من يكون الرئيس الأمريكي المرتقب.. ترامب أم بايدن؟
يُسدل الستار اليوم الثلاثاء الثالث من نوفمبر 2020، على واحدة من أشرس المعارك الانتخابية في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إما بمنح الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب فترة رئاسية ثانية في البيت الأبيض، أو فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن وحصوله على سدة الحكم الأمريكي للمرة الأولى بعد أن كان نائباً للرئيس السابق باراك أوباما.
وفي الأمتار الأخيرة من السباق نحو البيت الأبيض، يشتد التنافس بين المرشحين "ترامب وبايدن" لكسب أصوات الناخبين، خاصة في الولايات المتأرجحة، والتي دائما تكون سبباً لتغلب منافس على الآخر، حيث يلقي كل مرشح بثقله وسط حملات انتخابية جسورة على أمل قلب دفة استطلاعات الرأي لتميل ناحيته، وأدلى أكثر من 93 مليون أمريكي بأصواتهم حتى أمس، مما يؤشر إلى نسبة مشاركة قياسية هذه المرة.
ووفقاً للنظام الانتخابي الأمريكي، فإن فوز مرشح بعينه في انتخابات الرئاسة الأمريكية لا يعتمد على عدد الناخبين الذين صوتوا له، بل على ما يعرف بـ"المجمع الانتخابي"، والذي يعهد له مهمة التصويت لصالح المرشحين المتنافسين لمنصب الرئيس، إذ يساوي مجموع عدد أعضاء "المجمع الانتخابي" حجم تمثيل كل ولاية في مجلسي الكونجرس، أي أنه يضم 538 ناخباً، وهذا الرقم يساوي إجمالي عدد النواب الـ435 وعدد الشيوخ الـ100، وبالتالي يحتاج المرشح الفائز بالرئاسة للحصول على ما لا يقل عن 270 من الأصوات.
وبموجب الدستور الأمريكي يحق لكل ولاية اعتماد طريقة اختيار ناخبيها، وبعد الاقتراع الشعبي في يوم الانتخابات تحصي كل ولاية عدد الأصوات التي حصل عليها كل من المرشحين الرئاسيين من أجل اختيار ناخبيها على هذا الأساس، وما هو معتمد في كل الولايات الأمريكية الخمسين باستثناء ولايتي مين ونبراسكا، أن المرشح الفائز بالغالبية المطلقة - مهما كانت ضئيلة - يحصل على أصوات بعدد ممثلي الولاية في "المجمع الانتخابي".
وتحظى ولاية كاليفورنيا بأكبر عدد من الأصوات الانتخابية، والذي يعادل 55 صوتاً (عدد ممثليها في المجمع)، وتأتي تكساس في المرتبة التالية بعدد 38 صوتاً انتخابياً، يليها كل من نيويورك أو فلوريدا بـ29 صوتاً، وبنسلفانيا بـ 20 صوتاً وميشيجان بـ 16 صوتاً، وويسكنسن بـ 10 أصوات في المجمع الانتخابي.
وبناء عليه حشد الرئيس ترامب اليوم الأخير من حملته الانتخابية بالتركيز على 5 تجمعات في 4 ولايات هي كارولاينا الشمالية وبنسيلفانيا وميشيجان وويسكنسن، واختتم حملته في جراند رابيدز بولاية ميشيجان، كما حدث في عام 2016 حين باغت العالم بفوزه بالرئاسة.
أما المنافس جو بايدن، فقد حشد جهوده بشكل أساسي على ولاية بنسيلفانيا التي يأمل في انتقالها إلى المعسكر الديمقراطي، مما سيفتح له أبواب البيت الأبيض.
وقُبيل ساعات من إعلان النتائج ثمة مجموعة من الاعتبارات المحددة لفرص فوز أي من المرشحين "ترامب وبايدن"، يأتي في مقدمتها دور الولايات المتأرجحة، وأبرزها ولاية فلوريدا التي تحظى بـ29 صوتاً في المجمع الانتخابي، ما يجعلها الولاية الأهم ليلة الانتخابات، إذا صدرت النتائج حينها، وكان الفارق كبيراً بين المرشحين، فإنها قد تحسم السباق الرئاسي.
وفي حال حسمت الولاية لصالح ترامب، فإن حظوظه بالفوز سترتفع، وفي هذه الحالة سيصبح بايدن بحاجة للفوز بولايات متأرجحة مثل ميشيجان، بنسلفانيا، وويسكنسن، وهذه ولايات غير معتادة على فرز الأصوات عبر البريد، كما أنها لن تبدأ بفرز النتائج إلا في يوم الانتخابات.
ولذلك تحتدم المنافسة الانتخابية على أصوات فلوريدا، ويسكونسن ومينيسوتا، حيث يحاول بايدن تعزيز تقدمه في ولايات الغرب الأوسط والتواصل مع الناخبين "ذوى الياقات الزرقاء" الذين ينتمون إلى الطبقات العامية والذين خسرتهم هيلاري كلينتون في سباقها مع ترامب قبل 4 سنوات، ويحاول بايدن استمالة هذه الأصوات في مدينة سكرانتون بولاية بنسلفانيا، حيث نشأ وأمضى طفولته، وتعزيز صورة المرشح ابن الطبقة المتوسطة في تلك الولاية.
علاوة على ذلك، فإن ولاية بنسلفانيا ستستقبل بطاقات التصويت بعد يوم الانتخابات، ما دام أن الناخب وضعها في علبة البريد في الثالث من نوفمبر، ما يعني أن نتيجة الانتخابات في هذا السيناريو لن تصدر ليلة الثلاثاء، وأن حسم نتيجة الانتخابات قد يتأخر أياماً أو حتى أسابيع، في حال حصول تحديات قانونية لنتائج الفرز في أي من هذه الولايات.
كما تلعب كل من ولاية أريزونا بـ "11 صوتا" وولاية نورث كارولاينا بـ"15 صوتاً في المجمع الانتخابي"، وولاية "أيوا" دوراً مهماً في تحديد الفائز بالرئاسة الأمريكية، فالأخيرة يحتفظ فيها الرئيس ترامب بمجموعات ديموغرافية فاز بها قبل 4 سنوات، إلا أن فوز ترامب بولاية جديدة يتطلب منه الفوز مجددا في ولايات فاز فيها عام 2016، كفلوريدا وجورجيا ونورث كارولاينا وأوهايو وأيوا وأريزونا، مع الاحتفاظ بواحدة على الأقل من ولايات الغرب الأوسط التي فاز فيها قبل 4 سنوات كبنسلفانيا وميشيجان وويسكونسن، وهي معادلة تبدو صعبة.
كما تؤثر اتجاهات التصويت المحتملة لشرائح وطبقات المجتمع الأمريكي في تحديد هوية الفائز، فإذا كان "ترامب" يتمتع بتأييد كبير من الناخبين الأمريكيين البيض، يتمتع "بايدن" بتأييد المجموعات العرقية الأخرى، ويشكل الأمريكيون البيض نحو 66.7% من حجم الكتلة التصويتية، والأمريكيون من أصول إسبانية نحو 13.3%، والأمريكيون من أصول إفريقية نحو 12.5%، والأمريكيون من أصول آسيوية وغيرهم من المجموعات نحو 4.7%. من الكتلة التصويتية.
وتشير تقارير إلى أنه رغم تقدم "ترامب" على "بايدن" بين الناخبين البيض؛ وفقاً لاستطلاعات الرأي، إلا أنّ بعض التقديرات تشير إلى أن "ترامب" يتمتع بهامش أقل في تأييد هؤلاء الناخبين له مقارنة بانتخابات عام 2016، كما أن المنافسة مع "بايدن" على أصوات هذه الكتلة شديدة جدًّا في بعض الولايات الحاسمة، إضافة إلى توقعات بأن المجموعات العرقية الأخرى من الناخبين ذوى الأصول الإسبانية والأفارقة وغيرهم سوف يصوتون بكثافة أعلى من مشاركتهم في الانتخابات الماضية.
ويرى المحللون الاستراتيجيون أن كل السيناريوهات قائمة، خاصة بعد التوسع في عملية التصويت عبر البريد بسبب كورونا، واختلاف قوانين فرز أصوات البريد من ولاية إلى أخرى، ففي الوقت الذي اعتادت فيه ولايات على التصويت عبر البريد (كولورادو مثلاً)، هناك ولايات أخرى ستخوض هذه التجربة بأعداد كبيرة لأول مرة في تاريخها، وفي حين تسمح بعض الولايات (فلوريدا) بفرز الأصوات فور وصولها قبل يوم الانتخابات، تطلب ولايات أخرى الانتظار إلى يوم الانتخابات لفرز هذه الأصوات.
وتبقى أصوات الولايات المتأرجحة هي الحاسمة في تحديد من يكون الرئيس الأمريكي المرتقب.