أنيس صايغ.. حارس الذاكرة الفلسطينية
عرف عنه انه عاشق لطبريا، حيث كانت أمه فلسطينية، ووالده قسّ انجيلي لبناني
الأصل، هاجر إلى فلسطين مع بداية القرن العشرين بعد مكوثه لفترة من الزمن في
سوريا، تلقى تعليمه الابتدائي في طبريا ثم انتقل إلى مدرسة المطران غوبات في القدس
ليدرس عاماً واحداً فيها، لينتقل بعدها، بعد إغلاق هذه المدرسة يوم 30 من نوفمبر
1947، لمتابعة دراسته في مدرسة الفنون، المعروفة بمدرسة الأميركان، في صيدا بجنوب
لبنان، حيث أنهى دراسته الثانوية هناك، إنه الكاتب والمفكر الفلسطيني أنيس صايغ، المولود في مدينة طبريا بفلسطين في مثل هذا اليوم 3 نومفبر، من عام 1931.هاجرت عائلة "الصايغ" إلى لبنان في
أبريل 1948، والتحق في أكتوبر من عام 1949 بالجامعة الأميركية في بيروت، ليحصل
منها على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية، وخلال سنوات دراسته
بالجامعة، بدأ الكتابة في عدد من الصحف والمجلات البيروتية، والتي كان منهم جريدة
"الحياة"، في موضوعات تاريخية شتى، كما تأثر في فترة مبكرة من حياته،
بأفكار الحزب السوري القومي الاجتماعي من دون أن ينتسب إليه رسمياً، ثم صار يتبنى
منذ أواسط الخمسينيات الفكر القومي العربي.
بعد تخرجه انكب "أنيس الصايغ" على الكتابة التطوعية في بعض المجلات والصحف الأخرى، كجريدة "الحياة" ومجلة
"الثقافة العربية"، والتحق سنة 1959 بجامعة "كامبردج" في
بريطانيا، وتخرج فيها سنة 1964، بحصوله على درجة الدكتوراه في دراسات الشرق
الأوسط، وعمل أستاذاً محاضراً في قسم العلوم الشرقية في الجامعة نفسها.
عاد إلى بيروت عام 1964 وعُيّن مديراً لتحرير القاموس الإنجليزي- العربي، الذي كانت مؤسسة
"فرانكلين" ستصدره في بيروت، إلا أنه ترك المشروع في سنة 1966،
بعدما رفض التوقيع على تعهد بعدم المساهمة بأي نشاط سياسي أو فكري يتناول موضوعاً
سياسياً مثيراً للجدل، كما عمل ما بين سنتي 1966 و1976 مديراً عاماً لمركز الأبحاث
التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، بعد أن كلفه رئيس المنظمة أحمد الشقيري،
بإدارته خلفاً لأخيه فايز، فشهد المركز تطوّراً كبيراً تحت إدارته، ومنذ سنة 1971
صار المركز يصدر مجلة شهرية هي "شؤون فلسطينية"، ونشرة "رصد إذاعة
إسرائيل" تصدر مرتين في اليوم.
تولى الكاتب والمفكر الفلسطيني رئاسة معهد البحوث
والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية في القاهرة لمدة عامين 1968
و1969، وعُيّن عن دائرة فلسطين في جامعة الدول العربية في القاهرة عامَي 1977 و1978، وعاد إلى بيروت في سنة 1978 ليشرف على مجلة
"المستقبل العربي" الشهرية التي كان يُصدرها مركز دراسات الوحدة العربية،
وقد استمر في عمله هذا سنة واحدة، انتقل بعدها ليشرف على إصدار مجلة
"قضايا عربية" الشهرية والصادرة في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات
والنشر، وليكون رئيساً لتحريرها لمدة عام ونصف العام، ومحاضراً في الصفوف العليا
في قسم التاريخ في الجامعة اللبنانية.
عاد في
أواخر 1980 للعمل في جامعة الدول العربية في تونس كمستشار للأمين العام
بها، ورئيساً لوحدة المجلات فيها، وأصدر مجلة "شؤون عربية" وترأس
تحريرها اعتباراً من مارس 1981 وقد استمر عمله في الجامعة العربية حتى سنة
1982.
بادر الصايغ سنة 1966 بطرح فكرة إعداد موسوعة فلسطينية ثم أشرف على طباعة القسم الأول
منها والذي صدر في سنة 1984 في أربعة مجلدات
بعنوان: "القسم العام"، وتولى رئاسة تحرير قسمها الثاني، الذي صدر في
سنة 1990 في ستة مجلدات واشتمل على: "الدراسات الجغرافية"،
"الدراسات التاريخية"، "دراسات الحضارة"، "دراسات القضية
الفلسطينية"، وتسلم منذ سنة 1988 رئاسة مجلس إدارة الموسوعة.
وكان كذلك مستشار مشروعي
الموسوعة العربية في دمشق، التي أصدرتها هيئة عامة تشكلت سنة 1981 وارتبطت برئاسة
الجمهورية العربية السورية. من مؤلفاته: "لبنان
الطائفي"، بيروت: دار الصراع الفكري، عام 1955، "الهاشميون وقضية
فلسطين"، بيروت: المكتبة العصرية، عام 1966، "فلسطين والقومية
العربية"، بيروت: مركز الأبحاث الفلسطيني، عام 1967، "13 أيلول"،
بيروت: مكتبة بيسان، عام 1994، "نصف قرن من الأوهام"، بيروت: منشورات
فلسطين المسلمة، عام 1999، "أنيس صايغ عن أنيس صايغ". بيروت: رياض الريس
للكتب والنشر، عام 2006. توفي الصايغ في عمّان في
الخامس والعشرين من ديسمبر 2009، ونُقل جثمانه إلى بيروت ودُفن فيها.