بذكرى ميلاده.. توماس كيد صانع «الانتقام» و«المأساة الإسبانية»
توماس كيد الكاتب المسرحي الإنجليزي صاحب مسرحية "المأساة
الإسبانية" التي تُعد من أبرز وأقدم المسرحيات في العصر الإليزابيثي، ولد في 3
نوفمبر عام 1558 في لندن، وكان لوالده وعمله تأثيرًا كبيرًا في تلقي الابن توماس
تعليمًا جيدًا، حيث كان والده يعمل كاتبًا وخطاطًا ما أتاح له تعلم اللغة
الإسبانية والإيطالية واليونانية، كما تعلم الآداب والفنون.
في بداية حياته العملية امتهن بمهنة والده فعمل موثقًا للعقود حتي
فُصل لاتهامه بكتابة منشورات تنتقد الحكومة؛ وذلك لاعتراضه على تشجيع الحكومة
الصناع الأجانب على العمل في إنجلترا، وأثناء قيام الشرطة بتفتيش منزله عثروا على
كتابات إلحادية؛ وبسببها أُعتقل توماس كيد وتعرض لأنواع عدة من العذاب، لكن تلك
الكتابات كانت ملكًا لشريكه في السكن الكاتب "كريستوفر مارلو" الذي توفي قبل المحاكمة
إلا أنه استطاع إثبات ذلك.
يُعد توماس كيد أبرع كُتاب الدراما الإنجليزية والذي ابتعد في مسرحياته
عن التأثر بمسرح العصور الوسطى، بل كان له الأثر في ملامح عصر النهضة والنماذج
الكلاسيكية، حيث ربط بين التراث الأدبي الإنجليزي والكلاسيكية الدرامية، كما يُعد
مؤسس المسرحية التراجيدية "مسرحية الإنتقام" وهو نوع أدبي من المسرحيات
الذي يسعى فيها البطل للانتقام بسبب آذى خيالي أو حقيقي، وذلك النوع ظهر مع مولد
مسرحيته الشهيرة "المأساة الإسبانية" والتي تُعد باكورة أعمال توماس كيد
وباكورة مسرحيات التراجيديا الإنجليزية، وكانت أكثر المسرحيات رواجًا وتأثيرًا على
خشبة المسرح، واستمر عرضها دون إنقطاع تقريبًا حتى أواخر القرن الثامن عشر، وامتدت
شهرتها إلى أوروبا خاصة هولندا وألمانيا.
تناول توماس كيد في مسرحيته الشهيرة مسرحية "المأساة الإسبانية" الخلفية السياسية
العالقة بين إسبانيا والبرتغال عام 1580، وكيف أن ارتكاب جريمة قتل سياسية تؤدي
إلى سلسلة من الجرائم، كانت المسرحية تحتوي على مشاهد عنف كثيرة وانتهت بموت
الجميع تقريباً، وهو ما كان بمثابة التحدي للمخرجين إذ إنها تطلبت إستخدام جميع
التقنيات المسرحية من مؤثرات وآليات فصارت معيارًا لمسرحيات الانتقام والعنف
وللحبكة المحكمة المدروسة جيدًا.
ألهم توماس كيد الكثير من الكتاب
ومن بينهم "شكسبير" في طريقة بناء الحبكة ورسم الشخصية بالإضافة إلى استخدام الشعر غير
المقفى، يوجد نظريات تقول أن المسرحية الشهيرة لشيكسبير "هاملت" مقتبسة
من نص كتبه كيد بعنوان "أرو هاملت" أي هاملت الأولى.
كتب "كيد" بالمشاركة مع كُتاب آخرين كتاب "سليمان وبرسيدا"
و"آردن فيفرشام" واللذين تناولا أيضًا قصة انتقام وقتل وعنف، كما ترجم
كتاب "رب العائلة" الذي نُشر بعد ترجمته باسم "فلسفة رب المنزل"،
وكتاب "كورنيليا" للكاتب الفرنسي "روبير غارنييه"، كما اقتبس منه لكتابة
مسرحية بالاسم ذاته ونشرت في العام الذي توفي فيه.
توفى "توماس كيد" صغيرًا، وهو مازال
بعد في عمر السادسة والثلاثين، وذلك في 16 يوليو عام 1594 بعدما عانى من سوء صحته
والضرائب الكثيرة التي بسببها رفضت عائلته تسليمها، حيث كان ميراثه ضئيل جدا.