رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


حكم جديد لمجلس الدولة يرفض تعيين المرأة قاضية.. نهاد أبو القمصان: قرار صادم.. تهاني الجبالي: ارتداد للخلف.. وخبير قانوني: مخالف للدستور

2-11-2020 | 21:26


المساواة بين الرجل و المرأة نص دستوري وقانوني قاطع، وحق المرأة في تولي كل الوظائف العامة بما فيها القضاء، أمر تم تطبيقه في معظم الهيئات القضائية ولكن بأعداد بسيطة، رغم وجود نصوص دستورية صريحة تكفل حقها في التعيين في كافة الجهات و الهيئات القضائية دون تمييز ضدها.

 

ورغم ذلك، جاء قرار مجلس الدولة اليوم، برفض تعيين المرأة قاضية، ليخلق حالة من الجدل حول القرار، واستطلعت "الهلال اليوم" آراء عدد من الخبراء حول القرار .


صدمة للمرأة المصرية:

 

قالت نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، إن قرار رفض مجلس الدولة تعيين المرأة قاضية صادم لها.

 

وأوضحت "أبو القمصان" – في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم": نحن نعيش منظومة متكاملة والقضاء جزء منها، وهذه المنظومة طغى عليها التشدد الديني والتعصب، في الوقت الذي خفتت فيه الأصوات التي تنادي بالتنوير".

 

وأشارت نهاد أبو القمصان إلى أن هذا القرار يناقض لقرار مجلس القضاء الأعل،  والذي قضي بفتح الأبواب أمام الإناث المؤهلات للعمل في جميع الهيئات القضائية حسب ظروف كل منها، حتى كانت النتيجة وجود‏42‏ قاضية علي منصات القضاء منذ ثلاث سنوات‏ .

 

وأضافت: على الرغم من أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أعطي المرأة المصرية كافة حقوقها ونالت في عهده مالم تنله في أي عهد سابق، حيث أعلن الرئيس منذ تولية الرئاسة انحيازه للمرأة المصرية، ومساندته لكافة حقوقها، واعتزامه العمل على تمكينها، وتحقيق إسهام أكبر لها في سوق العمل، ووضع تشريعات لحمايتها من كل أشكال العنف، وتوسيع مشاركتها السياسية، إلا أنه ما زالت  بعض الوظائف حكرًا على الرجال فقط ومنها منصب القضاء.

 

واستطردت: فعلى الرغم من حصولها على ليسانس الحقوق وعملها بالقانون وتدريسها القانون لعقود في مصر، إلا أن القاضيات المصريات يشكلن نسبة 0.5% فقط، بينما يشغل الرجال 99.5% من القضاة، أي أن لدينا 66 قاضية مقابل أكثر من 16 ألف قاضٍ.


ارتداد للخلف:


وعبّرت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئس المحكمة الدستورية السابق، عن اندهاشها، من قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة والخاص برفضه تعيين المرأة قاضية.

 

وأوضحت تهاني الجبالي –في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم": أنه في عام 1948 أصدر مجلس الدولة برئاسة الفقيه القانوني الدكتور‏ عبد الرزاق السنهوري حكما تاريخيا، أكد‏ أنه لا يوجد مانع شرعي أو دستوري أو قانوني‏‏ يحول دون تولي المرأة القضاء، مضيفة: كان هذا الحكم في القضية الشهيرة للدكتورة عائشة راتب عندما تقدمت لتعيينها في منصب القاضي الإداري، ومن ثم وبعد أكثر من عمر يرتد قضاة مجلس الدولة علي كل ذلك.

 

وأشارت نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق إلى أن الدستور الحالي يلزم جميع الجهات القضائية بنص تعيين المرأة فيها، مطالبة بعودة تفعيل النص القديم بقانون السلطة القضائية، بتعيين الـ40 الأوائل من كليات الحقوق، لافتة إلى أن القانون يلزم تعيين 25% من المشتغلين والمشتغلات بالمحاماة من نسبة المتقدمين لشغل المناصب القضائية سنويا.

 

التشدد وراء الرفض:

 

وفي نفس السياق،  طالبت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية السابق – أمين عام المجلس القومى للمرأة سابقاً-  بضرورة  تفعيل النص الدستوري الذي ينص على عمل المرأة في كافة الوظائف العامة والقطاعات، والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، وإعطاء المرأة الفرصة في العمل في كافة المجالات.


وعللت السفيرة منى عمر، سبب رفض مجلس الدولة لتعيين المرأة في منصب القضاء، يرجع لعدة أسباب أهمها التشدد والتعصب الديني الذي بدأ ينتشر ويتوغل في المجتمع.

 

وقالت أمين عام المجلس القومى للمرأة السابق، في تصريحات لـ"الهلال اليوم": قضاة مجلس الدولة استعانوا بالنصوص والفتاوى الدينية المتشددة، والتي تمنع تعيين المرأة قاضية، متناسين أن المؤسسات الدينية الرسمية وهي الأزهر ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية، أصدرت فتوى قاطعة بأنه لا يوجد مانع شرعي من تعيين المرأة قاضية.

 

وأضاف: "في ظل استشراء التعصب وتراجع الدور التنويري للمجتمع، رجعنا إلى الوراء بما يفوق قرنًا من الزمن، لأننا نحتفل بمرور 100 عام علي انخراط المرأة في حقل القانون".

 

مخالفة الدستور:

 

قال ياسر عرفات المحامي بالنقض، إن قرار رفض تعيين المرأة المصرية قاضية  مخالف للدستور.

 

وأشار عرفات – في تصريحات لـ"الهلال اليوم"- إلى أن المادة 11 من الدستور  الحالي تنص على: تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارية العليا في الدولة، والتعيين في الجهات و الهيئات القضائية دون تميز ضدها".

 

وتابع: كما تنص المادة 53 من الدستور  على: "التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون"، بالإضافة لنص المادة 9 من الدستور: "تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز".

 

وأوضح "عرفات" أن 13 عاما مضت على دخول المرأة المصرية سلك القضاء، حيث تم تعيين أول دفعة للقاضيات فى مصر عام 2007 وأدت 30 قاضية اليمين الدستورية أمام مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار مقبل شاكر رئيس المجلس آنذاك، وبعد تعيين هذه الدفعة بشهور تم تعيين 12 قاضية أخرى في مسابقة أجراها مجلس القضاء الأعلى لاختيار القاضيات.


وعاود "عرفات" الاستعانة بالنصوص الدستورية، موضحًا المادة 14 تنص على أن : "الوظائف العامة حق المواطنين على أساس الكفاءة، دون محاباة أو واسطة"، موضحًا أن منع تقدم المرأة لشغل مناصب قضائية في مجلس الدولة والنيابة العامة مخالف للدستور، كما أن الشرع والقانون لا يمنعان ذلك، "المشكلة في الثقافة".


الجدير بالذكر أن محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ،برئاسة المستشار فتحي توفيق، نائب رئيس مجلس الدولة، قضت بعدم قبول الدعوى المقامة من أمنية جاد الله، والتي تطالب بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 356 لسنة 2015 المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 3 مكرر (و) بتاريخ 9 سبتمبر 2015، فيما تضمنه من إغفال وعدم تعيينها بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة دفعة 2013، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها تعيينها بوظيفة مندوب مساعد بالمجلس.

 

وقالت المدعية، في طعنها الذي حمل رقم ٥٩٣٦٤ لسنة ٧٣ قضائية، إنه في غضون شهر يناير 2014، نشر مجلس الدولة المصري الإعلان رقم (1) لسنة 2014 بخصوص قبول طلبات التعيين في وظيفة مندوب مساعد من خريجى كليات الحقوق والشريعة والقانون والشرطة دفعة 2013، وذلك بالشروط المنصوص عليها قانوناً، بالإضافة إلى الشروط التي تضمنها الإعلان من التقدير التراكمي، والحد الأعلى للسن، وأن تتوافر فيه الأهلية، والصلاحية، والكفاءة لشغل الوظيفة، وأن تثبت لياقته الطبية، كما يتعين أن يجتاز المقابلات والاختبارات المحددة.

 

وأضاف الطعن: "تقدمت الطالبة للوظيفة المعلن عنها، بصفتها مواطنة مصرية لها كل الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية والدستور المصري والقانون، يحدوها الآمال أن تكون أول صلة نسب بين مجلس الدولة والإناث، فهي كغيرها من الذكور نهلت من نفس النبع القانوني، وتزودت بنفس الثقافة، ليس هذا فقط بل تفوقت عليهم في الكفاءة والتقدير ودرجات النجاح، ورغم توافر الشروط القانونية والإضافية المعلن عنها بحقها إلا أنها فوجئت برفض مجلس الدولة منحها ملف لتقديم أورقها، كما رفض المجلس استلام ملف تقدمها لشغل الوظيفة في صورة صارخة لانتهاك جسيم وممنهج لحقها في المساواة وشغل الوظيفة العامة".


وقبلها بأربع سنوات عام 2003 كان تعيين المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا، صاحبة أعلى منصب قضائى تحتله امرأة فى مصر، كأول سيدة تجلس على منصة القضاء لتنظر القضايا.