رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


30 يونيو ثورة مستقبل

20-10-2020 | 14:42


ست سنوات مرت على ثورة 30 يونيو 2013 تلك الثورة التى قضت على مشروع هدم مصر، ذلك المشروع الذى اختطفها عاما أعتبره الأسوأ على مدار تاريخها الممتد لأكثر من 7000 سنة.

ست سنوات نعيد ترميم وبناء ما تم هدمه فى أكثر من 6 عقود.

كان الهدم عشوائيا فى معظمه وممنهجا فى القليل منه، عانينا خلال السنوات الست الماضية بمعنى الكلمة، فالبلد كان يتحلل بفعل السوس الذى نخر فى الجذع والجذور، وكانت الأوراق تتساقط لا تستطيع مقاومة الحشرات، بل كان ضعفها حافزا مغريا لهذه الحشرات.

بدأ البلد يتحفر لإجراء أكبر عملية جراحية لهذا المريض - مصر- وبالفعل بدأت العملية بمرحلتها الأولى بتلك الثورة - تصحيح المسار-  كما يروق للكثيرين تسميتها، الثورة التى أعادت مصر لأحضان شعبها وأعادت إرادة الوطن الراسخة لأصحابها،  فعندما خرجت جموع الشعب فى 30 يونيو إلى الشوارع والميادين تحركت لتعبر عن مشاعرهم، وتحمى إرادتهم بعد أن تأكدت من أن الوطن يسرق منهم، وأن هناك أيادى شيطانية تتلاعب بمصائرهم، وتسلب حقهم، خرجوا بالملايين للفظ الإخوان المتأسلمين وإنهاء حكمهم الفاشيست الجائر، بعد أن جاء الإخوان ليحولوا الشعب لعشوائيات وطوائف، وهذا ما لم يمكن أن يحدث لمخالفته لطبيعة الشعب، كونه مساحة جغرافية إقليمية واحدة مهما اختلفت الطوائف، وكانت 30 يونيو بقوة إرادة الشعب تساند القوات المسلحة لتصحيح المسار ومحاربة هذا الاحتلال الإخوانى بل وبداية الحرب على الإرهاب.

ثم بدأت المرحلة الثانية، وهى تثبيت الدولة بعدما أرادوا اختطافها، وكذلك مواصلة الحرب ضد الإرهاب وبناء مصر جديدة تتسع عمرانيًا وتتيح فرصًا للاستثمار، وجاءت القرارات الاقتصادية، التى على  قدر قسوتها تحملها الشعب المصرى حبا فى الرئيس وثقة فيه.

جاءت 30 يونيو ثورة إنقاذ لمصر ولشخصية الإنسان المصرى وخاصة المرأة لأنهم كانوا يريدون تغيير هويتها وتغيير كل ما يتعلق بالقوة الناعمة، وكان لابد من عودة الثقافة الراقية لمصر، وعودة الشارع لجماله بكل معانى الجمال الأخلاقى والبيئى .

أهم إنجازات 30 يونيو بالنسبة لى أنها أنهت فترة حكم الإخوان، وهذا فى حد ذاته أكبر إنجاز بتخليص الدولة من الجماعة الإرهابية، فقد كانت هناك مؤامرة تحاك للبلاد منذ سنوات بعيدة، هذه الثورة قضت على السوس أو الفيروس الذى يحمل كل جينات التخريب، فيكفى إنقاذ البلاد من مصير دموى محتمل، فبالنسبة للناحية الاقتصادية قبل 30 يونيو وتحديدًا عام حكم الإخوان ارتفع معدل البطالة وزاد عجز الموازنة واختفت معظم السلع والخدمات كالكهرباء التى كانت تنقطع بالساعات، والبنزين الذى كنا نقف بالطوابير للحصول عليه، أما الآن فقد أصبح كل شيء متوفرا، كما أن نظرة العالم لمصر تغيرت تمامًا وأصبحت أكثر إيجابية بعدما أصدرت وكالات التصنيف الائتمانى العالمية تقريرًا قبل ثورة 30 يونيو تشير فيه إلى أن مصر لم تعد قادرة على سداد ما عليها تجاه الغير، ولم يعد أمامها سوى خيارين، إما قيام ثورة للجياع أو إعلان إفلاسها بشكل رسمي، وتغيرت النظرة الآن إلى إيجابية.

نعم مصر دولة سلام وتسعى إليه بلا كلل، لكنها فى الوقت نفسه تدرك أن السلام يتطلب قوة تحميه، وقد أثبتت وقائع السنوات القليلة الماضية أن محاولات نشر الفوضى وتمزيق أوصال الشرق الأوسط، أدت إلى تفاقم الأزمات بالمنطقة، وهو ما أفضى إلى تغيير جوهرى فى المنظور السياسى للدولة المصرية، دفعها إلى تحديث القوات المسلحة وتزويدها بأرقى منظومات التسلح، لمجابهة التهديدات العاصفة بأنواعها، سواء القائمة أو المستجدة، فالعالم لا يعترف إلا بمنطق القوة، وسط تنافس محتدم بين القوى الدولية والإقليمية على توسيع مناطق نفوذها الجيوستراتيجية، واستخدام "دبلوماسية البوارج" على حساب العرب.

الرئيس السيسى ورث إرثاً ثقيلاً من المديونيات المتراكمة على الدولة، فاضطر لاتخاذ قرارات جريئة منها تقليل الدعم، وقد قالها يومًا، هناك قرارات يجب أن تتخذ حتى لو كانت على حساب شعبيته، كما ردد البعض ذلك بل كانت شعبيته هى السبب الرئيسى لاتخاذ مثل هذه القرارات، فالشعب المصرى وثق وتحمل حباً فى الرئيس السيسى، فالمرأة والشباب كانوا متفاعلين مع الرئيس بدرجة كبيرة وكانوا مساندين له وداعمين خطواته، وهذا ما مرر هذه الإجراءات التى لم ولن يستطيع رئيس آخر القيام بها.

وهناك إنجازات ضخمة تحققت بالطبع بعد ثورة يونيو ولا ينكرها إلا جاحد، بداية بمشروع قناة السويس الجديدة حتى محور روض الفرج الذى دخل موسوعة جينيس.

هذه الذكرى السادسة لثورة 30 يونيو وقد انتهت الدولة من تنفيذ آلاف من المشروعات القومية فى مجال الإسكان والرعاية الصحية والنقل والمواصلات والمنشآت التعليمية والإمداد بالمياه والمنشآت الرياضية والثقافية والترفيهية والأمن الغذائي، بالإضافة إلى إنشاء وترميم المنشآت الدينية المضارة، وكذلك تطوير المناطق العشوائية وتنمية سيناء والخدمات العامة والصرف الصحى وتنمية منطقة قناة السويس، كما أنه من أهم الإنجازات التى تحققت بعد الثورة هى عودة دور مصر الريادى فى المنطقة، وتوطيد علاقاتها الدولية، والإنجازات كثيرة سواء على المستوى الخارجى أو مستوى المشاريع والبنية الأساسية وخطة التنمية المستدامة التى تبنتها القيادة السياسية سواء على مستوى التشريعات أو على مستوى الاستثمارات، وخلق جو أكثر أمانًا لتشجيع المستثمرين وزيادة الاستثمارات، ما استطاعت تحقيق الاستقرار والأمن للبلاد وتجفيف منابع الإرهاب.

استفاقت مصر من سباتها فى 30 يونيو 2013، ولأن مصر دولة مستهدفة، لموقعها وثقلها الاستراتيجى، فإن صانع القرار المصرى يعى أن قوة بلاده هى وسيلة الحفاظ على بقائها، فكانت عملية التحديث المتسارعة للقوات المسلحة، ضمن مخطط يتواصل حتى عام 2050، تحققت نجاحات باهرة مثل حاملات الطائرات ميسترال وغواصات وفرقاطات فى البحر، أيضا الرافال وميج -29 فى السماء، دبابات ومدافع إس-300 على الأرض، احتلت مصر مرتبة متقدمة بين أقوى جيوش العالم والأولى عربيا وإفريقيا، وتتوالى النجاحات، الشعب العظيم تفهم ورحب، برغم الظروف، لإدراكه أهمية صفقات تسليح الجيش، بوصفها ضرورة لحماية أمن الوطن واستقراره وثرواته فى البر والبحر، والتصدى للإرهاب وأى عدائيات محتملة فانتهجت القيادة سياسة تنويع مصادر السلاح، ضمانا للسيادة والاستقلالية، دون اعتماد على دول بعينها، تمنح أو تمنع، فأحدثت تلك السياسة نقلة نوعية وكمية فى تسلح الجيش المصرى، غيرت كثيرا من موازين القوى بالشرق الأوسط بل بدأنا فى تصنيع أسلحة ثقيلة، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، مثل الفرقاطة جوويند بالترسانة البحرية بالإسكندرية.

من حقنا أن نتفاخر، فالآن نمتلك أحدث نظم التسليح من أجل تأمين الحدود المصرية الشاسعة، على الحدود الغربية هناك 1200 كيلو متر، بجانب الحدود الجنوبية والاتجاه الشمالى الشرقى، بجانب البحرين المتوسط والأحمر، وبما يمتلكانه من مناطق حيوية واقتصادية مؤثرة على الأمن القومى المصرى، فالقوة فى الوقت نفسه رسالة ردع لأى محاولة من أى أحد يفكر فى الاقتراب من الحدود المصرية - مهما يكن- الرد سيكون قاسيا جدًا من جانب القوات المسلحة المصرية وفقا لضوابط حاكمة وثابتة عند تحديد مطالب واحتياجات القوات المسلحة من الأسلحة والمعدات، وهى تحقيق مطالب الدوائر الخمس للأمن القومى المصري، وهى الدائرة العربية، والدائرة الإفريقية، ودائرة حوض نهر النيل، ودائرة حوض البحر الأحمر، وأخيرا دائرة حوض البحر المتوسط.

أما علاقاتنا الخارجية فأصبحت سياسة مصر فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وصولا للشراكة، وذلك بعد أن كان الهم الأول لمصر هو استعادة ثقلها الإقليمى والدولى والعودة للعب دور مهم وحيوى فى الملفات التى طالما عكفت مصر عليها، فحدث نوع من التغيير والوضوح الكامل فى السياسة الخارجية لمصر والاعتماد على سياسة خارجية مصرية جديدة، قوامها الاتجاه نحو تنويع علاقاتنا الخارجية مع القوى الصاعدة فى العالم للاستفادة المتبادلة والمشتركة، والتوجه نحو الاستقلالية فى السياسة الخارجية، وتعزيزها مع كل دول العالم، فضلا عن استعادة الدور الريادى لمصر، خاصة فى الدائرتين العربية والإفريقية، إضافة إلى إعادة التوازن للسياسة الخارجية، من خلال تنويع البدائل، وإيجاد أصدقاء جدد، وتعميق العلاقات مع القوى الصاعدة عالميا كروسيا، والهند، والصين، واليابان.

وعمل الرئيس عبد الفتاح السيسى على استعادة التوازن فى العلاقات الخارجية لمصر، سواء من خلال معالجة علاقات أفسدها حكم الإخوان مع بعض دول الخليج أو مع بعض الدول الغربية، أو عن طريق تنويع علاقات مصر الخارجية بحيث لا تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية، أو من خلال تنويع أدوات تحقيق أهداف السياسة الخارجية المصرية. وتمكنت مصر خلال تلك الفترة من إثبات شرعية ثورة 30 يونيو وتغيير موقف العديد من القوى الإقليمية والدولية مما كانت عليه بعد الثورة مباشرة.

كما نجحت السياسة الخارجية المصرية فى استعادة دورها الإقليمى والعربى والإفريقى، ونجح الرئيس السيسى فى أن يجعل العالم يستمع لصوت مصر وكلمة شعبها بعد أن خرج فى 30 يونيو رافضاً للإخوان، واستعادة مصر مقعدها فى كل المؤسسات الدولية بلا استثناء.

نجحت ثورة 30 يونيو فى استرداد كل المراكز التى ضاعت منها فى عهد الإخوان سواء علاقتها بإفريقيا أو أوروبا، والرئيس عبد الفتاح السيسى عندما تولى رئاسة مصر جاء نجدة لمصر لأنه وجد وقتها السياسة الخارجية منحرفة تماماً عن المصلحة المصرية فى عهد الإخوان وبفضل الرئيس السيسى عادت مصر لمسارها الصحيح.

دعونا نجلس ونروى لأولادنا وأحفادنا قصة الثورة، ومادمت حيا أجلس بين أولادى وأحفادى فهذا دليل على نجاح الثورة، فما قبلها كان يقتل من يختلف فى الرأى ومادمت أحكى هذه القصة لأولادى وأحفادى فهذا دليل على نجاح الثورة التى أمّنت حياة شعب ووقته شر الحرب الأهلية والفتن الطائفية ، فقبل ذلك حُرقت 80 كنيسة، ولأول مرة تجرأ الجرذان على الكاتدرائية والمسجد..

حقيقة.. فما قبل 30 يونيو كان اختطاف لبلادنا، ورجعت بفضل ابن بار بها نادينا به يقود المسيرة فما كان منه إلا العمل الدؤوب والمثابرة والقرارات الجريئة، وكنا كشعب داعمين له فمحبته أعطتنا المناعة عن تصديق الشائعات التى تروج كل لحظة وعلى كل عمل.

كان قدر المسئولية وكنا قدر التحدى وتحملنا معه كل الظروف والمحاولات للوقيعة بين كل أخ وأخيه وجار وجاره وزميل وزميله.

نعم تحملنا أياماً صعبة لكننا مع الصبر كنا نرى نتيجة تحملنا من مشروعات وقوة لبلدنا نفخر بها ونفاخر بها الأمم.. فلم تكن ثورة 30 يونيو فقط للقضاء على حكم فاشيستى فى البلاد بل كانت تحمل بداخلها مستقبل أفضل لمصر وشعبها العظيم.