عروسة وحصان.. حلاوة زمان صنعها الفاطميون وخلدها المصريون
يستعد الشعب المصرى كل عام لاستقبال ذكرى مولد أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بطرح حلاوة المولد فى الأسواق فهى أهم سمات الاحتفال بتلك المناسبة، التى تعدُّ، السّمة العامة للاحتفال بالمولد النبوي في مصر، إذ تبدع محلات الحلوى في عرض أشكال وأنواع من حلوى المولد النبوى الشهيرة، فما بين أقراص الحمصيّة والسمسيّة وأنواع الملبن المختلفة بأسعارها المتوسطة، وما بين الفستقية والبندقية واللوزية الأعلى سعراً ينتقي الشعب المصرى ما يناسبه ويتلاءم مع ميزانيته وسط بهجة وسعادة.
وتطوّرت صناعة حلوى المولد بمرور الزمن، إذ بدأت بشكل يدوي بسيط حتى وصلت إلى المصانع الكبرى، ورغم ذلك ظلّت بعض الورش باقية، وتعمل بشكل يدوي وبصورة موسمية في فترة ما قبل المولد النبوي الشريف لعرضها في السرادقات والمحال البسيطة في الأماكن الشعبية بشكل خاص.
ويعدُّ شارع باب البحر الكائن بمنطقة وسط القاهرة هو معقل صناعة حلوى المولد في القاهرة؛ حيث يضم كثيراً من المصانع المهتمة بصناعة تلك الحلوى، إضافة إلى ورش متخصصة في صناعة العروسة الحلاوة التقليدية، وكثير من المتاجر والسرادقات الخاصة ببيع الحلوى التي تتزين بالأنوار والزينات في مثل هذا الوقت من كل عام.
لقد أصبح الاحتفال بالمولد النبوى الشريف عادة مصرية أصيلة، لكن يقال تاريخيًّا أن الفاطميين هم أول من صنعوا حلوى المولد، لأنه كان لديهم مسألة الترويج السياسي لحكمهم وليس الترويج الديني، فهم يقومون بدارسة طبيعة وطبائع الشعوب التي يخرجون إليها، من وجهة نظر اجتماعية، وبمعرفتهم بطبيعة الشعب المصري، البعيدة تماما عن الاعتداء أو صنع مشاكل مع دول مجاورة أو بعيدة، ومن خلال آليات العصر الموجودة في هذا الوقت، استغلوا هذه النقطة كنوع من التودد والترويج لسياستهم.
وكان الفاطميون يقيمون احتفالات بجميع المناسبات الدينية، مثل الاحتفال بآل البيت والمولد النبوي، وقاموا بعمل مخازن لصناعة الحلوى، وقبل مولد النبوي بشهرين تجهز الحلوى وتوزع مجانا على الشعب، وعندما زادت الاحتياجات بدأ ظهور محلات لبيعها، وحلويات المولد كانت تسمى "العلاليق"، لأنها كانت تعلق على أبواب المحلات التجارية في سوق مخصوص للحلويات كان يسمى سوق الحلوين، ومن ثم أصبحت عادة سنوية مستمرة حتى يومنا هذا.
أما عن أصل حصان المولد، الذى هو من أشهر حلويات تلم المناسبة فيذكر المؤرخين رأيان الأول ، أنه يمثل الخليفة بعظمته وقوته ، وهو يجلس فوق الحصان ويحمل السيف، أما الرأى الثانى فيقول: أثناء فترة حكم الحاكم بأمر الله، منع جميع الاحتفالات في مصر لمدة طويلة وأبقى الاحتفال بالمولد النبوي فقط ، ومن أهم الاحتفالات التي ألغيت هو الاحتفال بالزواج، واستغل المصريون يوم احتفالات المولد النبوي لإقامة حفلات زفافهم، وهناك كانت رمزية الحصان تمثل العريس الذي استطاع أن يقتنص عروسه في هذا اليوم، فكانت تتم العديد من الزيجات في هذه المناسبة.
أما عن عروسة المولد، يرجع المؤرخون أنها كانت تمثل زوجة الخليفة، عندما رأها صناع الحلوى ترتدى تاجا ابيض من الياسمين فأعجبوا بها وصنعوا لها العرائس القابلة للأكل من الحلوى، وكان هناك أكثر من 1000 شكل لحلويات المولد، ولكن العروسة والحصان هما الأشهر لما يمثلان من فرحة وبهجة للأطفال خاصة، والاحتفالات بالمولد النبوي مرت بالكثير من المنعطفات التاريخية والسياسية والاجتماعية، وأصبحت شكلًا من أشكال الصبغة الدينية.
وعندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت، مر ذلك العام بدون أن تحتفل مصر بالمولد النبوي في تلك الفترة، بسبب المشاكل الاقتصادية التي كانت تعاني منها ولكن حاول نابليون بونابرت، التودد والتقرب لكسب ثقة المصريين بالاهتمام بكل الاحتفالات الدينية، وعلى رأسها ذكرى المولد النبوى.