رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ملامح الحروب الحالية والمستقبلية في العالم الرقمي

13-10-2020 | 21:16


• مع تطور صور الحرب و أجيالها ظهرت الحروب "الغير متماثلة أو الحرب الهجينة " و هي حروب الميليشيات الإرهابية ضد الجيوش النظامية بغرض إزعاجها و استنزافها


• شهد العقد الأخير تطورت استراتيجيات الحروب وولادة جيل من المنظومات القتالية التي تعتمد على التقنيات الإلكترونية في إدارة المعارك الحديثة حتى أصبحت لا غنى عنها حاليا في ظل التقدم التقني في الحروب


•استخدمت الإدارة الأمريكية " دودة ستوكسنت" ضد مجمع إيران النووي بموافقة رئاسية أمريكية، و كذلك اخترقت مواقع التواصل الاجتماعي لداعش لمنع تجنيد إرهابيين جدد أو محتملين


•فنحن الآن في مرحلة الحروب المتماثلة أو الهجينة و التي تستخدم العمليات الانتحارية العربات المفخخة و الكمائن و الغارات و الذئاب المنفردة من جهة و القرصنة و الإرهاب و التضليل الإلكتروني من جهة أخرى


لعبت تكنولوجيا حروب الجيل الرابع والخامس واستراتيجيات الفضاء الخامس دورا كبيرا في نقل مستويات الحروب التقليدية التي اعتدنا عليها و التي تتم بين جيشين نظاميين في منطقة محددة من الأرض بتكاليفها الباهظة من الدماء و التكلفة المالية العالية كما في حرب الولايات المتحدة على العراق , إلى أن أصبحت الآن  حربا تتم بفاعلية أكبر و بصورة متواصلة و لكن على العسكريين و المدنيين معا و كذلك المؤسسات العسكرية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية على حد سواء، و كذلك تعددت صور تلك الحروب ما بين الحرب الإلكترونية و حرب المعلومات و الإرهاب الإلكتروني و التجسس الإلكتروني و الاختراق و نشر الفيروسات والديدان الإلكترونية التي تشل أو تضلل أوتدمر المؤسسات السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو المالية أو الخدمية أو حتى تؤثر على الرأي العام لمواطني الدولة الهدف دون الحاجة لإطلاق طلقة واحدة و بتكلفة لا تذكر بالمقارنة بالحرب التقليدية بحرب صامتة و ناعمة و أكثر فتكا , و بدون إثبات أو دليل على المهاجم.


و مع تطور صور الحرب و أجيالها ظهرت الحروب "الغير متماثلة أو الحرب الهجينة "و هي حروب الميليشيات الإرهابية ضد الجيوش النظامية بغرض إزعاجها و استنزافها في معركة شبحية  بين الأسد و الفأر تعتمد على الكمائن و الغارات و سياسة التوحش و نشر أعمالها الإجرامية على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض خفض الروح المعنوية و التأثير على الرأي العام و نشر الإحباط حتى تترك الأرض المراد إخلائها من تلك الجيوش.


و يتزامن معها صورة من صور الحروب و هي " حرب الأعنف " بتدريب  بعض الدول المهاجرة  لبعض المواطنين من الطابور الخامس في الدولة الهدف على استراتيجيات تلك الحرب التي تشيع الغضب بين المواطنين و السلطة و تخلق لحظة الصدام و تضخمها لتصنع الفوضى و تساعد على فشل الدولة أو إضعافها مما يسمح للإرهابيين من الجماعات المسلحة من التسلل وإشعال مناطق للاقتتال و إضعاف تماسك الدولة وسيطرتها على مناطق من أرضها و إنهاك اقتصادها مما يمهد إلى تقسيمها أو استسلامها للدولة المهاجمة فيما بعد.


و قد شهد العقد الأخيرتطورت استراتيجيات الحروب وولادة جيل من المنظومات القتالية التي تعتمد على التقنيات الإلكترونية في إدارة المعارك الحديثة حتى أصبحت لا غنى عنها حاليا في ظل التقدم التقني في الحروب , و تلك الحروب الإلكترونية الجديدة تعطي للمهاجم الأفضلية  لتمكنه من المناورة و السرعة , أما المدافع الذي يستخدم أساليب الردع و العقاب فلا يجد أثرا للمهاجم أودليل عليه أو حتى مكان الهجوم.


 تختلف حرب المعلومات عن الإرهاب الإلكتروني ,فالغرض من حرب المعلومات هو إخضاع المدافع و السيطرة على معلوماته و إحداث خلل في أنظمته مما يؤثر على اقتصاد الخصم و روحه المعنوية , و تشمل تلك الحرب الإعلام و  أنظمة الاتصال.


أما الإرهاب الإلكتروني فهو هجوم خاطف و مخطط له بدافع سياسي ضد معلومات و أنظمة الحاسب الآلي و بياناته مما يؤدي إلى عنف ضد أهداف حربية.


و لقد أعلن الرئيس الأمريكي أوباما عام 2009 " أن تهديد الإنترنت هو واحد من أخطر التحديات التي تواجه بلده و أن الأسلحة المستخدمة في هذه الحرب هي أسلحة دمار شامل حقيقية ".


و لقد استخدمت الإدارة الأمريكية " دودة ستوكسنت" ضد مجمع إيران النووي بموافقة رئاسية أمريكية، و كذلك اخترقت مواقع التواصل الاجتماعي لداعش لمنع تجنيد إرهابيين جدد أو محتملين.


و لم يفت على ترامب الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في أمريكا خلال الانتخابات 2016 مما سهل عليه كسب الانتخابات.


أما روسيا , و التي أنشأت برنامج أسلحة المعلومات و استخدمته في حربها على الشيشان بالقصف الإلكتروني لتعطيل شبكاتهم الإلكترونية , و كذلك اتهام الإدارة الأمريكية روسيا في التأثير على الناخبين الأمريكيين في انتخابات 2016 لصالح ترامب عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي بنشر أخبار مضللة , و كذلك إثارت المشاعر المعادية لحلف الناتو في ألمانيا و تأجيج الكراهية السياسية للأقليات الروسية في دول البلطيق.


و لم تكن الصين بعيدة عن ذلك الفضاء الخامس فقد تحولت من إبراز قوتها بالحشد الشعبي إلى استخدام العضلات التقنية الحديثة و بدعم مالي حكومي اعتمدت في الاستراتيجية على ما يسمى " بشبكة الحرب الإلكترونية المتكاملة "INEW  لمواجهة الهيمنة الأمريكية العسكرية و ذلك باستخدام  الحرب الرقمية الاستباقية ضد الولايات المتحدة و شل حركتها بمهاجمة أنظمة القيادة والسيطرة و الاتصالات و المعلومات و إصابتها بالشلل و التشويش و التضليل عليها قبل بدء الولايات المتحدة بالهجوم  و ذلك بمشاركة قراصنة إلكترونيين صينيين.


و كذلك إنشاء الصين لشبكة التجسس GHOST NETعام 2009 و" مجموعة شنجهاي.


و طالما كانت الصينمهددة لليابان فعلى اليابان أن تواجه هذا التهديد بتطوير فيروس معلوماتي كأداة دفاعية ضد هجمات الصين السيبرانية.


أما على نطاق الشرق الأوسط . فلقد قامت إسرائيل بهز الأواسط العالمية باختراق الواتساب للمستخدمين ببرمجية "بيجاسوس" و التي طورتها شركة الأمن الإلكتروني الإسرائيلية.


كما كشفت تقارير عالمية عن لجوء أكثر من 30 دولة في العالم لنشر البلبلة و ضعضعة الرأي العام في دول منافسة و معادية و من تلك الدول المستخدمة لها  إسرائيل و دولة قطر على سبيل المثال .


و لقد كان لداعشدورا في التأثير على العالم و منطقة الشرق الأوسط باستخدام و نشر أفعالهم الإجرامية على وسائل التواصل الاجتماعي و دعواتهم لضم تكفيريين جدد لهم عام 2014 و تزايد وجوده على تويتر مما دعا مجموعة تسمى "أنونيموس" بمهاجمة داعش إلكترونيا وتدمير مواقعهم المتشددة و حرمانهم من الخدمة DDOSSATTACK  و نشرت عناوين و حسابات تابعة لداعش و مناصريه على شبكات التواصل.


و ماذا بعد , عندما يطل المستقبل للحروب السيبرانية ودخول الفضاء الخامس  و الذكاء الصناعي بقوة كيف سيكون حال حروب المستقبل و الذي ليس ببعيد بالمناسبة.


ستقفز الحروب من زمن مواجهات الجيوش التقليدية وزمن الأبطال الأسطوريين إلى زمن حروب التكنولوجيا و الذكاء الصناعي الخاطفة و المتعدية للحدود الجغرافية لتصل إلى أي مكان في الدولة المستهدفة  وفي وقت واحد.

فنحن الآن في مرحلة الحروب المتماثلةأو الهجينة  "ASYMMETRIC WARFARE"التي تستخدم العمليات الانتحارية العربات المفخخة و الكمائن و الغارات و الذئاب المنفردة من جهة و القرصنة و الإرهاب و التضليل الإلكتروني من جهة أخرى.


و من المتابعة , سيتم الانتقال خلال العقد القادم إلى أساليب حرب المعلومات عبرالإنترنت بتوجيه الذخائر الذكية على الأهداف و الأشخاص بالأقمار الصناعية و كذلك  القدرة على إحداث الكوارث الصناعية والتكنولوجية باستخدام النبضة الكهرومغناطيسية لشل منطقة أو دولة أو إحداث عواصف إلكترونية أو غبار ذكي يسيطر على الأفراد من خلال التأثير على عقولهم 


بل و سيؤثر الذكاء الصناعي من خلال الحرب السيبرانية على المناخ و إحداث الكوارث الطبيعية , و كذلك السيطرة على البشر و تحديد مواقهم بإدخال رقائق صغيرة جدا في أجسامهم باختيارهم أو بدون رغباتهم باستخدام تكنولوجيا النانو والتي ستصدر لهم الأوامر وتؤثر على إدراكهم و معتقداتهم و تفكيرهم و مفضلاتهم بل و دفعهم للقتل أو الانتحار أو تسبب لهم التسمم أو تفجيرهم عن بعد بأوامر صوتية أو ضغطة زر،

ولا يمكن الكشف عن تلك الرقائق إلا بواسطة أشعة الرنين المغناطيسي و تسمى تلك الشريحة " BIO CHIP" 

و لقد تطورت تلك الشريحة  في أجسام البشر لتكون تلك الشريحة أشبه بسلاح دمار شامل، هذا فضلا على استخدام الطيور و الأسماك و الحيوانات في التجسس و السيطرة.


و أخيرا , إن حروب هذا الجيل و الأجيال القادمة تنذر بخطر تدميري باستخدام خاطئ  للتكنولوجيا بدلا من خدمة البشر و رفاهيتهم .


و على الحكومة المصرية الوطنيةأن تستعد لعصر جديد من الحروب بنشر الوعي الأمني و التقني و تدريس أمن المعلومات و أمن الاتصالات على كافة المستويات , وكذلك سرعة كشف الشائعات و وسائل الإرهاب الإلكتروني في حينها ,أما هذا الجيل من الشباب والمثقفين المصريين فلابد لهم من تطوير أنفسهم في هذا العالم اللاهث نحو التقدم التقني و المتسارع  الخطى وتوعية أنفسهم و أولادهم أن الأخلاق دائما تأتي قبل العلم لتهذبه لصالح البشرية و أن معركة الإنسان الحالية والقادمة تعتمد في الأساس على الوعي.