رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«الهلال اليوم» ترصد بالصور حكايات أهالي زقاق المدق

24-4-2017 | 11:48


كتبت - يارا حلمي

زقاق صغير متفرع من حارة "الصنادقية" التي تحمل نفس الصفة، بحي الحسين، يبدأ إلى اليمين بمحل صغير لبيع "البرفانات"، أمامه محل خردوات، يجاوره مخزن عطارة، يتبع محل في واجهة الزقاق، بينما القهوة الصغيرة القديمة تواجه المخزن سالف الذكر، وتضع منضدتين وعدد صغير من المقاعد أمام أبوابها، وتتزين بصورة كبيرة للأديب الراحل نجيب محفوظ، الذي أحيا ذلك الرَّبع الصغير المعروف باسم "زقاق المدق"، في رواية خالدة له.

المكان ينطبع بالشكل القديم، وينقصه الكثير من الترميمات، ربما أحدث ما فيه هو السلم الرخامي، الموجود بالداخل أقصى اليمين، يفضي إلى ممر، به ورشة لصناعة الأحذية، وأخرى لتصنيع الفضة، ومصنع ملابس، وعدد من المخازن الخاصة بأصحاب المحلات في الزقاق وخارجه، التي يطل عليها المنزل الذي عاش فيه نجيب محفوظ.

مقهى "كرشة"، لصاحبه عبد النبي علي يوسف، أبرز علامات المكان، وأكثرها نبضا بالحياة، يحتفظ بشكله الذي صُمم به وقت افتتاحه، في مدخله على اليمين صورة لمحفوظ، مُعلَّق بجوارها "دُرج الماركات"، وهو عبارة عن قطعة خشبية بها عدد من الأدراج الصغيرة، يحتفظ صاحب المقهى داخل تلك الأدراج على قطع معدنية وبلاستيكية، تساوي ثمن ما تناوله كل زبون من مشروبات دون دفع حسابها.

إلى اليسار توجد "نصبة الشاي" بشكلها العتيق، مساحة صغيرة يشغلها شخص واحد، يُعد الطلبات للزبائن بعددهم القليل، ويستخدم أدوات قديمة، سواء براد الشاي، أو كنكة القهوة، ولا يعتمد على السخانات الكهربائية، بسبب رغبة أصحاب المقهى في ترك كل شيء بالقهوة قديما أصيلا كما هو.

عم عبد الجليل عبده علي، ورث المقهى عن أهله، قال لبوابة "الهلال اليوم" إنه لم يعاصر أيام محفوظ في المقهى، لكن والده كان يحكي عنها باستمرار، وعن جلسته وسط جيرانه بهدوء وعدم تكلُّف، مضيفا أن محفوظ كان كثير الجلوس هناك، وسط البسطاء، الذين كان يستمد أفكار وأحداث رواياته منهم.

وأشار عبده إلى أن كل شيء حدث خلال هذه الفترة كان مميزا، وكان أفضل من الوقت الحالي بكثير، موضحا "كانت الناس بسيطة ودودة، وكانت البركة في كل شيء، مال وطعام وأطفال، والأخلاق كانت مختلفة عن اليوم"، وقال "الحياة تغيرت كثيرا، وزبائن القهوة أصبح عددهم قليل للغاية، والأجانب يحضرون للمكان أكثر من المصريين".

وروى صاحب المقهى أن فيلمي بين القصرين وقصر الشوق تم تصوير أجزاء منهم بالزقاق، وكان الممثلون والمساعدون وكل أفراد العمل يجلسون في أوقات الراحة داخل المقهى، ويحبون المكان لمحبتهم لمحفوظ، الذي كان يحلو له السهر للكتابة داخل المقهى.

في مواجهة مدخل الزقاق يوجد محل "أولاد الحاج علي إبراهيم" للعطارة، أسفل المنزل رقم "4"، الذي يشغل ضلعين من الزقاق، والذي عُرِفَ في فيلم "زقاق المدق" بمنزل حميدة، ولا يزال شباك حميدة مفتوحا، أعلى المحل.

يقول عبد الرحمن محمد، الطالب بكلية التربية ونجل صاحب محل العطارة، إن الزقاق لا يعيش فيه سوى ثلاث أسر، ولا يجعله نابضا سوى المحال المفتوحة، والورش والمخازن، مضيفا أنه كثيرا ما يستمع إلى قصص الزقاق ومحفوظ وأصدقائه من كبار الزقاق، الذين يؤكدون أن تلك الأيام التي ولَّت كانت الأفضل، وأنها لن تُعوَّض.

بساطة المكان التاريخي لافتة للنظر، كذلك بساطة قاطنيه، الذين يعلمون جيدا قيمة المكان الذي يعيشون فيه، لكنهم أيضا يشعرون بمدى تجاهل الدولة لهم، على الرغم من التجديدات التي تقوم بها المحافظة هناك على فترات متباعدة، طبقا لأهل الزقاق، لكنهم يطالبون بزيادة الاهتمام بالمكان، مؤكدين أن الأجانب يعلمون قيمته أكثر من الدولة