رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«علي معزة ومش رايحين فى داهية» فتح باب النقاش .. الأسماء الغريبة للأفلام .. تعبير عن المضمون أم جذب للجمهور؟

24-4-2017 | 10:05


تحقيق : عمرو والى

يعد الاسم عنصراً مهماً فى أي فيلم سينمائي، والذي من المفترض أن يعبر عن مضمونه الفني، ويكون له مدلول قوي بمحتواه وقصته، حيث يعد أول تعريف للجمهور به، وتشهد الآونة الأخيرة وجود موجة من الأسماء الغريبة للأفلام السينمائية، والتي سببت حالة من الجدل سواء على مستوى الساحة الفنية أو بين الجمهور... «الكواكب» تطرح تساؤلاً حول أسباب استخدام صناع الأعمال لتلك الأسماء الغريبة، وهل هي جزء من الدعاية للترويج لأفلامهم لجعل الجمهور يشعر بالفضول ومن ثم دفعه للمشاهدة، وهل يلعب اسم الفيلم دوراً فى نجاحه أو فشله؟، وذلك من خلال السطور القادمة.

ومن أبرز هذه الأفلام «علي معزة وإبراهيم»، «عندما يسقط الإنسان فى مستنقع أفكاره فينتهي به الأمر إلى المهزلة»، «مش رايحين فى داهية»، «يجعله عامر»، «ممنوع الاقتراب والتصوير»، «بنك الحظ».

غير تقليدي

قال شادي علي، مخرج فيلم «عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره فينتهي به الأمر إلى المهزلة»، والذي يعرض الآن، إن اسم الفيلم آثار حالة من الجدل بشأن كونه أطول اسم في تاريخ السينما المصرية، لافتاً إلى أن سبب اختيارهم له لأن الفيلم كوميدي فانتازي بالتالي فلابد أن يكون اسم الفيلم غريبًا، ليُضحك الجمهور ويدفعهم للاستغراب، بالإضافة إلى أنه مرتبط بأحداث العمل، حيث يشير إلى أن البشر عندما تتجه أفكارهم إلى الأمور السيئة ينتهي بهم الأمر إلى المهزلة.

وأضاف علي أنه عندما أرسل إليه المنتج السيناريو أعجبه للغاية، ولم يكن هناك أي ترشيحات للأبطال، وهو أمر نادر الحدوث، فقمنا بالترشيحات وبعض جلسات العمل على السيناريو والتي استغرقت ما يقرب من عام كامل، عملنا فيها من 6 إلى 7 نسخ كتابة، مع ورشة الكتابة، مشدداً على أن اسم الفيلم غير تقليدي، وصياغته تمت بعد عدة جلسات، موضحاً أن العنوان يعبر عن محتوى الفيلم بشكل تام.

وأشار علي إلى أن الفيلم يدور في إطار كوميدي فانتازي، تدور أحداثه بين مصر ولبنان وولاية بور عماد الخيالية، وأبطال الفيلم شباب لا يعرفون بعضهم، ولكنهم يتقابلون في المطار أثناء ذهابهم إلى لبنان لكن لكل منهم هدف مختلف، وتحدث لهم الكثير من المفارقات الكوميدية، حيث يقوم بيبو، والذي يلعب دوره أحمد فتحى وهو شاب ساذج انزلق فى مستنقع أفكار متطرف بتوريط سمير، والذي يقوم بدوره محمد ثروت وهو موزع يسافر بصحبة خاله تاجر المخدرات وهانى الذي يقوم بدوره محمد سلام خبير تجميل للانضمام إلى إمارة متطرفة هزلية تدعى «بورعماد» ليجدوا أنفسهم جميعًا تحت رحمة أمير الولاية المجنون فيضطر بيبو، وسمير وهانى لإخفاء هويتهما الحقيقية ومجاراة المتطرفين خوفاً على حياتهم بطريقة كوميدية مشوقة.

تجربة خاصة

وأكد شريف البنداري، مخرج فيلم «علي معزة وإبراهيم» إنه لم يفكر للحظة واحدة فى تغيير اسم الفيلم، موضحاً أن الاسم جاء معبراً عن محتوى الفيلم، ومضمونه وأسماء أبطال الشخصيات، مستبعداً أن يكون الاسم غريباً أو مستفزاً للجمهور.

وأعرب البنداري عن سعادته البالغة بكل ردود الأفعال التي جاءته على الفيلم، لاسيما الجوائز التي حصدها فى الآونة الأخيرة، موضحاً أن الفيلم بالنسبة له تجربة شديدة الخصوصية فهو مختلف وبسيط متسائلاً: ما المانع من بعض التجريب والخيال؟.

وأوضح البنداري أن اسم الفيلم جسد تجربة كاملة من الصعوبات أثناء التصوير أبرزها المعزة «ندى»، لأنها حيوان فى الأساس لايفهم شيئاً، موضحاً أنهم كفريق عمل بحث عن مُدرب حيوانات في الهند، ولكن تم التراجع عن الفكرة نظراً لضيق الوقت، بعد بحث طويل عن ندى، قارب نحو 4 أشهر كاملة، وكان من الأفضل ترك الأمر لها لمشاهدة ماذا ستفعل، ومن ثم تطويع ذلك لخدمة العمل أو المشهد الذي يتم تصويره، موضحاً أنه على سبيل المثال كان هناك مشهداً كانت تقفز على السور في مدينة الإسكندرية وخلفها أحمد مجدي وعلي صبحي، رأيتها وهي تقوم بالأمر بالصدفة، وصورناها وهي تفعل ذلك، وأصبح مشهداً في العمل، وهو لم يكن مكتوبًا في السيناريو بالأساس.

وأشار البنداري إلى أن أي عمل فني أو إبداعي يحمل بعض المخاطرة المحسوبة، هي جزء من متعة صناعة الفيلم فى النهاية، فاسم الفيلم والتجربة كلها عبارة عن موضوع مختلف، حاولنا فيه تقديم المتعة الخالصة للجمهور العادي.

دعاية

ومن جانبه قال المنتج أحمد السبكي، والذى طُرح له أخيراً فيلم تحت عنوان «يجعله عامر» بطولة الفنان أحمد رزق: إن من يشاهد الفيلم سيعرف مغزاه، مشيرًا إلى أنه مأخوذ من مصطلح شعبى معروف ودارج يدل علي الكرم، مشدداً على أن اسم الفيلم يعبر عن محتوى ومضمون العمل.

وأضاف السبكي أن اسم الفيلم جزء أساسى من الدعاية له، وهناك عدد من الأفلام يدخلها الجمهور لإعجابهم بالاسم، لافتاً إلى أن الفيلم كوميدي لايت، ويناسب كل أفراد الأسرة.

إفلاس

وذكر المخرج محمد فاضل إن اختيار اسم العمل الفني لا بد أن ينبع من أحداثه ويعبّر عما يدور فيه، علي سبيل المثال لا يكون كوميدياً في حين أن العمل تراجيدي أو بوليسي.

وأعرب فاضل عن استغرابه جراء وجود عدد كبير من الأسماء الغريبة للاعمال الفنية سواء فى السينما أو التليفزيون لا تعبر عن الأحداث، مما يجعل الأمر إفلاساً فنياً واضحاً.

وأكد فاضل قائلاً: قد يلجأ القائمون على الفيلم إلى اسم لافت أو صادم ليجذب المشاهد، في حين أن الأخير قد ينصرف عن العمل إن كان دون المستوى ولن يهتم باسمه، لكن في حال نجاحه، تجد المشاهد يطلق على العمل اسماً مختلفا عن اسمه الأصلي.

جودة العمل

الناقد الفني طارق الشناوي يري، إنه لا غرابة فى أسماء الأفلام مهما حدث، سواء جاء العنوان طويلاً أو قصيراً، مشيراً إلى أن الشريط السينمائي هو الفيصل بالنسبة إلى الجمهور، وجودة الفيلم من عدمها ستساهم في نجاحه أو فشله، مؤكداً حرية صانعي العمل في اختيارهم وسائل الدعاية المناسبة.

وأضاف الشناوي أن المخرج الإيطالي الشهير «فيديركوفيلليني» كان له فيلم بعنوان «ثمانية ونصف» والذي جاءت تسميته وفقا لتسلسل المخرج في اخراج افلامه وليس من وقائع قصة الفيلم، فقد أخرج فيلليني قبل هذا الفيلم سبعة أفلام روائية طويلة وفيلما واحدا قصيرا فشكل فيلمه الجديد «ثمانية ونصف» المنتج عام 1963 حاصل جمع افلامه المنجزة، ويعد هذا الفيلم الذي تتداخل مشاهده وتتشابك احداثه بين الخيال والواقع وبين الماضي"المخرج وهو طفل" وبين الحاضر و"الستينيات من القرن الفائت"، تحفة فنية خالدة كرست بحق شهرة المخرج الإيطالي الذي يعد من المخرجين المساهمين في تيار الواقعية الجديد الذي ظهر في السينما الإيطالية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبالتالي جاء اسم الفيلم بعيداً تماماً عن مضمونه أو محتواه الفني.

وأكد الشناوي أن غرابة الاسم من الممكن فى البداية أن تثير الاهتمام والفضول، ولكن لا تؤدي إلى النجاح أو تقود للفشل، إلا إذا كان العنوان صارخاً يحمل إيحاء جنسياً أو ماشابه أو سباً أو قذفاً أو خروجاً على الآداب العامة فنجد فيلماً يمكن أن يكون تحت عنوان «قبلات حميمة» على سبيل المثال ويدخل المشاهد وقد تكونت لديه صورة ذهنية معينة وعندما شاهد الفيلم ولا يجد فيه قبلة واحدة، هنا يمكن أن يلعب الفيلم دوراً عكسياً إذا اصطدم العنوان بالجمهور.

وأشار الشناوي إلى أن هذه الأساليب تعتبر لعبة دعاية مؤقتة المفعول، موضحاً أنه شخصياً ليس ضدها، وهي كالعناوين الصحفية التي تسعى إلى جذب القارئ، مشدداً على أن قوة اسم الفيلم قد تجذب الجمهور فقط فى البداية ولكن فى النهاية لا تصنع نجاحاً، لأن الجمهور يشاهد الفيلم ويكتشف الحقيقة فيما بعد.

بطل الفيلم

وفى نفس السياق قال الناقد الفني نادر عدلي إن اسم الفيلم من المفترض أن يكون دافعاً للجمهور لمشاهدته، مشيراً إلى أن هذا التفكير من المفترض أن يكون هو الأساس لصناع العمل أنفسهم، موضحاً أن اسم الفيلم من الضروري أن يكون جزءاً من موضوعه ويدل عليه، وهو ما يجب أن يكتشفه المشاهد، وإلا فلن يمثل إضافة للفيلم بل سيصبح عبئاً كبيراً عليه.

وأضاف عدلي أن هناك أزمة واضحة فى الأسماء مع الأفلام المصرية التي ظهرت فى الأعوام الأخيرة، ونجد كثيراً من الأسماء حملت فقط أسماء أبطالها، مثل اللمبي أو القرموطي أو ما شابه، وهي تعكس حالة من الاستسهال، وغياب الأفكار الجيدة لأسماء يمكن أن تجذب الجمهور وتضيف للعمل.

وأكد عدلي أن اسم الفيلم يعد عاملاً هاماً لنجاحه أو فشله حيث يردده المشاهد، ويحمل قيمته، وليس اسما فقط وكفى، موضحاً أن ظاهرة الأسماء الغريبة للأفلام تعبر عن حالة من الضعف من جانب صناعه، مشدداً على أن فيلم «عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره فينتهي به الأمر إلى المهزلة» على سبيل المثال كان الهدف منه فقط هو جذب الانتباه ليقول صناعه إنه أطول اسم لفيلم فى تاريخ السينما المصرية، ولكن قد يأتي بنتيجة عكسية، والإيرادات هي الفيصل فى النهاية.

عامل جذب

وقالت الناقدة الفنية ماجدة موريس إن اسم الفيلم يعتبر بمثابة الفخ للجمهور ليحدث داخله رغبة بمعرفة مضمونه وما يحتويه، مشيرة إلى أن بعض الأفلام تخلق لدي الجمهور حالة من الجودة للفيلم واسماء اخري تخلق حالة من التدني، موضحة أن اسم الفيلم قد يربطه الجمهور بصناعه وتاريخهم والتجارب التي خاضوها من قبل، ومدى جودتها من عدمها، مشددة على أنه فى أغلب الأحيان يكون فى ذهن مؤلف الفيلم هدف واضح وراء اختياره اسماً معيناً للفيلم أو الدراما نفسها أو للفت الأنظار إليها.

وأضافت موريس أن الاسم الغريب قد يدفع الجمهور إلى مشاهدة الفيلم، لكن الأهم أن يكون الانطباع الذي يتركه لدي الجمهور في محله، لا سيما أن اهتمامه يذهب نحو جودة الفيلم، وكثيراً ما يقبل الناس على أعمال لا تحمل عناصر جذب إنما لديها سمة الجودة بصرف النظر عن اسمها.

وتؤكد موريس أن الاسم الغريب يكون استغلالاً لنجاح اسم فيلم سابق أحياناً، فمثلا «اللمبي 8 جيجا» هو محاولة للاستفادة من نجاح الفيلم السابق «اللمبي» للفنان محمد سعد، ما يؤكد حرص صناعه على خدمة الفيلم، مشددة على أن الفيلم لا يعتمد على العنوان فحسب، بل على التريلر والمقدمات الإعلانية وأغنية الفيلم وكلها عوامل جذب، وأحياناً يكون الاسم غريباً لأن موضوع الفيلم نفسه غريب.