رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قراءة جديدة

15-10-2020 | 14:09


كان  آخر ما يخطر على بال سلطات الاحتلال الإنجليزى فى مصر أن تقوم بها ثورة عظيمة هزت عرش الإمبراطورية البريطانية التى لا تغيب عنها الشمس شتاء سنة 1919.

ولم يخطر على بال أحد أن يقود هذه الثورةسعد زغلولالذى قال ذات يوم فى اجتماعات الجمعية التشريعية: نحن قوم هادئون جداً.. بعيدون تماما عن الثورة

ولم يخطر على بال الإنجليز أن ينحاز أقباط مصر ويشاركوا جميع طوائف الأمة فى الثورة والمطالبة باستقلال مصر.

ولم يخطر على بال مصرى واحد أن تخرج النساء من كافة الأعمار للمشاركة فى هذه الثورة لكن هذا ما حدث بالفعل

ولم يخطر ببال مصرى واحد فى ذلك الوقت أن سعد زغلول كان يطالب بعزل السلطانفؤادباعتباره موظفاً عند الإنجليز، بل أكثر من ذلك يطالب إنجلترا بأن تكون مصر دولة حرة مستقلة دستورية جمهورية أو ملكية

والحكاية طويلة ومثيرة كشف بعض أسرارها الكاتب الصحفى الكبيرمصطفى أمينفى كتابه المهم والوثائقى أسرار ثورة 1919 المليء بعشرات الشهادات وهو الكتاب الممنوعالذى صدر فى جزءين عام 1975.

كتب الأستاذمصطفى أمينيقول بالحرف الواحد:

فى أواخر شهر ديسمبر سنة 1931 زار مسترلويد جورجرئيس الوزراء البريطاني السابق مدينة القاهرة، وفى يوم الأحد 27 ديسمبر أقامعبدالفتاح يحيى باشا وزير الخارجية مأدبة غداء كبرى فى فندق هليوبوليس بالاسلتكريم الضيف الكبير، وحضر المأدبةسير برسى لورينالمندوب السامى البريطانى والوزراء وكبار رجال قصر الملكفؤادوكبار رجال دار المندوب السامى البريطانى.

وفى أثناء الغداء تبسطلويد جورجفى الحديث والتفت إلى الوزراء وقال لهم:

إن عندى سراً كبيراً عن مصر لا تعرفونه لقد كنت رئيس وزراء بريطانيا أثناء ثورة مصر، وذات يوم جاءنى اللوردكيرزونوزير الخارجية ومعه مجموعة برقيات مناللورد اللنبىالمندوب السامى البريطانى فى القاهرة وإذا باللورداللنبىيقول إنسعد زغلوليريد أن يقوم بانقلاب فى مصر كانقلابعرابى باشاوبعد ذلك جاء تلغراف بأن ثورة دموية هائلة ستحدث إذا بقىسعد زغلولفى مصر، وأن هذه الثورة ستنتهى خلال 24 ساعة إذا نفيناه من مصر

ووافقنا على نفيه إلى جزيرة سيلان وقد كنت أظنها جزيرة تشبه جهنم إلى أن زرتها قبل أن أحضر إلى القاهرة ووجدت إنها جميلة جداً.

وما كدنا نوافق على نفى سعد زغلول حتى جاءت البرقيات متتابعةكل يوم يقتل الإنجليز فى القاهرة فى رائعة النهار ولا يعثر على القتلة وخشيت أن يثور الرأى العام البريطانى بعد أن كذبت نبوءةاللورد اللنبىبانتهاء الثورة بعد 24 ساعة من نفىسعد زغلول”.

ورأيت أن أطفئ ثورة إيرلندا بعمل اتفاق مع زعماء الثورة فوضعنا خطة بأن نرسل أحد ضباط المخابرات الذين يجيدون العربية إلىعدنبعد أن نعطيه تعليمات بأن يعرض علىسعد زغلولأن يكون ملكاً على مصرعلى أن يقبل بقاء الحماية البريطانية ويقبل فصل السودان عن مصر.

وأبرقنا إلى حاكم عدن بأن يبقىسعد زغلولمعتقلا عنده ولا يرسله إلىسيلانإلى أن يصل ضابط المخابرات ومعه التعليمات اللازمة. وذهب ضابط المخابرات إلى عدن واجتمع بسعد زغلول وعرض عليه أن يتولى عرش مصر ورفض سعد زغلول.

وأبرق ضابط المخابرات بنتيجة مسعاه وعندما علمت بذلك أمرت بأن ينقلسعد زغلولفورا لا إلى سيلان، بل إلى جزيرة أسوأ منها فى المحيط الهندى هى جزيرةسيشلوقد اخترتها لأن أحد أصدقائى مات فيها، ثم ضحكلويد جورجوقال: وأنا مندهش لأننى لا أرى تمثالا لزغلول هنا، لولاه لما كنتم هنا أيها السادة.

ونزل هذا الكلام كالصاعقة على الوزراء الموجودين وكبار رجال قصر الملكفؤاد، وأرادسير برسى لورين المندوب السامى أن ينقذ الموقف فهمس فى أذنلويد جورجبأن هؤلاء خصوم سعد زغلول وأنهم هم الذين رفضوا أن يقيموا له تمثالا.

وضحكلويد جورجوأراد أن يتنصل من الحرج فقال:

- على كل حال لو قبلزغلولهذا العرض لما كان هناك أى خطر عليكم فقد حدث فى ديسمبر سنة 1921 - قبل حكاية زغلول بثلاثة شهور - أن وقعت اتفاقا مشابها مع زعماء ثورة إيرلندا الأربعة، وإذا بواحد منهم يدس له الناس السم فيموت والثانى يضطر إلى الهرب إلى روما، والثالث يقتله الشعب رميا بالرصاص، والرابع يقتله أنصاره بمدفع رشاش”.

ويومها لم يستطع واحد من الوزراء، وكبار رجال القصر الحاضرين أن يضحك من النكتة، فقد كان معنى ذلك أن يشنقه الملك فؤاد.

وكانت هذه التصريحات يومها مذهلة وقال الوزراء وكبار رجال القصر فى تبريرها إن مستر لويد جورج شرب قبل الغداء وأثناءه كمية كبيرة من الخمر وإنه كان مخموراً وهو يتكلم وأن الذى قاله كلام فارغ، وفى الوقت نفسه تواصى الوزراء بالكتمان.

ولكن توفيق دوس باشا وزير المواصلات، وكان وزيراً جريئا وصديقا حميماللويد جورجروى لى القصة وقد كان حاضراً هذا الغداء وكانت ابنته الآنسةليلى دوسحاضرة فى أثناء روايته هذه القصة المذهلة.

هذه القصة المذهلة بالفعل هى بالضبط ما رواه الكاتب الصحفى الكبير الأستاذمصطفى أمينفى بداية كتابهالمهم والخطير” “الكتاب الممنوعالذى صدر عام 1975 من جزءين.

فى هذا الكتاب اعتمدمصطفى أمينعلى برقيات ووثائق الخارجية البريطانية ومنها برقيات اللورد اللنبى إلى وزير خارجيته اللورد كيرزون، وفى إحدى هذه البرقيات يقول:

“إننى أعتقد أن سعد زغلول فى حالة من الزهو والترفع حتى إنه لا يستبعد أن يقوم بانقلاب كانقلابعرابى باشا”.

وفى برقية أخرى يقول: “ألهب سعد زغلول الموقف فى مصر إلى درجة الغليان، أطلب تفويضا بإنذاره هو وثمانية من أنصاره بمنعه من الخطابة ومن شهود أى اجتماع عام ومن استقبال الوفود أو أن يكتب فى الصحف أو أن يقوم بأى عمل من الأعمال السياسية وأن يغادر القاهرة فوراً”.

ويعود اللورد اللنبى فيكتب :وجهت اليوم إلى سعد زغلول إنذاراً نهائياً .. إذا لم يخضع هو وثمانية من زملائه فوراً فسأقبض عليهم وأنفيهم فى الحال خارج مصر .

 

وينفذاللنبىتهديده ويكتب بتاريخ 23 ديسمبر سنة 1921.. تم القبض على سعد زغلول، الحالة هادئة جدا، أن سيلان أوفق مكان لأنها مقرونة فى الأذهان باعتقالعرابى باشاواسمها سيحدث فى الشعب تأثيراً عظيماً ..

ويقولمصطفى أمينالذى كان يشارك الأستاذمحمد التابعىفى تحرير مجلة آخر ساعة إن الصحف والمجلات بقيت صامتة لا تستطيع أن تفتح فمها فتذكر أو تشير إلى السر الخطير بتولى سعد زغلول عرش مصر ويكمل الأستاذمصطفى أمينالقصة قائلاً:

وفاة الملك فؤاد.. وبعد وفاته خرجت مجلة آخر ساعة فى يوم 14 يونيو سنة 1936 وألقت القنبلة، فقد كتبت تقول بالحرف الواحد:

”هناك صفحة من تاريخ مصر الحديث ضائعة أو حلقة مفقودة فى التاريخ السرى للثورة المصرية الأخيرة، ولا نعرف هل آن الأوان لنشر هذه الصفحة أم لا ولا نعرف كيف سنقابل هذه المعلومات من حضرات الزعماء ومن رجال السراى، ولكنها خدمة لأولادنا الذين سيكتبون غداً تاريخ مصر كما يجب أن تكون.

والسؤال هو : هل عرض عرش مصر على سعد زغلول؟

والجواب نعم وهناك شهود أحياء ووثائق تاريخية لهذا العرض الذى تم فى عام  1922، فعندما نفت السلطة العسكريةسعداًإلىسيشلتقدم إليه فى مدينة عدن مندوب رسمى من حاكم عدن وطلب مقابلته مقابلة خاصة.

وكان أن أبلغ مندوب الحاكم العامسعد زغلولأن الحكومة البريطانية تعرض عليه أن يختار أمراً من اثنين أن يصر على الاشتغال بقضية الاستقلال وسوف تكون نتيجة هذا الإصرار نفيه إلىسيشلليبقى بها مدى الحياة وذكر له المندوب مدى الأهوال التى سوف يصادفها.

أو أن تنصبه الحكومة البريطانية سلطاناً على مصر تحت الحماية البريطانية وتضمن له استقلالا ذاتيا فى حدود هذه الحماية.

وأجابسعد زغلولبلا تردد

- إننى أفضل أن أكون خادماً فى بلادى المستقلة، على أن أكون سلطاناً فى بلادى المستعبدة المحتلة”.

وسأله مندوب الحاكم : هل هذا هو الرد الأخير؟

فأجاب سعد: إنه لذلك

وهكذا انتهت المقابلة الخطيرة

 

ويعلقمصطفى أمين: على هذه الواقعة المهمة بقوله:

وقيمة هذه الرواية أنها نشرت والملك السابقفاروقابن الملكفؤادلا يزال ملكاً، وأن الشهود الذين تحدثت عنهم آخر ساعة كانوا موجودين، فإنصفية زغلولكانت على قيد الحياة ومصطفى النحاسكان رئيساً للوزارة، ومكرم عبيدوزيرا للمالية.

ولكن الذى حدث يومها أن الأميرمحمد علىرئيس مجلس الوصاية احتج على هذا النشر، وتحدث فى ذلك إلىعبدالفتاح الطويلالوكيل البرلمانى لوزارة القصر، وتحدث أيضا إلىمكرم عبيد”.. باشا فقال لهمكرم

- إن الرواية صحيحة مائة فى المائة

وقال الأميرمحمد علىيومها إنه لا يعترض على صحة الرواية ولكن نشرها فيه إساءة للأسرة المالكة.

ولم ينشر تكذيبٌ لهذه القصة

وما كاد الأميرمحمد علىيتنفس الصعداء حتى ظهر كتابسعد زغلولللأستاذعباس العقادوقد جاء فى صفحة 405 منه ما يأتى :

نزلسعد وأصحابه فى قلعة عدن، فلم يلبثوا قليلا حتى جاءهم رسول من مصر هو موظف سورى كبير كان يعمل فى دار الحماية فاستأذن فى لقاءسعدعلى انفراد وخرج معه فى ركبه الرياضى وافتتح معه حديثا وجيزا عن المفاوضات والحلول المعروضة ثم فاجأه بكلمة مقتضبة لا علاقة لها بحديثه السابق قائلا :

- ستكون ملكاً على مصر

فدهشسعدلهذه المفاجأة وأجابه فى حدة واستغراب:

- مالنا وهذا ؟ وما شأنى أنا والملك، ولست إلا واحدا من الرعايا

فعاد الرجل إلى الكلمة يكررها وأضاف إليها:

- إنك زعيم الأمة الذى لا ترتضي سواه، لو قبلت ما يعرضه الإنجليز عليك وعلى الأمة لما خالفك أحد.

فاختصر سعد هذه المحادثة وقال للرجل:

-  إننى أفضل أن أكون فرداً فى أمة مستقلة على أن أكون ملكاً لبلاد مستعبدة فى ظل حماية أجنبية.

ولزم الصمت فى عودته إلى القلعة بعد أن قال له على ما أذكر :

إننى أحب لو أننى لم أسمع شيئاً مما تقول ولا أود أن أسمعه مرة أخرى منك أو من سواك”.

 

ثم ينتقل مصطفى أمين إلى مذكرات،فتح الله بركات باشاوكان أحد المنفيين مع :سعد زغلول فى عدن ويتوقف أمام ما كتبه بتاريخ الاثنين 13 فبراير سنة 1922 حيث زارهمالحارس الكابتن أستيل للمرة الثانية وسأل سعد زغلول عن موعد تريضه ثم وصل رجل طويل القامة يرتدى بذلة ملكية و"برنيطة" عسكرية وكان يتكلم بعربية فصيحة واستقل السيارة مع سعد زغلول وأخذ يتبادل معه الحديث، وكان هذا الرجل هو الرسول الذى أرسلته حكومة لندن إلى عدن لمقابلة سعد زغلول.

كان الرجل يسأل سعد زغلول فى كل شيء ويقول لسعد زغلول: إنكم تكرهون الإنجليز ويرد عليهسعدبقوله : إن الأمة المصرية لا تكره أمة من الأمم إلا من يريد التغلب عليها وحكمها، وهى بالعكس لا تريدمحالفةالإنجليز ومصادقتهم ولكنهم هم يريدون حكمها.

ويسأله عن السلطانفؤادهل هو محبوب وله نفود؟ ويجيبهسعد زغلولقائلا : إن الناس لا يفكرون فى شأنه وليس له نفوذ ولا أهمية .

وفجأة قال الرجل لسعد زغلول: لا أظنك تحب أن تبقى بعيداً عن بلادك، لابد من العودة عاجلاً أم أجلاً لابد أن تصير ملكاً.

فأجابه سعد : إنى لا أبحث عن ذلك ولكن الذى أبحث عنه استقلال بلادى

وكرر الرجل ذلك مراراً ولم يظهر سعد زغلول اهتماماً.

انتهى نص ما كتبهفتح الله بركات”.

وينتقل مصطفى أمين إلى أكثر المواقف إثارة عندما ينقل من مذكراتسعد زغلولبتاريخ 25  ديسمبر سنة 1922 ما كتبهسعدحيث قال:

”ذكرت اليوم وأمامي حرمى وصحابتها .. فهيمة ثابت قصة يعقوب الذى قابلنا فى عدن وركب معى فى الأتوموبيل وتكلم فى شئون مصر ولمح لى بقرب العودة وزوال الشدة وأنى سأصير ملك مصر فقلت له: إنى لا أبحث عن وظيفة ولا أبغى إلا استقلال بلادى، أما السودان فإنها لازمة لمصر ولا يمكنها الاستغناء عنها.

فقالت فهيمة "إن اللورد اللنبى أشار فى كلامه مع وفد السيدات إلى هذه المقابلة بقوله إننا رغبنا فى الاتفاق معه هنا فى عدن فلم يقبل".

وقالتحرمىإنه قال لهذا الوفد: إننا لا نعرف ماذا يريد وهو لم يقبل الاتفاق معنا”.

ولما أتممت القصة لحرمى وحدهاقبلتنىوأبدت إعجابها بتعففى وزهادتى وقالت : الآن أفهم أن الإنجليز لا يسمحون بعودتك، لأنهم اعتقدوا أن إرضاءك ليس فى مقدورهم، ما داموا لا يفرطون فى مصر وهذا هو الرأى الراجح.

فقلت لها: إنه لا بغية لى فى هذه الحياة إلا أن أرى بلادى مستقلة وكل ما دون هذه الغاية صغير فى عينى، مهما علا شأنه وعظم قدره، وأن تلك القصة على أهمية ما عرض فيها وخلابته لم يؤثر على فى شيء، بل كنت قد نسيت أمرها كل النسيان، وما تذكرته إلا لما جاءت مناسبة لذلك”.

وينتقل الأستاذمصطفى أمينإلى شهادة أكثر خطورة كان قد سمعها منحمد باشا الباسلوكيل الوفد المصرى فى ذلك الوقت، وقال إنه كان مع الوفد المصرى فى باريس سنة 1920 ولاحظ أن نفوس الأعضاء لم تكن متآلفة، كان الأعيان من الأعضاء يقولون "إن سعد زغلول يريد إعلان الجمهورية فى مصر ويعتقدون أنه بذلك سيخرب البلد".

ولم يكن سعد زغلول فى أول الثورة من أنصار الجمهورية، ولكن بعد شهر من قيامها بدأ يفكر فيها، والسبب إننا كنا منفيين فى مالطا وجاءت برقية تقول إن إحدى المديريات أعلنت استقلالها وأعلنت الجمهورية "يقصد زفتى" .

واهتم سعد زغلول بهذا النبأ ومكث يحدثنا فيه حتى الصباح، وكنت أنام معإسماعيل صدقىفى غرفة واحدة وقلت له : إننى أشعر أن رأسسعد زغلولدار بفكرة الجمهورية وكان من رأىصدقىإن إعلان الجمهورية كارثة.

وعندما ذهبنا إلى باريس كانسعديلمح إلى ذلك، وقد رفض يوماً أن يتكون برلمان بعد انتخاب السلطانفؤاد وكان أعضاء الوفد - وخصوصا الأعيان منهم - يرون أن هذا اتجاه جنونى وأنه سيؤدى إلى انفضاض الأعيان عن الثورة وإلى قيامالبلشقية

وقال عبدالعزيز فهمى: إذا كنا لا نستطيع أن نحتملسعد زغلولكرئيس وفد فكيف نحتمله لو أصبح رئيس جمهورية؟

وسافر الوفد إلى لندن وفى أحد الاجتماعات اختلف الأعضاء على من يتولى مفاوضة اللوردملنرفقد خشينا أن يثيرسعد زغلولمسألة الجمهورية - مخالفاً أغلبية الوفد.

وكانعدلى” - يكن - قد قال إنسعداأثارها فى مقابلته مع اللوردملنربغير اتفاق معنا وقالسعدإن من رأيه أن الاستقلال هو أن يختار الشعب بنفسه النظام الذى يراه جمهورياً أو ملكيا ويجب أن ينص على هذا فى المعاهدة وقال إن من رأيه عزل السلطان باعتباره أثراً من آثار الحماية وأن الشعب سينتخب حاكمه بعد الاستقلال.

واشتدت المناقشة بيننا واتهمنا .. سعد بأننا نعارض فى خلع السلطان وإعلان الجمهورية من أجل مصالحنا الشخصية.

انتهى ما رواهمصطفى أمينمنسوباً لحمد الباسل عن قصةسعد زغلولوإعلان الجمهوريةلكن تبقى العودة إلى مذكرات سعد زغلول نفسه ورأيه فى هذا الصدد وفى يوم 9 يونيو سنة 1920 يروىسعد زغلولما دار فى الاجتماع مع اللوردملنرمن مناقشات ساخنة والذى قال للوفد المصرى.

-  يهم إنجلترا أكثر فى كل شيء ضمان الإصلاحات التى باشرتها مدة أربعين سنة والتى رتبت على نفسها المسئولية عنها فلا يمكن أن تتخلى عنها بدون أن نتأكد فى استمرارها فما الضمانات التى أعددتموها لذلك؟

قلنا إن هذه الضمانة فى النظام الذى ستكون عليه حكومة مصر، فإنها ستكون حكومة حرة مستقلة دستورية ذات برلمان ووزارة مسئولة وحاكم وهذه أقوى ضمانة يمكن الإتيان بها.

وأضافسعد زغلوللا مانع عندنا من أن تشتمل المعاهدة على التصريح بأن مصر دولة حرة مستقلة دستورية جمهورية أو ملكية، لا مانع من اشتمال المعاهدة على هذا.

وكانت هذه هى المرأة الأولى التى ينطق فيهاسعد زغلول: بعبارةجمهوريةوكان نطقه لها بمثابة القنبلة فى ذلك الوقت، لكن ما يلفت الانتباه حقا ما كتبه قبل ذلك بحوالى عام عندما كتب يقول :

ومما يدهش القارئ له، ما روته تلك الجريدة - التايمز - من أنه نودى فىالزقازيقبأنها جمهورية فهل تبدلت الأمة المصرية فى هذه البرهة الوجيزة التى مضت من وقت سفرنا من البلاد؟  أو أن القوم - يقصد الجريدة - يكبرون فى الحوادث ويبالغون فى شأنها بغية الوصول إلى غرض يرمون إليه”.

لقد كان سعد وقتها فى جزيرة مالطا ويتابع أخبار مصر عن طريق الصحف الإنجليزية ومنهاالتايمزالتى أخطأت فكتبت الزقازيق بدلا منزفتى

وفى ذكرى مرور مائة عام على ثورة 1919 ، تحية لهذه الثورة العظيمة ولشعب مصر وكل من شارك فيها، وتحية لسعد زغلول زعيمها وكل زملائه ورفاقه.