في ذكرى رحيله.. آلام محمد فوزي «أمير البهجة»
لم تشهد السينما المصرية ولا الطرب العربي نجمًا في خفة ظل وروعة أداء الفنان محمد فوزي، فقد كان من أبرز رموز السينما في عصرها
الذهبي، أما الغناء فقد حمل على عاتقه تجديد الألحان كي تنساب رشيقة إلى مسامع
المتلقي، والراصد لأعماله الغنائية يجده سابقًا عصره فيما وضعه من ألحان، حتى أن
سمعنا لحنًا له الآن نجده مناسبا لعصرنا رغم رحيله عام 1966.
حياة حافلة بالشقاء بدأها محمد فوزي
بالغناء في الموالد والأفراح حتى وصل بموهبته وتربع على قمة الغناء، وأصبح له
أسلوبًا مميزًا في التلحين وأيضًا في الغناء، وإن كانت العقبات قد واجهته في بداية
مشواره الفني، فهي هينة وبسيطة بجانب العقبات التي واجهها وهو في قمة عنفوانه
الفني، ومنها معركته التي كسبها أمام القضاء ضد الموسيقار محمد عبد الوهاب بسبب أغنيته «ناصر» التي سجلت للإذاعة واشتهرت وأراد محمد فوزي أن يسجلها
على أسطوانات لشركته «مصر فون»، وهي الشركة الأولى في الوطن العربي التي
بادر فوزي بإنشائها كي توفر الجهد على نجوم الفن وتطبع أسطواناتهم بأسعار زهيدة.
أراد محمد فوزي تسجيل وطبع أغنية «ناصر» بحكم أنها أصبحت من التراث الوطني، وهو بالطبع ملك للشعب، لكن عبد الوهاب صاحب
اللحن اعترض وأقام دعوى ضد فوزي، وأنصف القضاء فوزي وسمح له بتسجيل الأغنية، لكن
بدأت الكوارث تنهال على فوزي وكانت الطامة الكبرى بتأميم شركته التي أسسها ووضع
فيها كل ما يملك، وكانت هناك علامات استفهام، فقد أنشا عبد الوهاب وعبد الحليم
حافظ شركة مماثلة لتسجيل وطبع الأسطوانات وأيضًا للإنتاج السينمائي، لكن يد التأميم
لم تقترب منها، وبدأ الإكتئاب يهاجم فوزي أمير البهجة الذي أضفى الجمال على الغناء
والسينما ليهاجمه المرض الغريب الذي احتار فيه أطباء أوربا وأمريكا.
رحل محمد فوزي عن دنيانا بعد أن ترك
إرثا فنيًا يشهد بعبقريته رغم النهاية الحزينة التي وصل إليها، وكان في قمة مرضه
يكافحه بالضحك والابتسامة، وبعزيمته أعلن أنه يجهز لأعمال فنية جديدة لولا أن وافته
المنية، ورغم رحيله فهو باق في قلوب عشاق السينما ومحبي الطرب.