الدكتورة دلال محمود تتحدث لـ«الهلال اليوم»: الإخوان ضالعون في الإرهاب حتى النخاع.. والشعب أفسد مخططات التخريب
منذ عام 2011
والدولة المصرية تواجه عمليات عنف وإرهاب، وخلال هذه الفترة تطورت أساليب تنفيذ
العمليات الإرهابية، وظهرت ميليشيات مسلحة هددت أمننا القومى كلها خرجت من عباءة
الإخوان الإرهابية، ولا هدف لهم إلا إسقاط الدولة المصرية والسيطرة على مقدراتها.
ويتم استخدام هذه المليشيات من قبل أعداء إقليميين لتحقيق مصالح سياسة فلم يعد هدف
الإرهاب فقط لإحداث تأثير سياسى، بل تحول الأمر إلى هدف أبعد من التأثير السياسى،
فأصبح الهدف إقرار واقع جديد واستبدال أسلوب حرب العصابات إلى المواجهة والسيطرة
على الأرض بما فيها إنشاء دولة، وهنا تكمن خطورة الإرهاب الجديد.
وللتعرف على
توجهات الإرهاب الجديدة ومسارات تمدده الجديدة بعد انحساره فى العراق وسوريا والدول الضالعة فى إعادة توزيع
وتوطين الإرهابيين، أجرينا هذا الحوار مع الدكتورة دلال محمود، أستاذ العلوم
السياسة بجامعة القاهرة، ومدير برنامج الأمن والدفاع بالمركز المصرى للفكر
والدراسات الاستراتيجية.. وإلى نص الحوار:
ما هى
توجهات الإرهاب الجديدة؟
التوجه الرئيسي للإرهاب هو التخريب، إذن أنه يعيش على هدم الدول وتخريبها، ويغير
طبيعته تكيفا مع الظروف ويستفيد من كل الإمكانيات التى تتاح له.
وقديما كانت طبيعة العنف الذى يستخدمه الارهابى لنشر فكرة معينة هو السلاح مثل
المسدس، الأسلحة البيضاء، وأحيانا الجنازير، وهذا كان يناسب وقته، لكن مع التطور
العلمى وتطور التسليح، قام الإرهاب بتطوير نفسه فى كيفية التهرب من الأمن، وزيادة
تأثير أفعاله، وتجنيده لأعضاء أكثر بالطرق الحديثة.
فالشكل الحالى
من الإرهاب معقد جدا، يسمى الإرهاب الشبكى، لانعرف أول له ولا آخر، فكل تنظيم ارهابى له فروع فى أماكن كثيرة فى
العالم ويتصلون مع بعضهم بشبكات اتصالات وتحويل أموال وتزويد بالسلاح وشبكات تجنيد
عملاء.
وبالتالى فإن المواجهة يجب أن تكون شاملة من جميع الدول لمواجهة الإرهاب، فكما أن الإرهاب شبكة ومنتشر فى كل الدول يجب أن
تكون المواجهة من خلال تعاون كل الدول وتبادل المعلومات مع بعضها لتوجيه ضربات
قوية ومؤثرة للتنظيمات.
وتطبق التنظيمات
الإرهابية وسائل اتصال خاصة بها، ومن الصعوبة اكتشافها، فمثلا هناك راديو اسمه
"الطيف المنتشر" يقوم بتغير التردد والبث بشكل عشوائى مما يصعب تتبعه.
وأيضا يتم
استخدام وسائل حديثة ومبتكرة، فمثلا قام تنظيم داعش باستخدام ألعاب "بلاي
ستيشن فو"، وقام ببث رسائل مشفرة لأعضائه من خلاله عن طريق الألعاب "أون
لاين".
فهل يمكن أن يصل إلى ذهن الأجهزة الأمنية مراقبة شبكة ألعاب إلا إذا تم اكتشافها
بالصدفة وبعدها سوف يبتكر الإرهابيون وسيلة جديدة للتواصل، وكأننا نطارد شبحًا يمارس
العنف والخطف وطلب الفدية وإثارة الرعب.
فقديما كان الإرهاب
يهدف للتأثير على القرار السياسى أو الانتقام السياسى، كالاغتيالات وما حدث فى مصر
فى الثمانينات من رغبة الجماعات الإرهابية فى منع السياحة، والقاعدة عندما هاجمت
برجى التجارة فى أمريكا كان هدفها التأثير على القرار السياسى وليس إسقاط أمريكا.
ولكن تطور الأمر الآن ليكون التنظيم الإرهابى هو الدولة وتحول الأمر إلى هدف أبعد
من التأثير السياسى، فأصبح الهدف إقرار واقع جديد واستبدال أسلوب حرب العصابات إلى
الحرب والمواجهة والسيطرة على الأرض بما فيها إنشاء دولة، وهنا تكمن خطورة الإرهاب
الجديد وهذا مافعله داعش.
وأؤكد أن هناك بعض
الدول فى المنطقة كانت سببًا فى انتشار داعش وتقديم كل الدعم لهذا التنظيم
الإرهابي.
لماذا
وصلت الأمور إلى هذا الحد؟
هناك دول تقاعست
عن مكافحة الإرهاب فى البداية، ولم تهتم
مثل روسيا والتى تدخلت فى سوريا حينما وجدت معظم أعضاء تنظيم داعش قادمين من
الشيشان والجمهوريات الإسلامية السوفيتية السابقة، وبالتالى خشيت من خطر عودتهم
وتممدهم ونشر هذا الفكر فى بلادها مرة أخرى فبادرت بمهاجمتهم فى الخارج.
ونجد شيئا غريبا آخر، أن التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة و30 دولة أخرى
لمواجهة داعش عاجزين عن إحباط ومقاومة هذا التنظيم، فمن مصلحتهم أن يظل الصراع
قائما ويصبح الشرق الاوسط بيئة حاضنة للإرهابيين ليبعدوا عن تهديد المصالح الأمريكية،
وكذلك الاستفادة من تجارة السلاح واستخدام الإرهاب كذريعة للتدخل فى شؤون الدول.
هناك دول إقليمية مستفيدة بشكل مباشر من استمرار الإرهاب
فى المنطقة مثل تركيا وقطر.. كيف
ذلك؟
كنت لا أحب أن أذكر أسماء دول، لكن تركيا اعترفت بهذا الأمر، فالنظام التركى أحد أبرز
المستفيدين من انتشار الإرهاب فى المنطقة، بل تمول الميلشيات المسلحة نفسها وتقوم
بنقل الدواعش من سوريا إلى ليبيا ونقل السلاح للميلشيات لليبيا، وأيضا لأماكن أخرى
ويجاهر النظام التركى بدعمه للميلشيات المسلحة فى ليبيا لأن مصلحته تقضى ذلك.
أيضا، تركيا
تحتضن أكبر جماعة إرهابية وهي الإخوان، وتقوم بتوظيف الإخوان الإرهابيين
والميلشيات المسلحة لتحقيق أهدافها.
فعندما حصلت
ثورات الربيع العربى، حاولت القفز على المنطقة والسيطرة عليها، وبالتأكيد مصر لتنفذ
من خلالها إلى إفريقيا، وكانت تهدف لأن تكون هى مركزا للطاقة فى المنطقة وخاصة
الغاز الطبيعى بعد الكشف عن وجود احتياطيات كبيرة للغاز فى شرق المتوسط، غذ أن تركيا
دولة فقيرة فى الغاز.
ولكن هذا المشروع التركى تعرض لضربة قاصمة فى 30 يونيو 2013، بعد إزاحة الإخوان من
الحكم، ومن هنا بدأ العداء الشديد للنظام فى مصر وأصبح النظام المصرى "شوكة"
فى حلق أردوغان، وأصبحت مصر هى مركز الطاقة الإقليمى، وأجهضنا له كل مشروعاته فى
المنطقة.
بعد ذلك بدأت فى محاربة الدولة المصرية إعلاميا من احتضانها للقنوات الارهابية
ودعم الميلشيات العسكرية الإرهابية لتنفيذ عمليات ضد مصر ليجعلنا ننكفئ على الداخل
وإضعافنا ومحاولة محاصرتنا بالإرهابيين فى لييبا.
وما دور قطر في ذلك؟
كل ذلك يتم بالتعاون مع قطر فهى دولة صغيرة، تحاول تضخيم دورها فى المنطقة من خلال
الأموال ودعم وتمويل الجماعات الإرهابية ليصبح لها تأثير، فقطر أصبحت هى المدخل
والممول لكل من يريد العبث فى المنطقة فى مقابل أن يكون لها تأثير أكبر، وتم رصد
ما يثبت ضلوع قطر فى تمويل الميلشيات المسلحة فى ليبيا.
وتهدف قطر إلى إضعاف الدولة المصرية ظنًا منها أنها بذلك ستصبح دولة كبيرة وتتشارك
مع تركيا فى نفس الهدف، فمثلا كان هناك عملية إرهابية فى إفريقيا تم رصد تمويلها
من خلال حسابات قطرية.
وبالتالى فإن
التنظيمات الإرهابية هى أداة لبعض الدول فى تحقيق أهدافها السياسية ومصالحها
بتكلفة أقل.
ما هى
الوسائل الجديدة للإرهاب؟
استخدام الفضاء السيبرانى، مثل عمليات القرصنة وتدمير أنظمة التحكم، واستخدام الإعلام
فى الإرهاب، والتسليح نفسه اختلف فبدأ استخدام الطائرات الصغيرة الموجهة واستخدام
صواريخ قصيرة المدى.
وهناك الإرهاب الاقتصادى، مثل ضرب السياحة واستخدام العملات الافتراضية للتأثير
على العملات التقليدية واستخدمها فى تمويل عمليات إرهابية، مثل ماحدث فى سيرلانكا
وإندونيسيا.
ماذا
قدمت مصر للعالم لمكافحة الإرهاب؟
جهود الدولة المصرية كانت ومازالت كبيرة فى مكافحة الإرهاب، ففى الفترة التى تولت
فيها مصر لجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن قدمنا أجندة كاملة لمكافحة العنف فى
إفريقيا واعتمدت القمة الإفريقية خارطة طريق أعدها مجلس السلم والأمن الإفريقي
التى قدمها الرئيس السيسي بعنوان مبادرة «إسكات البنادق» وحددت آليات ملزمة لجميع
الأطراف لإنهاء الحروب والنزاعات في القارة الأفريقية بحلول عام 2020
وكذلك القيام
بتدريب مشترك مع دول تجمع الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب على المستوى الخارجى.
أما فى الداخل،
فبجهود القوات المسلحة وأجهزة الأمن المختلفة وبعد العملية الشاملة تراجعت الهجمات
الارهابية بشكل كبير جدا .
هل
نحن في أمان من هذا الخطر؟
على الرغم من
تراجع الإرهاب بشكل كبير فى مصر، إلا أننا لا نستطيع أن نقول أننا فى أمان 100% فى
ظل وجود الإرهابيين على حدودنا فى ليبيا، وكذلك التطرف الفكرى بيينا.
فالبعض يقول كيف فى هذه المدة لم نستطع أن نقضي على الارهاب؟، وأنا أرد عليهم أنه
يوجد بيينا أفراد محملين بأفكار عنيفة وذئاب منفردة من الممكن أن يكونوا بيننا ولا
نعلمهم ولا يوجد وسيلة لاكتشافه وتعقبه.
الآمر الآخر، سأستخدم تعبير الرئيس أن الارهاب مثل الخلايا السرطانية لا يمكن
القضاء عليه مرة واحدة، فمقاومة الإرهاب لها مراحل مثل الأمن والقانون هو الجزء
الأول من مواجهة الإرهاب، ولكن يجب معالجة الأسباب مثل البيئة التى ساعدت على خروج
الإرهابى فمنذ 2013 الى 2016 كانت ذروة العمليات الإرهابية، وعندما قمنا بعمل
دراسة وجدنا أن أسرًا كاملة مقتنعة بذلك وتغذى هذا الفكر.
والخطر الأكبر من ذلك هو كيفية الحد من التطرف الفكرى حتى لا يتحول للعنف، وهناك
جهود من الدولة لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولكن هذه
المعالجات تأخذ وقتًا .
الرئيس دائما يشدد على دور المواطنين والاصطفاف الوطنى لمواجهة الإرهاب.. كيف ذلك؟
لابد من تغيير سلوكنا فى التعامل مع التعليمات الأمنية فمعظمنا يغضب من التفتيش أو
اللجان المنتشرة فى الشوارع لضبط الأمن، من هنا البداية إذ أنه يجب ضرورة تقبل هذا
ومساعدة رجال الأمن فى اداء دورهم.
أيضا يجب عدم
الانسياق وراء نشر الشائعات أو ترديد معلومات أو أخبار مجهولة المصدر بشكل عام،
وكذلك التعامل بحرص مع السوشيال ميديا وعدم نشر معلومات مهمة عليها.
الدولة الآن تتيح المعلومات بشكل مباشر، وهناك شفافية فى تقديم الحقائق للشعب،
ولذا يجب الاعتماد على المصادر الموثوقة فى الحصول على المعلومة والتيقن منها
بأكثر من مصدر قبل تداولها ونشرها.
أيضا، يجب أن
نكف عن جلد أنفسنا ونثق فى قيادتنا ونفرح بمشروعتنا ونركز فى عملنا وندعم الدولة
فى حربها ضد الإرهاب بأن يتقن كل منا عمله ونكف عن الثرثرة والكلام فى الماضى والنظر
دائما إلى المستقبل.
ويجب أيضا، التخلى
عن سلبياتنا ومساعدة الدولة بالأفكار فبدلا من النقد الدائم، نقدم حلولا للدولة من
خلال القنوات الرسمية ووسائل الاتصال المختلفة .
الإخوان
هي منع الإرهاب فى العالم.. ما دورهم فى مصر والعالم؟
الإخوان هى
التنظيم الأم لكل التنظيمات الإرهابية فى العالم، لأن كل هذه التنظيمات تعمل بما
يسمى الفكر التفكيرى الجهادى، وبدء وضع ركائز أساسية لهذا الفكر مثل الحاكمية
والخليفة والجهاد وفرض الحكم بالقوة وممارسة سفك الدماء فى الأرض ودار الحق ودار
الباطل، هذا أساس كل هذه الجماعات، ولكن الفوارق تنفيذية فى طريقة تحقيق هذه الأهداف.
فمثلا الإخوان تستخدم التنظيم السرى فى الإرهاب والاغتيالات طوال تاريخها فى مصر
ولهم 52 فرعا فى العالم ومصر بالنسبة لهم دولة المعقل، فإذا ضعف القلب ضعفت الفروع
ولكن التنظيم الدلى يعمل على إضعاف مصر، ومحاولة إسقاط الدولة ومؤسساتها فتعترض
الجماهير فيقفزون على السلطة .
والصلات موجودة
بين فروع الإخوان وداعش والقاعدة من خلال
التدريب والتمويل، فمؤخرا قمت بعمل دراسة عن أحد قادة الفكر الإرهابى اسمه "أبو
الوليد المصري"، ويقول هذا الرجل إن المرحلة الجديدة التى ينتشر فيها داعش فى
أفغانستان ووسط أسيا يقومون بالتنسيق مع أشخاص مثل حكمت يار أو عبدالله سياف،
ودورهم تقليب الطوائف والأعراق فى هذه المنطقة وهذه الشخصيات محسوبة على الإخوان
المسلمين .
ويمكن النظر إلى
كم الإخوان الذين تم ترحيلهم من دول إلى مصر لمشاركتهم فى أعمال إرهابية فى الدول
المقيمين فيها، وآخرها خلية الكويت، وتم ترحيل إخوان لنا من سنغافورة، فالإخوان
ضالعون فى الإرهاب حتى النخاع .
ما هى
أخطر الجماعات الإرهابية على الأمن القومى المصرى حاليا؟
الإخوان هم الخطر الأكبر، لأنهم متواجدون فى مصر وهم خطر كامن، فبالإضافة للعنف
يحاولون هدم صورة الدولة وضرب حالة الثقة بين الشعب والقيادة، ونحن الحمد لله لا
يوجد عندنا القاعدة أو داعش، ولكنهم يشكلون خطرا خارجيا لتواجدهم على حدود ليبيا
التى تزيد عن 1000 كم.
بعد كل
هذه المؤامرات على مصر.. كيف نجت الدولة من الشر الذى دُبر لها؟
وجود جيش وطنى
متماسك مخلص لبلده وشعب يثق فى قواته المسلحة التى تقوم بدورها الأمنى والخدمى
وقيادة حكيمة ووطنية بداية من المشير طنطاوى إلى الرئيس السيسى، والقيام بمشروعات
تنموية كبرى أعطت الثقة للمواطنين فى قدرتنا على النهوض، ودعم المصريين والتفافهم
حول القيادة السياسة، استطعنا أن نخرج من كل هذه المؤامرات بأقل الخسائر، وحققنا
إنجازات جبارة على الرغم من أننا مازلنا فى فترة النقاهة.