رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


بايدن وترامب وأحلام الجماعة الإرهابية

13-10-2020 | 19:54


حسام الحداد


رغم عدم تمكن الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب من تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية لاعتبارات عدة، بعضها متعلق بانشغاله بالداخل الأمريكي، والآخر بسبب اللوبي الإخواني صاحب التأثير الواسع والمهيمن على الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة، فإن موقف الإدارة الأمريكية من التيارات المتأسلمة في عهد ترامب هو الأفضل، لا سيما مع رفضه شراكتها على حساب حلفائه في المنطقة.

ويدرك ترامب خطورة جماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها الإخوان الإرهابية، ويعول المراقبون على قدرته على إقناع المؤسسات الصلبة بخطورة التنظيم علي المصالح الأمريكية والأمن القومي الأمريكي، هذا الموقف يختلف تماما عند الحديث عن المرشح الديمقراطي جو بايدن، حيث يعتقد المراقبون أنه حال فوزه ربما يفتح الباب أمام ممارسة ضغوط للحد من قدرة الأنظمة على استهداف الجماعات المتأسلمة وفي مقدمتها الإخوان. 


ولقد صرح أكثر من مرة أن جماعة الإخوان فصيل سياسي معارض، ولن يعادي الجماعة أو يُقدم على حظرها، وذلك وفقا لتراكمات منذ كلينتون لذا فإن الإخوان وجماعات الإسلام السياسي يتمنون فوزه ورحيل ترامب، لأن بايدن سيبدأ معهم مرحلة جديدة تختلف عن سابقه.


تقارير دولية 


ووفق ما نشره مركز "ذا جلوبال مسلم براذرهود ديلي ووتش"، المتخصص بمراقبة نشاط الجمعيات الإسلامية المتشددة، فإن "أكبر نجاح حققته جماعة الإخوان الإرهابية في أمريكا في مساعيها لإضفاء الشرعية على وجودها، هي كلمة المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن أمام المؤتمر السنوي 57 للجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (إسنا)، أحد فروع جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي التي تأسست قبل عقود في الولايات المتحدة.


ووعد بايدن بأن إدارته المحتملة ستعيّن "أمريكيين مسلمين" في عدد من المناصب على مستويات مختلفة، وهو ما علق عليه المركز بأن "تسامح الإدارة الأمريكية في حال فوز بايدن مع أنشطة الإخوان سيفتح الباب أمام الاستقطاب الدعوي الإخواني للجالية، وتكوين جمعيات شبابية وطلابية، ما يوفر أرضية خصبة للتشدد الفكري وإعادة الحرب على الإرهاب إلى نقطة الصفر".


وعكس تقرير "ذا جلوبال" المخاوف من السماح لجماعة الإخوان بالاستقطاب، خاصة للعبها دور الحاضنة الفكرية والروحية للإرهاب في كثير من التجارب بدول بالمنطقة.


ورصد تقرير أخر لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، للكاتب والأكاديمى الفرنسى ألكساندر دي فالي خطورة فوز بايدن بالانتخابات الأمريكية لعلاقاته بجماعة الإخوان وأكد فى تقريره أنه منذ بداية الحملة الرئاسية لعام 2020، ضاعفت تنظيمات الضغط الإسلامية الأمريكية المقربة من جماعة الإخوان نشاطها الانتخابي في محاولة لتعبئة الناخبين المسلمين قدر الإمكان تجاه بايدن، وأن تلك التنظيمات قدّرت أيضًا بشكل خاص استخدام المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن للكلمة العربية "إن شاء الله" خلال المناظرة الرئاسية الأولى بينه وبين الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، واعتبرتها مغازلة انتخابية واضحة.


وقال: "أدرك الجيل الجديد من جماعة الإخوان المسلمين أن التحالف مع اليسار وغيره من الجماعات السياسية في الولايات المتحدة، سوف يقوي من تأثيرهم ونفوذهم".


وأكد الكاتب أن جماعات الضغط الإسلامية أكبر بكثير مما يعتقده المرء في الولايات المتحدة وهي دولة بها 8 ملايين مسلم، 56% منهم من أصول مهاجرة و42% من المجتمع، وعلى الأقل بينهم مليون ناخب محتمل.


وتابع فى تقريره، أن من ضمن التنظيمات المقربة من الإخوان في أمريكا، الصندوق الإسلامي الأمريكي، الذي أنشئ عام 1971، والمعهد الدولي للفكر الإسلامي، والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، والمجلس الإسلامي الأمريكي، الذي تأسس عام 1990، والجمعية الإسلامية الأمريكية التى تأسست عام 1992.


إلى جانب ISNA، ومجلس الشئون العامة الإسلامية (MPAC)، ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، الذي تأسس في عام 1994 في واشنطن من قبل نهاد عوض، وهو شقيق فلسطيني مقرب من حماس وراقبته المخابرات الأمريكية منذ فترة طويلة لكنه تمكن من الحصول على الجنسية الأمريكية وأن تصبح محاورًا متميزًا للديمقراطيين.


ويمثل مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في جميع الولايات الأمريكية، ويعمل على مكافحة أي تهديد للحرية الدينية للمسلمين في أمريكا ويصف نفسه بأنه أكبر منظمة تدافع عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة، وفقا لتقرير نشر فى واشنطن بوست عام 2004.


كما تعد الجمعية الإسلامية الأمريكية هى ثاني أكبر منظمة إخوانية عبر المحيط الأطلسي ومقرها فولز تشيرش بولاية فيرجينيا، وفي موقعها على شبكة الإنترنت، تمحو تبعيتها لجماعة الإخوان من خلال تقديم نفسها على أنها "منظمة خيرية ودينية واجتماعية وثقافية وتعليمية ديناميكية تضم أكثر من 50 فرعا في جميع أنحاء الولايات المتحدة.


وأشار الكاتب إلى أنه بدأت العلاقة المتميزة للإدارات الديمقراطية مع الإخوان الأمريكيين في الواقع في وقت مبكر من عام 1996، عندما كانت هيلاري كلينتون، الزوجة المؤثرة للرئيس بيل كلينتون آنذاك، تمت دعوتهم لأول مرة من قبل قادة USMB وهى مجموعة من الجمعيات الأخوية الأمريكية إلى الإفطار خلال شهر رمضان فى البيت الابيض، وتم الإعلان عن هذا الإفطار لأغراض انتخابية بارزة، كما كان الظهور المتكرر لهيلاري كلينتون وابنتها يرتديان الحجاب الإسلامي في وسائل الإعلام العربية مع وصول باراك حسين أوباما إلى السلطة، تعمق التقارب بين الإدارة الأمريكية والإخوان المسلمين.


وكشف دليلان عن علاقة أوباما والإخوان، أولًا وقبل كل شيء "خطابه الشهير في القاهرة" عام 2009، والحقيقة المؤكدة أن جزءًا كبيرًا من الحضور خلال ذلك الخطاب كانوا من جماعة الإخوان المسلمين، وثانيا دعمه الثابت للإخوان خلال الربيع العرب، خاصة في مصر، القلب التاريخي لمجتمع الإخوان المسلمين الذي أنشأها حسن البنا عام 1928 في القاهرة.


وحذر الكاتب من أن جو بايدن إذا وصل إلى السلطة سيسير على خطى الإدارة الأمريكية السابقة التي عمل فيها في عهد أوباما وسيدعم عناصر الإخوان بل من الممكن أن يقوم بتعيين بعض عناصر الجماعة في إدارته كما فعل أوباما.


وأوضح دي فال أن كل هذه العناصر يمكن أن تثير قلقا عميقا في حال فوز الديمقراطيين، فإن أمريكا ستخاطر بالغرق بينما تترك أبوابها مفتوحة على مصراعيها للهجرة والإخوان المسلمين واستئناف اتفاقياتها مع الدول التي تدعم الإرهاب.


وكان أكبر نجاح لجماعة الإخوان في أمريكا نحو إضفاء الشرعية حتى الآن ، دعوة المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن أمام المؤتمر السنوي السابع والخمسين للجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA) في 24 سبتمبر 2020، وهو عنصر وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مرشح رئاسي قبل الحدث، وقد تم تقديم بايدن من قبل زكي برزنجي، حفيد جمال البرزنجي الذي كان أحد مؤسسي الاتحاد، قدم بايدن ثلاث نقاط رئيسية في هذا المؤتمر:


شكر إسنا على "دعمها وإشراك أمريكا المسلمة" على الرغم من أن بيانات الاقتراع الوحيدة المتاحة ذكرت أنه عندما سُئلت عينة من المسلمين عما إذا كانت الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية تمثل اهتماماتهم، كانت الردود الإيجابية من قبل كل من الرجال والنساء في خانة واحدة.


ادعى بايدن أنه كان هناك ارتفاع مذهل في ظاهرة الإسلاموفوبيا خلال إدارة ترامب، وهو ادعاء قدمته مجموعات USMB باستمرار على مدار سنوات عديدة، على الرغم من أن الأرقام الثابتة الوحيدة في هذا الصدد هي إحصاءات جرائم الكراهية لمكتب التحقيقات الفيدرالي التي أفادت في عام 2019 أنه تم الإبلاغ عن 270 جريمة ضد المسلمون والأمريكيون العرب، الأقل منذ عام 2014، من الصعب أن نتخيل أن الارتفاع الهائل في ظاهرة الإسلاموفوبيا يمكن أن يكون مصحوبًا بانخفاض قياسي في جرائم الكراهية.


قال بايدن إن إدارته سيكون لديها "أميركيون مسلمون يخدمون على كل المستويات" على الرغم من عدم قدرة حملته وإدارة أوباما السابقة أو عدم استعدادهما على ما يبدو لفحص المعينين لعلاقاتهم مع جماعة الإخوان المسلمين الأمريكية.


وبكل ما تقدم وغيره يعد بايدن حصان طروادة الذي من الممكن في حال فوزه بالانتخابات الأمريكية أن يعطي قبلة الحياة لجماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها الحاضنة التاريخية جماعة الإخوان.