الصحفي التركي حسن جمال تم
رفض نشر
كتابه الأخير "الحزن" لأنه سيؤدي إلى سجن كل من المؤلف والناشر،
بسبب تضمنه وجهات نظر ليبرالية ضد حكومة الرئيس أردوغان. هناك أعمال كتّاب آخرين
معروفين في تركيا - مثل أويا بيدار ، ونديم غورسل ، وأسللي أردوغان ، وباسكن وهران
، ونوركان بيسال - قد صادفت نفس المصير لنفس السبب. في حين أن الترجمة التركية لكتاب الولاء والبراء ، الذي ألفه أيمن الظواهري رئيس تنظيم القاعدة، يتم نشره بحرية. رغم ما فيه من
تحريض واضح على القتل والكراهية والعنف ليس فقط
ضد غير المسلمين، ولكن أيضاً ضد المسلمين الذين لا يؤمنون بأفكاره.
كما لم يتم اتخاذ إجراءات جادة ضد صحفيين في مجلة İslam Dünyası
("العالم الإسلامي" ) رغم صلتهم بتنظيم القاعدة. فقد سافر رئيس تحرير
المجلة ، عثمان أكيلديز ومعه عمر بيول ، وغيرهم
بطريقة غير مشروعة إلى سوريا لتجنيد الإرهابيين وتقديم المساعدات إلى
معسكرات التدريب التابعة للقاعدة. بيول
أيضا ممثل لجمعية تركية مرتبطة بالقاعدة ،(جمعية غورابا للمسلمين ) ؛التي قتل
رئيسها ، عبد الرحمن كوش في عام 2013، بينما كان يقاتل جنبا إلى جنب مع الجهاديين
الأجانب ضد الحكومة السورية.
نظمت الجمعية مظاهرات مؤيدة للجهاد في 2012. على
سبيل المثال تظاهرت بالقرب من سفارة الولايات المتحدة ، وألقى بلول خطابا يؤيد فيه
التنظيم الإرهابي "جبهة النصرة" ويدين البلدان التي أدرجته كمنظمة
إرهابية. ونظمت مظاهرة أخرى في يناير 2013 أمام
السفارة الفرنسية في أنقرة ، احتجاجًا على العمليات الفرنسية ضد القاعدة في مالي.
وحمل أعضاء المجموعة لافتات كتب عليها "الموت لفرنسا" و "سيتم
إنشاء الخلافة". في نفس الشهر ، احتج "جاريبر" ضد روسيا لأنها
تقاتل ضد الجهاديين في سوريا. قال بيول في خطابه: "الله هو القائد وعندما يتم
تأسيس الخلافة سيندم المسلمون الذين لم يشاركوا في الجهاد”.
شركة Akyıldız Küresel Kitap ، تقوم بترجمة ونشر
الكتب المؤيدة للجهاد ، مثل "المئذنة المفقودة" كتبه عبد الله عزام ،
وهو "أبو الجهاد العالمي" ، الذي كان له تأثير عميق على العديد من
المنظمات الجهادية في أفغانستان، وخاصة القاعدة. على الرغم من أن محكمة تركية حكمت في عام
2013 بأن كتاب عزام يجب أن "يتم سحبه من السوق" ، لكن يتم بيعه بشكل
علني في كل مكان.
وتنشر الشركة كتبا أخرى مثل:
"الجهاد والمعركة ضد
الشكوك" (Cihad ve Şüphelerle Savaş) ، بقلم أبو يحيى الليبي ، قائد تنظيم القاعدة فرع ليبيا، الذي أعلن في عام
2012 ان سوريا "منطقة جهاد"
وأوعز إلى أعضاء القاعدة في تركيا وغيرها من الدول للقتال ضد الحكومة السورية.
"ذكريات حطاب" (Hattab'ın Anıları)،
المؤلف الأردني السعودي المولد ابن الخطاب ، وهو زعيم الجهاد في الحروب الأولى
والثانية في الشيشان، وكان ناشطا أيضا في أفغانستان والبوسنة وطاجيكستان.
"الله يعد النصر
للإسلام" المؤلف أنور العولقي ، واعظ إسلامي كان مجندًا للقاعدة في الجزيرة
العربية. العولقي قُتل في عام 2011 ، ومن الذين تأثروا بأفكاره الإرهابيون الذين هاجموا الولايات المتحدة
في 11 سبتمبر. وكان على اتصال مباشر بالبريد الإلكتروني مع نضال مالك حسن ، الذي
قتل 13 شخصًا في هجوم بالرصاص عام 2009 في فورت هود ، تكساس بالولايات المتحدة . و
ساعد في تجنيد وتدريب عمر فاروق عبد المطلب ، الذي حاول تفجير طائرة فوق ديترويت
بقنبلة في ملابسه الداخلية في عام
2009.
كما تأثر به كل الذين انضموا إلى داعش ويتحدثون الإنجليزية
مثل رضوان فاروق وزوجته اللذان قتلا 14 شخصا في عام 2015 في مكان عمله في كاليفورنيا .
عظات العولقي أثرت أيضاً في محمد يوسف عبد العزيز ، الذي قتل أربعة من مشاة
البحرية الأمريكية. أيضًا في عام 2015 كان
إخوة تسارنايف من المعجبين به وهم الذين قصفوا ماراثون بوسطن في عام 2013. جهادي آخر تأثر بالعولقي كان ضابط الشرطة
التركي، مفلت التينتاش ، الذي قتل سفير روسيًا في تركيا ، أندريه كارلوف ، في عام
2016. ووفقًا لوثائق المحكمة ، قبل يوم من الاغتيال ، قدم التينتاس حقيبة مليئة
بالكتب لأصدقاء له ، وقال إنه يأمل أن "يستفيدوا منها". كان الموجود في
هذه الحقيبة:
*جماعة الإخوان الإرهابية، كتاب حسن البنا ، مؤسس الجماعة.
*كتب سيد قطب، العضو البارز في جماعة الإخوان
والإرهابي الذي تم الحكم عليه بالإعدام.
*كتب للتركي بولنت توكجوز ،
الذي ذكرت عريضة الاتهام أنه "موجود حاليًا في مناطق النزاع" في سوريا.
*كتب للكاتب السني بديع
الزمان سعيد النورسي (1877-1960) ، والذي يتضمن 14 كتابًا حول التفسير القرآني،
والنورسي يهدف إلى أسلمة تركيا.
* كتب لرجل الدين نور الدين
يلدز ، رئيس مؤسسة النسيج الاجتماعي الحكومية، والتي يتضمن موقعها الإلكتروني
عبارات مثل: "الجهاد هو أعظم عبادة لديننا ... هناك جهاد باليد ، وإن لم تستطع فبلسانه ، فإن لم
يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان (179) .
في يوليو 2018 ، رفضت تركيا طلب أستراليا بتسليم
براكاش ، الإرهابي الأمريكي المعروف باسم " أبو خالد الكمبودي”. بعد بضعة
أشهر ، أعلنت الحكومة الأسترالية أنها ألغت جنسيته. على الرغم من أن القانون
الجنائي التركي ينص على أن العضوية في منظمة إرهابية تستدعي عقوبة السجن لمدة تصل
إلى 15 عامًا ، إلا أن القضاة الذين حاكموا براكاش في تركيا قرروا الحكم بالسجن
لمدة سبع سنوات ونصف السنة
. ومن الوارد أن يتم الإفراج عنه في غضون عامين ونصف العام
(180).
في
حين أن هناك عشرات الآلاف يحاكمون بتهمة "إهانة" أردوغان . وفقًا لما ذكره
'يامان أكدينيز' (Yaman Akdeniz)، أستاذ القانون في جامعة 'بيلغي' (Bilgi) في
إسطنبول، شهدت تركيا 66,691 تحقيقًا قضائيًا بتهمة "إهانة الرئيس" منذ
انتخاب الرئيس التركي 'رجب طيب أردوغان' في عام 2014، نتج عنها حتى تاريخه 12,305 محاكمات.
صرَّح 'أوزغور أكتوتون' (Özgür Aktütün)، رئيس
رابطة خريجي علم الاجتماع، بأنَّ تركيا عادت لتكون "مجتمع مخبرين" كما
كانت في عهد الإمبراطورية العثمانية.
وتُعتبر "إهانة الرئيس" جريمة وفقًا
للمادة 299 من قانون العقوبات التركي الذي اعتُمد في عام 1926. وإذا أُدين شخص
بتلك التهمة، يُعاقب بالسجن لمدة يمكن أن تصل إلى أربع سنوات، وقد تزيد هذه المدة
إذا كانت الإهانة علنية.
هناك أمثلة أخرى عديدة على أشخاص خضعوا للتحقيقات
والملاحقة القضائية، بل وسُجنوا أيضًا بتلك التهمة. وتشمل تلك القائمة زعيم حزب
'الشعب الجمهوري' (CHP)، وهو الحزب المعارض الرئيسي في البلاد، والرئيس التنفيذي
لبنك 'إتش إس بي سي' (HSBC) في تركيا، وأحد مذيعي الأخبار في قناة 'فوكس' (Fox
News) الإخبارية في تركيا، واثنين من الممثلين المشهورين، وقاضٍيا سابقا، ومواطنا يبلغ من العمر 78 عامًا.
خلال فترة ولايته كعضو تركي في البرلمان ، كشف إرين
إردم عن أنشطة تنظيم داعش والقاعدة في
جميع أنحاء تركيا ودعا حكومة حزب العدالة والتنمية إلى وقف هذه الأنشطة ومحاسبة
المتشددين. في عام 2015 ، أدان الرئيس التركي أردوغان إردم ووصفه بأنه
"خائن". وتلقى تهديدات بالقتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، ونشر مؤيدو
الحكومة عنوان منزله على الإنترنت. وتم تقديمه للقضاء لكن المحكمة أفرجت عنه بعد 7 أشهر لعدم وجود دليل واحد ضده. اعترض مكتب المدعي العام في إسطنبول على إطلاق سراحه.
قبلت محكمة عليا الاعتراض وأصدرت مرة أخرى مذكرة اعتقال ضده. وعندما احتج والد
إردم 70 عاماً ، تم طرده من وظيفته. وأعيد سجن إردم من نفس المحكمة
التي برأته رغم عدم تقديم أي ادلة جديدة .
أعلنت الكاتبة سراي شاهينار عبر حسابها بموقع التواصل
الاجتماعي “تويتر” طردها من طاقم مسلسل “العشق والكبرياء” الذي لا يزال قيد
التصوير، بسبب سخريتها من نجل الرئيس التركي بلال أردوغان، في مقالها في صحيفة
بيرجون (BirGün) بوصفها إياه بالـ”عبقري”.
الكاتب يلدرم تركر ترك عمله في المسلسل دعما لشاهينار المطرودة. وكانت
شاهينار تم توقيفها من قبل بسبب هذه السخرية ، لكن تم إخلاء سبيلها .
حُكم
على البروفيسور سبين كورور فينكانسي ، رئيس مؤسسة حقوق الإنسان في تركيا، بالسجن
سنتين ونصف السنة لكونه واحداً من 2212 وقعوا على عريضة تطالب الحكومة التركية
بوقف العنف ضد الأكراد، هذا بالإضافة الى 429
من الموقعين تم سجنهم لمدة عامين.
في ورشة
عمل الجرائم الإلكترونية الدولية الخامسة قال وزير الداخلية سليمان سويلو: لقد
شكلنا دوريات افتراضية تعمل على مدار الساعة طول أيام الأسبوع بغرض التحقيق في
المحتوى الإجرامي على الإنترنت. وفي هذا السياق ، تم التحقيق في حوالي 110 آلاف من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي في 2018 ؛ وتم تحديد مستخدمي 45000 حساب ، وتم القبض
على 7000 منهم وإرسالهم إلى السلطات
القضائية ".
كل ما
سبق يظهر بوضوح أن أردوغان لم يكن يقول الحقيقة عندما أعلن أن كل شخص في تركيا سوف
يتمتع "بحرية الإيمان ، حرية الفكر وحرية الرأي". السجون التركية مكتظة
بأشخاص عبروا عن معتقداتهم. والحكومة أعلنت انها ستبني 228 سجنًا إضافيًا على مدار
السنوات الخمس المقبلة.
قالت
صحيفة الجارديان البريطانية إنه يتم التحقيق مع عدد من أشهر الروائيين الأتراك من بينهم الروائية أليف شافاق صاحبة رواية “قواعد
العشق الأربعون”. ورفعت وزارة الثقافة
دعوى ضد الروائي عبد الله شفقي وملاحقة دار النشر بتهمة “استغلال الأطفال والحث
على ارتكاب جرائم”، بعد تداول ناشطين على
تويتر صفحة من رواية للكاتب تتضمن اعتداءات ضد طفل يرويها المعتدي بنفسه، وقد تم
احتجاز المؤلف والناشر. منذ ذلك الحين ، يتبادل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع
من روايات لكتاب آخرين، بما في ذلك أليف شافاق والروائية عائشة كولين موجهين
اتهامات مماثلة لهما، لكي يتم ملاحقتهما قضائياً. أكدت جريدة الجارديان أن المدعي العام طلب فحص رواياتهما، ومن ضمنها رواية صدرت في العام 1999، ورواية بنات حواء
الثلاث التي صدرت في العام 2016. هذا في الوقت الذي تشهد فيه تركيا تزايداً في
حالات العنف الجنسي ضد النساء والأطفال، والمحاكم التركية لا تتخذ أي إجراء، كما
لم يتم تغيير القوانين.
أليف
شافاق صاحبة “قواعد العشق الأربعون" تقول: نحن نعيش في بلد نحتاج فيه إلى
اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع العنف الجنسي المنتشر، وبدلاً من ذلك يحاكمون الكُتّاب،
إنها أكبر مأساة. الأمر يشبه مطاردة الساحرات". وكانت شافاق قد تمت محاكمتها في عام 2006،
بتهمة "إهانة الدولة التركية” بسبب شخصية في إحدى رواياتها تصف مذبحة الأرمن
في الحرب العالمية الأولى بأنها إبادة جماعية، لكن تمت تبرئتها .
أردوغان لا يؤسس فقط لتركيا
الدكتاتورية الدينية الإسلامية، ولكن حسب نائب
زعيم الحزب القومي المتطرف ، الحليف القوي لأردوغان في البرلمان التركي ، يسار
يلديريم ، ولكن يؤسس لدكتاتورية الفرد الواحد.
مصادر :
معهد جيتستون الأمريكي للدراسات
– جريدة الزمان التركية – جريدة الدستور المصرية