رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ثورة قلم

20-10-2020 | 20:03


7  سنوات من إعادة مصر نقطة فارقة بين دولة وأخرى، هذا بالضبط ما حدث في 30 يونيو عندما وصلنا لقمة الصراع السياسي والاقتصادي والأيديولوجي، فقد كان يدار على أرضنا صراع دول وشعوب وجماعات، صراع أفكار وصراع إرادات، مؤامرات، ودسائس، وحروب مباشرة، وحروب بالوكالة تقودها جماعة الإخوان الإرهابية المسلحة بالحقد والنار، وباقي التيارات الدينية ظهير لها، وفي الخارج كان يقف التنظيم الدولي العتيد والمسلح بالمال والميديا، وأطراف "سايكس بيكو" الجديدة، أمريكا وبريطانيا والصهيونية العالمية، وذيولهم قطر وتركيا، لتنفيذ الأجندة بيد التيار الديني، بينما الشعب المصري بكل أطيافه لم يكن يريد سوى البناء والتنمية لمصر وللمصريين بعد أحداث 25 يناير، لكن لم تأت السفن بما يشتهي المصريون ووصلت البلاد لحكم فاشي حلمه منذ نشأته اعتلاء كرسي السلطة في مصر مهما كلفه الأمر، ولو رجعنا للتاريخ فالهضيبي قالها عام 1952: "إذا وصلنا للحكم فلن نتركه أبداً"، وعندما وصلوا للحكم أنكروا كل شيء، أنكروا حقوق المرأة، وحقوق الأقباط، أنكروا وجود أزمة بنزين وسولار، بل أنكروا وجود أزمات من الأساس، لأنهم أنكروا وقوعهم في الخطأ، مع ضعف كوادرهم، أنكروا ما يرتكبونه من جرائم، ووجود سخط شعبي عليهم، وأنكروا الحشود الشعبية في 30 يونيو، واعتبروا الملايين الذين خرجوا يطالبونهم بالرحيل ما هم إلا "فوتو شوب" بعد عام من تمكين رجالهم في غالبية مفاصل الدولة، والبداية كانت بإنكارهم وجود انقسام حاد في المجتمع خلقوه باستفتاء مارس 2011، حين قالوا "الجنة لمن قال نعم والنار لمن قال لا"، استدعوا الجماعات الإرهابية المسلحة من الخارج لتعشش في سيناء شرقاً وفي ليبيا غرباً، لإنهاك واستنزاف الجيش الوحيد القوي  الباقي في المنطقة. حتى استطاعت ثورة الشعب المصري في 30 يونيو خلعهم من الحكم بعد عام فقط.


كان البطل الأول لثورة يونيو هو الوعي الشعبي الذي فطن بسرعة لخطورة حكم جماعات الدين، الذين لا همّ لهم سوى كل ما يتعلق بالمرأة من حجاب ونقاب وزواج الفتاة في سن التاسعة، والأقباط والجزية، وتربية اللحية، ولعن الليبراليين والعلمانيين واليساريين وتكفيرهم، ولعن السلفيين للشيعة، واستعدائهم، وغير ذلك من توافه الأمور، تاركين العمل والإنتاج، ورغيف الخبز والعدالة، وخروج الملايين في 30 يونيو هو أعظم تأكيد على وسطية هذا الشعب العظيم، ولفظه للتطرف والغلو.


والحمد لله أنهى الشعب المصري حكم الجماعة الإرهابية بعد قرابة عام قضته في الحكم، وبغبائهم ارتكبوا خلاله أخطاء فادحة أنهت العلاقة بينهم وبين الشعب في خلال هذه المدة الزمنية الضائعة من عمر مصر، التي كانت البلاد فيها أحوج ما تكون لاستثمار كل يوم للبناء والتقدم والنمو والاستقرار.


 كان اتجاه الجماعة الإرهابية واضحاً منذ البداية نحو تغيير هوية مصر الثقافية، والعمل على ارتدادها لحساب توجهات رجعية متخلفة، بدءً من منع عروض الباليه بدار الأوبرا، إلى إقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، مقابل إحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحكم، وناصبوا الإعلام والصحافة العداء لدوره الكبير في كشف مسالبهم أمام الرأي العام، وبات الإعلام هدفاً مباشرا لتحجيمه، بل وإقصاء رموزه، والسعي بكل قوة لأخونة مؤسسات الدولة الصحفية والإعلامية، في محاولة واضحة لتأسيس الفكر الإخواني من جهة، والحد من تأثير الإعلام المضاد من جهة أخرى.


مرت 7 سنوات كاملة على ثورة ٣٠ يونيو، التي كانت طوق نجاة لإنقاذ البلاد من حكم الجماعة الإرهابية، التي فككت مفاصل الدولة، وضربت بأمنها القومي عرض الحائط.


جاءت ثورة ٣٠ يونيو لتبنى وطنًا، وتصحح مسارًا وتفتح آفاق الحلم والأمل أمام ملايين المصريين، الذين هتفوا ضد سماسرة الأوطان وتجار الدين وسارقى الأحلام، ليستردوا مصر الحرة. 


ثورة أسقطت نظام الأهل والعشيرة، واستعادت هوية الوطن، وأوقفت تغلغل الجماعة في مفاصل الدولة، وكانت نقطة فاصلة في تاريخ المصريين، لأنها هدمت مخطط تدمير الجيوش العربية، وفي مقدمتهم الجيش المصري، وتفتيت الدول الوطنية، ثورة قلبت الموازين والحسابات الدولية، التي خططت لها دول كبرى، من أجل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط على غرار ما حدث قبل مائة عام باتفاقية سايكس بيكو.


ثورة أعادت لمصر دورها الريادي إقليميًا ودوليًا، ونفضت عن  مصر عباءة التقزم التي كانت ترتديها الجماعة الإرهابية.


7  سنوات مرت وبجهد المصريين وتحمّلهم نجحت الدولة فى استعادة الأمن وبناء الاقتصاد في معركة حياة أو موت في حب مصر على جميع الجبهات، اتخذت فيها الحكومة المصرية قرارات جريئة لمعالجة المشكلات الهيكلية طويلة الأجل بالتوازي مع معالجة الاختلالات الاقتصادية قصيرة الأجل التي نتجت عن خمس سنوات  قبل ثورة 30 يونيو من عدم الاستقرار والتحول السياسي. إن الرؤية الطموحة لمصر 2030 تشمل خططاً ومشاريع قطاعية من شأنها أن تسفر عن نتائج على المدى الطويل والقصير والمتوسط. كما جرى ويجري تطوير مشروعات ضخمة للتعامل مع الاحتياجات الهيكلية وكذلك تعزيز الاقتصاد، وخلق فرص عمل مؤقتة ودائمة، لم تختر الحكومة المصرية الطريق الأسهل بانتهاج إصلاحات تجميلية، بل حشدت شعبها حول أجندة الإصلاح الأوسع نطاقا التي تحقق نتائج مستدامة، كما أن الحكومة المصرية تدرك تماما المشكلات الاقتصادية الملحة واحتياجات شعبها لإيجاد حلول فورية لهمومهم اليومية، فكانت تعمل على مواجهة تلك التحديات بالتوازي بما يحقق الإصلاح المنشود إلى جانب تخفيف عبء الإصلاح عن كاهل المواطن.


مصر أكبر وأقدم الدول في المنطقة، تلتزم بسياسة ثابتة تقوم على مبادئ محددة ورؤى متسقة، ففي سوريا وليبيا تعمل مصر على الحفاظ على الدولة ومؤسساتها الوطنية ووحدة أراضيها. وتدعم مصر الحلول السياسية لجميع الأزمات من أجل تعزيز استقرار المنطقة. كما تولي مصر أولوية متقدمة لمسألة ضبط الحدود وحماية أمنها وأمن جيرانها. وبطبيعة الحال فقد تصاعدت أهمية محاربة الإرهاب على سلم أولويات السياسة الخارجية المصرية، لما يشكله من تهديد متصاعد على الصعيد الدولي، حيث يعصف بسوريا والعراق وينال من الأبرياء في سيناء، كما طالت يده الغاشمة كل المدن المهمة في ربوع العالم.


الشعب المصري قارئ جيد للتاريخ، ويعلم علم اليقين أن جيشه دائمًا منحازاً إلى إرادة الشعب، فمن منا لا يعرف ما حدث فى ثورة عرابى 1881، حيث خرج الضابط أحمد عرابى على رأس قوة من الجيش إلى جانب الشعب إلى قصر الخديو، وقدم له لائحة بمطالب شعبية، ثم تأتي ثورة 23 يوليو 1952، التي هتف فيها الشعب لجيشه الذي خرج طالباً تطهير الأمة من دنس الملكية، حتى عندما وقعت النكسة فى 1967، لم يصمت الشعب بل كان هو السند لجيشه حين خرج فى مظاهرات حاشدة هاتفاً بأعلى صوت "هنحارب"، ليصل هتافهم جيشهم بأن الشعب واثق فى جيشه، الذي يتكون من كل أبناء البيوت المصرية، ليثبت الجيش لشعبه أنه جيش وطني ليس لديه عقيدة أخرى غير العقيدة الوطنية، بنصر مؤزر في حرب الكرامة واستعادة الأرض في 73، ومن بعدها لم ولن يعرف الجيش المصري سوى النصر، والنصر فقط لوطنه وشعبه.


سنظل نحكي لأولادنا عن دور الجيش فى حماية ثورة 30 يونيو 2013،  كما حكى لنا آباؤنا وأجدادنا عن دور الجيش في رفعة البلاد وصون كرامة الشعب، لتستمر السيرة والمسيرة على مر العصور بكثير من الفخر والإجلال، تنقلها الأجيال الحالية إلى أبنائهم وأحفادهم من بعدهم يروون ما شاهدوه رأى العين عن القوات المسلحة التي انحازت للشعب في مواجهة الفاشية الدينية ممثلة فى جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها من جماعات الإسلام السياسي، التي كانت تخطط وتسعى إلى طمس الهوية المصرية وتذويبها، من أجل تحقيق مصالح الجماعة.


وستبقى القوات المسلحة المصرية يدا بيد مع شعبها على مر الأجيال تقوم بدورها المجيد في التصدي لكل يد تحاول العبث بمقدرات البلاد  وإغراق البلاد في فوضى وإضعاف قوتها الحامية لشموخها ورفعتها، وستبقى قواتنا المسلحة درعاً لشعبها وسيفاً بتاراً لكل يد آثمة تحاول يائسة الانتقام من الشعب وثورته وجيشه، وستظل القوات المسلحة تجود بخيرة أبنائها فى سبيل الحفاظ على وحدة البلاد وحماية أمنها القومي.


حتى أن القوات المسلحة تقوم بدورها في حماية الأمن القومي، إلى جانب قيامها بأدوار أخرى في التنمية من شق الطرق وإنشاء الكباري، وإنشاء المدن الجديدة، وتوفير المواد الغذائية وخلق فرص العمل للشباب.


الجيش المصري قام بدور عظيم فى حماية ثورة 30 يونيو 2013، التى قام بها المصريون ضد جماعة الإخوان الإرهابية، احتجاجًا على مخططات الجماعة لطمس الهوية الوطنية، وإدارة الدولة وتسخيرها لصالح الجماعة.


لم يكن انحياز الجيش للشعب في ثورته ضد الإخوان جديدًا عليه فالجيش جزء من الشعب، ودائمًا ما ينحاز إلى وطنه وشعبه وليس إلى أى حاكم، وهو ما شهدته مصر عبر تاريخها الطويل.


ولايزال الجيش المصري مستمرًا في التصدى للإرهاب ويقدم تضحيات كبيرة، وسيظل يحمي الأمن القومي لمصر وشعبها وأرضها، وهذا هو دوره التاريخى والأبدي، لأن القوات المسلحة ستظل دومًا درعا وسيفا للشعب المصري.


النجاح العظيم لدولة 30 يونيو على جميع المستويات بداية من الاقتصاد ومرورأ بالطرق والمدن الجديدة وغيرها من المشروعات التي نراها كل يوم مهم، ولكن هناك الأهم بالنسبة لي وهو الأمن والاستقرار الذي ننعم به اليوم بفضل شهدائنا الأبرار، ويكفي أننا نترك منازلنا لنيل لقمة العيش مطمئنين على أولادنا وأهالينا بلا خوف عليهم، فهم في رعاية الله الذي سخّر لنا جيشاً لا يحيد عن حماية بلده بعقيدة ثابتة إما النصر أو الشهادة.