وجد باحثون أن عددا من الجينات الموروثة من إنسان نياندرتال الذي يرجع عمره
إلى 50 ألف عام ظلت كامنة في الحمض النووي ويحملها بعض من سكان العالم
المعاصر منذ آلاف السنين وتشكل "الخطر الجيني الرئيسي لتطوير شكل حاد من
فيروس كورونا" وتزيد من خطر الإصابة بنوع حاد منه.
ونُشر مقال الأربعاء الماضي في المجلة العلمية "نيتشر" (Nature) يصرح فيه
سڤانت پابو، أحد المؤلفين المشاركين للمقال ومدير معهد ماكس بلانك
للأنثروبولوجيا التطورية في مدينة لايبزيغ الألمانية، قائلا: "نعتقد أن مئة
ألف شخص تقريبا من الذين كانوا مصابين بالفيروس قد قضوا لأنهم كانوا
حاملين لبعض من هذه الجينات القديمة".
سڤانت پابو، الذي يلقبونه "بابا" الحمض النووي القديم لأنه يدرس الحمض
النووي العائد لإنسان نياندرتال منذ حوالي 20 عاما، حقق هذا الاكتشاف مع
زميله هوغو زبيرغ من معهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد من خلال تحليل
نتائج دراسة كبيرة، نشرت في يوليو الماضي، تسعى لتحديد العوامل الوراثية
التي تجعل بعض الناس أكثر عرضة لخطر الفيروس من غيرهم.
ومكَّن هذا العمل من استنتاج أن عددا كبيرا من المرضى الذين طوروا شكلا
حادا من مرض كوفيد-19 يشتركون في نفس التباين الجيني على مستوى الكروموسوم
رقم 3 (من أصل 23 زوجا من الحمض النووي البشري).
ومن خلال إلقاء نظرة فاحصة، تمكن هذان المختصان من القيام برحلتهما المذهلة
إلى الماضي: اكتشفوا في هذه المنطقة ثلاثة جينات لها نفس تسلسل الحمض
النووي لإنسان نياندرتال الذي اكتشف في كرواتيا والذي عاش هناك منذ 50 ألف
سنة.
ويتذكر سڤانت پابو قائلا: "عندما لاحظنا هذا الرابط كدنا نسقط من فوق كراسينا من هول المفاجأة".
الآثار المترتبة على هذا الاكتشاف، في الواقع، ليست بالهينة.
وكما يلاحظ مؤلفي المقال، فإذا كان لدينا جميعا القليل من إنسان نياندرتال
في حمضنا النووي - حوالى 2% من التركيب الجيني - فسنجد أن واحدا من كل ستة
أوروبيين سيحمل من خلال لعبة الوراثة هذه مجموعة محددة من جينات، هذا السلف
البعيد الذي يبدو أنه يعتبر أكثر أشكال مرض كوفيد-19 خطورة.
ويقول سڤانت پابو مؤكدا بأن الأمر أسوأ من ذلك في بعض بلدان جنوب آسيا، لا
سيما في بنغلاديش "حيث يحمل 63% من السكان نسخة واحدة على الأقل من تسلسل
الحمض النووي المعرض للخطر".
بيد أن الاكتشاف بوسعه المساعدة في فهم سبب وفاة المواطنين البنغلاديشيين
في المملكة المتحدة بسبب كوفيد-19 بصورة أكبر من البريطانيين، وهي النتيجة
التي خلصت إليها هيئة الصحة العامة الحكومية البريطانية، المسؤولة عن
القضايا الصحية للجمهور، في دراسة نشرت في يونيو الماضي.