تعد السينما أحد المكونات الأساسية للفنون، فهى لها مكانة خاصة لدى جمهورها فهى مرآة النفس البشرية حيث أنها تؤثر وتحرك وتجذب المشاعر والأحاسيس فترتقى
بالنفس فكراً وثقافة ً فهى تمارس تأثيراً كبيراً على كل جوانب الحياة وبشكل خاص
على الشباب فعندما يكون تأثير السينما سيئاً يفقد الشباب بهذا وسيلة مهمة لتنمية
أفكارهم ، لتدعيم بنائهم الخلقى ومواقفهم الإجتماعية ، وعندما يظهر ولو فيلم واحد
جيد، فإننا نرى أن يحدث تأثيراً على الشباب بمقدوره أن يتفوق على تأثير جيش من
الدعاة ، أو العاملين فى الصحف .
وقد استطاعت السينما أن تخترق أنساق المجتمع ، وأن تعبر عن مشكلات المجتمع وقضاياه
وتعقيداته وتتخطى العُرف والسائد بواقعية شديدة ، فكما كانت حلقة الوصل بين الشعوب
وثقافاتها وبعضهم البعض ، كانت مرآة المجتمع ساهمت فى سن القوانين ووضع حلول
للقضايا المتداولة فى المجتمع .
وكانت ومازلت السينما منذ نشأتها تعبر عن المرأة عن أوجاعها وآلامها
وقضاياها التى تؤرقها ، فالسينما هى أول من انتصرت للمرأة ودافعت عنها ومن خلال
اليوم العالمى لمناهضة جرائم الشرف ضد المرأة والذى يحتفى به العالم اليوم فى كل
عام
قد ناقشت السينما العربية والعالمية فى كثير من أفلامها الجرائم الشرف التى
ترتكب ضد المرأة ، حاربت النظام الأبوى بكل شجاعة وكانت ملهمة لكثير من السيدات
لرفض العنف والثورة على تلك الأعراف السائدة وخاصة أن ما يزال المجتمع العربي
يُقابل الرجل الذي يقتل ابنته أو أخته أو زوجته بالاحتفاء.
والهلال اليوم يستعرض أهم 6 أفلام من دول مختلفة تعرضت بالنقاش لقضية جرائم
الشرف ضد المرأة :
فيلم حادثة شرف
فيلم درامى مصرى إنتاج 1971 مأخوذ عن قصة الكاتب الكبير يوسف إدريس إخراج
شفيق شامية ، ومن بطولة زبيدة ثروت ، يوسف شعبان ، محسنة توفيق ، حمدى أحمد ، تدور
الأحداث حول حول " فاطمة " ( زبيدة ثروت ) وهى بنت تبلغ فى غاية الجمال ،تعيش فى إحدى
القرى الصغيرة ، وأشيع عنهًا ظلمًا وبهتانًا أنها تعرضت للإغتصاب ، فانقلب أهل
العزبة والكل ويريد أن يتأكد أنها مازلت
تحتفظ بعذريتها ، يوصمها المجتمع رغم براءتها ، تخضع فى النهاية وتمتثل لأمرهم
وتخضع لكشف العذرية ليكتشف أهل العزبة جميعًا ، بهتان ظنونهم ، ومن ثما تُسقط معها
كل أكواد المجتمع التى لا تستطيع المرأة الفكاك منها .
فيلم دعاء الكروان
هو فيلم مصرى ويعد من أقدم كلاسيكيات السينما المصرية ، إنتاج 1959 وهو عن
رواية عميد الأدب العربى طه حسين والتى تحمل نفس الإسم من إخراج هنرى بركات وبطولة
فاتن حمامة وأحمد مظهر، أمينة رزق ، زهرة العلا ، رجاء الجداوى ، تدور الأحداث حول
آمنة الفتاة الريفية البريئة التى تتمرد على العادات والتقاليد فى إحدى قرى صعيد
مصر ، حيث تبدأ أحداث الفيلم بخال آمنة الذى يلقى اللوم على أمها بسبب ارتكاب
زوجها الفاحشة ، فأصر على ترحيل آمنة وأمها وأختها هنادى من القرية لأنه مازال
الناس يلومونه بسبب زنا زوجة نسيبه .
تفترق الأختين بفتعمل هنادى كخادمة عند مهندس الرى ( أحمد مظهر ) وتعمل
آمنة كخادمة أيضًا عند المأمور ، تقع هنادى فى حب المهندس فيعتدى عليها مما يؤدى
إلى قتلها على يد خالها ليثأر لشرفه ، فتقرر حينها آمنة أن تنتقم لأختها من مهندس
الرى ، وبالرغم من أنها تقع فى حبه إلا أن تجد طيف أختها حاجز بينهما فتقرر الرحيل
.
الفيلم الأردنى " جميلة "
استطاع المخرج الأردنى فيصل الزعبى
من خلال فيلم ( جميلة ) إنتاج 2006
أن يقدم صورة إجتماعية لقضية خلافية بكل جرأة وشجاعة والذى تدور أحداثه حول
جريمة الشرف ، تلك النوع من الجرائم الذى تُبنى أسبابه على الشكوك وقاعدة الجهل
بالأِياء دون إتاحة الفرصة لمعرفتها أو حتى تصديقها بعد العلم بها ، ففتك الشك
بالعقل ويحيله إلى ساحة غضب مؤجج ينصب على الضحية فيفتك بها دون تمحيص أو تدقيق .
تدور أحداث الفيلم حول جميلة التى تقع ضحية وشاية إمراءة آخر فنرى المشهد
الأول من الفيلم لإمراءة تقول " أنا السبب " ، فجميلة ( رندة كرادشة
) فتاة فى ريعان شبابها تنتمى لعائلة
صغيرة تتكون من الأب ( زهير حسن ) ، وفى يوم تمرض جميلة وتفقد الوعى فتحسس بطنها
إحدى السيدات التى توشى بها بعد أن تزعم أن جميلة حامل ليحكم على جميلة بالموت
تأرًا لشرف العائلة ، يطلب أبو عمر وهو كبير العائلة الذى تعلم بالخارج ولكن مازلت
أفكاره متعصبة تنتمى للأزمان الغابرة من أخيها أن يختار أداة التخلص من أخته جميلة
ليغسل عاره بيديه ، تُقتل جميلة ويسجن أبيها ، لتظهر الصحافية ليلى التى تبحث وراء
تلك القضية فيحكى لها أبيها كيف قتلت ابنته وتلتقى بأبو عمر عبدالكريم المحرض
الأول على قتلها ، بينما أبيها يحكى لها كيف كانت إبنته بريئة وقتلت ظلمًا
وبهتانًا ,
الفيلم التركى الطريق
فيلم "الطريق" إنتاج (1982)، للمخرج الكردي يلماز غوناي، يتكون من
خمسة خطوط درامية لخمسة سجناء يُطلق سراحهم في إجازة لمدة أسبوع ، حصل هذا الفيلم
على جائزة السعفة فى مهرجان السينمائى فى سنة 1982 ، يصور الفيلم تركيا فى ما بعد
فترة الإنقلاب العسكرى فى عام 1980 ، وقد كان الفيلم مثيرًا للجدل بسبب جرأة الطرح
حتى استطاع أن يرى النور فى عام 1990 .
القصة تبدأ من خلال خمس خطوط درامية لخمسة سجناء يخرجون من السجن فى إجازة
لمدة أسبوع واحد فقط لرؤية أهلهم ثم العودة مرة أخرى لقضاء باقى مدة العقوبة
من تلك الخمسة كان هناك سيد على (
طارق أكان ) يصل إلى المدينة فيسمع من والده أن زوجته قد جلبت لهم العار؛ لذلك
أخذها والدها مع ابنهما إلى القرية وحبسها في زريبة حيوانات منذ ثمانية أشهر،
لتعيش على الخبز والماء، فيقرر سيد التوجه إلى قرية والد زوجته عبر طريق مليء بالعواصف
الثلجية، وفي الطريق لا يستطيع الحصان إكمال المسيرة فيتجمّد من شدة البرد، ويقوم
سيد بقتله، ويكمل المسيرة على قدميه ، يصل إلى قرية والد زوجته فيطلب منه أن يقرر
كيف يعاقب زوجته فهو فى إنتظار وصوله لمعاقبته كما يرى ، فيأخذها معه فى تلك
الطريق الواعر الملئى بالثلوج
ودون أن ترتدى ثياب ثقيلة تقيها من برد الشتاء ، لتموت فى النهاية من شدة
البرد القارض ، فى أثناء رحلتها تجد القسوة من ابنها الذى لا يمد يد المساعدة لها
فهو كأبيه نتاج المجتمع الذى تتوارث فيه
الأجيال جيلاً بعد جيل التمييز ضد المرأة ، تموت زوجته كما مات حصانه أُثناء رحلته
من شدة البرد القارص ، لتتوافق قسوة الإنسان مع قسوة الطبيعة