منها.
وأكد أنه بمجرد انتهاء جائحة كورونا
سيعاود الاقتصاد للنهوض ويصل للمعدلات المستهدفة للنمو، مضيفا إن زيادة موارد الدولة
ستتحقق عبر زيادة مشروعات القطاعات المختلفة كالصناعة والزراعة والسياحة وتعزيز الصادرات،
وهو ما تستهدفه القيادة السياسية، حيث تعمل على زيادة حجم الصادرات عبر التصنيع للتصدير.
زيادة الإنتاج والاستثمارات
ومن جانبه، قال الدكتور عبد المنعم
السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن مصر خلال العام المالي الحالي الذي
بدأ في يوليو الماضي متوقع أن تحقق معدلات نمو بين 3.5% حتى 4%، وهذه النسبة تعتبر
من أكبر النسب على مستوى العالم في معدل النمو الاقتصادي في حين أن كثيرا من الدول
في المنطقة العربية ستحقق معدلات سالبة وبأقصى حد 1.2%.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن مسار الإصلاح الاقتصادي يسير في الاتجاه الصحيح، مؤكدا أن الحفاظ على هذا المسار
وتحسين كافة المؤشرات الاقتصادية والمالية من بينها تخفيض معدلي البطالة والتضخم يتطلب
زيادة الإنتاج وحجم الاستثمارات الموجودة داخل مصر.
وأضاف إن هذا يتحقق من قبل الدولة عبر
الاستثمارات الحكومية، فالموازنة الحالية تم زيادة حجم الاستثمارات الحكومية بنسبة
35% من 210 مليارات جنيه في العام المالي السابق، لـ281 مليار جنيه في العام المالي
الحالي، لزيادة الإنفاق الحكومي على مشروعات الطاقة والإسكان والنقل والطرق وغيرها.
وأكد أن أعمال المشروعات تزيد معدلات
التشغيل وتعطي دفعة لشركات القطاع الخاص لزيادة استثماراتها في مصر، مؤكدا أن مصر لديها
فرصة لزيادة الاستثمارات في الوقت الحال لسببين الأول هو معدل النمو الاقتصادي المتوقع
الذي أكدته المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي، فمصر اليوم على خريطة الاستثمار
العالمي.
ولفت إلى أن السبب الثاني هو أن العالم
بعد جائحة كورونا تنبه إلى أن معظم السلاسل الإنتاجية موجودة في الصين، فمعظم الشركات
العالمية لها أفرع إنتاجية داخل الصين وعندما توقفت الصين توقفت هذه الشركات، مؤكدا
أن العالم بدأ يتوجه ألا يقتصر وجود المصانع على الصين فقط، وإنما في دول أخرى في آسيا
وأفريقيا، وليس أوروبا لارتفاع تكلفة العمالة والطاقة.
وأشار إلى أن الدول المستهدفة لمنافسة
الصين هي الهند وفيتنام وبنجلاديش، ومصر لديها فرصة ذهبية للمنافسة والحصول على حصة
من هذه الاستثمارات داخل محور تنمية قناة السويس، بما سيساعد على توطين التكنولوجيا
وزيادة معدلات التشغيل وحجم الإنتاج والناتج القومي، وتقليل معدلات البطالة.
ولفت إلى أن تحقيق ذلك يكون عبر الاهتمام
بالتسويق الجيد للفرص الاستثمارية داخل مصر مع إعطاء مزايا للمستثمرين الأجانب والمصريين،
تتمثل في توفير الأرض بسعر مخفض وسهولة إجراءات التراخيص ومنح إعفاءات ضريبية، وتسويق
المشروعات القائمة وعرض الفرص المتاحة على المستثمرين بالاستفادة من الاتفاقيات الموقعة
بين مصر والدول الأفريقية.
تذليل العقبات
فيما قال خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي،
إن المؤشرات الاقتصادية المصرية في تحسن وهناك إشادات دولية بهذا التحسن والجميع يلمس
ذلك في ما يتعلق بمؤشرات الاقتصاد الكلي، مؤكدا أن معدلات النمو والفائض الأولي تحسنا
برغم التحديات، لكن معدل البطالة ارتفع إلى 9.2 % طبقا لجهاز الإحصاء.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للمجموعة الاقتصادية تركز على المزيد من التحسن
لهذه المؤشرات وخاصة خفض معدلي التضخم والبطالة، والعمل لتحقيق الأفضل لصالح المواطن
المصري، مضيفا إن مصر تعمل على استكمال تطوير البنية التحتية والمشروعات القومية وحث
القطاع الخاص على المساهمة في المشروعات التي تحقق فارقا لصالح المواطن والمنتج المصري.
وأكد أن من أبرز ما قامت به الدولة
خلال الفترة الأخيرة لصالح المنتج الوطني وزيادة حركة التجارة في السوق المحلي هو إطلاق
مبادرة "مايغلاش عليك"، بهدف تشجيع المنتج المصري وإعادة مكانته مرة أخرى
لدى المستهلك، موضحا أن هذا المنتج يمكن أن يكون سببا لزيادة موارد الدولة عبر النفاذ
إلى أسواق خارجية كالسوق الإفريقية والعربية والدولية أيضا.
وأشار إلى أنه آن الأوان لصعود المنتج
المصري لمنصات التتويج خلال الأعوام الماضية، وهذا لن يتحقق إلا بالعمل وتذليل العقبات
والبيروقراطية أمام الاستثمارات والمشروعات لتحقيق الانطلاقة المرجوة لصالح الاقتصاد
المصري.
توسيع آفاق الاستثمار والإنتاج
ومن جانبه، قال محمد علي عبد الحميد،
وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن زيادة الإنتاج سواء الصناعي أو الزراعي
هي أساس استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية والمالية خلال الفترة المقبلة، إلى جانب
عودة النشاط السياحي بكامل طاقته وهو أمر سيتم بانتهاء جائحة كورونا.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن معدلات التضخم والبطالة يمكن التغلب عليها بفتح آفاق جديدة للاستثمار في المشروعات
القومية وتشغيل المصانع الجديدة والمتوقفة وزيادة مساحات الأراضي المزروعة، وغيرها
من الخطوات خلال الفترة المقبلة، وهو أمر تعكف الدولة على تنفيذه بالفعل.
وأشار إلى أهمية تنويع مصادر الدخل
وألا تقتصر الموازنة العامة للدولة على الضرائب، ولكن بتوسيع آفاق الاستثمار والمشروعات
الأخرى التي تزيد من دخل الدولة والعملات الصعبة بما سيؤدي لتحسين مستوى معيشة الواطن،
موضحا أن الاقتصاد المصري اتخذ بعض التدابير منذ البداية التي مكنته من مواجهة تداعيات
جائحة كورونا.
وأضاف وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن من
هذه الإجراءات تحرير سعر صرف العملة وزيادة الإنتاج الزراعي، خاصة الذي أدت لوفرة المنتجات
الغذائية في الأسواق وعدم شعور المواطنين بنقص أي منتج، فضلا عن الدعم الذي وجهته الحكومة
للقطاعات المتضررة ومبادرات البنك المركزي لتشجيع المؤسسات والشركات لمواجهة التداعيات
السلبية للأزمة كالإعفاءات الضريبية وغيرها من الإجراءات.