رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أحمد تركي يكتب: «كل شيخ وحسب تكوينه»

9-10-2020 | 00:12


المثل المصرى بيقول "كل شيخ وله طريقة!"، وأنا أقول: "كل شيخ وحسب تكوينه". اختيار الواعظ أو العالم للموضوعات التى يتحدث فيها تعكس  شخصيته وتكوينه الثقافى والعلمى!! هل يهتم باحتياجات الناس من القرآن والسنة وكنوز التراث؟!، أم يتحدث وفق ما تمليه عليه نفسه؟!

 

يعز علىّ رؤية زملاء أفاضل يجلسون أمام الكاميرات عبر شاشات الفضائيات، وتضيع  ميزانية مالية ضخمة فى البث والتصوير وخلافه ؟!، وهو يحدث الناس بكل انفعال وتقعر  عن  "هل الحور العين فى الجنة تحيض؟!"، وكأن الناس  عندما تعرف هذه المعلومة سينتفضون إلى الهداية!.

 

ويعز علىّ سماع بعض السادة المتحدثين فى إذاعة القرآن الكريم بكل انفعال عن موضوعات فى فروع الفروع، وأغلب الموضوعات مكررة بين البرامج (واضح عدم التنسيق بين برامج نفس الإذاعة)

 

يؤسفنى القول إن أكثر من ثمانين بالمائة من الخطاب الدينى الذى يهطل على الناس عبر الفضائيات والسوشيال ميديا من السادة المعممين والسلفيين وفرافير  الوعظ الممولين من الخارج يتناول مسائل فرعية، بل وفروع الفروع، ومعظم هذه المسائل تخص النصف الأسفل من الإنسان، ولا مانع عندهم من شتم الإرهاب مرة أو مرتين لتمشية الحال دون مكافحته فكرياً على النحو المطلوب، وبعضهم يتعامل مع قضايا الارهاب والتطرف بنظرية مسك العصا من المنتصف!

 

أذكر فى خطبة الجمعة التى تلت حادثة مسجد الروضة ببئر العبد والتى قد استشهد  فيها المئات من المصلين على يد كلاب النار، كانت المنابر كلها تتحدث عن الإرهاب واعتدائه على المصلين، هاتفنى صديق كان يصلى الجمعة فى بعض مساجد منطقة ما، وكان يخطب الجمعة فرفور من فرافير الوعظ فى الفضائيات، فتحدث عن (مفاتيح الرزق)!، المساجد كلها تتحدث عن الإرهاب وفاجعة مسجد الروضة وهو يتحدث عن مفاتيح الرزق؟!، فقمت بمهاتفته، وقلت له: أنا الشيخ أحمد تركى، لماذا لم تلتزم فى خطبة الجمعة بالموضوع المحدد؟، قال لى: ياشيخ أحمد أنا لست مقاتلاً مثلك، يوجد فى المسجد انتماءات مختلفة وأنا مش عاوز يحصلى زى ما حصلك.

 

وبعد تلقينه الدرس المناسب قمت بإبلاغ الزميل المسئول فى الأوقاف عن هذه الواقعة، والتى أظنها تمت تسويتها، وتأكد لى بهذا الموقف أزمة كبيرة من أزمات الخطاب الدينى.

 

بالطبع توجد إجراءات ضخمة تدعمها الدولة المصرية حتى لا تحدث هذه الثغرات، ولكنها شكلية التنفيذ أكثر  منها واقعية، وهذه من نقاط الخلاف الكبيرة بينى وبين بعض الزملاء الذين يقاتلون حتى يبقى الوضع على ما هو عليه  وكثير من الزملاء يعترضون على كلامى بحجة أنهم يظهرون مواضيع لها أدلة ونصوص.

 

أقول لهم: التراث الإسلامى يا شيوخنا الأفاضل بحر عميق، فيه من الجواهر الكثير وفيه أيضاً تفاصيل لا نحتاجها أو بالأصح غير مناسبة لوضعها فى بؤرة الاهتمام، فلا تكونوا كالمغيب الذى سمعته فى الدنمارك عام 2002 يتحدث عن فقه تحرير الجوارى والعبيد، ويستند إلى نصوص، تخيل يا مؤمن!،  شيخ يتحدث فى دولة أوروبية عن هذا الموضوع الذى شرعه الله لإنقاذ الرقاب من ظلم البيئة العربية وقت الاستعباد، وتخلصت البشرية كلها من هذا المرض، فلماذا الحديث فى هذا الموضوع بلا مناسبة؟!

 

أو هذا الذى وقف أمامى  (فى مؤتمر) مع وفد من أساتذة الجامعات الألمانية يستدل على سماحة الاسلام وعظمته  بالحديث "إذا قتلتم فأحسنوا القِتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة"، ولولا تدخلى بتفسير النص وسياقة لكانت ستحدث مصيبة كبيرة، كما أذكر  موقفاً مؤسفاً لبعض المعممين الكبار (كان متطرفاً لفترة كبيرة) ثم أظهر دور الوطنية لزوم المرحلة، دعم كلامه المحفوف بالوطنية ودعم الوطن بعبارات قالها الإرهابى سيد قطب فى كتابه العدالة الاجتماعية فى الإسلام، وهو يؤصل لإسقاط الوطن وبناء دولة الخلافة وفق تصوره الإرهابى، فقام مولانا بتحوير كلام سيد قطب مع استخدام مضمونه ،فهل نحن فى حاجة إلى كتابة المتطرفين والإرهابيين؟، بالطبع لا، لكن هذه هى بضاعته .

 

أرجوكم  يا سادة: تناولوا قضايا الروح والنفس والعقل والقلب وموضوعات الحروب الحديثة وكيفية المواجهة وحبائل الإرهاب والتحذير منها .


حببوا الناس فى حياتهم ليحبوا ربهم ووطنهم وينشطوا نحو العمل والإنتاج ،ضعوا فى اعتباركم أن حقائق العلم مع أصول الإسلام خَير وسيلة للإقناع وسوق الناس إلى الخير.


لأجل هذا أقول إن تكوين العلماء والوعاظ  من أهم  مشروعات الوعى الدينى ونحن نواجه حروبا فكرية ضارية.