رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


بعد سنوات من استخدام "الرصاصة السحرية ": منظومة تسليح عصرية "لحراس البوابات"

25-10-2020 | 14:04


"وهمْ نَقَلُوا عَنّي الذي لمْ أفُهْ بهِ. وما آفة الأخبار إلا رواتها".

ما أدق الدلالات التي "تسكن "اليوم هذا "البيت" من الشعر.

 إنها تلخص الكثير من الوقائع التي  تجسد بجلاء واقع الأداء الإعلامي، في بعض الأحيان، خاصة فيما يتعلق بتداول المعلومات دون تدقيق نقلا عن مواقع التواصل الاجتماعي وكأنها مصادر موثوق بها، رغم أنها صارت مرتعا للعديد من الممارسات غير الإيجابية، فضلا عن ترديد أحاديث الإفك 2019، والشائعات والافتراءات. وتتفاقم حدة المشكلة لأن مجموعة كبيرة من المدونين والمغردين يقدمون أنفسهم على  أنهم من الخبراء والمحللين الاستراتيجيين.

ليست المشكلة أنهم يزعمون ذلك، إنما  تكمن في أنهم يتوهمون أنهم من المفكرين  والعلماء العالمين بالأسرار ويتقمصون شخصياتهم.

الأدهى أن الناس تصدقهم.وتلك هي الكارثة.

في اتجاه مواز تداعت علي كافة المجتمعات  ظواهر عالمية تؤدي إلى التشكيك  كثيرا في  مصداقية وسائل الإعلام، بعد أن  تزايدت المعاناة  من تداعيات  الحروب الإعلامية.

إن كل تلك الظواهر والمشاكل تعد نتيجة منطقية لمعطيات العصر بعد أن  أصبح الإفراط في التعامل مع وسائل الاتصال والتواصل وتبادل المعلومات يشكل جزءاً لا يتجزأ من الحياة، ولم يعد أحد بمنجاة من  احتمالات التعرض لرذاذ سلبياتها.لذلك يجب استحداث آليات ناجعة  لكفالة الحماية من الرسائل الهدامة والضارة التي تنتشر بسرعتي الصوت والضوء معا  كنتيجة حتمية للتطور التقني الهائل.

***

في ظل  الممارسات الراهنة أصبح الاختيار الصائب لاتجاهات "البوصلة الإعلامية" إحدى المعضلات الأساسية والمعادلات الصعبة في مختلف  المجتمعات  خاصة العربية, فضلا عن أنه  التحدي الأصعب أمام الإعلاميين الأمناء الجادين الذين تعتبرهم واحدة من أهم النظريات الكلاسيكية "حراس البوابات"، بينما تعتمد نظرية أخرى مسمي "الرصاصة السحرية " أو "الحقنة تحت الجلد" للدلالة على قوة وعمق التأثير المباشر لوسائل الاتصال الجماهيري، باعتبار أن الاتصال يعد المظلة الأكبر التي تشمل أيضا الإعلام.

إن من أوضح النماذج للأزمات التي تتسبب فيها، ما تتعرض له مصر في صورة   هجمات  إعلامية شرسة من حروب الجيلين الرابع  والخامس معا، وهدفها أن يفقد المصريون ثقتهم في أنفسهم وفي قيادتهم الوطنية، من خلال التركيز على آليات خبيثة هدفها التشكيك في الإنجازات التاريخية غير المسبوقة التي تتواصل منذ تولي  السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادتها.

على ضوء ذلك فمن المؤكد أنه لابد من وقفة تجاه ما تشهده مجتمعاتنا من لغط إعلامي  لمواجهة الموقف.

***

قادما  من سلطنة عمان ينطلق صوت هادئ حكيم حيث تضطلع منظومة إعلامها الوطني بمهام استراتيجية على ضوء  معطيات  الرؤية الاستشرافية المستقبلية وانطلاقا من أرضية شراكة إعلامية عمانية دولية ناجحة. كذلك يتواصل وضع  سياسات متجددة  يتم تحديثها باستمرار لتظل قادرة على مواكبة العصر، وتقديم أطروحات تستهدف معالجة كافة التحديات الراهنة، خاصة وأن الإعلام الأمين  يمكنه  أن يتولى مهمة ضبط الإيقاع.

 لا يكتفي  الصوت العاقل  القادم  من مسقط بالنداءات والاقتراحات وحدها، إنما يطرح المبادرة تلو الأخرى مصحوبة بخريطة طريق مستقيم يقود وسائل الاتصال إلى خروج آمن من المخاطر المحدقة بها.

لذلك تعد أفكار ورؤى المنظومة العمانية بقيادة الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام طوق نجاة مادته الأساسية مزيج من الالتزام بالقيم  وبالمصداقية مع احترام كامل للحريات.

وهو ينسب دائما الفضل لأهله إذ يؤكد دوما أن الإعلاميين في السلطنة  يتبنون سياسات بالغة الحكمة وتتحلى بالموضوعية، بعد أن حدد ركائزها  السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، كما يوجه بتنفيذها وفقا لتخطيط استراتيجي بعيد المدى. لذلك تعد وسائل الإعلام قاطرة تشارك أيضا  في دفع جهود التنمية الوطنية، والتعاون الإقليمي والدولي المشترك على العديد من المسارات المهمة.

 وتعبيرا عن مفاهيم سبقت عصرها أوجز السلطان قابوس في كلمة ألقاها العديد من أحدث النظريات فقال: إن  المواطن جهاز إعلامي حي.

وتثمينا للنجاحات التي تحققت مؤخرا، وفي عبارات تاريخية تمثل تكريما ووساما رفيعا أشاد السلطان قابوس في اجتماع لمجلس الوزراء بالدور البناء الذي يساهم به الإعلام المقروء والمرئي والمسموع في نشر التوعية وتشجيع المواطنين على المشاركة الإيجابية في قطاعات العمل الهادف لخدمة الوطن ورفعة شأنه.

***

خلال أحدث زيارات الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني لمصر قدم عرضا  موجزا في إطار تحليله لمفاهيم مبادرته الرائدة والداعية إلى نشر ثقافة ومبادئ "أنسنة الإعلام".

في هذا الإطار ركز على أن الإعلام هو الإنسان، منوها عن أن إنسانيتنا تتأكد عندما تتقدم رسائلنا الإعلامية لتحقق  قيمة كبيرة.

لخص الأزمة الراهنة  والإشكالية المعقدة في عبارة دقيقة: إن الأجيال تستحق أن نقدم  هذا الإنسان في روعته وإنجازاته وتقدمه ومحبته إلى العالم.

تحدث أيضا  عن  ظواهر الضجيج  السائد الذي يربك المشهد الإعلامي العربي والعالمي بشكل عام. ثم تساءل مستنكرا ومستهجنا: ما ذنب أطفالنا عندما لا يشاهدون في وسائلنا الإعلامية إلا الصراع والصراخ والرعب.وتطوع بالإجابة: إن أبناءنا وأجيالنا جديرون بالمحبة وبكل ما هو جميل ولابد من أن نضمن لهم مستقبل أفضل، وأننا محكومون بأمل جميل.

 هذا هو دورنا في المؤسسات الإعلامية كصناع رسالة.

 طرح هذه الحقائق خلال لقاء موسع شهدته القاهرة وضم نخبة من القيادات الإعلامية والمفكرين  والسياسيين والدبلوماسيين والأدباء  والفنانين، ووجه فيه باقة محبة وتحية  تقدير إلى مصر وشعبها، مثمنا ريادتها  الإعلامية قائلا: الإعلاميون المصريون هم أساتذة الإعلام العربي الذين يقدمون دائمًا الحلول المستقبلية.

***

تتجاوز أطروحاته ومبادراته نطاق  المفاهيم النظرية وتتعداه لتجسد حقائق ونتائج ملموسة على أرض الواقع.

فمن جانبها تمكنت المؤسسة الإعلامية المتكاملة والراسخة الأركان  من أن تقي الأشقاء العمانيين إلى حد كبير من مواجهة كل تلك الظواهر السلبية، كما  تم   اتخاذ العديد من  المبادرات الاستباقية والوقائية لحماية المجتمع وتحصينه مقدما من انتقال العدوى إليه بهذه الفيروسات والأوبئة المنتشرة في مختلف أنحاء العالم.

                              مراحل تخطيط ودراسات منهجية مكثفة

تفعيلا للخطوات الاحترازية تم تأسيس مركز للتدريب الإعلامي على أعلى مستوى لإعداد كوادر وطنية مؤهلة ومسلحة بالوعي والعلم والمعرفة فضلا عن الإخلاص. ومنذ أن أصدر السلطان قابوس مرسوما بإنشاء المركز تتوالى مراحل من التخطيط والدراسات المنهجية المكثفة في سبيل الإعداد العلمي الممنهج  تمهيدا لانطلاقه نحو تنفيذ رسالته  التي تهدف إلى تحقيق عدة غايات  بعيدة المدى في إطار الاستراتيجية  الإعلامية وفي مقدمتها: تطوير كفاءة ومعدلات أداء الصحفيين والإعلاميين.

تدريجيا يتحول إلى صرح  علمي – إعلامي يجمع بين النهج الأكاديمي، والتأهيل المكثف وفقا لأرقي الفنون المهنية،مع رفع الوعي الثقافي. لذا فهو صيغة لآلية عصرية تستهدف تفادى ما تواجهه الكثير من البلاد الأخرى، وفقا لقاعدة ذهبية  لا يمكن تجاهلها فحواها أن الإعلاميين  في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، في أمس الحاجة إلى التدريب المتواصل المتجدد.

لقد تم إدراك كل تلك الحقائق  في  السلطنة مبكرا، وسرعان ما تم التوصل إلى اختيار آليات تمثل منظومة تسليح عصرية لحراس البوابات، ومن محاورها  التدريب المستمر.

أساس هذه الرؤى الثاقبة أن أبناء الأجيال الجديدة - في كل البلدان - يحتاجون  إلى برامج تدريجية متتابعة  تكفل إعدادا مهنيا تؤهلهم محصلته للقدرة على الجمع بين حماس الشباب وبين احترام القيم والثوابت والتقاليد الراسخة. وتلك معادلة صعبة أخرى يستهدف علاجها  التمييز الدقيق بين مفاهيم الالتزام الوطني، وبين عدوى الرغبة في التحرر بلا حدود التي تجتاح العالم.

 وما أبعد الفارق بين تداعيات الفوضى  المدمرة وبين استحقاقات الحرية الناضجة الخلاقة.

وهي اعتبارات نجحت وسائل الاتصال العمانية في تحقيق التوازن بينها مع  تحديد الخيط الرفيع الفاصل بينها.

وللحفاظ علي هذا التميز يبدأ  المركز مهامه انطلاقا من قناعة واعية مؤداها أن الإعلاميين المبدعين  والمهنيين المحترفين الناجحين يعتبرون الإعلام حياتهم وخبزهم اليومي وشعارهم الذي لا يتبدل:

 Media is  my life

وقد اختاره الدكتور عبد المنعم بن منصور ليتصدر حسابه على "تويتر".

ويستوي في الاحتياج للتدريب  الشباب مع المخضرمين الذين يتوقون أيضا إلى تحديث خبراتهم.

***

فاليوم  لم يعد ممكنا ممارسة الهواية  الإعلامية  بعفوية فقد أصبحت  علما وفنا وصناعة وإدارة، وقبل ذلك وبعده أمانة ورسالة. وكل تلك مرتكزات وخبرات يحتاج  اكتسابها إلى مناهج أكاديمية راقية تجمع بين السياسة والإعلام والمهنية، وكذلك خطوات إعداد عملي وثقافة عريضة من أجل ثقل المواهب.

تلك بالضبط هي أولى مهام المركز النموذجي  لضمان  التواصل بين الأجيال ومد جسور من الحوار بينها على الأقل لتبادل الخبرات.

في إطار المتابعة المستمرة وتفعيلا لخطط العمل عقد مجلس إدارته اجتماعه الأول برئاسة وزير الإعلام حيث أكد على الاهتمام بالنهوض بالمركز واستكمال بنيته الأساسية وتسخير الإمكانات اللازمة لتحقيق رؤية جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان لرفع قدرات الإعلاميين وتعزيز الأداء في المؤسسات الحكومية والخاصة.علي ضوء كلماته تمثل هذه الخطوات نقلة نوعية وإضافة مهمة تعد نموذجا يحتذى به علي الأصعدة الخليجية والعربية.

على مسار مواز وبعد الاجتماع بساعات أعلنت اللجنة الرئيسية لمسابقة الإجادة الإعلامية عن ‫فتح باب الترشح للمسابقة على أن  تكون مخصصة هذا العام للإعلام الجديد.

 من هذه المنطلقات  يتكامل إنشاء المركز مع تبني مبادرة حضارية أخرى  رائدة فقد تم التوافق الجمعي على بنود أول ميثاق شرف للإعلاميين والصحفيين حيث تم توقيعه بالفعل.

"الطبعة العربية "

من الملفات والأزمات والتحديات

لا تتوقف المبادرات العُمانية النشطة عند حدود الساحة  الوطنية، إنما تمتد على الصعيدين الإقليمي والأممي  لإثراء خطط تطوير آليات الاستراتيجيات الإعلامية  العربية والعالمية.

 وفي مصادفة لا تخلو من دلالات ترتيب الأقدار توالت في غضون أيام فترة قصيرة  جهودها وإسهاماتها  الايجابية المتتابعة لدعم  المساعي العربية والدولية الرامية إلى تفعيل دور وسائل الاتصال، وعلاج المشاكل والتحديات التي تواجهها، إلى جانب تعزيز الحريات الإعلامية المسئولة.فمن  مسقط  إلى القاهرة  والعديد من العواصم امتدت الفعاليات التي شهدها الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني في إطار مشاركات السلطنة في المشاورات  المتعلقة بحل هذه القضايا  التي تكتسب أهمية بالغة في المرحلة الراهنة.

في لندن علي سبيل المثال  شارك في أعمال المؤتمر العالمي لحرية الإعلام  الذي عقد تحت رعاية كريستيا فريلاند وزيرة الخارجية الكندية،  ونظيرها البريطاني جيريمي هانت، وهناك تبادلت الرأي نخبة رفيعة المستوي من  المفكرين والخبراء  من كافة أنحاء العالم؛ حيث جمع قادة ومسئولين حكوميين وممثلين لوكالات ومؤسسات ومنافذ إعلامية متعددة الأطراف ومنظمات تمثل المجتمع المدني.

كان لديهم هدف  مشترك هو كيفية تعزيز الثقة في وسائل الاتصال والتصدي للتهديدات التي تواجهها.  بعد ساعات من ختام المؤتمر استقل الطائرة إلى القاهرة حيث  شارك في  اجتماعات مجلس وزراء الإعلام  العرب التي بحثت "الطبعة العربية " من تلك الملفات أو بمعنى أدق الأزمات والتحديات.

***

علي صعيد آخر حقق الإعلام العماني منذ أيام  استحقاقا جديدا.

كان محوره المركز الإعلامي الذي أقيم علي أعلى المستويات أثناء انتخابات مجلس الشوري  حيث اكتملت ملحمة وطنية.ولقد أكدت كل المؤشرات والمشاهد التي توالت قبل وأثناء  وبعد الانتخابات  أن الفائز الأول هو الإنسان المتحضر. أما الفائزة الأولي فهي الممارسة الديمقراطية الناضجة والواعية التي تتميز بالحكمة.

امتدادا لنهج الإدارة الإعلامية العصرية  تم إقامة المركز ليقوم بتوفير  كافة التيسيرات والخدمات للصحفيين والإعلاميين والمراسلين من داخل وخارج السلطنة.ومن جانبهم أشادوا بنجاحه في أداء مهامه، كما وفر لهم مختلف البيانات التي تسهل عملهم.

ووفقا للسياسات الإعلامية الرائدة التي تتبناها السلطنة دارت كل مراحل الانتخابات تحت سمع وبصر وعدسات وميكروفونات الإعلاميين، وعبر بث حي مباشر علي الهواء لتنقل رسالة حضارية جديدة إلى شعوب العالم، تعبيرا عن مبادئ الشفافية والحياد الحكومي. لتؤكد أيضا النجاح المتواصل للريادة الإعلامية  التي تتميز  بالدعوة المتجددة إلى مبادرة أنسنة الإعلام في ظل تبني سياسات الصراحة والمصارحة والاستقامة، على النقيض من الحالة الضبابية التي تسود المناخ الإعلامي في الكثير من دول العالم.

على الصعيد الميداني  كلف الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني قيادات  وخبراء وكذلك كل كوادر الوزارة خاصة من الشباب بالتواجد داخل المركز على مدار 24 ساعة. كانت  له عدة أهداف كمن ينجح في صيد أكثر من  طائر في لحظة واحدة. 

في مقدمتها  إتاحة الفرصة للشباب لاكتساب المزيد من الخبرات نتيجة تواصلهم مع  نخبة من القيادات الإعلامية المحنكة من مختلف الدول.

في ذلك تطبيق عملي لأرقى مناهج التدريب دون إرسال بعثات إلى الخارج أو استقدام المدربين.

الهدف الآخر تحقق عبر آلية تدريب آخرى فريدة، وتمثلت في  تقديم القدوة المثالية للشباب في كيفية التعامل الإنساني المتفاني وبالغ الرقي مع  الوفود الإعلامية، حيث ضرب  بنفسه المثل.

 لقد هجر بيته ومكتبه،وأقام  في المركز الصحفي ليشرف  بنفسه على كل صغيرة  وكبيرة لضبط إيقاع العمل ولتوفير أقصى رعاية للإعلاميين.

جسد في ذلك مجموعة من  أهم سمات سمت الشخصية الإنسانية العمانية النبيلة الدمثة  التي تتحلى بالرقي  والتحضر والتواضع الجم وكرم الضيافة.

منذ ساعات الصباح الباكر يقف داخل مطعم المركز لا ليتناول إفطاره إنما ليدعو ضيوف السلطنة إلى أشهى المأكولات العمانية. ثم يحمل طبقا صغيرا و يتعمد أن يجلس أولا  على مائدة تضم إعلاميين شباب ليحيطهم بحفاوة بالغة. ثم ينتقل بين سائر الموائد. وخلال فترة وجيزة يكون قد التقي مع كل الذين يقومون بمتابعة الانتخابات، بدءا من رؤساء التحرير، وانتهاء بأحدث إعلامي مشارك.

يستمع إليهم في مطلع كل يوم ويحاورهم، ويتأكد من فحوى مضمون الرسائل التي استقبلوها. ثم تتكرر نفس المشاهد كثيرا علي مدار الساعة داخل أروقة المركز.

كان ذلك وحده درسا بليغا للشباب، فكل  الفعاليات والأحداث السياسية والوطنية المهمة تحتاج إدارة إعلامية خبيرة  تتناسب معها لتكفل لها النجاح، خاصة وأن أي قصور إعلامي يؤدي إلى الانتقاص من درجات التقييم ويهدر جهودا كبيرة، لاسيما وإذا كان الحدث ينطوي على توجيه رسائل إلى العالم الخارجي، وإلى المجتمع المحلي ويخاطب أيضا الرأي العام العالمي والوطني.

وتلك ولا شك من سمات الانتخابات البرلمانية في عالم اليوم. فبدون إدارة إعلامية  عصرية يقظة ومحنكة، فإن تلك الرسائل قد تحمل مضمونا سلبيا، أو قد لا تصل إلى العنوان الصحيح، وربما لا يتم توجيهها من الأساس لتتحول إلى أسلحة إعلامية فاسدة  توجه نيرانا صديقة.

ومنذ اللحظة الأولى  وحتى المشهد الختامي كانت السياسات الإعلامية التي اتبعت من ركائز نجاح المنظومة الانتخابية.

حينما يتصدي لكل هذه المهام الجسام فإنه يتعامل معها انطلاقا من مشاعر وطنية فياضة، كما أن الإنسانية لديه ليست محور خطط إعلامية فحسب،لكنها قبل ذلك وبعده تمثل واحدة من أهم مفاتيح شخصيته وقناعاته الذاتية ونمط حياته اليومية وسلوكه الشخصي.

وحينما تبني مبادرة الدعوة للتدريب المستمر فإنه لا يمارس من خلالها مهاما رسمية بقدر ما تمثل امتدادا لمسيرة حافلة بالدراسات الأكاديمية في أعرق الجامعات العالمية بدأها منذ فجر شبابه، ثم تابع نقل حصادها لتلاميذه في جامعة السلطان قابوس.

***

على ضوء ذلك يحقق الإعلام العماني استحقاقات متتالية  وينجح بجدارة في القيام بمهامه الوطنية، على صعيد حشد الطاقات على طريق الاستقرار والرخاء، وكمرآة صادقة  تعبر عن سياسات السلطنة ومواقفها، وتنقل بمصداقية ما يجري من جهود تنموية على هذه الأرض الطيبة، وفي بلوغ  درجة عالية من القدرة على التواصل مع الشعب في صراحة وشفافية، دون مبالغة أو تهويل، وبعيدا عن أية انحيازات، إلا إلى المصالح الوطنية.

أكسبت هذه السمات الإعلام العماني طابعه الخاص، المتميز بالهدوء والوعي والرصانة  في ظل الحرص علي المحافظة  على هويته وسماته الوطنية التي تعكس أيضا  تجنب الإثارة أو افتعال الأزمات، أو خوض  المهاترات، مع القدرة على تناول مختلف القضايا بحرية والتزام وطني، خاصة وأنه  استطاع مواكبة التطور العصري  على صعيد ثورة المعلومات والاتصالات والبث الرقمي الفضائي فائق الجودة، إلى جانب  التفاعل مع الشباب  ومتطلبات الإعلام الجديد ووسائله التي تزداد أهمية وانتشارا وتأثيرا.