خبراء عن مفاوضات سد النهضة: المباحثات الحالية يجب أن تكون أكثر جدية وتفعيل دور المراقبين.. ومصر يمكنها اللجوء مجددا لمجلس الأمن في حالة استمرار التعنت الإثيوبي
لليوم الثاني، تستمر اجتماعات مفاوضات سد النهضة، بين مصر وإثيوبيا والسودان، حيث تعقد اليوم جلسة بحضور خبير فني وقانوني من كل دولة لبحث سُبل التفاوض خلال الفترة القادمة، ومناقشة كافة الأطروحات من الدول الثلاث، على أن يتم رفع نتيجة تلك الجلسات للوزراء غدا الثلاثاء.
وأكد خبراء أن جولة المفاوضات الراهنة والتي تستمر لمدة أسبوع تعقد في ظروف مختلفة ويجب أن تكون أكثر جدية للوصول إلى نتيجة وتحقق تقدما في مسار التفاوض، موضحين أن مصر مستمرة في المفاوضات للدفاع عن حقوقها المائية، ويمكنها العودة مجددا إلى مجلس الأمن في حالة استمرار التعنت الإثيوبي.
وكانت وزارة الري قد أعلنت أمس أنه عُقد، اجتماع لوزراء الموارد المائية والري من مصر والسودان وإثيوبيا والوفود الفنية والقانونية من الدول الثلاث، وبمشاركة مراقبين من أعضاء هيئة مكتب الاتحادين الإفريقي والأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في إطار مخرجات اجتماع 27 أكتوبر الماضي بحضور وزراء الخارجية والري من الدول الثلاث، من أجل التباحث حول كيفية إعادة إطلاق المفاوضات حول السد الإثيوبي.
وتناولت الوفود من الدول الثلاث طرح رؤيتهم لآلية استكمال المفاوضات خلال الفترة القادمة، وأكدت مصر خلال الاجتماع، أهمية تنفيذ مقررات اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الإفريقي بالتوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، ويحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويؤمّن مصالحها المائية.
فيما طرح السودان رؤيته التي تتلخص في التخلي عن الطريقة السابقة غير المنتجة في التفاوض وتغييرها بمناهج أخرى اكثر فعالية بمنح خبراء الاتحاد الافريقى دورا اكبر في تسهيل التوصل لتجسير الهوة بين الأطراف الثلاثة وتقريب وجهات النظر بينها، واقترح فريق التفاوض السوداني المضي بالتفاوض للأمام وفق جدول زمني محدد وقائمة واضحة بالمخرجات التى سترفع لمفوضية مجلس الاتحاد الافريقي.
وقد استعرضت المناقشات باستفاضة إجراءات وسياقات التفاوض والدور المتوقع للمراقبين والخبراء المعنيين من قبل الاتحاد الافريقي خلال جولات التفاوض القادمة، كما تناول المجتمعون الوثائق التي تم تقديمها خلال المفاوضات الطويلة التي تخوضها الدول الثلاث منذ سنوات.
العودة مجددا لمجلس الأمن
وفي هذا السياق، قال الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الري السابق، إن الجولة الجديدة من مفاوضات سد النهضة التي انطلقت أمس وستستمر لمدة أسبوع، جاءت بعد توقف التفاوض عدة أشهر، مضيفا أن إثيوبيا في الوقت الراهن في أزمة وعليها أن تأخذ قرارا إلا أنها لا تريد.
وأضاف في تصريحات لـ"الهلال اليوم" اليوم، أن الاجتماعات الحالية ستناقش مسودة الاتفاق التي كان قد تم الاتفاق عليها في الاجتماعات السابقة، بهدف تنقيحها وإعدادها بشكل نهائي، وإذا لم يتفق وزراء الري بشكل سريع حول هذه المسودة، فعلى المراقبين الدوليين أن يتحول دورهم من الرقابة إلى الوساطة لإيجاد حل وسط.
وأشار إلى أنهم خلال هذه الوساطة عليهم أن يقوموا بإعداد مسودة ويطالبوا الدول الثلاث بالموافقة عليها، وفي حالة أن رفضتها إثيوبيا فستصبح أمام العالم أجمع متعنتة ومماطلة وتمارس جميع أنواع الرعونة، مضيفا أنه في هذه الحالة سيكون لمصر أن تتحرك كما ترى، وفقا للمستجدات.
وأكد أهمية قيام الدول والمؤسسات الراعية للتفاوض - وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي وجنوب أفريقيا وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي والخبراء - بالتدخل في إعداد مسودة تدعو كل الدول للتوافق عليها، مضيفا أن مصر يمكنها العودة مرة أخرى إلى مجلس الأمن لعرض الأمر على المجتمع الدولي مرة أخرى في حالة رفض إثيوبيا التوقيع على تلك المسودة.
واختتم: إن قضية مياه النيل ليست ترفا لمصر، فهي قضية حياة أو موت ولا يمكنها التنازل عن أي قطرة من مياه النيل، فلا يمكن لحق إثيوبيا في التنمية أن يجور على حق مصر والشعب المصري في الحياة، موضحا أن مصر مستعدة للسير في كل مسارات التفاوض بما يضمن حقوقها المائية.
جولة أكثر جدية
ومن جانبه، قال اللواء حاتم باشات، عضو لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، إن اجتماعات مفاوضات سد النهضة بحضور وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا الأسبوع الحالي، تختلف عن الجولات السابقة من المفاوضات، في ظل التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتحركات الأخيرة على الساحة مثل زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني لإثيوبيا أمس، وزيارة الوفد العسكري رفيع المستوى المصري الأخيرة للسودان.
وأضاف باشات، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن المباحثات الحالية بشأن سد النهضة يجب أن تأخذ شكلا من الجدية، مطالبا الإدارة الأمريكية بموقف أكثر وضوحا وجدية في هذا الملف، نظرا لما بدر من إثيوبيا من تعنت ورغبة في فرض الأمر الواقع وعدم مراعاة مصالح مصر والسودان.
وأشار إلى أن اجتماعات وزراء الري الحالية ستستمر لمدة أسبوع، بدعوة من السودان بهدف تحريك المياه الراكدة في مسار المفاوضات، موضحا أن مصر مستمرة في التفاوض لحل هذه الأزمة، ويمكنها عرض الملف بصورة مختلفة أمام الاتحاد الأفريقي، وكذلك مجلس الأمن، بهدف حماية مصالحها المائية.
وأكد أن مياه النيل بالنسبة لمصر خط أحمر، لا يمكن المساس به أو السماح بتجاوزه، لأنها قضية كما وصفها الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قضية حياة ووجود.