نجوم الفن .. ثوار أحرار في تناغم مع الجيش والشعب
كتب : خليل زيدان
مع انتفاضة الشعب في كل الثورات كان نجوم الفن في مقدمة الصفوف ، فهم أصحاب رسالة ولهم دور مؤثر في المجتمع بكل طبقاته ، والفنان جزء من المجتمع يسري عليه ما يسري على كافة أفراد الشعب .. وتعيد علينا ذكرى جمعة الغضب التي التحم فيها أهل الفن مع الشعب ضد الظلم والقهر والفقر والفساد صور ما قام به نجوم الفن في الماضي من مشاركة في الثورات ودعم الجيش في كل مواقفه حتى ينجو بالبلاد إلى شاطئ النجاة .. وإذا لم يدعم الشعب والفنانون الجيش .. يدعمون من؟ .
وللفن دور بارز ومشرف في تاريخ مصر منذ ثورة 1919 ومقاومة الانجليز سواء بالأعمال الفنية التي تلهب الحماس الوطني ضد الاحتلال أو بالمشاركة في الثورات مع الشعب ، ففي بداية الاحتلال البريطاني لمصر كان الغناء وسيلة تحريك عواطف الجماهير لمقاومة المحتل، ومع قيام ثورة 1919 اتخذ سيد درويش والريحاني وبديع خيري وعشرات الفنانين الطرقات والميادين مسرحاً لهم لتعبئة الروح الوطنية واستمرار الثورة حتى بعد نفي سعد زغلول ، وأخذ الشعب يردد الأغاني والأزجال والأناشيد وهم يثورون ضد المحتلين ، وفي المسارح كانت الروايات تمرر الجمل والعبارات التي تدعو للمقاومة .
واشتدت الثورة وقرر نجوم الفن آنذاك القيام بأول مظاهرة كبرى تجوب شوارع القاهرة وقام بتنظيمها عميد المسرح عزيز عيد وكان في صدارة المظاهرة زينب صدقي وفردوس حسن وعلوية جميل ودولت أبيض وخرج الفنانون في طلة أذهلت جموع الشعب ، حيث ارتدت الفنانات علم مصر وارتدى الفنانون أزياء العامل والفلاح وابن البلد والتحم الشعب مع نجوم الفن يحمونهم من بطش الانجليز واشتدت ضراوة المظاهرة للمطالبة بالجلاء .
ومع قيام ثورة يوليو وهي الثورة البيضاء التى لم ترق فيها نقطة دماء واحدة ، التحم الفنانون مع الجيش من اللحظات الأولى ، فأم كلثوم أول من ذهبت للضباط الأحرار في مجلس قيادة الثورة لتهنئهم وتؤازرهم وتوظف جهودها وصوتها لخدمة الجيش الذي أشرق على يديه فجر جديد ، والتف نجوم الفن جميعاً حول اللواء محمد نجيب وكل الجيش متمثلاً في الضباط الأحرار وظل الفنانون يدعمون الجيش بشتى الطرق ، سواءً أعمالاً فنية أو حفلات يكون ايرادها لصالح الجيش ، وقدم نجوم الطرب روائع الأغنيات التي تدعم الجيش منها: إنده على الأحرار لعبد لوهاب ، وزود جيش أوطانك وحي على الفلاح وصوت الجماهير ونشيد الحرية والوطن الأكبر وغيرها من الأغنيات التي تدعم الجيش حامي البلاد ، وأيضاً أم كلثوم غنت كثيراً للجيش والثورة منها منصورة يا ثورة أحرار ونشيد الجلاء ونشيد الطيران ووالله زمان ياسلاحي ونشيد الجيش وثــوار وإنا فدائيون.. وغيرها من الأغنيات الوطنية التي دعمت الجيش وألهبت حماس الشعب والجنود من ثورة يوليو إلى عدوان 1956 إلى رفع الروح الوطنية بعد نكبة 1967 .. حتى انتصار الجيش المصري في حرب 1973 قدم نجوم الفن ملاحم في حب الجيش ومؤازرته.
ومع اندلاع ثورة يناير نزل نجوم الفن إلى الشوارع والميادين يقودون الناس في كل جمعة ويلهبون حماسهم بخطب نارية وشعارات ثورية , واخذوا ينظمون المظاهرات ويتفقون على أن يقود كل فنان منهم مجموعة من الشعب يجولون فيها شوارع والميادين حسب تخطيط تم الاتفاق عليه من جموع الفنانين .
وفي لفتة تاريخية يتقدم الجيش لتولي زمام الأمور والشعب غير مصدق حيث انحاز الجيش للشعب ملبياً رغبته في إسقاط النظام، ومنع أدوات النظام من قمع الثورة ، ويتنفس الشعب الصعداء وتتعانق جموعه ونجوم الفن مع ضباط وجنود الجيش في شوارع القاهرة .
وتضع الظروف مصر على المحك بعد أن تهدأ الثورة على يد الجيش الذي تولى مقاليد تسيير البلاد ، ويتقدم للترشح للرئاسة رئيس قطاع الطيران المدني الفريق أحمد شفيق ضد محمد مرسي عضو جماعة الإخوان .. الذي يفوز برئاسة مصر ، ويبدأ توجس أهل الفن جميعاً خوفا من ظهور القيود والرقابة على كل أنواع الفنون مع تولي الإخوان الحكم .
وبعد عام واحد من الحكم لم ترض جموع الشعب عن الإخوان وحكمهم، لتبدأ ثورة جديدة ضدهم وينزل الشعب بكل فئاته إلى ميادين مصر معبرين عن رفضهم لهذا الحكم ومطالبين بإسقاط نظامهم، ومن الوهلة الأولى يعود الجيش لتصدر الموقف وينحاز مرة أخرى لمطالب الشعب ويتعانق الشعب مرة أخرى مع جيشه، ويقود نجوم الفن تظاهرات الشعب التي بلغت قرابة الـ 30 مليون من أفراد الشعب، ويقوم المخرج خالد يوسف وفريق فني بتصوير هذه الحشود غير المسبوقة في تاريخ مصر تليفزيونياً ليشهد العالم تظاهرات ثورة 30 يونيه .. ويعطى الشعب الثقة للجيش بأن يتولوا مقاليد البلاد ويمنح ثقته للمشير السيسي لكي يتقدم ويحكم البلاد بعد أن يئس الشعب من الأنظمة الأخرى.