رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«العالم الافتراضي يبني نجومًا ويهدمهم».. فصل جديد من كتاب «السيبراني»

21-10-2020 | 11:36


تنشر بوابة «الهلال اليوم»، فصلاً جديداً من كتاب «السيبراني» للكاتب أكرم القصاص، والفصل تحت عنوان «العالم الافتراضي يبني نجوماً ويهدمهم».


صانع النجوم قاتل النجوم.. فيسبوك


نجم اليوم، ليس هو نجم الأمس ولا الأسبوع الماضي ولا الشهر السابق، إنه نجم ليوم أو أكثر، سوف يحتل مساحات التفاعل والتعليقات والهاشتاجات، والنجم هنا لايخضع لقواعد النجومية التقليدية، فنان أو ممثل أو حتى قاتل.. اللعبة تغيرت، لم تعد النجومية تحتاج إلى جهد أكثر من الوصول إلى مواقع التواصل، لايهم الفعل قد يكون أغنية غريبة أو رقصة عجيبة، واحد عامل ميت.. كومبارس تعلن عن اختفائها بالاتفاق مع صديقاتها، فنان يتزوج للمرة الثانية، طفل يغني لثلاث ساعات، فتاة تأكل الثعابين، شاب يعمل عجين الفلاحة، فنان يدلي بحديث صادم، مذيعة تستضيف رجلاً يحاور العفاريت، طفل يلعب الكرة بالمقلوب، المهم أن يجد «شير ولايك وتعليقات» من خبراء النميمة وقادة الرأي الافتراضي.


ومثلما تصنع السوشيال ميديا نجومًا، فإنها أيضًا تهدمهم، أو تتحول إلى أدوات تشهير وهجوم وانتقام، شتيمة أو هجمات افتراضية قاتلة.. مواقع التواصل وبعض برامج التوك شو، تصنع نجومًا بشكل يومي ولحظي، وتحرق نجومها كل لحظة كأننا أمام الثقب الأسود يلتهم كل ما يضعف من النجوم ويبتلعها، لدينا في عالم الإنترنت عموما نجوم تولد لتستمر ساعات، أيامًا أسابيع، قليلون هم من يبقون على السطح، والأغلبية تختفي، تموت مثلما ولدت فجأة أو خلال أيام.


 


«بائع الفريسكا» وباعة الوهم


ومثلما يمكن أن تكون «السوشيال ميديا» أدوات للتواصل، فهي أدوات للانعزال والنميمة، ومن المفارقات أن المزاج يتقلب على مواقع التواصل، مثلما تتقلب المواقف، ومن يشيدون بشخص هم أنفسهم يهاجمون نفس الشخص، خلال أيام أو ساعات، وهي مساحات يمكن لمن يريد منها نقاشًا أن يجد نقاشًا وآراء وكتبا وأفكارا، ومن يريد الهلس يجده، ومن يريد الهجص يحصل عليه، المهم أن يحدد كل طرف ماذا يريد من هذا العالم المتشابك والمتسع والمتداخل، وأكثر التعبيرات توفيقًا هو «شبكة عنكبوتية»، هي كأدوات محايدة، والناس تجعلها طيبة أو شريرة، ضارة أو نافعة، حقيقية أو وهمية.


خلال أسبوع واحد من شهر ديسمبر 2015 رأينا حالة من التعاطف مع «شاب الفريسكا»، ثم السخط والاتهامات بالنصب.. ربما من نفس الأشخاص.. يوسف «بائع الفريسكا» ظهر في فيديوهات كشاب مكافح من الإسكندرية رفض البقاء في المنزل ونزل لبيع الفريسكا، كان يرتدي ملابس أنيقة، ويتحدث لغات، يوسف نجح في جذب أنظار السوشيال ميديا والفضائيات، وتعاطف معه كثيرون وأعلن عن أنه تلقى منحة للدراسة في الجامعة الأمريكية وظهرت أخبار على مواقع التواصل نفسها أعلن ناشروها أن تجربته تحولت إلى درس في جامعات كندا.


وما إن بدأت الاحتفالية بالشاب حتى خرج آخرون يشككون في قصة يوسف، ويقولون إنه خدع الجمهور، وظهر من قبل في برنامج صاحبة السعادة على أنه بائع جندوفلي، قبل أن يظهر على «النهار» أنه بائع فريسكا.


الشاب يوسف نفسه خرج ليدافع عن صورته بفيديو على يوتيوب وفيس بوك يؤكد فيه: «فريسكا ولا جندوفلي.. أنا الاتنين، أنا راجل بياع على البحر وببيع الاتنين، ليه واقفين في حلمي؟ دي مهنة وارثها عن والدي.. أقسم بالله مش بكدب».


لم أنشغل بما إذا كان يوسف حقيقيًّا أو مدعيًا، لكن المهم هو أنه عرف الطريق إلى الجمهور، وإلى نوع من البطولة اليومية، وهناك مئات الحالات المشابهة، لأشخاص يعرف الواحد منهم الطريق لرضا «فيس بوك»، ويلفت نظر عشرات يصبحون مئات وآلافا، وربما ملايين، ويكفي أن نعرف أن فيديو بائع الفريسكا سجل ما يقرب من مليون مشاهدة خلال ساعات قليلة.


لقد تحول الشاب إلى نجم خلال ساعات، وساعات أخرى تحول إلى شيطان، متهم بالادعاء والانتهازية والكذب، وانتهت قصته تمامًا واختفى من الساحة تمامًا مثلما ظهر.


ومثل حالة يوسف، هناك حالات أخرى ظهرت خلال العام، كان بعضها حقيقيًّا، وبعضها وهميًّا، يوسف حصل على عائد تعاطف معنوي، كان مقدمة لتغيير ما في حياته، قد يستمر أو يتوقف، لكن اللافت للنظر أن نفس الأدوات التي كانت سببا في شهرته ولمعانه، هي نفسها التي واجهته وسعت لكشف الجزء الآخر من حياته، وهو ما يؤكد أن هذه الوسائل ذات استخدام مزدوج، يحتمل كل شيء، أن يرضى عنك «فيس بوك» أو يغضب، تلك هي المشكلة.



بطل اليوم الواحد


كانت حالة بائع الفريسكا، ومثلها حالات كثيرة نموذجًا لعصر التواصل والانقطاع، حيث تظل تتصدر مواقع التواصل لتصبح بطلاً ونجم العام والأعوام الأخيرة بامتياز، في عصر تصنع الصورة نجومًا، وتهدمهم، في مواقع التواصل والفضائيات.


كانت هذه الأدوات محل إشادة كلما ناصرت قضية أو انتصرت في موقعة، لكنها كانت أيضًا محل اتهام وجدل؛ لكونها تصنع أبطالاً من وهم، وصورًا من فراغ تبيعها لجمهور بعضه ينتظر الحقيقة، وأكثر متعطش للنميمة، فهذه الأدوات التي ساندت مظلومين ونظمت حملات تضامن، هى نفسها التي نهشت أبرياء، أو ساهمت في صنع «بلالين» في السياسة والإعلام، حيث الأبطال من الباحثين عن نجومية أو بطولة، وهي بطولات لا علاقة لها ببطولات سابقة.


من سنوات كان خبراء وعلماء المستقبليات يتوقعون تحولات في شكل وممارسة السلطة، لم يعد هناك البطل التقليدي الذي تقوم بطولته على حقائق وأساطير ومبالغات، لكنه أصبح صورة يتم تصنيعها بمشاركة فردية أو بمؤسسات تصنع أبطالاً من «فوتوشوب» حقيقي أو افتراضي، ليهل عصر البطل المؤقت، أو ما يمكن تسميته «بطل اليوم الواحد»، يظهر ويختفي، يتم تصنيعه من صور وكاميرات ومقتطفات وقصص يتم بناؤها بعناية وخيال لتصبح جزءًا من نميمة اليوم والليلة، لا يختلف السياسي صانع الضجيج الذي يقوم بعملية غسيل لصورته الهزلية، عن السياسي الذي يصطنع حالة منع في زمن يستحيل فيه منع أحد.


وهي ظاهرة مستمرة طوال سنوات على المستوى السياسي، وربما يركز البعض على حالة بائع الفريسكا، بينما يغضون الطرف عن أمثاله ممن راجوا ومازال بعضهم يروج في الأجواء بضجة وتسريبات وأخبار وصور، فقد ظهر أبطال ليوم أو أيام، منهم عازفة الناي المغمورة، التي أشاعت أنها انتحرت على الفيس بوك وتويتر، وبعد أسبوع من البكاء الافتراضي عادت للحياة، مثل فنانة مجهولة كان أكبر إنجازاتها وأدوارها هو دور المرحومة، حيث أُعلن خبر موتها، وعادت بعد مصمصات، وتختلف عن (رضوى) السيدة التي أعلنت مأساة رحيل زوجها صغيرًا، ووظفت حالة التعاطف الافتراضية إلى ملايين جمعتها بزعم توظيفها وهربت بأموال المتعاطفين والطامحين، أو الطبيبة التي أشاعت مرضها بالسرطان وحصلت على تعاطف هائل ثم اتضح أنها شخصية وهمية.


وغير هؤلاء تحولوا إلى أبطال لشهر أو أسبوع أو يوم واحد، وسرعان ما اتضح أنهم مجرد شخصيات وهمية، ولا يختلفون كثيرًا عن سياسيين ونواب وإعلاميين أصبح كل منهم يبحث عن بطولة افتراضية بالخداع والضجيج، انسحاب أو هروب أو شائعات، ودعايات يصعب التفرقة بين الحقيقي والافتراضي الوهمي منها في ماكينة تواصل الدوران، وتصنع أبطالاً من وهم، ولا يتعلم سكان العالم الافتراضي من المشاركة في بناء أبطال اليوم الواحد وهدمهم.. ووسط كل هذا ينجو هؤلاء الذين يشغلون عقولهم، ويمتلكون قدرًا من الشك والمنطق ينجيهم من صناعة أوهام أو نهش أشخاص وخصوصيات في عالم افتراضي يصنع النجوم والأبطال ويهدمهم.



ملائكة فيسبوك وشياطينه وفلاليطه


كانت الفتاة خارجة من الكنيسة بالعجوزة وتعرضت لتحرش لفظي من أمين الشرطة المكلف بالحراسة، ومخبر آخر بجواره أهانها وأهان عقيدتها، الفتاة التقطت صورة للمتهم، وكتبت قصتها مع الصورة على «فيس بوك».. تعاطف معها مئات أعادوا «نشر البوست»، اهتمت الصحف.. وصل الأمر إلى الداخلية وتمت إحالة الأمين المتحرش للتحقيق.. كان هذا نموذجًا لكيف يصبح فيس بوك أداة رصد ورأي عام ومحاسبة.. قبلها تم نشر حالات لرجال شرطة متجاوزين تمت محاسبتهم، أو مخالفات، وأيضًا حالات اعتداء.


«فيسبوك» وأدوات التواصل تتحول إلى أدوات للرأي العام مفيدة وقوية، مثلما جرى بالإسكندرية التي تعرضت لأزمة من الأمطار والنوة، كانت كاميرات المواطنين أداة للناس والإعلام في كشف التقصير والأخطاء والإهمال، وساهمت في سرعة التحرك واستقالة المحافظ وهي خطوات كانت تستغرق أيامًا وربما أسابيع.


وللمفارقة فإن نفس الحدث- أمطار الإسكندرية- شتاء 2015، وبينما كان مئات المواطنين يمثلون الرأي العام في نقل الصورة، ومحاولة عمل شيء مفيد، ترك بعض «فلاليط السوشيال» الأمر ووظفوا كل طاقاتهم وإبداعاتهم في السخرية، وأثناء ممارسة هوايتهم «ومهنيتهم» عثروا على «فريسة» في صورة لضابط في الشارع بملابسه الرسمية، وسخروا من هيئته، ووزنه الزائد و«كرشه»، ووظفوا «الفوتوشوب»، وبعد أن شبع نجوم «المسخرة» من إهانة الرجل، انصرفوا للبحث عن «لايكات».


لكن للحق فإن نفس فيس بوك كان مكانًا لتوضيح الحقيقة والدفاع عن الرجل ضد «عبث الصبيان»، خرج معارفه ومواطنون بالإسكندرية ليعلنوا أن المقدم مصطفى مختار، ضابط مرور الإسكندرية، نشيط ومعروف للمواطنين، تعرض لحادث ومشكلة خطيرة في ظهره، ورفض العمل في المكتب وفضل البقاء في الشارع.. صمت الصبيان، ولم يلتفتوا إلى أن أسرة الضابط عاشت ليلة صعبة وهم يرون عائلهم يتعرض للإهانة لمجرد أنه يمارس عمله بإخلاص، وأنه من السادسة صباحا في الشارع يساعد قوات الجيش والشرطة والحي لرفع المياه رغم حالته الصحية إثر إصابته في حادث أدى لمضاعفات خطيرة بالعمود الفقري، وحرمه من رياضته وأكسبه وزنًا زائدًا.


هناك سوابق للاغتيال المعنوي جرت مع مضيفة «مصر للطيران» التي سخر بعض «الصبيان» من هيئتها، وملابسها وعمرها، وانهالت تعليقات سخيفة وفاقدة للإنسانية، ومع الوقت ظهر فريق آخر دافع عنها وهاجم المدعين، واتضح أن المضيفة مريضة.. لم يهتم من هاجموها ولم يتراجعوا، ومارسوا نفس الغريزة المدمرة، بحثًا عن التصفيق.


والسخرية ليست عيبًا إذا كانت تتعامل مع أوضاع إهمال أو مراقبة المخالفين والمعتدين والمتجاوزين، وانتقاد المهملين والفاسدين والفاشلين، مع الابتعاد عن النميمة والإهانات واختراق الخصوصية.. ولحسن الطالع أن حملات السخرية من الضابط كانت من «فيس بوك»، وحملات الدفاع عنه من «فيس بوك».. ففي أدوات التواصل- مثل أي مكان- ملائكة وشياطين وجهلاء ومستعرضون ومدعون، ونبلاء.


 


حياة جميلة بوحيرد.. والحروب بالشائعات


في يوم من أيام نوفمبر 2015 انتشرت شائعة على مواقع التواصل حول وفاة المناضلة الجزائرية الشهيرة جميلة بوحيرد، ومن دون التأكد أراد نواب البرلمان التونسي التفاعل، وأعربوا عن حزنهم، ووقفوا دقيقة حداد على روحها، وتم تصوير ذلك في التليفزيون.. السفارة الجزائرية أبلغت البرلمان التونسي أن السيدة جميلة على قيد الحياة، وأن الأمر شائعة انتشرت على مواقع التواصل وتفاعلت واتسعت، ولم يتوقف أحد ممن نشروها ليسأل عن تعامل البرلمان التونسي مع الشائعة ولم يلجأ لطرف رسمي لمعرفة الحقيقة، وهو أمر متاح في ظل القرب بين البلدين.


ولم تكن المرة الأولى التي تنتشر فيها هذه الشائعة، فقد تكررت الشائعة معها ومع غيرها، ولا أحد يعرف مصادرها أو الهدف منها، لكن الأمر جزء من ظاهرة يصعب التخلص منها في ظل السيولة الإعلامية والمعلوماتية.. وهو أمر يتكرر أيضًا في أحداث و«أنصاف أخبار» في السياسة المحلية والدولية وما يتعلق بالأحداث، وبعضها متعمد يعكس الصراعات السياسية والحروب الباردة والساخنة، وفي بعض الأحيان ومن خلال عمليات التكرار والإلحاح تكاد الشائعات تتحول لأخبار شبه رائجة، دون سند أو دليل، وهي طبيعة الإعلام في الوقت الراهن.


وربما يمكن تفهم الحروب الدعائية من شائعات أو أخبار مغسولة، في سياقات الحروب السياسية أو الصراعات، مثلما نرى بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وروسيا وحلفائها من جهة ثانية.. وبعد دخول روسيا كطرف معلن في سوريا، واجهت حرب تقارير ومعلومات من الحلف الأمريكي، وردت بتوظيف قنوات وأدوات ووسائل مختلفة وأصبحت الحرب علنية، لدرجة أن قناة «روسيا اليوم» كانت ضمن الحرب الإعلامية ومعها قنوات روسية.. وظهرت الحرب الدعائية في حادث الطائرة الروسية، حيث نجحت بريطانيا وأمريكا في إطلاق تصور القنبلة وترويجه، بل والتضخيم منه لتحقيق ضربات اقتصادية وسياسية، وكان هذا من خلال مواقع وأخبار بدأت صغيرة من منصات مجهولة حتى طفت على السطح.


لكن إذا كان هذا مفهومًا في الصراعات الدولية والإقليمية، أو حتى بين النجوم المتنافسين في الفن أو الغناء؛ إلا أنه غير مبرر في الحالات الشخصية، ومنها ما تعلق بشائعة عن حياة «جميلة بوحيرد»، فهي شخصية عامة ليست طرفًا في أي صراع ولا نجمة تنافس آخرين، الفكرة واحدة.. أنه من الصعب ضبطه.


والخلاصة أننا أصبحنا داخل عالم متشابك يصعب فيه أحيانا الفصل بين الخبر والشائعة، خاصة في الصراعات والسياسة، حيث لا يكفي إعلان المعلومات أولاً بأول، لكن أيضًا الرد على ما يتم تداوله الذي يأخذ طريقه للنشر والشيوع في المسارات الإعلامية، أو المسارات العرفية التي تمثل مصدرا للأخبار، سواء كانت حقيقية أو مجرد أوهام.


 

جرائم مع سبق الإصرار والتشهير


ومثلما تتحول أدوات التواصل إلى أدوات لنشر الأخبار والأفكار، فهي أيضًا أدوات لبث الشائعات وترويج الأخبار المفبركة، وقد تتحول إلى أدوات ابتزاز وتشهير تحت أيدي بعض القتلة الافتراضيين المحترفين.. استنادًا إلى المجهولية، يوظفها هؤلاء كأدوات شائعات ونشر للكذب والأخبار والمقولات المفبركة وبشكل يقود إلى القتل المعنوي، وربما المادي، من خلال أخبار مضروبة وبوستات مصنوعة خصيصًا للإساءة، وبعض من يمارسون هذا النوع من الابتزاز مجهولون أو يستندون إلى أن الضحايا ربما لا ينشغلون بمتابعتهم أو مطاردتهم.


هناك منصات مخصوصة وممولة تنشر الشائعات والأكاذيب من دول أخرى ولصالح أجهزة هذه الدول، ضمن حروب أصبحت علامات في زمن الثورة المعلوماتية وتابعتها الثورة السوشيالية.. ولا يمر يوم من دون أن يغرق «فيس بوك» بتنويعات من هذه المنصات الافتراضية، وإن كان هذا النوع من المنشورات والشائعات فقد قيمته ولم يعد قابلاً للتصديق أو الانتشار.. وحتى الأخبار المغسولة التي تنشرها منصات معروفة ووكالات أنباء لا تأخذ الكثير من الوقت ويمكن الرد على المنصات الصحفية أو غيرها.


لكن يظل هناك نوع من التشهير يمثل جرائم، ولاتزال أجهزة البحث والإنترنت غير قادرة على الإمساك بها أحيانا، ويمارس بعضها مختلون ومجانين يفرغون كبتهم أو فشلهم في بوستات سب وقذف أو اشتباكات تافهة.


والأمر أحيانًا يتخطى الكذب والتزييف والشائعات إلى أنواع من الإساءة والتشهير، ومنها قصص لجهات أو أفراد يرتكبون جرائم واضحة عندما يزيفون صورًا أو صفحات إباحية باسم من يختلفون معهم، وهذا النوع من التدخل يمثل جريمة يفترض أن يكون لها مواجهة.


وهناك حالات بعضها تم ضبط مرتكبيها، ولعل أكثر القصص شهرة ما فعله مجرم في إحدى محافظات الدلتا اختلف مع خطيبته فسارع بنشر صور لها على مواقع إباحية ونشر تلفيوناتها وعنوانها؛ الأمر الذي تسبب في أذى نفسي للفتاة وأسرتها.. صحيح أنه تم القبض على الجاني لكنه كان بالفعل قد دمر سمعة الفتاة بلا سبب غير رغبته في الانتقام.


نفس القصة تتكرر بشكل كبير في مناطق مختلفة، وأحيانا تفاجأ الفتاة أو السيدة بصورها منشورة في مواقع إباحية من دون أن تعرف من فعل هذا، وبعض هذه الصور يتم نشره بعد التلاعب بها بالفوتوشوب، وهناك أيضًا أنواع من التشهير يقوم بها أشخاص معروفون ظنًّا أن ضحاياهم يترفعون عن الرد، أو استنادًا لضعف العقوبات وغياب الردع لأمثال هؤلاء المجرمين الافتراضيين.


وقد فوجئت سيدة محترمة بأن هناك صفحة إباحية باسمها، كما تم نشر تليفوناتها لمجرد أنها تصدت لتجاوزات بعض المتنفذين وحاولت حماية أشخاص ضعفاء من بطشهم.. ومع أن السيدة استعملت الأسلوب الحضاري لكنها فوجئت بحملة تشهير وابتزاز تجاوزت الحدود، كما تم تزييف بوستات باسمها للإيقاع بينها وبين معارفها أو الرأي العام.


هذا الأسلوب بالفعل أصبح منتشرًا ويستند الجناة  فيه إلى حسابات مزيفة أو يستخدمون مجرمين محترفين لتنفيذ عمليات القتل المعنوي.. وبالرغم من إمكانية الوصول إلى الفاعل المأجور فإنه أحيانًا ما يفلت المحرض والفاعل الأصلي بجرائمه.


هذه الظواهر أصبحت شائعة ويتم توظيفها على أوسع نطاق، وتحول أدوات التواصل إلى أدوات قتل معنوي لا يقل عن القتل العمد، ومع هذا فإن هذا النوع من الجرائم لايزال بعيدًا عن العقاب الرادع، وتتم معاملته كجريمة نشر، بينما هو خارج هذا النطاق ويدخل ضمن التشهير والابتزاز وهو ما يمثل جريمة مركبة تحتاج لوقفة، ونفس الأمر مع الحسابات التي يمارس أصحابها التحريض ويستخدمون حسابات بأسماء وهمية، أو يستخدمون تقنيات تسهل لهم الهرب من الجرائم، ويجب أن تتم معاملتهم بجرائمهم المركبة، من دون إعفاء الفاعل والمحرض وكل من يوفر مناخا لهذا النوع من الجرائم التي تبدو أحيانا مستعصية على المواجهة بالتشريعات أو الضبط.



هل قتل الإعلام سعيد طرابيك؟


في نوفمبر 2015 رحل الفنان الكوميدي سعيد طرابيك، لكن قبل رحيله كان قد تزوج من فنانة ناشئة.. وعلى مواقع التواصل وفي الفضائيات بدأت خلافات بين الفنان وأسرته وأبنائه، وتناول الإعلام قضيته، وظهر طرابيك ليرد، وتحولت حكايته إلى إحدى قصص التوك شو.


بعد رحيل الفنان سعيد طرابيك كان رد فعل زوجته سارة وبعض المحيطين به أنه كان ضحية ملاحقة الإعلام، وصرخت زوجته الشابة أثناء الجنازة موجهة كلامها للإعلام «حرام عليكم كفاية مش عاوزة إعلام.. ابعدوا عني».. المفارقة أن الفنانة الشابة كانت في مساء اليوم تتحدث للفضائيات وتشرح تفاصيل حياتها الزوجية، ولم تمانع في الإجابة عن أسئلة محرجة.. بالطبع برامج أرادت توظيف الحدث وممارسة «اللّت والعجن» حول الموضوع.


ثم إن الجدل والنقاش كله لم يتعرض لفن وتمثيل سعيد طرابيك بقدر التركيز على زواجه وطلاقه وزوجته الجديدة والقديمة، وتم اختصار حياته كلها في شهرين، كأنه لم يكن موجودًا قبل أن يتزوج الزواج الأخير.


والإعلام دائمًا متهم، والبرامج والمذيعون يجدون في سعيد طرابيك أو غيره موضوعًا يثير الجدل والكلام في حالة ركود عامة، لكن الإعلام أيضًا هو الذي دافع عن حق الفنان الراحل في الحياة والزواج، والأمر تجاوز الدفاع وشرح وجهة نظره إلى تفاصيل قصة حياته مع بعض المعلومات عن أعماله.


طبعًا الأعمار بيد الله، لكن الفنان الراحل سعيد طرابيك كان ضحية لهجمات استهدفته منذ اللحظة التي أعلن فيها خبر زواجه من الفنانة سارة، فقد شن البعض هجوما عليه وسخروا منه، ليس فقط في الإعلام، ولكن أيضًا على موقعي التواصل فيس بوك وتويتر، واضطر الرجل للخروج والكلام دفاعًا عن نفسه؛ لكن الإعلام ومواقع التواصل أيضًا هم من دافعوا عن الفنان الراحل وحقه في حياته الخاصة وحريته في الزواج، ردًّا على السخرية من عمره وزواجه في هذا العمر.


الفنان سعيد طرابيك مثلما كان ضحية الإعلام فقد وقع في هوى الإعلام، واكتشف أن الظهور المتكرر يضاعف من شهرته، بل إنه أصبح نجم الحدث، يطلع يوميا في فضائيات وصحف، كان ينتقل من قناة للثانية، يتحدث ويشرح ويواجه ويرد ومعه زوجته سارة، وتطرق الكلام طبعا لمشواره الفني وزواجه الأول وعلاقته بأبنائه، وبعضه  يتعلق بعلاقته بزوجته الأولى وأبنائه.. أي أن الفنان الراحل وزوجته بدا أنهما وقعا في هوى الإعلام والكاميرات، وأصبح طرابيك نجمًا في أيام بمقدار أضعاف نجوميته كفنان لسنوات، وتراجعت أعماله لصالح حكاياته وحياته الخاصة، وهو لم يمانع، بل ربما وجدها فرصة لظهور أكثر.


وقد جمع طرابيك لمعانا أكثر مما كان قبل الزواج، مع أنه كان نجم الأدوار الثانية والجانبية بخفة دمه وقدراته الفنية العالية، لكنه للأسف راح ضحية المهاجمين واللاهثين والساخرين.. حتى بعد موته أصبح هو وأسرته موضوعًا.


المفارقة أن زوجة الفنان سعيد طرابيك التي كانت في الجنازة تهاجم الإعلام وتطالبه بالبعد عنها، وتتهمه بأنه كان وراء كل ما جرى، هي نفسها كانت تتحدث في العاشرة مساء، بل وتجيب عن أسئلة مقدم البرنامج وائل الإبراشي عما إذا كان الفنان الراحل يتعاطى منشطات، وهو سؤال كان كافيًا لترفض الزوجة وتستنكر مثلما استنكر بعض الجمهور، لكنها لم ترفض ولم تغضب وتحدثت ونفت قصة المنشطات وشرحت حالته الصحية.. وربما لو كانت ابتعدت واكتفت بالصمت ما كان الأمر اتسع.


سارة هاجمت الإعلام في الصباح، وتحدثت معه في المساء بعد ساعات من دفن زوجها، وقبلت الإجابة عن سؤال حول المنشطات، فيما بدا استمرارًا لحالة الرفض والقبول للإعلام، تطبيقا لمَثل «أكرهه وما أقدرش أبعد عنه».


وليست قصة الفنان سعيد طرابيك الأولى ولا الأخيرة، بالطبع الإعلام يبحث عن موضوع، وبعضه يبحث عن نميمة، وهو متهم أحيانًا، ومطلوب من بعض النجوم.. لا هو شيطان ولا ملاك.. وهو كمصباح يجذب ويلمع ويحرق أيضًا.



الكاميرات تسلط الأضواء وتحرق أيضًا


مادمنا نتكلم عن الفضائح ونشر الغسيل، والاتهامات الموجهة للإعلام المقروء والمرئي والمشموم، بأنه يسعى للإثارة، ويركز على الفضائح، ويعتدي على الخصوصيات قبل العموميات.. وهي اتهامات بعضها صحيح، لكن أيضًا لا يمكن إنكار الدور الذي يلعبه بعض من يشتكون من الإعلام، في تقديم الأدلة والقرائن على أنهم يسعون بأرجلهم وأيديهم وفضائحهم وخصوصياتهم إلى الإعلام، أو أن البعض يريد الإعلام عندما يريد فضح أشخاص آخرين، بينما يتهمه عندما يتعلق الأمر بشخصه.


ويبدو بالفعل أن قضية الفنان الكبير الراحل سعيد طرابيك أحد هذه النماذج، ولم تتراجع زوجة الرجل سارة أن تنصرف عن استكمال مسلسل نشر غسيل العائلة يوميا في الفضائيات والصحافة.


الزوجة الأخيرة للفنان سعيد، أصبحت ضيفة يومية على الفضائيات، تقدم دورها بلا ملل ولا تراجع ولا استسلام، وقبل أن ينتهي عزاء الفنان الراحل تحول السرادق نفسه إلى ساحة معركة كبرى حول الميراث علنًا وأمام الكاميرات، ولم يكن الإعلام هو الذي اخترع هذه «العركة» النسائية، لكنه كان حاضرًا والتقط المشاجرة.


طبعًا بعض البرامج لا يكتفى بمتابعة الحدث، لكنه يواصل النفخ وبعضها يجد في «الحبة» قبة تحتاج للمزيد من الزيت والنار، حتى يتفرج المتفرجون على الغسيل المنشور من كل الزوايا.. الإعلام هنا متهم، لكن لا يمكن أن يكون مسؤولاً عن معارك وردح واتهامات بالسرقة وصراعات الميراث بين سارة الزوجة الجديدة والزوجات السابقات، أو الأبناء وحقهم في الميراث.. سارة قالت إن المرحوم كتب لها أملاكه قبل الوفاة، وأهله أو أسرته القديمة وابنه قالوا إن ابنه الوريث الوحيد، وما كان الإعلام يعرف الغسيل لولا أن نشرته أسرته عموما وزوجته سارة على وجه الخصوص.


سارة يوم وفاة الفنان بكت، واتهمت الإعلام وقت الدفن بقتله، لكنها في المساء تحدثت في أدق التفاصيل مع وائل الإبراشي، ولم تُبدِ أي غضب من أسئلة الزميل وائل الإبراشي.. المهم أن الحلقة عرضت، وتفرج من تفرج، وانتقد من انتقد، وفي العزاء وقعت مشاحنات بين الزوجة الجديدة وطليقة الفنان، وخرج ابن عمه ليشير إلى عدم رضا العائلة عن الزيجة، ولمحت شقيقته إلى أنه ابتعد عن الأسرة بعد الزواج، بينما أكدوا أن ابنه الوريث الوحيد.. كانت زوجته سارة أعلنت أنه باع لها كل ما يملكه، وبدا أن معركة الميراث بدأت مبكرًا.


وفي اليوم التالي للعزاء ظهرت سارة مع الإبراشي ولمحت إلى أن طليقته حصلت على أمواله بالتحايل، وأنه مرض بسبب صدمته وحزنه من ابنه، وبدأت في سرد تفاصيل كثيرة، وبدت رغبة منها في كسب رأي عام.


وطبعًا المذيع وجدها فرصة للاستفادة وإمتاع المشاهدين ومضاعفة الجرعات وهو يجد أمامه فرصة، ثم إن المشاهدين أيضًا شركاء في القضية، ومع أننا نجد من يستنكر أو يغضب لكن هناك متفرجين لا يختلفون عن المذيع والمصدر، بما يعني أن الفضائحية والإثارة والجدل هي عملية مشتركة بين أطراف عدة، الأرملة تريد فرض وجهة نظرها وجمع تعاطف، وطليقته تريد الدفاع، لكن البرامج وكثير من المشاهدين متعطشون للنميمة التي هي شراكة بين أطراف متعددة كل طرف يريد إظهار وجهة نظره والبحث عن تعاطف وتأييد الجمهور، والجمهور نفسه أو قطاع منه يريد الفرجة، وبين المذيع والمتفرجين تشتعل الأحداث وتثور الضجة، ومع الوقت ينتهي كل هذا إلى غيره من الموضوعات.


وربما تكون مداخلة الفنان سناء شافع معبرة عن أساس الأزمة، فقد عاتب الإعلام وعاتب سارة، وطالبها بأن تتوقف عن إثارة سيرة الفنان الراحل بهذه الصورة، وقال إنه يعرف طرابيك منذ أيام المدرسة ومعهد الفنون المسرحية، ويعرف عائلته، ورفض تناول وسائل الإعلام له بهذا الشكل وقال «من يوم حكايته هو وسارة وأنا قلبي موجوع».. وبدا الفنان حزينًا أن أحدًا لا يتحدث عن الراحل وفنه، بينما يتم نشر غسيل غير مرغوب فيه، وحتى الزوجة تمثل وتتجاهل التمثيل.


طبعًا المذيع أيّد كلام الفنان شافع عن ضرورة الابتعاد عن الإثارة، وهو أحد أطرافها، لكنه لا يعترف أنه يريد المشاهدين بأي طريقة.. والحقيقة أن نشر الغسيل له ثلاثة أطراف.. الشخص، والمذيع ومعدوه، ثم الجمهور.. وكله بيتفرج. انتهت القضية كالعادة خلال أيام؛ لكنها ظلت نموذجًا لصناعة الضجيج الافتراضي.



يصنعون «نميمتهم» ويبكون على الخصوصية


النميمة هي أكثر سلعة رائجة، وربما مطلوبة على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر وإنستجرام.. والمنافسة بين أنصاف وأرباع النجوم هي من أجل احتلال أكبر مساحة من المشاهدة أو جمع اللايكات، أو مجرد لفت الانتباه حتى ولو من باب إثارة الغضب أو الغيرة أو الانتقاد.


ثم إن أي حدث مهما كانت هيافته يمكن أن يتحول إلى تريند يجد كثيرون أنفسهم مضطرون للدخول فيه سلبًا أو إيجابًا من أجل أن يحصلوا على جزء من الاهتمام والأضواء.


 ومن هنا فإن الكثير من النقاش الدائر حول الخصوصية واحترام الآخرين يتجاهل أن جزءًا كبيرًا من الصور وأخبار الزواج والطلاق يقدمها النجوم، وبعض أنصاف النجوم بحثًا عن وجود، وبالتالي فهم من يقدم المادة التي تشغل النقاش وتمثل مادة خاما للنميمة.


وما كانت أخبار زواج الداعية الشاب تجد طريقها للسوشيال ميديا لولا أنه نشر أخبار زواجه الأول، وطلاقه وزواجه الثاني، ثم إنه حصل على شهرته بخليط من الأخبار والإعلانات والحملات الترويجية التي لا تفرق بين بيع برامج الدعاية الدعوية، وتسويق الفراخ.. وما كان جمهور «فيس بوك وتويتر وإنستجرام» يعرف أن النجم الفلاني خطب طليقة الفنان «العلاني»، وأن الفنان إياه خطب طليقة الأول، لولا أنهم شاهدوا الصور، أو خبر طلاق النجمة من زوجها بعد سنوات طويلة، لولا أنها التي سربت الأخبار.. هم من نشر وسرب وقدم أخبار الخطوبة والزواج والطلاق.. وهم من يقدمون بأيديهم و«كيبورداتهم وموبايلاتهم الذكية» الأخبار على طبق من فضة لهواة ومحترفي النميمة.


بالطبع فإن هناك الكثير مما يقال عن اختراق الخصوصيات والنميمة، لكن كثيرًا مما يجري في عالم النجوم ومواقع التواصل، هو سباق ومنافسة وصراع لاقتناص مساحة تأثير.


يبذل أنصاف النجوم جهدًا كبيرًا لاحتلال مساحة من الاهتمام واللايكات والتعليقات والريتويتات، بعضهم يسعى للأضواء الافتراضية بصور أو فيديوهات، والبعض الآخر لا يمانع في عمل عجين الفلاحة ليلفت الانتباه، وهو يعرف أنها تأثيرات مؤقتة، وأكثر القضايا ضجيجًا لا تتجاوز الساعات أو الأيام في أفضل الأحوال.


لكن إغراء الحضور في الأوساط يدفع البعض للتركيز بحثًا عن وجود بأي طريقة، لدرجة أننا نتذكر قصة الكومبارس التي أشاعت خبر موتها، ثم ظهرت وكانت تبحث عن مكان تحت الأضواء، ومن هنا تقع الأزمات عندما يسعى نجوم أو أنصافهم إلى الشهرة وتصطادهم الكاميرات أو يصطادهم المعلقون، وهنا يصرخون ويتذكرون الخصوصية.


في الماضي القريب كانت أخبار النجوم وصورهم تجد طريقها للصحف والمجلات والقنوات التليفزيونية والفضائية.. الآن تعددت الحوائط وتضاعف الزحام، منصات إلكترونية، «فيس بوك، إنستجرام،وتويتر، يوتيوب، وسناب شات».. وفى عدم وجود أفلام ومسلسلات، يريد النجوم التواجد في شبكات التواصل، مباشرة أو عن طريق «أدمن» يدير الصفحات حتى لا ينساهم الجمهور.


لم تعد النجومية مرتبطة بمشاركة الفنان في أعمال فنية، بل إن أنصاف و«نصفات» النجوم يلمعون من دون الحاجة لأعمال أو ربما بحثًا عن عرض، ولهذا تم اختراع «الفوتوسيشن»، أو جلسات تصوير يتم رفعها على «السوشيال ميديا» لتحقيق الحضور، حتى من دون الحاجة لعمل أو نشاط، لتحل الصور والحفلات أو «السيلفي» مكان المسلسل أو الفيلم.


ويسعى البعض إلى احتلال مساحة تأثير؛ لأن بعض كبار المؤثرين «الإنفلونسرز» يحققون بعض الشهرة، وأحيانًا بعض المال، فيغامر بحثًا عن مفاجأة تلفت الأنظار، ولهذا يخوض أنصاف النجوم والنجمات معارك من أجل المنافسة أو التأثير.


أسقط عالم التواصل الحواجز بين الخاص والعام، ومادام النجم قد خرج بصوره من الخاص ونشرها في إنستجرام أو فيس بوك أو تويتر أو سناب شات، فقد أخرجها من الخاص للعام ومادام يتوقع الإعجاب فعليه أن يتوقع الانتقاد وربما السخرية والهجوم.. ولهذا يبكي البعض على الخصوصية ويهاجم النميمة، وهو أول من يقدم مادة للنميمة، ويضيع خصوصيته.