رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مجدى يعقوب.. رسول القلوب

11-10-2020 | 20:15


 "أسطورة الطب فى العالم": هو اللقب الذى أطلقته جمعية الطب الأمريكية على الدكتور المصرى "سير" مجدي يعقوب، وذلك لإنجازاته فى الطب وفى إنقاذ العديد من المرضى، جراح القلوب الشهير، أو "ملك القلوب"، أو حتى قُل عنه "رسول القلوب" كما أطلق عليه المصريون، وأرادوا له أن يكون رسولهم إلى العالم، ويمثل بلادهم فى كافة المحافل الطبية العالمية.


مجدى حبيب يعقوب المولود فى مركز بلبيس بالشرقية فى 16 نوفمبر عام 1935، عشق مهنة الطب بسبب والده "حبيب يعقوب" جراح وزارة الصحة، له شارع يحمل اسمه بمنطقة العجوزة فى قلب القاهرة، عمل فى مستشفيات أسوان وقنا ومعظم محافظات الجمهورية وكان وراء سبب عشق الابن "مجدى" لمهنة الطب .


أما اتجاهه للتخصص فى جراحة القلب والصدر كان بسبب فقدان أسرته عمته الصغرى أوجينى التى توفيت عن 21 سنة بسبب إصابتها بضيق فى صمام القلب، وحزن أبيه لموت شابة بسبب مرض له علاج فى خارج مصر، وكان من الممكن إنقاذها .. ظلت هذه المقولة تتردد فى عقل مجدى يعقوب الابن حتى قرر أن يصبح هدفه أن يتخصص فى علاج القلب لإنقاذ حياة المرضى، وتخرج الدكتور يعقوب في كلية الطب جامعة القاهرة عام 1957م.


وسعى الدكتور مجدى يعقوب من خلال عمله كطبيب إلى اختراق كل ما هو صعب في مجال جراحة القلب، والعمل على ابتكار أساليب جديدة تساعد وتنمي مهارات الجراحيين بالشكل الذي يجعل جراحات القلب أكثر سهولة مما سبق. هذا بالإضافة لمساهمته في مركز هارفيلد لأبحاث أمراض القلب ببريطانيا، واستحداثه أساليب مبتكرة للعلاج الجراحي لحالات هبوط القلب الحاد، كما عمل على تأسيس البرنامج العالمي لزراعة القلب والرئة، بكل ذلك سعى بمصر للعالمية فى مجال الطب واستحق أن يكون أحد سفرائها فى الخارج.


وللدكتور مجدي يعقوب العديد من الإنجازات الطبية فمن خلال عمله كجراح قلب في المستشفيات البريطانية، قام بتقديم العديد من الأساليب الجراحية الجديدة لعلاج أمراض القلب وخاصة الأمراض الوراثية، وقد قام يعقوب بحوالي ألفي عملية زراعة قلب وما يقرب من 40 ألف عملية قلب مفتوح، كما أسس جراحة لزرع القلب فى بريطانيا.


لـ د."مجدى يعقوب" نشاطه في المجال الخيري حيث قام بتأسيس إحدى المؤسسات الخيرية عام 1995م، والتي عرفت باسم "سلاسل الأمل" وهى المؤسسة التي سعى من خلالها لإجراء جراحات القلب للمرضى في الدول النامية، وقد اهتم كثيراً بإجراء العمليات الجراحية مجاناً في عدد من الدول والتي تأتي على رأسها  "مصر" وذلك للأطفال الذين لا يستطيع أهلهم تحمل نفقات الجراحة والعلاج لأولادهم، كما عمل على إنشاء وحدة رعاية متكاملة بمستشفى القصر العيني بمصر لعلاج التشوهات الخلقية في القلب. 


كما أسس أول مركز بأسوان لعلاج الأطفال المرضى بالقلب بعنوان مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض القلب، وساهم د.يعقوب فى إنقاذ أرواح العديد من الأطفال فى العالم الذين ولدوا بعيب خلقى فى الأوعية الدموية الكبرى.


كما له دور كبير فى تطوير برامج جراحة القلب والأوعية الدموية فى مناطق الخليج العربى وموزمبيق وإثيوبيا، وأنشأ جمعية خيرية بعنوان سلاسل الأمل بهدف مساعدة الأطفال الذين يولدون بعيوب خلقية فى القلب، وإيجاد طرق حديثة لإنقاذ حياتهم.


لا ينسى أحد لـ د."يعقوب" قوافله الطبية التى جابت الكثير من الدول، من قلب إفريقيا إلى المنطقة العربية، آلاف العمليات الجراحية للقلب فى بريطانيا ومصر وكثير من دول العالم، رجل مست إنسانيته الكثيرين حول العالم ، فعشقته قلوب الجميع وسلب ألبابهم.


ما ناله يعقوب من أوسمة وجوائز عالمية يكفيه لو وقف عليها لتعلو قامته شامخة كهرم يمثل الهوية المصرية الخالصة التى لم تغره التكريمات والجوائز والمناصب والمكانة العالمية المرموقة وتمنعه عن قيم الإخلاص والتواضع وخدمة الجميع دون استثناء، من لقب فارس الذى منحته له الملكة البريطانية إليزابيث إلى جائزة الفخر البريطانية التى لم ينلها إلا أصحاب الإنجازات العظيمة، ولقب "أكثر أطباء العالم إنجازا في عدد عمليات زرع القلب"، التي قام بها خلال مسيرته الطبية الطويلة، كما حرصت الملكة الإسبانية "صوفيا" على تسليمه الميدالية الذهبية تقديرا من جانبها لتاريخه العلمي، وللأعمال الخيرية الهائلة التي يقوم بها حاليا، كما لقّبته الأميرة "ديانا" أميرة ويلز الراحلة، بملك القلوب، واختاره رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير لإصلاح نظام التأمين الصحي في المملكة المتحدة الذي يعتبر من الأنظمة المهمة والمحورية للشعب الإنجليزي، وحصل على لقب بروفسير في جراحة القلب عام 1985م،


وقامت ملكة بريطانيا بمنحه لقب "سير" عام 1991م، كما فاز بجائزة الشعب عام 2000م والتي قامت بتنظيمها هيئة الإذاعة البريطانية BBC، كما تم انتخابه من قبل الشعب البريطاني ليفوز بجائزة الإنجازات المتميزة في المملكة المتحدة. وهذه الجائزة التي تقدم لتكريم أصحاب الإنجازات المتميزة بالمملكة المتحدة، وفي هذه الجائزة يتم ترشيح الفائزين من قبل الشعب البريطاني والذي يقوم بالتصويت على الفائزين أيضاً، كما حصل على عدد من الألقاب والدرجات الشرفية من عدد من الجامعات العالمية.


وأخيرًا تُوجت مؤسسة مجدي يعقوب لأبحاث القلب بلقب الفائز الأول في قمة المعرفة في دورتها الخامسة من مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، كواحد من صناع الأمل فى العالم وهى الجائزة التى تُمْنَحُ تكريماً للإسهامات الفاعلة في نشر المعرفة الإنسانية وتطويرها، وإلهام الآخرين، وخلق السبل لتعزيز المعرفة.


كل هذه الجوائز والألقاب والتكريمات والمكانة لم يستغلها مجدى يعقوب لنفسه، وهو الذى يعتبر من بين أكثر المصريين شهرة في مصر وخارجها وهو من رواد عمليات زراعة القلب على المستوى العالمي وأحد أبرز الجراحين في بريطانيا حيث يلقب بملك القلوب إلى جانب حمله لقب سير منذ نحو ثلاثة عقود.


يعقوب هو نموذج للأصالة المصرية والهوية المصرية والعربية ولكنه سعى بعلمه ومجهوده لرفع اسم مصر عاليا فى المحافل الطبية، يعقوب أراد أن يرسخ لمصر مكانتها الطبية التاريخية عالميًا من خلال نقل المعرفة الطبية للجميع، وهى المعرفة التى عُرفت بها على مدار التاريخ..وهو ما يؤكد عليه الدكتور مجدى يعقوب فى جُل حواراته ومقابلاته وأحاديث التليفزيونية، فعندما سألوه عن حلمه فبرر مبتسما.. "نفسى أقدم كل علمى إلى الناس قبل أن أغادر" ومنها قوله أيضا "إن المعرفة لا حدود لها، وإنها تثري البحث العلمي من خلال تبادل المعرفة..فهناك الكثير من العلماء الشباب الذين يأتون من أمريكا وأوروبا لتبادل الأفكار والاستفادة من أقرانهم في دول مختلفة..وتبادل الأفكار لغة عالمية وأمر لا غنى عنه، ويجب السعي نحو نشر المعرفة ونمو الاقتصاد وبناء المجتمعات، فلقد أتينا من خلفيات مختلفة من دول العالم، وهذا يشجعنا على التغلب على اختلافاتنا، إذاً نعمل مع مختلف أجزاء العالم، ونتغلب على مختلف التحديات الدبلوماسية".


يعقوب يمثل نموذجا خالصا للشخصية المصرية الأصيلة التى لم تشغلها أطماع أو مصالح ولا صراعات من أى نوع، مصرى جُبل على العمل بإخلاص، لا يبخل بعلمه، ولا يتأخر عن تلبية نداء بلده، يستحق أن يكون صانعًا للأمل، وما حققه يعقوب من إنجازات فى الطب يجب أن نقدمه كقدوة ومثال يُحتذى به للأجيال الجديدة.


الدكتور مجدى يعقوب نموذج للأصالة والهوية الوطنية الخالصة وللقوة الناعمة المصرية التى يجب أن تُستغل جيدًا فى كافة المحافل العالمية، ومن خلاله يمكن أن نقدم صورة جيدة عن مصر العلم والتاريخ والحضارة، مصر العقول والإبداع، د.يعقوب هو أحد صور الهوية المصرية الأصيلة التى يجب أن نستغلها وندعمها ونصر على أن تكون فى المقدمة دائمًا.