رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


حكايات يوسف شاهين وفايدة كامل مع أغاني‭ ‬نصر‭ ‬أكتوبر

17-10-2020 | 15:37



كان لأغانى نصر أكتوبر رونق مختلف، فعلى العكس من أغاني حرب يونيو الحماسية كما فى أغنية: «فى البحر هندفنكم»، لعبد الوهاب محمد ومحمودالشريف وغناء المجموعة، أو كما فى أغنية «راية العرب» للابنودي وكمال الطويل،  التي قال فيها عبد الحليم حافظ  «إسقوني من دماهم»، على العكس منكل هذه الاغاني التي أظهرت العرب كأمة تسعى لإبادة عدوها وليس الإنتصار عليه وتحرير أرضها .


 

خرجت أغاني انتصارنا فى أكتوبر 1973 أكثر هدوء ورصانة، إلى الحد الذي تجاهلت فيه تماما الحديث عن العدو الذي انتصرنا عليه، إلا فى استثناءاتقليلة جدا، كما رود فى أغنية «خللي السلاح صاحي» لعبد الحليم حافظ التي وصف فيها العدو فقط بأنه «غدار»، فى حين جاءت أغاني يونيه 1967مختلفة عن هذا الطابع حيث قدم الغالب الأعظم منها فى قالب النشيد الحماسي على إيقاع المارش، فى المقابل قدم الغالب الأعظم من أغاني حرب أكتوبرفى قالب الطقطوقة، وعدد قليل جدا منها فقط قدم فى قالب النشيد الحماسي.


 فى مشهد الغناء الوطني المصري فى القرن العشرين، تعد أغاني انتصار أكتوبر خامس حدث أنتج فورة غنائية وطنية كبرى شهدتها مصر بعد أغاني ثورة1919 التي تعد بمثابة الميلاد الحقيقي للاغنية الوطنية فى مصر، ثم قيام ثورة يوليو 1952، ثم وقوع العدوان الثلاثي، ثم حرب 1967، بل أن الفورتينالصغيرتين اللتين أعقبتا انتصار أكتوبر وهماإعادة افتتاح قناة السويس أمام الملاحة الدولية عام 1975، ثم الاحتفال بتحرير سيناء عام 1981، كان كلاهمامن تبعات انتصار أكتوبر 

1973 .

 اليوم وبعد مرور نحو سبعة وأربعين عاما على انتصارات حرب أكتوبر نحاول إعادة اكتشاف أغنيات النصر، والاكتشاف هنا ليس المقصود به تلك الأغنياتالتي أصبحت أيقونة  لتلك الحرب وعددها لايتجاوز العشر، بل تلك الأغنيات التي تم تجاهلها لعشرات السنين رغم مستوها الفني الجيد، وأيضا على توجهاتتلك الاغاني.


كان الإذاعي الراحل وجدي الحكيم أكد فى أكثر من لقاء تليفزيوني أنه قد أشرف على تسجيل نحو 81 أغنية عن حرب أكتوبر خلال فترة الحرب، وكان وقتهاهو المشرف على تسجيل الأغنيات فى الإذاعة ، وفى سابقة فريدة من نوعها قام الإذاعي والباحث ابراهيم حفني فى إذاعة الاغاني وفى بمناسبة الاحتفالبمرور أربعين عاما على النصر، بتقديم محاولة لتوثيق تلك الأعمال، حين قدم محاولة لرصد الأغنيات التي سجلت فقط خلال شهر أكتوبر من عام 1973،وتحديدا فى الفترة من العاشر وحتى يوم الواحد والثلاثين منه، بلغ عدد تلك الأغاني نحو 35 أغنية، وذلك من واقع سجلات الإذاعة وكما هو مدون علىأشرطة الأغاني متى سجلت ومتى تم إذاعتها، وكان لهذه المحاولة الفضل فى تصحيح معلومات كثيرة خاطئة ظلت متداولة لأعوام طويلة خصوصا تلك التيطالما ذكرها وجدي الحكيم كلما تحدث عن أغنيات أكتوبر ، لعل أهما أولا هو أن أغنية «بسم الله الله أكبر» للمجموعة وبليغ حمدي وعبد الرحيم منصور وهىليست أول أغنية سجلت عن النصر، وثانيا هو أن أغنية «على الربابة» ليست ثاني أغنية، وثالثا بليغ حمدي لم يذهب للإذاعة فى يوم السادس من أكتوبرليطلب تسجيل أغنيات هو وزوجتة المطربة وردة ، وأن أول أغنية سجلت كانت فى يوم العاشر من أكتوبر أي بعد أربعة أيام من يوم العبور!


حكاية يوسف شاهين


كيف سارت الأمور إذن ؟ بحسب سجلات الأذاعة، كانت أغنية «رايات النصر» المعروفة بمطلعها «رايحين شايلين فى إيدنا سلاح راجعين رافعين راياتالنصر» هي أول أغنية تذاع عن الحرب فى يوم العاشر من أكتوبر، وذلك بعد أن قام المخرج يوسف شاهين بإهدائها للإذاعة وكانت سجلت قبل نشوبالحرب لتقدم ضمن أحداث فيلم «العصفور» الذي لم يكن قد عرض بعد، وهي من تأليف الشاعرة نبيلة قنديل وألحان زوجها الموسيقار على إسماعيل، وهذايعني أن الإذاعة طوال أربعة أيام من بدء عبور الجيش للقناة وخط بارليف لم يكن لديها أغان خاصة بالحدث العظيم، وعلى الأرجح لجأت الإذاعة وقتها لتقديمأغان وطنية قديمة.


كانت أغنية «يامصر يابلادي» لعبد الرحيم منصور وبليغ حمدي وعبد الحليم حافظ هي أول أغنية جديدة تقدم عن النصر والعبور، وقد سجلت يوم العاشر منأكتوبر بموجب مذكرة، ولم يضع بليغ لحنا حماسيا للأغنية التي ربما تكون أذيعت يوم الحادي عشر من أكتوبر، تقول كلمات الأغنية «قومي إليكي السلام ياأرض أجداي عليكي منا السلام يا مصر يابلادي / قومتي يامصر وبعد الصبر وبعد الليل جاي النصر قومتي يامصر / قومتي يامصر وعدي ولدك ورفععلمك جابلك فرحك طيب جرحك بعد الصبر قومتي يامصر»، والغناء يبدأ بكورس رجال يغني على مارش بطيئ «قومي اليكي السلام» ثم يدخل صوت عبدالحليم ليغني على لحن شعبي بسيط «قومتي يامصر»، لماذا لم يخرج أول لحن عن النصر حماسيا ثائرا كتلك الألحان التي خرجت خلال حرب 1956، أوحرب 1967 منها نشيد بليغ حمدي لام كلثوم «سقط النقاب عن الوجوه الغادرة»، هل كانت هناك حالة من التوجس والتخوف من أن يكون أمر الانتصار غيرمؤكد كالذي تعرضوا له خلال النكسة لذا كان هناك نوع من الترقب لما سيأتي، وهل كان علينا ان ننتظر أربعة أو خمسة أيام بعد العبور لنستمع إلي أول لحنعن العبور والنصر، هل كان ذلك أيضا هو السبب فى خروج الغالب الأعظم من أغنيات أكتوبر فى قالب الطقطوقة الشعبية لا المارش الحماسي الذييتناسب مع جلالة وقوة وعظمة الحرب والنص!


ثلاث وعشرون أغنية هو عدد الأغنيات التي تم تسجيلها عن النصر فى الفترة من العاشر من أكتوبر وحتى العشرين منه أي فى غضون عشرة أيام فقط،وهذا يعني أن مبنى التليفزيون فى ماسبيرو تحول إلي مايشبه خلية النحل عشرات الموسيقيين والشعراء والملحنين والمطربين والمطربات وأفراد الكورس رجالاونساء كل هؤلاء كانوا يعملون ليل نهار، على إنجاز هذه الأغنيات حبا وكرامة فى مصر.

نعود الي الأغنيات حسب ترتيب تسجيلها، جاءت ثاني أغنية أيضا لبليغ حمدي وعبد الرحيم منصور وهي الاغنية الاشهر على الاطلاق وليست الأفضل«حلوة بلاي» أو على الربابة كما اشتهرت بصوت وردة الجزائرية زوجة بليغ حمدي أنذاك، وقدمها بليغ أيضا فى اطار لحن شعبي بديع، ثالث أغنية كانتللمطربة فايدة كامل بعنوان «ضارب» أو « هنحارب» وهو عنوان أغنية شهيرة خرجت فى حرب العدوان الثلاثي، غنتها المجموعة من شعر صلاح جاهينوألحان سيد مكاوي أخذت كلمة هنحارب من خطاب الزعيم جمال عبد الناصر وقتها فى الأزهر الشريف، لكن هنحارب الجديدة من شعر علي أحمد محمدولحن مجدي صابر علي وهما اسمين شبه مجهولين غير أن الأغنية  جاءت أكثر من رائعة على إيقاع مارش حماسي يدخل كورس رجال يتبعة صوت فايدةكامل: 

«ضارب ضارب يا أمل النصر ياضارب / ياقابض النصر ياضارب / ياجيشنا ياصانع قوتنا /ياضميرنا وصاين عزتنا / واثقين فى سلاحنا وقادتنا كلنا جاهزين / هنحارب هنحارب / بالروح بالدم بعزيمتنا هنطول للسما رقبتنا.


فايدة وسعاد


عادت فايدة كامل وسجلت فى شهر أكتوبر أيضا نشيدا أخذت كلماته من خطاب لناصر بعنوان «لاصوت يعلو فوق صوت المعركة» كلمات بخيت بيوميولحن محمود الشريف تقول كلماتها«لاصوت يعلوا فوق صوت المعركة غير الرصاص / وكلنا لازم نكون فى المعركة شعلة حماس / ده أنت وانا وكل البلدلوطال كفاحنا للابد / مجهودنا كله نوهبه للمعركة لاجل الخلاصولا صوت يعلوا فوق صوت المعركة» والنشيد من أجمل أغاني المعركة.


لم يتوقف أمر اقتباس كلمات عبد الناصر، عند فايدة كامل بل وصل إلي الفنانة سعاد حسني التي قدمت أغاني وطنية للمرة الاولى خلال حرب أكتوبر فقدمتمع صلاح جاهين وسيد مكاوي مقولة شهيرة لعبد الناصر، تحولت الي أغنية تحمل عنوان : «ما أخذ بالقوة لايسترد بغير القوة» وصورتها للتليفزيون من إخراجحسين كمال فى وقت لاحق، وكما مايبدو أنه لم يكن هناك حرج فى اتخاذ شعارات شهيرة للزعيم  عبد الناصر وتوظيفها فى الأغانى، فسعاد حسني سجلتللمعركة فى وقت لاحق أيضا أغنية «دولا مين» شعر أحمد فؤاد نجم وألحان كمال الطويل، الأغنية نفسها غناها وقتها الشيخ إمام عيسى بلحنه آخر خاص به.


نعود لفايدة كامل المطربة التي كادت أن تتخصص فى الغناء الوطني حيث قدمت نشيدين آخرين الأول سجل أيضا  فى شهر أكتوبر هو «نشيد العبور» منكلمات كمال عبد الحليم والحان عبد العظيم محمد، والثاني سجلته للمعركة فى وقت لاحق تحت عنوان «مصر أكتوبر» أو « وحق من نصرك يامصر علىالعدا» كلمات محمد كمال بدر وألحان عبد العظيم محمد أيضا، وفى وقت لاحق قدمت نشيد «إضرب ياجيش مصر» من أشعار سيد القطان وألحان الدكتورسيد عوض،  والحقيقة أنه رغم كونها لاتعد من نجمات الصف الأول فى الغناء الا أن فايدة كامل قدمت خمسة أعمال من أجمل أناشيد نصر أكتوبر، وأنكانت هذه الأناشيد غير ذائعة الصيت والسبب على الأرجح فى ذلك يعود إلي تغييب تلك الأعمال عن الإذاعة.


 بليغ حمدي الذي كان نجم أغاني حرب العبور قدم سابع أغنية وهي أغنية «عبرنا الهزيمة يامصر ياعظيمة» وغنتها شادية، وهى استلهمها الشاعر عبدالرحيم منصور من عنوان مقال للكاتب الكبير توفيق الحكيم نشر فى جريدة «الاهرام» فى التاسع من أكتوبر وكان يحمل عنوان «عبرنا الهزيمة بعبورنا إلىسيناء» وقد أعجب الكاتب الكبير بالأغنية حتى أنه قال بعد استماعه إليها «الأغنية أقوى من الكلام، حافظوا على بليغ حمدي».


صوت الجموع


فى أوقات الحروب والشدائد  تكثر الأغاني الوطنية التي يؤديها صوت المجموعة، فصوت المجموعة يعبر عن صوت الشعب والجموع، وهو فى أحيان أخرى صوت الجنود على الجبهة يشخذ الهمم ويشعل الحماس، نحو خمس عشرة أغنية ونشيد على الأقل قدمت خلال المعركة، وقد ذاعت وقتها الأغاني بصوتالمجموعة وثلاثي النغم والثلاثي المرح، ونورد هنا مجموعة من أجمل الاغاني والأناشيد الجماعية التي قدمت، وكان من بينها خمس أغانى سجلت للمعركةمن ألحان بليغ حمدي وكلمات عبد الفتاح مصطفى وغناء المجموعة وهي«صدق وعده» التي وضعها بليغ على لحن شعبي يشبه إلي حد بعيد اللحن الذيوضعه لأغنية مقدمة المسلسل الإذاعي «سنة أولي حب» للمطربة شادية، تلاها بليغ أيضا بالاغنية السادسة عن النصر مع عبد الرحيم منصور غناءالمجموعة وهي من أشهر أغنيات النصر «بسم الله الله أكبر بسم الله أذن وكبر بسم الله».


الأغنية الثامنة قدمها الشاعر الوطني الجميل محسن الخياط والموسيقار علي اسماعيل وغنتها المجموعة وتحمل عنوان «ياغنوة مصر عالجبهة» وهي عملرائع شعرا ولحنا وأداء تقول كلماتها«ياغنوة مصر عالجبهة بحييكم وأحيي مصر فى عنيكموأحط أيديا فى أيديكم / يا احلى فجر فى عنينا / ياكلمتنايابسمتنا يافرحتنا يا احلى فجر فى عنينا / يا أعلامنا اللي بترفرف على سينا / ياخطوتنا فى طريق النصر ياغنوة مصر بحييكميا أحلى فجر فى عنينا».


محسن الخياط وعلي إسماعيل قدما أيضا للثلاثي المرح أغنية«الحلوة قالت للقمر قوم شوف ولادي ولاديقاموا وعدوا ياقمر حاربوا الأعادي» الذي استلهمعلي اسماعيل لحنها من الاغنية الشعبية الشهيرة «أقروا الفاتحة لابو العباس يا إسكندرية يا أجدع ناس».

رابع أغنية كانت للشاعر محمد كمال بدر والملحن عبد العظيم محمد وغناء المجموعة بعنوان «حقك معاك» كلماتها لاتقل روعة عن الاغنية السابقة تقولكلماتها«ياخويا ياللي مدفعك بيدوى حقك معاك والحق صوته يقويأهلك وراك من قلبهم وبكل شدة حبهم / بيقولوا يرعاك ربنا ياللي هتاخد حقنا».


 الموسيقار محمد الموجي والشاعر عبد الوهاب محمد قدما ثلاثة شعارات جماعية، والشعار هو لون من الغناء الوطني ذاع خلال حرب 1967، وهو نشيدحماسي مختصر يقدم فى نحو دقيقة وأحيانا نصف دقيقة، الثلاث شعارات حملوا عناوين«هعرف للقمة طعم» و«إنصرنا يارب» و«يابشير بلادي» سجلتجميعها بصوت المجموعة ، وهى من كلمات محمد كمال بدر وألحان عبد العظيم محمد غنت المجموعة  أيضا «حقك معاك»، كما سجلت أيضا «بالاحضانياسينا» التي صاغها الشاعر محمد كمال بدر ولحنها أحمد صدقي وغنتها المجموعة بضمير الجنود «التار التار التار التار نده علينا جيبنا السلاح وجينالشطنا الجريح وللرملة الحزينة / وبالاحضان بالاحضان ياسينا».


شهر رمضان


حارب جنود مصر فى شهر رمضان ونصرهم الله وهم صائمين، وكان لهذا الأمر صدى كبير فى عدد ليس بالقليل من الأغنيات التي ظهر فيها الوازع الدينيجليا كما فى عاشر أغنية سجلت للنصر وغناها ثلاثي النغم من شعر كمال عامر  وتحمل عنوان «صبرنا وعبرنا» وضع لها الموسيقار محمود الشريف لحناشعبيا جميلا تقول كلماتها «صبرنا وعبرنا وطهرنا قدرنا وربك نصرنا / وبالبندقية رفعنا العلم وربك نصرنا / قبلت التحدي وعديت قنالك لارضك وأرضيومديت حبالكوخلي تكالك على الله وعلينا / وبالبندقية رفعنا العلم وربك نصرنا»، أو كما جاء فى أغنية «صدق وعده» التي غنتها المجموعة من كلمات عبدالفتاح مصطفى وألحان بليغ حمدي وتقول«جمع البغي حشودة ظن أنا ضعفاء / فحمى الله جنوده وهو أقوى الأقوياء / قد أحطنا بالفدا وإحتسبنا للفدا ما رميناإذ رمينا لكن الله رمى»، ونجد الفكرة نفسها فى أغنية «صوت المآذن» شعر أحمد عثمان المراغي لحن أصدقي غناء نجاح سلام يقول مذهبها : «صوتالمآذن فى المساء يكبر / ودويه بالنصر لاح يبشر / والشعب يرجو الله نصرا كاملا/  والله فوق الظالمين وأكبر»، وفي الاطار نفسه قدمت شهرزاد من كلماتعلية الجعار وألحان عبد العظيم محمد أغنية  «سمينا وعدينا»  تقول كلماتها :«جمعنا كل قوتنا وسادنتا عروبتنا / وسمينا وعدينا وإيد المولى ساعدتنا ورجعناإبتسامة مصر / خيوط الفجر بتنور وكل الشعب بيكبر وفى رمضان وبالإيمان أراضينا بتتحرر».


الأغنية البديعة التي قدمتها سعاد محمد مع الشاعر علي الباز والموسيقار محمد سلطان بعنوان «أم المداين» تضمنت احتفالا صوفيا بالنصر كما جاء فىكلماتها«إعلي يامصر الحبيبة وإكبريوإطلعي فوق كل مدنه وكبري / نوري ياأم المداين نوري».

وكان الأمر نفسه حاضرا فى أغنية «بسم الله أذن وكبر» لبليغ حمدي وسبق أن ذكرناها .


المرأة أم الشهيد

 

تذكرت أغاني النصر المرأة وكرمتها أفضل تكريم، تجلى ذلك فى أكثر من عمل تناول المرأة أم الشهيد الفخورة بشهادة ولدها، وزوجة الشهيد التى تنتظرعودته مكللا بالنصر، والحبيبة التى تتمنى لو تتمكن من مسح عرق جبين الحبيب والتخفيف عنه، وتمثلت قمة هذه الأعمال فى أغنية «أم البطل» التي كتبتهانبيلة قنديل بناء على فكرة من المطربة شريفة فاضل التي دعتها لمنزلها هي وزوجها الموسيقارعلي إسماعيل خلال المعركة واقترحت عليها تقدم عملللأمهات، ولأنها كانت أما بالفعل لشهيد هو ولدها السيد السيد بدير الذي استشهد خلال حرب الاستنزاف، ومن رحم الألم والفخر خرجت الأغنية الخالدة التيلاتزال حاضرة الي اليوم مع كل شهيد يترقي يوميا دفاعا عن مصر وأرضها، تقول كلمات الأغنية التي غنتها شريفة بدموعها فكانت بمثابة بلسم على قلب كلأم شهيد«ابني حبيبي يانور عيني بيضربوا بيك المثل / كل الحبايب بتهنيني طبعا مانا أم البطل / يامصر ولدي الحر إتربي وشبع من خيركإتقوى منعظمة شمسك / إتعلم على إيد أحراركإتسلح بايمانه وإسمك / شد الرحال شق الرمالهد الجبال عدى المحال / زرع العلم طرح الأملوبقيت أنا أم البطل.


عادت نبيلة قنديل وكتبت الأغنية المبهجة «راحة فين ياعروسة» ولحنها علي إسماعيل الاغنية تصور مصر وكأنها عروس توزع الشربات على أهالي الحتهفرحا بالعرس الكبير الذي هو النصر وتتضمن محاورة بين المطربة شادية وكورس من الأطفال يطرح عليها السؤال وهي تجيب هكذا : «راحه فين ياعروسةيام توب أخضر؟ / راحه أجيب الورد وأجيب سكر / تعملي إيه ياعروسة بالسكر؟ / أعمل شربات شهد مكرر / وأصبه فى دوارق فضة وبإيدي أفرق عالحتة ندر عليكي؟ / أيوة عليا تسقيه بإيديكي ؟أه بإيديا / طب روحي ياعروسة هاتي السكر / وحياة اللي راح وطلع بالسلاحمن الفجر الصباح وضميره مرتاح /إتمنيت من ربنا اليوم ده من كام سنة / أعيش واشوف ربنا طارحه جناين مصرنا / هملا ليالي مصر غناوي /ونهارها أفراح وهناوي / وندر عليا طول ماناعايشة أسقيه بايديا».


ويبدو أن الشاعرات النساء هن أكثر من كرس لدور المرأة فى المعركة، الشاعرة علية الجعار كتبت أغنية «إرجعلي بإنتصارك»  ولحنها سيد مكاوي وغنتها مها صبري التي تغني فيها بلسان الزوجة التي تنتظر عودة زوجها البطل من الجبهة وهو يحمل لها بشرى الإنتصار، تقول كلماتها«إرجعلي بانتصاركفارشالك بيتنا نورتلاقيني فى إنتظارك بالورد والزهور / ولكل ركن فرحة بالنصر وبالعبوروالفرحة بكرا تكمل برجوعك بالسلامة / والدنيا تبقي أجمل بالنصروبالكرامة / بستني خطوتك ومعاك أجمل هدية / نيشان على بدلتك والنجمة العسكريةترفع راسي ومكاني بين اهلي وجيراني / بشتاقلك ياحبيبي وأشتاق للنصرأكتر».


 المطربة عفاف راضي جسدت دور الحبيبة التي تتمنى لو كانت نسمه هواء أو قطرة ندى تمسح التعب عن جبين حبيبها المقاتل على الجبهة فى أغنية «ياقمر خدني لحبيبي» التي كتبها نادر أبو الفتوح ولحنها بليغ حمدي تقول كلمات الأغنيةحبيبي حب الرمال والقنال عارفينه / حبيبي حب الرمال والقنالشايفينه / ياقمر خدني لحبيبي خدني ياقمر لحبيبي / خدني قطرة ندي تنزل على جبينه / حب الرمال والقنال شافينه / حب الرمال والقنال عارفينه / خدنيقطرة ندي تنزل على خده / تسلم إيديك ياحبيبي فين مايعدوا / خدني  قطرة تندى تنزل على رموشة / قادر حبيبي ولا يقدر عدو يحوشه / ياقمر خدني لحبيبيخدني ياقمر لحبيبي/  خدني لحبيبي نسمة وردية / تفرش مكان خطوته حنة وحنية  / خدني لحبيبي ياقمر ياللي يوم انتصارنا ياما هقوله وياما هايقولي».  

 «أم النضال» أغنية كتبت من رحم المعركة تحية لكل أم ترتقب عودة ولدها من المعركة، كتبها شاعرها فهمي الشريف من وحي وجودة عل الجبهة ولحنهاحلمي أمين  تتضمن رسالة من أحد الجنود على الجبهة أرسلها إلي والدته يقول فيها :» من الشوق اللي بيا أهدي سلامي / وأبعتلك تحية من الخط الأمامي /من أشرف مكان من أرض الميدان / تعيشي يا أمي».


 المشاركة العربية


قدم الملحن حلمي بكر عملا رائعا من شعر محسن الخياط غنته المجموعة حمل عنوان «المعارك وحدتنا» وهو أول عمل غنائي بعد العبور يتناول المشاركةالعربية فى حرب أكتوبر تقول كلمات الأغنية التي كرست لمساهمة الشقيقة سوريا فى الحرب «مصر داري سورية داري المعارك وحدتناكل بيت فى مصربيتنا كل بيت فى سورية بيتناالمعارك وحدتنا / طلي ياشمس المعارك وإجمعينا فى فلسطين فى الجولان فى ارض سينا».


فتحت أغنية «المعارك وحدتنا» الباب أمام تقديم أعمال أخري حيث أكمل عبد الحليم الإشادة بالمشاركة العربية فى الحرب فى أغنية «الفجر لاح» لمرسيجميل عزيز وبليغ يقول «الله اكبر ياعرب  متجمعين الله اكبر ياعرب متوحدين/  وحدة شعوب وحدة قلوب من عام تمانية وأربعين للوقت ده متشوقينجيشالعرب ياعرب يارعد بيهز الفضا زحف العرب زي القضا».


 فى الاطار  نفسه سار بليغ مع وردة الجزائرية وعبد الرحيم  منصور فى  أغنية «سكة واحدة» التي كرست لوقوف العرب صفا واحدا خلال الحرب تقولالأغنية «جنب بعض وادينا دايما فى إيدين بعض نادرين روحنا لأمناخطوة واحدة وسكة واحدة راية واحده بكل حب تضمنا / تحت الراية العربية»، كذلك فىأغنية أم البطل» لنبيلة قنديل وعلى اسماعيل وشريفة فاضل حين تقول« إتلموا اخواله وأعمامه من كل بلد عربي جنبة الكل قام وقفة رجال / زرعوا العلمطرحوا الأمل وبقيت أنا أم البطل» ،المشاركة العربية بدت جليه فى أغنية سمينا وعدينا لشهرزاد، حيث تقول«جمعنا كل قوتنا وسانتدنا عروبتنا».


 وغني مشيدا بالأمر نفسه المطرب السوري موفق بهجت فى أغنية «ياجندي بلادي يابطل»  شعر عبد الرحيم منصور ولحن بليغ حمدي، وكان موفق بهجتوقتها مقيما فى القاهرة، والأغنية تضمنت تحية لمشاركة الجيش العربي السوري فى المعركة.

كان عبد الحليم حافظ صاحب النصيب الأوفر من أغنيات النصر فقدم ست أغنيات منها«خللي السلاح صاحي» لأحمد شفيق كامل وكمال الطويل و«لفيالبلاد ياصبية» لمحسن الخياط ومحمد الموجي، وأخيرأ «صباح الخير ياسينا» لعبد الرحمن الابنودي وكمال الطويل ، وكان مقررا أن يسجل عبد الحليم أغنيةسابعة هي أغنية «الباقي هو الشعب» من كلمات سيد حجاب والحان كمال الطويل، لكن حليم وحسب رواية الفنانة عفاف راضي اختلف مع  ملحن الاغنيةوشاعرها حول كلماتها وما تحمله من دلالة، ورفض تسجيل الأغنية وغادر الاستديو.


وردة قدمت أيضا أربع أغنيات للمعركة ذكرنا منها اثنتين والباقي هما «سلام يامصر» للثنائي نبيلة قنديل وعلى اسماعيل و«الحرب للسلام» شعر عبد الرحيممنصور ولحن أحمد فؤاد حسن وهي أول أغنية تتحدث عن السلام وذلك قبل توقيع كامب ديفيد بأعوام فقد غنتها وردة العام 1974، وكأن  صانعي تلكالاغنية كانت لديهم القدرة على إستشراف المستقبل!


وقدمت نجاة الصغيرة ثلاث أغنيات هم«عالبر التاني» لمرسي جميل عزيز و«النهاردة كل شيئ يابلادي أصبح له معنى» شعر مجدي نجيب، وكلاهمالكمال الطويل و»من باب الفتوح» لكمال عمار ولحن محمود الشريف .


محمد رشدي قدم أيضا «راجعين لعشنا» لمحسن الخياط وعبد العظيم محمد وأيضا «أهو كده ربك عدلها جعلها رضا» لكمال عامر وبليغ حمدي.