رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


د. سراج الدين السيد حبيب: الدوائر الإلكترونية «عصب التكنولوجيا»

26-4-2017 | 12:21


حوار: شنودة سعد

 

التكنولوجيا.. الدوائر الإلكترونية.. صناعة الإلكترونيات.. مصطلحات من الممكن أن الغالبية فى الشارع المصرى لا تدرى ما تعنيه، لكن فى الوقت ذاته لا يمكن – فى وقتنا الحالى- لأحد أن يتخلى عن غالبية الوسائل التى يستخدمها فى حياته اليومية، والتى تكون فيها التكنولوجيا، والدوائر الإلكترونية، تحديدا، حاضرة فيها وبقوة.

«الدوائر الإلكترونية هى عصب التكنولوجيا، وقسم الإلكترونيات والاتصالات فى كلية الهندسة، جامعة القاهرة اهتم بصناعة الدوائر المتكاملة وساهم فى تأهيل الكثير من الكوادر والكفاءات القادرة على تصميم وتطوير هذه الدوائر».. بالعبارات تلك بدأ الدكتور سراج الدين السيد حبيب، الأستاذ المتفرغ بالقسم، حديثه لـ»المصور»، الذى كشف فيه أيضا أهمية الدوائر الإلكترونية فى حياتنا اليومية.

 

الإنجازات والنجاحات التى حققها القسم خلال السنوات الماضية، منذ تأسيسه وحتى وقتنا الحالى، أمر آخر تحدث عنه «د. حبيب»، كما ألقى الضوء على أمور عدة أنجزها القسم، خلال الفترة الماضية، وكشف أيضا المشروعات التى يتبناها القسم.. وعن تفاصيل هذه المشروعات وأمور أخرى كان الحوار التالى:

بداية.. هل يمكن أن تقدم لنا شرحا توضيحيا لماهية الدوائر الإلكترونية؟

لا نبالغ إذا قلنا أن الدوائر الإلكترونية تعتبر عصب التكنولوجيا الآن، وإذا كانت محركات البنزين والديزل والموتورات الكهربية هى «العضلات» التى تساعدنا فى أداء مهام الحياة المختلفة، فإن الدوائر الإلكترونية بمثابة «العقل والأعصاب»، انظر حولك وستجد أن هذه الدوائر تملأ حياتك وتخدمك ليل نهار، هى فى المصعد والسيارة والطائرة والقطار والثلاجة والغسالة، كما أنها تمكنك من التحكم فى هذه الآلات.

كما أنها موجودة فى الحاسبات وأجهزة التليفزيون والمحمول وشبكات الهاتف تنقل إليك المعلومات وتحلل البيانات وتخزن الملفات، وموجودة أيضا فى الأجهزة الطبية والآلات الزراعية وفى المصانع والمتاجر والمزارع، ولذا فإنه ليس من المستغرب أن نعلم أن حجم إنتاج صناعة الإلكترونيات حاليا فى العالم يزيد عن الألف مليار (أو مليون مليون) دولار سنويا، ويفوق حجم إنتاج أى صناعة أخرى.

أضف إلى ما سبق أن هذه الصناعة مؤشر أساسى فى الدلالة على تقدم الدول وقوتها العلمية والاقتصادية، فالدول القوية فى صناعة الإلكترونيات دول متقدمة علميا واقتصاديا وتنعم بمتوسط دخل عال ومستقبل اقتصادى مشرق.

تحديدا.. متى تم اختراع الدوائر المتكاملة؟

اخترعت الدوائر المتكاملة بعد وقت قليل من قيام جون باردين ووليم شوكلى ووالتر براتن باختراع الترانزستور فى ١٩٤٨ ففى سنة ١٩٥٨ قام الباحث جاك كيلبى بتصنيع عدة مكونات إلكترونية (ترانزستور ومكثف وعدة مقاومات) على سطح شريحة من مادة الجرمانيوم، وكانت هذه أول دائرة متكاملة يتم تصنيع عدة مكونات إلكترونية عليها فى نفس الوقت، وتم بذلك فتح الباب أمام صناعة الدوائر المتكاملة، ومنذ ذلك الحين وصناعة الدوائر المتكاملة تقفز قفزات هائلة.

وقد مرت هذه الصناعة بحوالى عشرين جيلا من أجيال التطور حتى الآن، وحاليا يربو عدد الترانزستورات التى يتم تجميعها فى ميكروبروسيسور واحد (مثل المستعمل فى اللاب توب الذى تحمله على بليون) ألف مليون ترانزستور، ويبلغ حجم إنتاج صناعة الدوائر المتكاملة حاليا على مستوى العالم أكثر من ثلاثمائة بليون دولار سنويا.

جدير بالذكر هنا أن تكنولوجيا الدوائر الإلكترونية الحالية تنتمى بامتياز لعلم الإلكترونيات النانومترية، وهى قادرة على تمييز أطوال تصل حاليا إلى حوالى عشرة نانو متر –أى حوالى جزء من عشرة آلاف جزء من سمك شعرة الرأس.

كيف يتابع ويهتم قسم الإلكترونيات والاتصالات هذا التطور؟

لم يكن قسم الإلكترونيات والاتصالات بجامعة القاهرة بمعزل عن هذه التطورات الهائلة فى صناعة الدوائر المتكاملة، ففى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى تبنى الراحل الأستاذ الدكتور السيد عبد الهادى طلخان - رئيس القسم الأسبق - الدعوة لإدخال علوم تصميم وتصنيع الدوائر المتكاملة فى مصر، ويعتبر الدكتور «طلخان» بحق رائد تصميم الدوائر المتكاملة بمصر.

وقام الدكتور طلخان بتخصيص معمل همام بك لهذا الغرض، وقد أثمرت هذه الدعوة فى تأهيل الكثير من الكوادر والكفاءات القادرة على تصميم وتطوير هذه الدوائر، كما أثمرت أيضا فى تصميم وتنفيذ العديد من الدوائر المتكاملة فى هذا القسم على أيدى هذه الكفاءات، إلى جانب هذا قام خريجو هذا القسم ومنتسبوه بإنشاء العديد من الشركات المتخصصة فى هذه التكنولوجيا المتقدمة - منها على سبيل المثال شركة Sysdsoft والتى قامت شركة أنتل العملاقة بشرائها منذ سنوات عدة.

ما أهم الدوائر المتكاملة التى تم تصميمها فى معمل «همام بك»؟

هناك بعض الدوائر المتكاملة التى تم تصميمها فى معمل همام بك بقسم الإلكترونيات والاتصالات بجامعة القاهرة، والتى تم تصنيعها بالفعل فى مصانع الدوائر الإلكترونية المتكاملة بالخارج، ثم تم اختبارها بعد التصنيع بأيدى أساتذة وطلاب هذا القسم.

فأول مشغل مصرى دقيق (ميكروبروسيسسور). بدأ العمل بهذا المشروع من بداية العام الدراسى ٢٠٠٤/ ٢٠٠٥ واستمر حتى توج بتصنيع واختبار هذا المشغل فى ٢٠١١، وقد شمل هذا التطوير تصميم هذا البروسيسور، ثم تصنيعه بمصانع شركة أى بى أم بأمريكا، ثم اختباره بعد التصنيع بمعمل همام بكلية هندسة القاهرة.

وجدير بالذكر أن تطوير هذا البروسيسور تم بالجهود الذاتية بالكامل دون تحميل الدولة أى نفقات، وشارك فيه العشرات من طلاب القسم ومعيديه، وقد وفرت هيئة MOSIS الأمريكية التابعة لجامعة جنوب كاليفورنيا منحة للفريق البحثى المذكور لتغطية تكاليف تصنيع هذا البروسيسور.

وينتمى هذا البروسيسور لعائلة المشغلات المدمجة – أى المبنية داخل نظام مصمم لأداء مهام معينة ومحددة مسبقا، ومن أمثلة هذه النظم المدمجة التليفونات المحمولة، مشغلات أم بى ثرى ومختلف الأجهزة الذكية المستخدمة فى المجالات الطبية والصناعية، ولا يكاد يخلو أى منتج صناعى حديث من مشغل أو عدة مشغلات مدمجة.

وتختلف عائلة المشغلات المدمجة عن عائلة المشغلات العامة - الشائعة الاستعمال فى أجهزة الحاسب - فى أن المشغلات العامة تصمم لخدمة كافة الأغراض، بينما تصمم المشغلات المدمجة لخدمة غرض أو مجموعة أغراض محددة مسبقا.

ويجب أن تتميز هذه المشغلات المدمجة بكفاءة استهلاك الطاقة وانخفاض التكلفة. وجدير بالذكر أن سوق المشغلات المدمجة يفوق سوق المشغلات العامة من ناحية عدد المشغلات المباعة كل عام.

وقد أطلق على هذا البروسيسور اسم CUSPARC باللغة الإنجليزية، اختصارا لاسم «مشغل جامعة القاهرة»، وقد تم تصنيعه بتكنولوجيا لها طول تمييز ١٣٠ نانو متر، وقد وصلت سرعة التشغيل لهذا البروسيسور فى الاختبارات المعملية إلى ٢٦٤ ميجا هرتز، كما يتميز هذا البروسيسور بكفاءة عالية فى استخدام الطاقة، وهو مقياس أداء هام فى مجال المشغلات المدمجة، والمشرف على هذا المشروع أ.د. سراج الدين السيد حبيب الأستاذ المتفرغ بالقسم.

فضلا عن تصميم مطور لمشغل جامعة القاهرة. تم تطوير تصميم محسن لمشغل جامعة القاهرة أطلق عليه اسم CUSPARC v٢، وتم تصنيعه فى ٢٠١٥، وتم اختباره بمعمل همام بك.. وللتعرف على أبعاد التطوير التى أضيفت لهذا المشغل، يجب علينا توضيح بعض النقاط.

إذًا حدثنا عن هذه النقاط؟

أولا: تعمل المشغلات الدقيقة المتقدمة عند ترددات للساعة الداخلية تصل لعدة بلايين هرتز، إلا أنه من الصعب نقل البيانات والأوامر بين هذا المشغل والعالم الخارجى بهذه السرعات العالية، ولذا هناك ساعة خارجية بطيئة نسبيا تستعمل لهذا الغرض. وثانيا: يلزم إضافة دائرة دقيقة لضبط التزامن بين الساعة الداخلية والساعة الخارجية لهذه المشغلات، وتم تصميم وتنفيذ واختبار دائرة ضبط التزامن هذه فى CUSPARC v٢، كما تمت إضافة دوائر إضافية تسمح بتحميل البرامج عليه أثناء التشغيل، كما تسمح باختبار وحداته المختلفة أيضا أثناء التشغيل.

بالإضافة إلى دائرة ضبط زمن التأخير، فعند إرسال البيانات بين الدوائر الإلكترونية المختلفة يجب ضبط التزامن بين هذه الوحدات، وبدون ضبط التزامن هذا لا يمكننا أن ننقل المكالمات مثلا بين أجهزة المحمول أو حتى الملفات بين وحدة الفلاش وجهاز الحاسب، وهناك أنواع مختلفة من دوائر ضبط التزامن هذه، منها المسماة دوائر ضبط زمن التأخير Delay-locked loops.

وفى هذا المشروع تم تصميم دائرة مبتكرة لضبط زمن التأخير بين الوحدات الإلكترونية المختلفة تتميز بالسرعة وصغر التكلفة، وتم تصنيع هذه الدائرة فى مصانع شركة UMC التايوانية بمنحة من وزارة الاتصالات المصرية ضمن برنامج حفز تصميم وتصنيع الدوائر المتكاملة المسمى fabCat، والمشرف على هذا المشروع أ.د. سراج الدين السيد حبيب الأستاذ المتفرغ بالقسم.

ودائرة لحصد الطاقة وتهدف هذه الدائرة لتوليد الطاقة الكهربية من البيئة المحيطة – مثل الطاقة الضوئية أو طاقة حركة أو اهتزاز الأجسام - دون الحاجة لمصدر صريح لهذه الطاقة.

تسمى هذه الدوائر دوائر حصد الطاقة. تحتوى هذه الدائرة المتكاملة على تصميم لنظام حصد الطاقة متعدد المصادر ومتعدد المخارج حيث يقوم النظام المقترح بدمج مصدرى الطاقة الحركية مع الطاقة الضوئية لتوليد الطاقة الكهربية المطلوبة، وتحتوى هذه الدائرة المتكاملة على دوائر تحكم دقيقة لتثبيت مستوى الجهد (الفولت) الخارج، ويعتمد نظام التحكم على استخدام مقارن موقوت حساس لمستوى الجهد يعمل بساعة النظام.

ومكبر الموجات ذو الضوضاء المنخفضة. هذا المكبر مناسب للمستقبلات التى لا تستخدم مرشح موجات السطح الصوتية، وذلك لأنه يتميز بترشيح ضيق.

ومحول بيانات تناظرى رقمى ذو دقة وسرعة عاليتين، وتطبيقات الاتصال اللاسلكى المحمولة تتطلب محولات بيانات تناظرية رقمية ذات دقة عالية وسرعة متوسطة وكفاءة فى استخدام الطاقة. محولات الأنبوبة هى التصميم المفضل لتحقيق دقة عالية وسرعة عالية، ولكنها تعانى من استهلاك كبير للطاقة وتعقيد فى التصميم، من الناحية الأخرى محولات التقريب المتوالى تحقق كفاءة الطاقة ومتناسبة مع التكنولوجيا الحديثة لبساطة عناصرها التناظرية، ولكنها تعانى من قيود فى السرعة نتيجة لعملية التحويل المتوالية ومن قيود فى الدقة بسبب كبر سعة مكثف الإدخال فى الدقة العالية، وبالتالى تم تصميم محول بيانات تناظرى رقمى بتقنية أنبوبة المرحلتين بمساعدة التقريب المتوالى للحصول على تصميم كفء فى الطاقة ويحافظ على مميزات كل من محول الأنبوبة ومحول التقريب المتوالي.

وماذا أيضا؟

ومشروع تصميم وتصنيع شريحة إلكترونية قابلة للبرمجة وذات قدرة منخفضة لاستخدامها فى تطبيقا إنترنت الأشياء، والجهاز يتكون من شريحة إلكترونية قابلة للبرمجة وهذا يجعلها واسعة التطبيق فى مجالات كثيرة مثل كاميرات المراقبة وأجهزة الاستشعار عن بعد وأجهزة التحكم عن بعد باستخدام الــ»واى-فاى» والبلوتوث وغيره من التطبيقات المتعلقة بإنترنت الأشياء، ويمكن استخدام هذه الشريحة فى عدة تطبيقات مختلفة عن طريق إعادة برمجتها.

كما تمتاز هذه الشريحة بأنها ذات قدرة منخفضة، وذلك يجعلها لا تحتاج إلى تغيير البطارية طوال فترة تشغيلها، وهذا من المميزات الهامة لها كعامل مساعد على انتشار تطبيقات إنترنت الأشياء.

وما الذى تعنيه بمُصطلح «إنترنت الأشياء»؟

«إنترنت الأشياء»، هو إحدى الصيحات التكنولوجية الحالية، ومعناه جعل كل الأشياء متصلة بالإنترنت، على سبيل المثال أن يكون فى كل سيارة شريحة موصلة بالإنترنت وترسل معلومات خاصة عن السيارة مثل مكانها، وتتم دراسة هذه المعلومات ومعرفة هل هى سيارة مسروقة مثلا أم لا.

فى هذا المشروع يتم تصميم كل أجزاء الجهاز محليا، ومتوقع صدوره كمنتج خلال ١٨ شهرا، والجهات المشاركة فى هذا المشروع هى كلية الهندسة جامعة القاهرة، والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات «جهة تمويل حكومية»، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات «جهة تمويل حكومية»، والمشرف على هذا المشروع الدكتور حسن مصطفى عضو هيئة التدريس بالقسم.