«إقرار رسوم على الطلاب الراسبين حفاظ على الحقوق المهدرة».. برلمانيون: القرار يحفظ موارد الدولة ويسهم في إصلاح المنظومة التعليمية.. وخبراء: يجب وضع آلية محددة تراعي ظروف غير القادرين وذوي الأعذار
أكد خبراء وبرلمانيون أن فرض رسم مقابل الخدمات التعليمية على دخول الامتحانات للطلاب الباقين للإعادة بالمعاهد والجامعات خطوة جديدة في مساردعم وتطوير المنظومة التعليمية ووضع في نصابها الصحيح، موضحين ان القرار يحفظ الأموال المهدرة للدولة التي تصرف كل عام لدعم هذه الفئة من الطلاب دون وجود نتائج على الأرض.
واعتبر نواب البرلمان أن القرار يصب في الصالح العام، شريطة مراعاة ظروف الفئات غير القادرين، والطلاب اصحاب الأعذار، بجانب الإعلان النهائي عن قيمة هذه الرسوم، مطالبين بأن تراعي ظروف أولياء الأمور والأسر المصرية.
وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، بفرض رسم مقابل الخدمات التعليمية على دخول الامتحانات للطلاب الباقين للإعادة، أو الباقين بذات المستوى، من المُلتحقين بنظام الساعات المعتمدة أو النقاط المُعتمدة، وكذلك على المتقدمين للامتحانات من الخارج، ويعمل بذلك اعتباراً من العام الدراسي 2021/2022.
وينصُ مشروع القانون على أن يُحدد مجلس الجامعة قيمة الرسم سنوياً بمراعاة عدد مرات رسوب الطالب، ويتم تحصيله في بداية العام الدراسي، وتخصص حصيلته لتحسين الخدمات التعليمية بالجامعة، ويجوز لرئيس الجامعة بعد موافقة مجلس الجامعة، بناء على اقتراح مجلس الكلية المعنية، منح إعفاء من الرسم المنصوص عليه، كله أو بعضه للطلاب غير القادرين على سداده، وفقاً للضوابط والاشتراطات التي يضعها المجلس الأعلى للجامعات في هذا الشأن.
وحدد مشروع القانون الحد الأدنى والأقصى لهذا الرسم، ليكون من ( 6 ـ 12) ألف جنيه لكليات الطب البشري وطب الأسنان، و (5ـ10) آلاف جنيه، لكليات الهندسة والحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي والصيدلة والعلاج الطبيعي، و(4ـ8) آلاف جنيه، لكليات الطب البيطري والزراعة والعلوم والتمريض، و(3ـ6) آلاف جنيه للكليات والمعاهد الأخرى.
وقال الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي أنه أصبح لزاماً على المُشرع التدخل بٍسَن قانون يحمل الطلاب الراسبين في جامعات الدولة ومعاهدها جزءاً على الأقل من المصروفات الدراسية لهؤلاء الطلاب بحسبان أنهم هم من أضاعوا على أنفسهم فرصة التعليم المجاني التي كفلتها لهم الدولة برسوبهم، ومن ثم فإذا ما أراد هؤلاء الطلاب الاستمرار في الدراسة فعليهم تحمل جزء من التكاليف الفعلية التي تتكبدها الدولة نتيجة إعادتهم للسنة الدراسية، وليس تحميل الدولة بأعباء ناجمة عن تقصيرهم في دراستهم، مشيراً إلى أنه من هذا المنطلق أعدت الوزارة مقترحاً بمشروع هذا القانون.
حماية المال العام
وقالت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، إن فرض رسم مقابل الخدمات التعليمية على دخول الامتحانات للطلاب الباقين للإعادة بالجامعات والمعاهد، تم طرحه أكثر من مرة من قبل الجامعات خلال الفترات السابقة، ولكن لم يتم تبنيه من الوزراء السابقين.
وأرجعت نصر في تصريح لـ«الهلال اليوم»، سبب القرار لعدم وجود قواعد للفصل حال تكرار الرسوب وخاصة في السنوات الدراسية النهائية، ومن ثم لوحظ استمرار الطالب لعدد من السنوات قد تصل إلى 10 سنوات بالجامعة، دون اتخاذ أي إجراء حيال هؤلاء الطلاب.
وأكدت نصر أن استمرار الطلاب في الرسوب بالجامعة يعد إهدارا للمال العام، حيث يحصل الطالب على دعم سنوي في الرسوم الجامعية من جانب الدولة، بجانب حصوله على مكان طالب آخر، قد يكون أحق بالحصول على فرصة حقيقية للتعلم.
وأوضحت عضو مجلس النواب، أن مشروع القانون من المقرر أن يصل إلى مجلس النواب لمناقشته أكتوبر المقبل، وبحث عدد من النقاط التي تحتاج إلى توضيح من الوزارة، والتي تهم الطلاب والمجتمع، قبل إقرار القانون.
إصلاح المنظومة التعليمية
وقالت الدكتور منى عبد العاطي، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي، بمجلس النواب، إن مشروع القانون الخاص بفرض رسم مقابل الخدمات التعليمية على دخول الامتحانات للطلاب الباقين للإعادة بالمعاهد والجامعات يعتبر قرارا جيدًا لتحفيز الطلاب على النجاح، وعدم التكاسل.
وأوضحت عبد العاطي، في تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن رسوب الطالب "بدون عذر مقبول"، يترتب عليه عدد من النتائج السلبية، منها استنزاف موارد الدولة، والحصول على فرصة زميل آخر قد يكون أولى منه بالحصول على الفرصة، بجانب ما يشكله من أعباء مادية على الأسر وأولياء الأمور.
وطالبت عضو لجنة التعليم والبحث العلمي، بمجلس النواب، بالتدرج في فرض رسوم الرسوب على الطلاب، حتى لا يمثل عبئا جديدا على الأسر وأولياء الأمور.
وأضافت عبد العاطي، أننا ننتظر في مجلس النواب الاضطلاع على مشروع القانون ومعرفة آلية تطبيق القرار، وهل هذه المصروفات نهائية أم قابلة للتغيير؟ بجانب تحديد الطلاب اللذين سيطبق عليهم القرار، والفئات المستثناة من التطبيق.
كما طالبت في المقابل، بزيادة حافز الإثابة للطلاب المتفوقين من أجل دعم التفوق والتميز داخل الجامعات، وتشجيع الطلاب المتميزين .
حماية غير القادرين وذوي الأعذار
قال الدكتور طلعت عبد الحميد الخبير التربوي، وأستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس، إن التعليم أحد قضايا الأمن القومي المصري، مضيفا أن حصول الطالب الراسب على مكان لزميل له أولى بالفرصة يمثل بالفعل إهدارا لأموال وموارد الدولة.
وأضاف عبد الحميد، في تصريحات خاصة لبوابة «الهلال اليوم»، إن هناك فئة من الطلاب الراسبين تحتاج إلى الرعاية بسبب ظروفهم المادية أو الصحية أو أي ظرف مقبول، وهو ما راعاه القرار من خلال منح الحق لإدارة الكلية في إعفاء الطالب الذي يتقدم بعذر مقبول، وذلك على عكس به الطلاب الذين اتخذوا الرسوب "مهنة" نتيجة التكاسل، وعدم الجد والاجتهاد.
وأكد عبد الحميد، أنه حال عدم قدرة الطالب الراسب على دفع الرسوم المقررة فإنه سوف يتسرب من التعليم، وبالتالي فإن السنوات الدراسية السابقة لهذا الطالب تعتبر هدرًا لموارد الدولة، ومن ثم لابد من إيجاد آلية للحفاظ على حق الطالب غير القادر على دفع الرسوم؛ لحماية مستقبله في التعليم، ونفع المجتمع.
وطالب الخبير التربوي، بضرورة طرح القرار للنقاش بين خبراء التعليم وأساتذة الجامعات، والمتخصصين للوصول إلى القرار السليم، والذي يقوم على أسس من النقاش والبحث العلمي، حيث أنه ليس من دوره حل المشكلة، وإنما توقع المشكلة، والعمل على حلها قبل حدوثها.
تشجيع الطلاب على التفوق
قال الدكتور مجدي حمزة الخبير التربوي والتعليمي، إن قرار فرض رسوم مقابل الخدمات التعليمية على دخول الامتحانات للطلاب الباقين للإعادة بالجامعات والمعاهد، يدعم الاجتهاد ويدفع الطلاب إلى التفوق والإسراع بالحصول على الشهادة الجامعية.
وأضاف حمزة في تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن كل مشروع قانون أو قرار يحمل جوانب إيجابية نستفيد منها، وسلبية نعمل على مناقشتها وتصويبها، مشددا على أنه لا ينبغي أن نأخذ كل قرار على عواهله، لافتا إلى أن القرار قد يشكل زيادة العبء المادي على الأسرة حال رسوب ابنها، ولكنه يحمل في المقابل العديد من الإيجابيات التي من شأنها دعم تطوير المنظومة التعليمية، ويأتي على رأسها أن القرار يدفع الطالب إلى التفوق، ويمنعه من التكاسل عن الاستذكار، كما يعد حافزًا للطلاب لسرعة الانتهاء من الدراسة، والدخول بسرعة إلى سوق العمل من أجل تحقيق طموحه.
وأشار حمزة إلى أن الدولة وضعت مجموعة من الضوابط التي تضمن تنفيذ القرار، وتحقيق أقصى استفادة منه، ومنها أنه حال رسوب الطالب في مادة أو مادتين، فلن تطبق عليه رسوم الرسوب التي تتراوح من 10 % إلى 15 %، بينما سيتم تطبيقها حال الرسوب في العام التالي للرسوب.
وأردف أن القرار كذلك أعفى الطالب الذي يقدم عذرا مقبولا لعميد الكلية أو إدارة الجامعة من دفع رسوم الرسوب.
وطالب الخبير التربوي، وسائل الإعلام، وخبراء التعليم والمعنيين بالعملية التعليمية بتوضيح الجانب الإيجابي للقرار، وشرح فوائد القرار وتعريفها للناس، حتى لا نترك القرار لدعاة الهدم وبث الشائعات.