رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


آثار مدينة الإسكندرية

21-10-2020 | 13:31


في الخامس والعشرين من شهر طوبة عام 331 قبل الميلاد، وضع الإسكندر الأكبر حجر الأساس للمدينة التي اختارها كحاضرة تحمل اسمه في مصر. واختار موقع قرية قديمة كان اسمها راقوتيس وهو اسم أرجعه البعض إلى تسمية مصرية ذكرت في النصوص "رع-قدت" وترجمه البعض "رع المشيد". وهي ترجمة خاطئة. وذكر اسم الموقع في عدة نصوص ترجع للعصر المتأخر لاسيما في عقود البيع والشراء. ويتجه الرأي الغالب إلى أن الكلمة تترجم حرفيا بـ: حد البناء أو الحيز. ويميل البعض إلى ترجمتها بمعنى الفناء أو الحوش. وربما كان المقصود بالفناء هنا مدخل مقصورة الإله الذي كان يُعبد في القرية القديمة. وموقع هذه القرية الآن منطقة العامود بكرموز.وقام المهندس دينوقراطيس بوضع تخطيط المدينة على الطريقة الهيبودامية أو ما يشبهه البعض برقعة الشطرنج. وهو تخطيط يشبه تخطيط المدن اليونانية في القرن الخامس قبل الميلاد. وبداية قام دينوقراطيس بربط القرية بجزيرة فاروس من خلال جسر يطلق عليه الهيبتاستاديوم أي 7 ستاد. وهي مسافة تصل لحوالي الميل بين  القرية والجزيرة. وهذا الجسر مفقود تماماً الآن. ومن خلال هذا الجسر الذي كان يربط بين جزئي المدينة القديمة، وُجد ميناءان: هما الميناء الشرقي الذي كانت تغادر منه المنتجات إلى بلاد اليونان، والميناء الغربي أو العود الحميد كما يطلق عليه.وقسم مهندس الإسكندرية المدينة إلى خمسة أحياء رمز إليها بالحروف الخمسة الأوائل في الألفبائية اليونانية: ألفا، وبيتا، وجاما، ودلتا، إيبسيلون. ويمكن بناءً على هذا التفسير أن نعتبر تلك الحروف هي اختصار لنص لوحة تأسيس المدينة. وهنا يكون معنى النص كما يلى:"الإسكندر، الملك، ابن، زيوس، يشيد".

فنار الإسكندرية

وحين الحديث عن الأهمية التجارية للإسكندرية، ينبغي الإشارة إلى فنار الإسكندرية الذي كان أحد عجائب الدنيا القديمة، وكان أيضاً أحد أهم النماذج الأثرية في الإسكندرية ليس فقط لدوره كمرشد للسفن الآتية إلي المدينة، ولكن أيضاً كبناء معماري ومركز حماية للمدينة. وظل الفنار رمزاً للإسكندرية لفترة طويلة، حيث كان يمثل القاسم المشترك الأعظم عند وصف الإسكندرية لدى المؤرخين المسلمين. وبدأت الإشارة إلى جزيرة فاروس التي شُيد عليها الفنار منذ القرن الثامن قبل الميلاد في أعمال هوميروس.

أما عن البقايا الأثرية فقد خلفت المدينة العديد من الآثار منها ماهو باق إلى الآن ومنها ما ندرسه من خلال كتابات المؤرخين ومن بين أهم آثار المدينة:

-جبانة كوم الشقافة.

-مقبرة الألباستر وكشف عنها في موقع جبانة اللاتين.

-مقبرة أنطونيادس وكشف عنها عام 1944 ميلادية في حديقة أنطونيادس في حي النزهة.

-مقبرة الدخيلة التي تُؤرخ بالقرن الثاني قبل الميلاد.

-مقبرة الحضرة التي كُشف عنها عام 1941 ميلادية خلف المستشفى الإيطالي بالحضرة.

-مقبرة سيدي جابر.

-جبانة الشاطبي.

-جبانة مصطفى كامل.

-جبانة الأنفوشي.

-مقابر المنتزه.

-مقابر سوق الورديان.

جبانة القباري

وكُشف عنها عام 1941 ميلادية وتقع المقابر إلى الشمال من الكوبري. وفي عام 1997 ميلادية، أثناء إنشاء الكوبري الذي يربط بين بوابة 27 من الميناء الغربي والطريق إلى القاهرة، عهد المجلس الأعلى للآثار إلى معهد دراسات الإسكندرية بالقيام بحفائر طواريء في الموقع. ولحسن الحظ أمكن الكشف عن العديد من المقابر الأخرى.وبجانب المقابر هناك العديد من المعابد مثل معبد الأرسينوى. وكان يقع إلى الغرب من الحي الملكي. ويشير سترابون إلى معبد آخر لأرسينوى بالقرب من أبو قير: معبد القيصروم. وشيدته كليوباترا من أجل ماركوس أنطونيوس. وقامت بنقل مسلتين من هليوبوليس إلى واجهة المعبد الذي أكمله الإمبراطور أغسطس ووضع فيه مقصورة لأفرروديت.

جبانة الشاطبي

ومن أهم الآثار المتبقية في المدينة إلى الآن. وتقع الجبانة إلى الشمال من مدرسة سان مارك في اتجاه البحر. وتُؤرخ بالنصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد. وهى من أقدم جبانات الأفراد. وتعد واحدة من أهم مقابر الإسكندرية حيث كشف فيها عن بعض تماثيل التناجرا  وبعض الأواني المعروفة باسم أواني الهيدرا.ويقود مدخل المقبرة إلي صالة عريضة ثم إلي صالة ثانية. وفي النهاية، يوجد الفناء المفتوح. وإلى الشرق من هذا الفناء، توجد حجرة صغيرة قد تكون ممراً ثم حجرة الدفن. واستخدمت في هذه المقبرة ثلاثة طرق للدفن. وتتميز هذه المقبرة بزخارفها المتنوعة من حيث الأعمدة الدورية أو الأيونية، بالإضافة إلى أشكال النوافذ والأبواب الوهمية؛ مما يجعلنا نعتقد بوجود تأثيرات مصرية في المقبرة.

جبانة مصطفى كامل

وكُشف عن هذه الجبانة عام 1933 ميلادية، أثناء تجهيز الأرض لإنشاء ملعب  للكرة إلى الشمال الشرقي لثكنات مصطفى كامل. وتضم الجبانة أربعة مقابر منفصلة. وتؤرخ بنهايات القرن الثالث وبدايات القرن الثاني قبل الميلاد. ونكتفي هنا بشرح تخطيط مقبرتين فقط (1و2).

السيرابيوم

سيرابيس

يشير بعض المؤرخين الكلاسيكيين الي أن المعبود سيرابيس الذي بنى له السرابيوم لم يكن إلهاً مصرياً وإنما جاء من سينوب، حسب رواية تاكيتوس الذي أشار إلى أن تمثال الإله نقل من موقعه الرئيس في سينوب في آسيا الصغرى إلى حيراقودة في الإسكندرية، لكن الرأي الغالب أن هذا المعبود كانت له أصول مصرية؛ إذ كان يمثل هيئة الرب أوزير-حب، وكان يعبد في منف. وظهرت عبادته بوضوح في عهد بطلميوس الأول وقد حمل، كمعبود يرضي عنه اليونانيون، بعضاً من سمات زيوس وديونيسوس وإسكليبيوس. وعلى الرغم من أن عبادته كانت في منف، فإن العنصر الأوزيري في اسمه وصفاته يقربه من آلهة هليوبوليس.

إيزيس

وتشير العديد من نصوص العصر البطلمي إلى مكانة المعبودة إيزيس حيث كانت تحمي الممتلكات البطلمية في مصر وسوريا. ويشير لوسيان في كتاباته إلى أن إيزيس كانت تخرج من الإسكندرية إلى اليونان في رحلة كانت تستغرق سبعين يوماً. كما كشف عن عدة مصابيح في ديلوس عليها شكل المعبودة إيزيس حامية التجارة بين الإسكندرية وجيرانها. ويشير بعض المؤرخين إلى أن إيزيس كانت هي الإلهة التي أشار إليها سوستراتوس الكنيدي في نص تأسيس الفنار؛ حيث كانت إيزيس تعبد كإلهة للفنار وحامية له. كما تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن التمثال الذي كان يعلو الفنار كان للمعبودة إيزيس.

حربوقراط

ويمثل حربوقراط صورة من صور المعبود المصري القديم حورس وهو طفل. ويعرف في النصوص المصرية باسم "حور با غرد" الذي جاءت أول إشارة إليه في نصوص الأهرام. أما في العصر اليوناني، فكان يصور علي هيئة طفل ممتلئ الجسد يضع إصبعه في فمه ويحمل قرن الخيرات. وظهرت عبادته في العديد من الأقاليم مثل طيبة وهرموبوليس. وكان له عيد خاص به في العصر الهيللينيستي. وارتبط ارتباطاً وثيقاً بالإله هرقل؛ إذ أشارت بعض المصادر إلى أن حربوقراط كان يحارب إله الشر ست بمعاونة هرقل.

معبد سيرابيس

 ويمثل معبد سيرابيس في مدينة رأس الثالوث السكندري مع إيزيس وحربوقراط. ويقع في حي كرموز في شارع عمود السواري. وكشف آلان روو عام 1942 ميلادية عن لوحات تأسيس المعبد. ومن هذه اللوحات يتضح أن المعبد اكتمل بناؤه في عهد الملك بطلميوس الثالث يورجيتيس. وفي العصر الروماني، أعاد الإمبراطور هادريان تجديد المعبد ووضع فيه تمثالا لسرابيس محفوظ الآن في المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية. وتهدم هذا المعبد تماماً وتحول إلى كنيسة باسم يوحنا المعمدان.

لقد أراد الإسكندر الأكبر لمدينته الخلود والشهرة والعالمية وتحقق له ما أراد عبر العصور والأزمان.