رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ملابس الإكليروس فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

26-10-2020 | 20:34


تعد أزياء رجال الدين المسيحى تراثاً متميزاً فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لما تحمله فى تكوينها من تاريخ مصر، وأثبتت الدراسات أن الثقافة القبطية هى الوريثة المباشرة والأصيلة للثقافة والحضارة المصرية القديمة (باهور لبيب-.( 5-1978


قديماً أعلن الله إرادته لنبيه موسى أن يصنع للكهنة ورئيسهم ملابسا مقدسة فى أقصى حدود الجمال والجلال بقوله له "واصنع ثياباً  مقدسة لهارون أخيك للمجد والبهاء" (الكتاب المقدس-سفر الخروج( 2:39)  وذلك ليكون الكهنة مهابين وذوى كرامة فى أعين الشعب من جهة، ولتصير الخدمة فى الهيكل ذات شأن عظيم من الجهة الأخرى، غير أنه كان لكل من رئيس الكهنة، والكهنة ملابس خاصة مصنوعة من الكتان أو الحرير دون الصوف (مرقوريوس الراهب 79-1992)).


أما فى العهد الجديد بعد مجىء السيد المسيح تغيرت هذه الملابس، ولكنها أخذت صبغة ملابس العهد القديم متأثرة ببعض الملابس لبعض  العصور التاريخية، أما ألوانها وزخارفها فهى ترمز لبعض الرموز الخاصة بالطقوس الدينية والعقيدية.


لقد دخلت المسيحية إلى مصر على يد القديس مرقس الرسول فى منتصف القرن الأول أثناء حكم الرومان وقد اعتبر الدين المسيحى دين الدولة الرسمى فى عهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الأول (392-395) وفى هذه الفترة ازدهرت حالة البلاد الاقتصادية، فقد كان للإسكندرية مكانة كبيرة فى الإمبراطورية.


وقد تأثرت أزياء رجال الدين المسيحى بنظام الحكم فعندما أصبح الدين المسيحى دين الدولة الرسمى فى العصر البيزنطى، وانتشرت الرهبنة والأديرة فى القرن الرابع الميلادى، وضع القديس أنطونيوس قوانين الرهبنة بما فيها الملابس الرهبانية "الثوب" و"القلنسوة" و "الإسكيم" وقد وضعت فى تلك الفترة أيضاً الملابس الخاصة بالطقوس الدينية داخل الكنيسة حيث أصبحت "التونية" هى الرداء الأساسى لكل رجال الدين المسيحى ولكنها كانت تحت اسم- "سيتخاربون" وقد ظهرت أيضاً "الأكمام" التى ترتدى فوق أكمام "التونية" باسم "ايبوميس" وظهرت أيضاً بعض قطع الملابس الأخرى مثل "الصدرة" و"البلين"- لذلك ينسب لهذا العصر معظم الملابس الكهنوتية المتواجدة حتى الآن أما ملابس رجال الدين خارج الكنيسة فلم تتحدد بشكل معين إلا فى نهاية القرن العاشر تحت الحكم العربى، حينما أصدر الحاكم بأمر الله أمراً يلزم فيه النصارى بارتداء الملابس والعمامة السوداء التى التزم بها رجال الدين حتى يومنا هذا.


وأزياء رجال الدين المسيحى(الإكليروس) مرآة لكل رتبة من رتب رجال الدين، حيث أن كل نوعية من هذه الأزياء قصر استخدامها تبعا لكل مركز من مراكز رجال الدين فى الكنيسة، وتبعا لاختلاف المناسبة والمكان، فالأزياء التى يرتديها رجال الدين فى الكنيسة أثناء تأدية الطقوس الدينية تختلف عن الأزياء التى يرتديها فى الأوقات العادية وخارج الكنيسة.


وعلى الرغم من أن هذه الأزياء استمرت قروناً من الزمان، إلا إنها مازالت مستمرة ومتوارثة حتى الآن لأنها تعتبر مظهراً مهما  للطقوس الدينية ولا يستطيع رجل الدين أن يمارسها إلا بارتداء هذه النوعيات من الأزياء، وإذا توفى رجال الإكليروس فمن طقوس الكنيسة المتوارثة دفنهم بملابسهم الكهنوتية الكاملة(ألفونس عبدالله (1962-241


ومن المعتاد أن يرتدى كل رجال الإكليروس (البطريرك والمطارنة والأساقفه والكهنة) سواء كان راهباً أو علمانياً الثوب الأسود والفراجية السوداء، بالإضافة إلى أغطية الرأس السوداء التى تختلف شكلها تبعاً للرتب أما عن الشماس الكامل "ذياكون" ورئيس الشماسة "أرشى ذياكون" فيرتدى الروب الأسود، أما باقى رتب الشماسة (مساعد الشماس  "الإيبوذياكون" والقارئ "الأناغنوستيس" والمرتل "الإبصالتيس") فلا يرتدون الملابس السوداء خارج الكنيسة ولكنهم يرتدون ملابس الأشخاص العاديين، ويتم تخصيص ملابس أخرى لتأدية الطقوس الدينية داخل الكنيسة لكل رجال الأكليروس تتميز باللون الأبيض المطرز بالصلبان، كعلامة للنقاوة والطهارة اللائقة بالكنيسة، وهذه الملابس تكون من القطن أو الكتان.


وتتكون ملابس رجال الدين المسيحى خارج الكنيسة من:


الثوب: وهو عبارة عن جلباب طويل ذو أكمام واسعة لونه أسود يرتديه جميع رتب رجال الدين ويوجد تصميمان من الثوب أحدهما بحزام والآخر بدون، ولم يزخرف الثوب حتى عهد البابا شنودة الثالث الذى ظهر بثوب عليه بعض الزخارف البسيطة.


الفراجية: عبارة عن عبآة طويلة لونها أسود يرتديها جميع رتب رجال الدين ما عدا الشماسة، كانت بدون أكمام ولها جزء لغطاء الرأس، ثم أصبحت بأكمام واسعة وبدون غطاء الرأس إلى أن جاء عهد البابا شنودة الثالث الذى ظهر "بفراجية" تشبه الفراجية القديمة وعليها بعض الزخارف البسيطة.


العمامة: عبارة عن طاقية سوداء توضع على الرأس وقد استخدامها رجال الدين القبطى دون سائر رجال الدين فى الكنائس الأخرى تقليدا لمار مرقس الرسول الذى قيل أنه لما أتى إلى مصر كان لابساً عمامة، وتعتبر العمامة هى المميزة لرتبة رجل الدين، فكل رتبة من رتب رجال الدين لها شكل عمامة مميز وعن طريقها نستطيع أن نتعرف على رتبة رجل الدين فعمامة البطريرك والمطران والأسقف تكون أكبر فى الحجم وحافتها مستديرة بخلاف عمامة الكاهن.


القلنسوة: القلنسوة غطاء رأس للرهبان يرتديها البطريرك والمطارنه والأساقفة، وأول من ارتدى القلنسوة هو الأنبا أنطونيوس أب الرهبان فى القرن الرابع، وهى عبارة عن مستطيل يخاط من أعلى بحيث يأخذ شكل الرأس ويربط تحت الذقن، وتطرز القلنسوة بالصلبان.


الشال: ويسمى أيضاً "شملة" وهو عبارة مستطيل طوله مترين وعرضه 60سم من الصوف الأسود وينتهى بأهداب من الطرفين، ويرتدى على العمامة فى الشتاء وتكون عادة من الصوف الأسود.


المنطقة الجلد: وهى عبارة شريط من الجلد عليها رسم صليب وهى كالحزام تماما عرضها 5سم، كان يرتدى فوق الثوب لرجال الدين الرهبان فقط، ولكنه أصبح فى الوقت الحالى يرتدى أسفل الثوب.


الإسكيم: عبارة عن شريط من الجلد المضفور عليه صليبان كبيران على الصدر والظهر، واثنى عشر صليباً صغيراً يرتدية رجال الدين الرهبان فقط، وقد ظهر فى القرن الرابع على يد الأنبا أنطونيوس وقد كان فى العصور الوسطى لا يدعى راهباً إلا من يرتدى الإسكيم ويكتفى الآن بارتداء المنطقة الجلد أسفل الثوب، وقد ظل الأساقة يرتدون الإسكيم حتى عهد البابا كيرلس السادس ثم ألغى إلى أن أعاده البابا شنودة الثالث عام 1996 واقتصر ارتدائه على الأساقفة رؤساء الأديرة وبعض الرهبان.


صليب الصدر: جميع رجال الدين المسيحى يرتدون الصليب على صدورهم من الجلد المضفور أو المعدن لأنه يعتبر رمزا للمسيحية، وأشهر هذه الصلبان هو الصليب المضفور من الجلد.


العكاز أو عصا الرعاية:  يستخدمها البطريرك والمطارنة والأساقفة خارج الكنيسة ودخلها، وتصنع من خشب الأبنوس الأسود وبها رأس من العاج ينقش عليها صليب صغير ويمكن نقش اسم صاحبها وتاريخ رسامته.


ملابس رجال الدين المسيحى داخل الكنيسة:


التونية: وهى رداء أساسى لجميع الرتب الكهنوتية وهى عبارة عن جلباب طويل واسع بأكمام، والخامة الأساسية "للتونية" هى قماش الكتان قديماً وتصنع اليوم من القطن أو الحرير، وكانت تطرز بخيوط الذهب والفضة والحرير بأشكال السيدة العذراء تحمل السيد المسيح، وصور القديسين وأشكال صلبان مختلفة، واقتصر الآن التطريز على شكل الصليب بالخيوط القطنية أو الحريرية.


البطرشيل : يرتدى البطرشيل جميع الرتب الكهنوتية ولكن شكله يختلف من رتبة إلى أخرى فالبطريرك والمطارنة والأساقفة يكون "البطرشيل الخاص بهم على شكل" صدرة" محلاة بالتطريز على شكل رسل السيد المسيح الاثنى عشر ولا يرتديها الأسقف فى حضرة البطريرك بل يرتدى أخرى عليها صلبان فقط، والكاهن يكون "البطرشيل" الخاص به عبارة عن شريط محلى بالصلبان فقط.


أكمام البطرشيل : كان يرتديها البطريرك والمطارنة والأساقفة قديماً، وأصبح استعمالها فى الوقت الحاضر قليلاً حيث تستخدم فى الأعياد والمناسبات فقط.


البرنس: ويرتدى البرنس كل من البطريرك والمطارنة والأساقفة والكهنة، وهو عبارة عن عباءة توضع على الأكتاف فوق "التونية" و"الصدرة" ثم أخذ شكلا دائريا مفتوح من الأمام، وتحلى بالتطريز بأشكال الصلبان والزخارف النباتية، وينتهى عادة من أسفل بأهداب مثل الصدرة، ويتميز برنس البطريرك والمطارنة والأساقفة عن برنس الكهنة بوجود "القصلة" أو "الحرملة" وزخارفه تكون أكثر من زخارف برنس الكهنة وعادة ما يصنع البرنس من قماش "الصدرة" و"الأكمام".


الشملة:  يرتديها كل من البطريرك والمطارنة والأساقفة والكهنة، وهى عبارة عن مستطيل من قماش القطن أو الكتان كان قديماً يصل طولها إلى 3متر وتحلى "الشملة" بالتطريز على شكل صليبين بخيوط الحرير الذهبية، والآن أصبح طولها حوالى مترين وتحلى بالتطريز بشكل صليب واحد فى منتصفها بحيث يكون فوق الرأس عند ارتدائها.


البلين : يرتديه البطريرك والمطارنة والأساقفة فقط وهو عبارة عن مستطيل طوله 5.5متر وعرضه 40سم من الحرير الرمادى أو غيره من الألوان ويندر استخدامه الآن، وآخر من تمسكوا بارتدائه هو البابا كيرلس السادس.


الطيلسان : يرتدى "الطيلسان" الكهنة ولا يرتديه الأسقف وهو عبارة عن تاج للرأس مثلث الشكل تقريباً يصنع من الحرير أو التيل ويتراوح ارتفاعه بين عشرين وثلاثين سنتيمتر ويكون مقصباً أو مطرزاِ بخيوط مختلفة الألوان ويتصل من الناحية الخلفية بمستطيل من قماش الكتان بعرض "الطيلسان" ويمتد حتى القدمين ويطرز عليه صليب أو ثلاثة صلبان وارتدى الطيلسان فى البداية البطريرك ثم اقتصر استخدامه بعد ذلك على الكهنة.


المنطقة أو الزنار : كان يرتديها البطريرك والمطارنة والأساقفة والكهنة على السواء ولكن أصبحت اليوم قاصرة على البطريرك والمطارنة والأساقفة وهى عبارة عن حزام عريض من الكتان أو الحرير وينتهى بقفل.


التاج:  يستخدمه البطريرك والمطارنة والأساقفة فقط وهو عبارة عن غطاء للرأس مزين بالأحجار الكريمة وصور السيد المسيح وبعض القديسين، ويعلوه صليب، وكان يصنع قديماً من المعدن ولكنه الآن يصنع من الحرير أو القطيفة المقواه بالكرتون من الداخل، ويبطن من الداخل بقماش  قطن ويطرز عليه بالخيوط الذهبية والفصوص.


التليج:  يستخدمه جميع رجال الدين وهو عبارة عن لباس للقدمين من الكروشيه وعادة يكون باللون الأبيض.


عصا الرعاية "الحية النحاسية" : يستخدمها البطريرك والمطارنة والأساقفة داخل الكنيسة فقط، ويعود شكلها إلى "الحية النحاسية" التى رفعها موسى النبى حسب قول الرب، لكى ينظر إليها بنو إسرائيل الذين لدغتهم الحيات لكى يشفيهم الرب ) الكتاب المقدس- سفر العدد( 2-9 وتصنع من بعض المعادن- "كالذهب أو الفضة" أو تصنع من "الخشب"- يركب عليها شكل حيتين إحداهما مقابل الأخرى، وبينهما صليب، ويعلق فى عصا الرعاية بين الحيتين راية حمراء، و"الحية النحاسية" أيضاً رمز لصليب السيد المسيح )الكتاب المقدس- إنجيل يوحنا 3:4، (15 لذلك اتخذها المسيحيون من أوائل العصر المسيحى كرمز للرعاية.


صليب البركة:  يتميز رجال الدين الأقباط بأداة غير موجودة لدى المسيحيين الغربيين وهى صليب اليد الذى يستخدمه البطريرك والمطارنة والأساقفة والكهنة لمنح البركة للشعب، وصنع من الذهب أو الفضة أو من المعدن أو البرونز أو الخشب.